تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
هم الذين اتصفوا بالصبر على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى ما يصيبهم من أقدار الله المؤلمة، وبالصدق في الأقوال والأفعال وبالطاعة التامة، وبالإنفاق سرا وعلانية، وبالاستغفار في آخر الليل؛ لأنه مَظِنَّة القبول وإجابة الدعاء.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«الصابرين» على الطاعة وعن المعصية نعت «والصادقين» في الإيمان «والقانتين» المطيعين لله «والمنفقين» المتصدقين «والمستغفرين» الله بأن يقولوا اللهم اغفر لنا «بالأسحار» أواخر الليل خُصت بالذكر لأنها وقت الغفلة ولذة النوم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
الصابرين يعني عن المعاصي والشهوات ، وقيل : على الطاعات . والصادقين أي في الأفعال والأقوال والقانتين الطائعين . والمنفقين يعني في سبيل الله . وقد تقدم في البقرة هذه المعاني على الكمال . ففسر تعالى في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات .واختلف في معنى قوله تعالى : والمستغفرين بالأسحار فقال أنس بن مالك : هم السائلون المغفرة . قتادة : المصلون .قلت : ولا تناقض ، فإنهم يصلون ويستغفرون . وخص السحر بالذكر لأنه مظان القبول ووقت إجابة الدعاء . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تفسير قوله تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام لبنيه : سوف أستغفر لكم ربي : إنه أخر ذلك إلى السحر خرجه الترمذي وسيأتي . وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل ( أي الليل أسمع ) ؟ فقال : ( لا أدري غير أن العرش يهتز عند السحر ) . يقال سحر وسحر ، بفتح الحاء وسكونها ، وقال الزجاج : السحر من حين يدبر الليل إلى أن يطلع الفجر الثاني ، وقال ابن زيد : السحر هو سدس الليل الآخر .[ ص: 37 ] قلت : أصح من هذا ما روى الأئمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ينزل الله - عز وجل - إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك ، أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له . فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر في رواية " حتى ينفجر الصبح " لفظ مسلم . وقد اختلف في تأويله ; وأولى ما قيل فيه ما جاء في كتاب النسائي مفسرا عن أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله - عز وجل - يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا فيقول هل من داع يستجاب له ! هل من مستغفر يغفر له ! هل من سائل يعطى ! . صححه أبو محمد عبد الحق ، وهو يرفع الإشكال ويوضح كل احتمال ، وأن الأول من باب حذف المضاف ، أي ينزل ملك ربنا فيقول . وقد روي " ينزل " بضم الياء ، وهو يبين ما ذكرنا ، وبالله توفيقنا . وقد أتينا على ذكره في " الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى " .مسألة : الاستغفار مندوب إليه ، وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذه الآية وغيرها فقال : وبالأسحار هم يستغفرون . وقال أنس بن مالك : أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة . وقال سفيان الثوري : بلغني أنه إذا كان أول الليل نادى مناد ليقم القانتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر ، فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون فيستغفر أولئك ، ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم . فإذا طلع الفجر نادى مناد : ألا ليقم الغافلون فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم . وروي عن أنس سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله يقول إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المتهجدين والمستغفرين بالأسحار صرفت عنهم العذاب بهم . قال مكحول : إذا كان في أمة خمسة عشر رجلا يستغفرون الله كل يوم خمسا وعشرين مرة لم يؤاخذ الله تلك الأمة بعذاب العامة . وذكره أبو نعيم في كتاب الحلية له . وقال نافع : كان ابن عمر يحيي الليل ثم يقول : يا نافع أسحرنا ؟ فأقول : لا . فيعاود الصلاة ثم يسأل ، فإذا قلت نعم قعد يستغفر . وروى [ ص: 38 ] إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد يقول : يا رب ، أمرتني فأطعتك ، وهذا سحر فاغفر لي . فنظرت فإذا هو ابن مسعود .قلت : فهذا كله يدل على أنه استغفار باللسان مع حضور القلب . لا ما قال ابن زيد أن المراد بالمستغفرين الذين يصلون صلاة الصبح في جماعة ، والله أعلم . وقال لقمان لابنه : ( يا بني لا يكن الديك أكيس منك ، ينادي بالأسحار وأنت نائم ) . والمختار من لفظ الاستغفار ما رواه البخاري عن شداد بن أوس ، وليس له في الجامع غيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات من ليله قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة . وروى أبو محمد عبد الغني بن سعيد من حديث ابن لهيعة عن أبي صخر عن أبي معاوية عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري عن علي بن أبي طالب ، - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم قال : ألا أعلمك كلمات تقولهن لو كانت ذنوبك كمدب النمل ، أو كمدب الذر لغفرها الله لك على أنه مغفور لك : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
وقوله : { الصابرين والصادقين } الآية صفات للذين اتّقوا ، أو صفات للذين يقولون ، والظاهر الأوّل . وذكر هنا أصول فضائل صفات المتديّنين : وهي الصبر الذي هو ملاك فعل الطاعات وترك المعاصي . والصدق الذي هو ملاك الاستقامة وبثّ الثقة بين أفراد الأمة .والقنوت ، وهو ملازمة العبادات في أوقاتها وإتقانها وهو عبادة نفسية جسدية . والإنفاق وهو أصل إقامة أوَد الأمة بكفاية حاج المحتاجين ، وهو قربة مالية والمال شقيق النفس . وزاد الاستغفار بالأسحار وهو الدعاء والصلاة المشتملة عليه في أواخر الليل ، والسحر سُدس الليل الأخيرْ؛ لأنّ العبادة فيه أشدّ إخلاصاً ، لما في ذلك الوقت من هدوء النفوس ، ولدلالته على اهتمام صاحبه بأمر آخرته ، فاختار له هؤلاء الصادقُون آخرَ الليل لأنّه وقت صفاء السرائر ، والتجرّد عن الشواغل .وعطف في قوله : { الصابرين } ، وما بعده : سواء كان قوله : { الصابرين } صفة ثانية ، بعد قوله : { الذين يقولون } ، أممِ كان ابتداء الصفات بعد البيان طريقة ثانية من طريقتي تعداد الصفات في الذكر في كلامهم ، فيكون ، بالعطف وبدونه ، مثل تعدّد الأخبار والأحوال؛ إذ ليست حروف العطف بمقصورة على تشريك الذوات . وفي «الكشاف»؛ أنّ في عطف الصفات نكْتة زائدة على ذكرها بدون العطف وهي الإشارة إلى كمال الموصوف في كلّ صفة منها ، وأحال تفصيله على ما تقدم له في قوله تعالى : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك } [ البقرة : 4 ] مع أنّه لم يبيّن هنالك شيئاً من هذا ، وسكت الكاتبون عن بيان ذلك هنا وهناك ، وكلامه يقتضي أنّ الأصل عنده في تعدّد الصفات والأخبار ترك العطف فلذلك يكون عطفها مؤذناً بمعنى خصوصي ، يقصده البليغ ، ولعل وجهه أنّ شأن حرف العطف أن يُستغنَى به عن تكرير العامل فيناسب المعمولات ، وليس كذلك الصفات ، فإذا عُطفت فقد نُزلت كل صفة منزلة ذات مستقلة ، وما ذلك إلاّ لقوة الموصوف في تلك الصفة ، حتى كأنّ الواحد صار عدداً ، كقولهم واحدٌ كألْف ، ولا أحسب لهذا الكلام تسليماً . وقد تقدم عطف الصفات عند قوله تعالى : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك } في سورة البقرة .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ويجوز أن يكون في موضع نصب على المدح . صم وصفهم - سبحانه - بخمس صفات كريمة من شأنها أن تحمل العقلاء على التأسى بهم فقال : { الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار } .وفي كل صفة من صفاتهم دليل على قوة إيمانهم ، وإذعانهم للحق حق الإذعان . فهم صابرون ، والصبر في البأساء والضراء وحين البأس من أكبر البراهين على سلامة اليقين ، وقد حث القرآن أتباعه على التحلى بهذه الصفة في أكثر من سبعين موضعا . وهم صادقون ، والصدق من أكمل الصفات الإنسانية وأشرفها ، وقد أمر الله عباده أن يتحلوا به في كثير من آيات كتابه ، ومن ذلك قوله - تعالى - { ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَكُونُواْ مَعَ الصادقين } وهم قانتون ، والقانت هو المداوم على طاعة الله - تعالى - غير متململ منها ولا متبرم بها ، ولا خارج على حدودها . فالقنوت يصور الإذعان المطلق لرب العالمين .وهم منفقون أموالهم في طاعة الله - تعالى - ، وبالطريقة التى شرعها وأمر بها . وهم مستغفرون بالأسحار . أى يسألون الله - تعالى - أن يغفر لهم خطاياهم فى كل وقت ، ولا سيما في الأسحار .والأسحار جمع سحر وهو الوقت الذى يكون قبل الفجر . روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل ربنا - عز وجل - إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك من ذا الذى يدعونى فأستجيب له ، من ذا الذى يسألنى فأعطيه ، من ذا الذى يستغفرني فأغفر له ، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر " .وخص وقت الأسحار بالذكر لأن النفس تكون فيه أصفى ، والقلب فيه أجمع ، ولأنه وقت يستلذ فيه الكثيرون النوم فإذا أعرض المؤمن عن تلك اللذة وأقبل على ذكر الله كانت الطاعة أكمل وأقرب إلى القبول .وبهذا نرى أن الآيات الكريمة قد كشفت عن المشتهيات التي يميل إليها الناس في دنياهم بمقتضى فطرتهم ، وأرشدتهم إلى ما هو أسمى وأعلى وأبقى من ذلك وبشرتهم برضوان الله وجناته ، متى استقاموا على طريقه ، واستجابوا لتعاليمه ، { والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وبعد أن بين - سبحانه - ما أعده للمتقين ، وذكر صفاتهم عقب ذلك ببيان أساس التقوى وهو عقيدة التوحيد ، وببيان أن الإسلام هو الدين الذى ارتضاه الله - تعالى - للناس ، وأن من يعارض فى ذلك معارضته داحضة وسيعاقبه الله بما يستحقه . استمع إلى القرآن وهو يحكى ذلك بأسلوبه الحكيم فيقول : { شَهِدَ الله . . . } .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( الصابرين والصادقين ) إن شئت نصبتها على المدح ، وإن شئت خفضتها على النعت ، يعني الصابرين في أداء الأمر وعن ارتكاب النهي ، وعلى البأساء والضراء وحين البأس ، والصادقين في إيمانهم ، قال قتادة : هم قوم صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وألسنتهم فصدقوا في السر والعلانية ( والقانتين ) المطيعين المصلين ( والمنفقين ) أموالهم في طاعة الله ( والمستغفرين بالأسحار ) قال مجاهد وقتادة والكلبي : يعني المصلين بالأسحار وعن زيد بن أسلم أنه قال : هم الذين يصلون الصبح في الجماعة ، وقيل بالسحر لقربه من الصبح وقال الحسن : مدوا الصلاة إلى السحر ثم استغفروا ، وقال نافع كان ابن عمر رضي الله عنه يحيي الليل ثم يقول : يا نافع أسحرنا؟ فأقول : لا فيعاود الصلاة فإذا قلت : نعم قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبحأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد بن الحسن بن أحمد المخلدي ، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، أنا قتيبة [ بن سعيد ] أنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول : أنا الملك أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له " .وحكي عن الحسن أن لقمان قال لابنه : يا بني لا تكن أعجز من هذا الديك يصوت من الأسحار وأنت نائم على فراشك .