تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تطيعوا جماعة من اليهود والنصارى ممن آتاهم الله التوراة والإنجيل، يضلوكم، ويلقوا إليكم الشُّبَه في دينكم؛ لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به، فلا تأمنوهم على دينكم، ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مشورة.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
ونزل لما مر بعض اليهود على الأوس والخزرج وغاظهم تألفهم فذكروهم بما كان بينهم في الجاهلية من الفتن فتشاجروا وكادوا يقتتلون: «يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافريننزلت في يهودي أراد تجديد الفتنة بين الأوس والخزرج بعد انقطاعها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فجلس بينهم وأنشدهم شعرا قاله أحد الحيين في حربهم . فقال الحي الآخر : قد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا ، فكأنهم دخلهم من ذلك شيء ، فقالوا : تعالوا نرد الحرب جذعاء كما كانت . فنادى هؤلاء : يا آل أوس . ونادى هؤلاء . يا آل خزرج ; فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت هذه الآية ; فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وقف بين الصفين فقرأها ورفع صوته ، فلما سمعوا صوته أنصتوا له وجعلوا يستمعون ، فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضا وجعلوا يبكون ; عن عكرمة وابن زيد وابن عباس . والذي فعل ذلك شاس بن قيس اليهودي ، دس على الأوس والخزرج من يذكرهم ما كان بينهم من الحروب ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاهم وذكرهم ، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ; فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سامعين مطيعين ; فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا يعني الأوس والخزرج . إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يعني شاسا وأصحابه يردوكم بعد إيمانكم كافرين قال جابر بن عبد الله : ما كان طالع أكره إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ إلينا بيده فكففنا وأصلح الله تعالى ما بيننا ; فما كان شخص أحب إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت يوما أقبح ولا أوحش أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
إقبال على خطاب المؤمنين لتحذيرهم من كيد أهل الكتاب وسوء دعائهم المؤمنين ، وقد تفضّل الله على المؤمنين بأن خاطبهم بغير واسطة خلاف خطابه أهل الكتاب إذ قال : { قل يا أهل الكتاب } [ آل عمران : 98 ] ولم يقل : قل يأيُّها الّذين آمنوا .والفريق : الجماعة من النَّاس ، وأشار به هنا إلى فريق من اليهود وهم شَاس بن قَيس وأصحابه ، أو أراد شاساً وحده ، وجعله فريقاً كما جعل أبا سفيان ناساً قي قوله : «إنّ النّاس قد جمعوا لكم» وسياق الآية مؤذن بأنَّها جرت على حادثة حدثتْ وأنّ لنزولها سبباً . وسبب نزول هذه الآية : أنّ الأوس والخزرج كانوا في الجاهلية قد تخاذلوا وتحاربوا حتَّى تفانوا ، وكانت بينهم حروب وآخرها يوم بُعاث الّتي انتهت قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلمَّا اجتمعوا على الإسلام زالت تلك الأحقاد من بينهم وأصبحوا عُدّة للإسلام ، فساء ذلك يهودَ يثرب فقام شاس بن قيس اليهودي ، وهو شيخ قديم منهم ، فجلس إلى الأوس والخزرج ، أو أرسل إليهم من جلس إليهم يذكِّرهم حروب بُعاث ، فكادوا أن يقتتلوا ، ونادى كُلّ فريق : يا للأوس ويا للخزرج وأخذوا السلاح ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينهم وقال : أتَدْعُون الجاهليةَ وأنا بين أظهركم؟ وفي رواية : أبدعوى الجاهلية؟ أي أتدعون بدعوى الجاهلية وقرأ هذه الآية ، فما فرغ منها حتَّى ألقوا السِّلاح ، وعانق بعضهم بعضاً ، قال جابر بن عبد الله : ما كان طالع أكره إلينا من طلوع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا أصلح الله بيننا ما كان شخص أحبّ إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت يوماً أقبحَ ولا أوْحَش أوّلا وأحسنَ آخراً من ذلك اليوم .وأصل الردّ الصّرف والإرجاع قال تعالى : { ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر } [ الحج : 5 ] وهو هنا مستعار لتغيّر الحال بعد المخالطة فيفيد معنى التصيير كقول الشَّاعر ، فيما أنشده أهل اللّغة:... فَرَدّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضاوَرَدّ وُجُوهَهُنّ البِيض سُودا ...و { كافرين } مفعوله الثَّاني ، وقوله { بعد إيمانكم } تأكيد لما أفاده قوله { يردّوكم } والقصد من التَّصريح به توضيح فوات نعمة عظيمة كانوا فيها لو يكفرون .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وبعد أن بين - سبحانه - فى هاتين الآيتين أن اليهود قد جمعوا الخستين ضلال أنفسهم ، ثم محاولتهم تضليل غيرهم ، تركهم مؤقتا فى طغيانهم يعمهون ، ووجه نداء إلى المؤمنين يحذرهم فيه من دسائس اليهود وكيدهم ، وينهاهم عن الركون إليهم ، والاستماع إلى مكرهم فقال - تعالى - : { ياأيها الذين آمنوا إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } .والمعنى : إنكم أيها المؤمنون إن استمعتم إلى ما يلقيه بعض أهل الكتاب بينكم من دسائس ولنتم لهم ، لا يكتفون بإيقاع العداوة بينكم كما فى الجاهلية ، بل يتجاوزون ذلك إلى محاولتهم إعادتكم إلى وثنيتكم القديمة وكفركم بالله بعد إيمانكم .وقد خاطب الله المؤمنين بذاته فى هذه الآية بعد أن أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخاطب أهل الكتاب فى الآيتين السابقتين ، إظهارا لجلالة قدرهم ، وأشعارا بأنهم الأحقاء بالمخاطبة من الله - تعالى - .وناداهم بصفة الإيمان لتحريك حرارة العقيدة فى قلوبهم وتوجيه عقولهم إلى ما يستدعيه الإيمان من فطنة ويقظة فالمؤمن ليس خبا ولكن لاخب لا يخدعه .وفى التعبير " بأن " فى قوله : { إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً } إشارة إلى أن طاعتهم لليهود ليست متوقعة ، لأن إيمانهم يمنعهم من ذلك .ووصف - سبحانه - الذين يحاولون الوقيعة بين المؤمنين بأنهم فريق من الذين أوتوا الكتاب ، إنصافا لمن لم يفعل ذلك منهم .ونعتهم بأنهم { أُوتُواْ الكتاب } للإشعار بأن تضليلهم ، متعمد وبأن تآمرهم على المؤمنين مقصود ، فهم أهل كتاب وعلم ، ولكنهم استعملوا عملهم فى الشرور والآثام .وقوله : { يَرُدُّوكُم } أصل الرد الصرف والإرجاع ، إلا أنه هنا مستعار لتغير الحال بعد المخالطة فيفيد معنى التصيير كقول الشاعر :فرد شعورهن السود بيضاً ... ورد وجوههن البيض سوداًأى : يصيروكم بعد إيمانكم كافرين : والكاف مفعوله الأول وكافرين مفعوله الثاني .وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى آية آخرى : { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحق } ثم بين القرآن بعد ذلك أنه ما يسوغ للمؤمنين أن يطيعوا هذا الفريق من الذين أوتوا الكتاب ، أو أ ، يكفروا بعد إيمانهم ، أو أن يتفرقوا بعد وحدتهم فقال - تعالى - :
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ) قال زيد بن أسلم : إن شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخا عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين - مر على نفر من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون ، فغاظه ما رأى من ألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة ، قال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار ، فأمر شابا من اليهود كان معه فقال : اعمد إليهم واجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله ، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار ، وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس مع الخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ، ففعل وتكلم فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب ، أوس بن قبطي أحد بني حارثة من الأوس ، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج ، فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم والله رددتها الآن جذعة ، وغضب الفريقان جميعا وقالا : قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة ، وهي حرة فخرجوا إليها ، وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم . فقال صلى الله عليه وسلم : يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، وألف بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا ، الله الله !! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .( يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) قال جابر : فما رأيت قط يوما أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم ، ثم قال الله تعالى على وجه التعجب :