تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يرخين على رؤوسهن ووجوههن من أرديتهن وملاحفهن؛ لستر وجوههن وصدورهن ورؤوسهن؛ ذلك أقرب أن يميَّزن بالستر والصيانة، فلا يُتعَرَّض لهن بمكروه أو أذى. وكان الله غفورًا رحيمًا حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم بما أوضح لكم من الحلال والحرام.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن» جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة، أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة «ذلك أدنى» أقرب إلى «أن يعرفن» بأنهن حرائر «فلا يؤذين» بالتعرض لهن بخلاف الإماء فلا يغطين وجوههن، فكان المنافقون يتعرضون لهم «وكان الله غفورا» لما سلف منهن من ترك الستر «رحيما» بهن إذ سترهن.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما .فيه ست مسائل :الأولى : قل لأزواجك وبناتك قد مضى الكلام في تفصيل أزواجه واحدة واحدة . قال قتادة : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع . خمس من قريش : عائشة ، وحفصة ، وأم حبيبة ، وسودة ، وأم سلمة . وثلاث من سائر العرب : ميمونة ، وزينب بنت جحش ، وجويرية . وواحدة من بني هارون : صفية . وأما أولاده فكان للنبي صلى الله عليه وسلم أولاد ذكور وإناث ; فالذكور من أولاده : القاسم ، أمه خديجة ، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم ، وهو أول من مات من أولاده ، وعاش سنتين . وقال عروة : ولدت خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم القاسم والطاهر وعبد الله[ ص: 219 ] والطيب . وقال أبو بكر البرقي : ويقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله . وإبراهيم أمه مارية القبطية ، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة ، وتوفي ابن ستة عشر شهرا . وقيل ثمانية عشر ; ذكره الدارقطني . ودفن بالبقيع . وقال صلى الله عليه وسلم : إن له مرضعا تتم رضاعه في الجنة . وجميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة سوى إبراهيم . وكل أولاده ماتوا في حياته غير فاطمة .وأما الإناث من أولاده فمنهن : فاطمة الزهراء بنت خديجة ، ولدتها وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين ، وهي أصغر بناته ، وتزوجها علي رضي الله عنهما في السنة الثانية من الهجرة في رمضان ، وبنى بها في ذي الحجة . وقيل : تزوجها في رجب ، وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير ، وهي أول من لحقه من أهل بيته . رضي الله عنها .ومنهن : زينب - أمها خديجة - تزوجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع ، وكانت أم العاصي هالة بنت خويلد أخت خديجة . واسم أبي العاصي لقيط . وقيل هاشم . وقيل هشيم . وقيل مقسم . وكانت أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفيت سنة ثمان من الهجرة ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها .ومنهن : رقية - أمها خديجة - تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه : تبت يدا أبي لهب قال أبو لهب لابنه : رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ; ففارقها ولم يكن بنى بها . وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء ، وتزوجها عثمان بن عفان ، وكانت نساء قريش يقلن حين تزوجها عثمان :أحسن شخصين رأى إنسان رقية وبعلها عثمانوهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين ، وكانت قد أسقطت من عثمان سقطا ، ثم ولدت بعد ذلك عبد الله ، وكان عثمان يكنى به في الإسلام ، وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فمات ، ولم تلد له شيئا بعد ذلك . وهاجرت إلى المدينة ومرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر فخلف عثمان عليها ، فتوفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ، على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة . وقدم زيد بن حارثة بشيرا من بدر ، فدخل المدينة حين سوي التراب على رقية . ولم يشهد دفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .[ ص: 220 ] ومنهن : أم كلثوم - أمها خديجة - تزوجها عتيبة بن أبي لهب - أخو عتبة - قبل النبوة ، وأمره أبوه أن يفارقها للسبب المذكور في أمر رقية ، ولم يكن دخل بها ، فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت حين أسلمت أمها ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخواتها حين بايعه النساء ، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما توفيت رقية تزوجها عثمان ، وبذلك سمي ذا النورين . وتوفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة . وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها ، ونزل في حفرتها علي والفضل وأسامة . وذكر الزبير بن بكار أن أكبر ولد النبي صلى الله عليه وسلم : القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له الطيب والطاهر ، وولد بعد النبوة ومات صغيرا ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية . فمات القاسم بمكة ثم مات عبد الله .لما كانت عادة العربيات التبذل ، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء ، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن ، وتشعب الفكرة فيهن ، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن ، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف - فيقع الفرق بينهن وبين الإماء ، فتعرف الحرائر بسترهن ، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا . وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة ، فتصيح به فيذهب ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية بسبب ذلك . قال معناه الحسن وغيره .الثالثة : من جلابيبهن الجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار . وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء . وقد قيل : إنه القناع . والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن . وفي صحيح مسلم عن أم عطية : قلت : يا رسول الله . إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال : لتلبسها أختها من جلبابها .الرابعة : واختلف الناس في صورة إرخائه ; فقال ابن عباس وعبيدة السلماني : ذلك أن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها . وقال ابن عباس أيضا وقتادة : ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده ، ثم تعطفه على الأنف ، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه . وقال الحسن : تغطي نصف وجهها .الخامسة : أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر ، وإن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف [ ص: 221 ] جلدها ، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت ; لأن له أن يستمتع بها كيف شاء . ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقظ صواحب الحجر رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة . وروي أن دحية الكلبي لما رجع من عند هرقل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قبطية ; فقال : اجعل صديعا لك قميصا وأعط صاحبتك صديعا تختمر به . والصديع النصف . ثم قال له : مرها تجعل تحتها شيئا لئلا يصف . وذكر أبو هريرة رقة الثياب للنساء فقال : الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات . ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق ، فقالت عائشة : إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعنه . وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر ، فلما رأتها قالت : لم تؤمن بسورة ( النور ) امرأة تلبس هذا . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وقال عمر رضي الله عنه : ما يمنع المرأة المسلمة إذ كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية ، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها .السادسة : قوله تعالى : ذلك أدنى أن يعرفن أي الحرائر ، حتى لا يختلطن بالإماء ; فإذا عرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرية ، فتنقطع الأطماع عنهن . وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى تعلم من هي . وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدرة ، محافظة على زي الحرائر . وقد قيل : إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء . وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله حتى قالت عائشة [ ص: 222 ] رضي الله عنها : لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل . وكان الله غفورا رحيما تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)أتبع النهي عن أذى المؤمنات بأن أمرن باتقاء أسباب الأذى لأن من شأن المطالب السعي في تذليل وسائلها كما قال تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } [ الإسراء : 19 ] وقال أبو الأسود :ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبسوهذا يرجع إلى قاعدة التعاون على إقامة المصالح وإماتة المفاسد . وفي الحديث : « رحم الله والداً أعان ولده على بره » . وهذا الحديث ضعيف السند لكنه صحيح المعنى لأن بر الوالدين مطلوب ، فالإِعانة عليه إعانة على وجود المعروف والخير .وابتدىء بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته لأنهن أكمل النساء ، فذكرهن من ذكر بعض أفراد العام للاهتمام به .والنساء : اسم جمع للمرأة لا مفرد له من لفظه ، وقد تقدم آنفاً عند قوله تعالى : { ولا نسائهن } [ الأحزاب : 55 ] . فليس المراد بالنساء هنا أزواج المؤمنين بل المراد الإِناث المؤمنات ، وإضافته إلى المؤمنين على معنى ( من ) أي النساء من المؤمنين .والجلابيب : جمع جلباب وهو ثوب أصغر من الرداء وأكبر من الخمار والقِناع ، تضعه المرأة على رأسها فيتدلى جانباه على عذارَيْها وينسدل سائره على كتفها وظهرها ، تلبسه عند الخروج والسفر .وهيئات لبس الجلابيب مختلفة باختلاف أحوال النساء تبينها العادات . والمقصود هو ما دل عليه قوله تعالى : { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } .والإِدناء : التقريب ، وهو كناية عن اللبس والوضع ، أي يضعن عليهن جلابيبهن ، قال بشار :ليلةٌ تَلبَس البياض من الشهر ... وأخرى تُدني جلابيبَ سودافقابل ب ( تُدني ) ( تلبَس ) فالإِدناء هنا اللبس .وكان لبس الجلباب من شعار الحرائر فكانت الإِماء لا يلبسن الجلابيب . وكانت الحرائر يلبسن الجلابيب عند الخروج إلى الزيارات ونحوها فكُنَّ لا يلبسْنَها في الليل وعند الخروج إلى المناصع ، وما كنّ يخرجن إليها إلا ليلاً فأمرن بلبس الجلابيب في كل خروج ليعرف أنهن حرائر فلا يتعرض إليهن شباب الدُّعّار يحسبهن إماء أو يتعرض إليهن المنافقون استخفافاً بهن بالأقوال التي تخجلهن فيتأذيْنَ من ذلك وربما يسببْن الذين يؤذونهن فيحصل أذى من الجانبين . فهذا من سدّ الذريعة .والإِشارة ب { ذلك } إلى الإدناء المفهوم من { يدنين } ، أي ذلك اللباس أقرب إلى أن يُعرف أنهن حرائر بشعار الحرائر فيتجنب الرجال إيذاءهن فيسلموا وتسلمن . وكان عمر بن الخطاب مدة خلافته يمنع الإِماء من التقنع كي لا يلتبسن بالحرائر ويضرب من تتقنّع منهن بالدّرة ثم زال ذلك بعده ، فذلك قول كثير :هنّ الحرائر لا ربات أخمرة ... سود المحاجر لا يقرأن بالسوروالتذييل بقوله : { وكان الله غفوراً رحيماً } صفح عما سبق من أذى الحرائر قبل تنبيه الناس إلى هذا الأدب الإِسلامي ، والتذييل يقتضي انتهاء الغرض .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين عامة ، بالاحتشام والتستر فى ملابسهن فقال - تعالى - ( ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ) .قال الآلوسى : روى عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة ، تخرجان ليلا لقضاء الحاجة فى الغيطان وبين النخيل ، من غير تمييز بين الحرائر والإِماء ، وكان فى المدينة فساق يتعرضون للإِماء ، وربما تعرضوا للحرائر ، فإذا قيل لهم قالوا : حسبناهن إماء ، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإِماء فى الزى والتستر فلا يطمع فيهن . .وقوله : ( يُدْنِينَ ) من الإِدناه بمعنى التقريب ، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى . وهو جواب الأمر ، كما فى قوله - تعالى - : ( قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة . . . . ) .والجلابيب : جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة ، فوق ثيابها .والمعنى : يأيها النبى قل لأزواجك اللائى فى عصمتك ، وقل لبناتك اللائى هن من نسلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما ، من رءوسهن إلى أقدامهن ، زيادة فى التستر والاحتشام ، وبعدا عن مكان التهمة والريبة .قالت أم سلمة - رضى الله عنها - : لما نزلت هذه الآية ، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها .وقوله : ( ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ) بيان للحكمة من الأمر بالتستر والاحتشام .أى : لك التستر والاحتشام والإِدناء عليهن من جلابيبهن يجعلهن أدنى وأقرب إلى أن يعرفن ويميزن عن غيرهن من الإِماء ، فلا يؤذين من جهة من فى قلوبهم مرض .قال بعض العلماء : وقد يقال إن تأويل الآية على هذا الوجه ، وصرها على ال حرائر ، قد يفهم منه أن الشارع قد أهمل أمر الإِماء ، ولم يبال بما ينالهن من الإِيذاء من ضعف إيمانهم ، مع أن فى ذلك من الفتنة ما فيه ، فهلا كان التصون والتستر عاما فى جميع النساء؟والجواب ، أن الإِماء بطبيعة عملهن يكثر خروهجن وترددهن فى الأسواق ، فإذا كلفن أن يتقنعن ويلبسن الجلباب السابغ كلما خرجن ، كان فى ذلك حرج ومشقة عليهن ، وليس كذلك الحرائر فإنهن مأمورات بعدم الخروج من البيوت إلا لضرورة ومع ذلك فإن القرآن الكريم قد نهى عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات جميعا - سواء الحرائر والإِماء ، وتوعد المؤذين بالعذاب المهين .. والشارع - أيضا - لم يخطر على الإِمام التستر والتقنع ، ولكنه لم يكلفهن بذلك فدعا للحرج والعسر ، فللأمة أن تلبس الجلباب السابغ متى تيسر لها ذلك . .هذا ، ويرى الإِمام أبو حيان أن الأرجح أن المراد بنساء المؤمنين ، ما يشمل الحرائر والإِماء وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع ، وأن الحكمة من وراء هذا الأمر باسدال الجلابيب عليهن ، درء التعرض لهن بسوء من ضعاف الايمان .فقد قال - رحمه الله - : والظاهر أن قوله : ( وَنِسَآءِ المؤمنين ) يشمل الحرائر والإِماء ، والفتنة بالإِماء أكثر لكثرة تصرفهن ، بخلاف الحرائر ، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح . . ( ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ ) لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ، ولا يليقين بما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت فى غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها .ويبدو لنا أن هذا الرأى الذى اتجه أبو حيان - رحمه الله - أولى بالقبول من غيره ، لتمشية مع شريعة الإِسلام التى تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف .ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : ( وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ) أى : وكان الله - تعالى - وما زال واسع المغفرة والرحمة لمن تاب إليه توبة صادقة مما وقع فيه من أخطاء وسيئات .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
ثم نهى الحرائر أن يتشبهن بالإماء فقال جل ذكره : ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) جمع الجلباب ، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار .وقال ابن عباس وأبو عبيدة : أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر .( ذلك أدنى أن يعرفن ) أنهن حرائر ( فلا يؤذين ) فلا يتعرض لهن ( وكان الله غفورا رحيما ) قال أنس : مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة ، وقال يالكاع أتتشبهين بالحرائر ، ألقي القناع .