تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وعند الله -جل وعلا- مفاتح الغيب أي: خزائن الغيب، لا يعلمها إلا هو، ومنها: علم الساعة، ونزول الغيث، وما في الأرحام، والكسب في المستقبل، ومكان موت الإنسان، ويعلم كل ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة من نبتة إلا يعلمها، فكل حبة في خفايا الأرض، وكل رطب ويابس، مثبت في كتاب واضح لا لَبْس فيه، وهو اللوح المحفوظ.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
(وعنده) تعالى (مفاتح الغيب) خزائنه أو الطرق الموصلة إلى عمله (لا يعلمها إلا هو) وهي الخمسة التي في قوله (إن الله عنده علم الساعة) الآية كما رواه البخاري (ويعلم ما) يحدث (في البر) القفار (والبحر) القرى التي على الأنهار (وما تسقط من) زائدة (ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس) عطف على ورقة (إلا في كتاب مبين) هو اللوح المحفوظ، والاستثناء بدل اشتمال من الاستثناء قبله.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَجاء في الخبر أن هذه الآية لما نزلت نزل معها اثنا عشر ألف ملك .وروى البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عيه وسلم قال : ( مفاتح الغيب خمس لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ) .وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت : من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ; والله تعالى يقول : " قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله " [ النمل : 65 ] .ومفاتح جمع مفتح , هذه اللغة الفصيحة .و يقال : مفتاح ويجمع مفاتيح .وهي قراءة ابن السميقع " مفاتيح " .والمفتح عبارة عن كل ما يحل غلقا , محسوسا كان كالقفل على البيت أو معقول كالنظر وروى ابن ماجه في سننه وأبو حاتم البستي في صحيحه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ) .وهو في الآية استعارة عن التوصل إلى الغيوب كما يتوصل في الشاهد بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان ; ولذلك قال بعضهم : هو مأخوذ من قول الناس افتح علي كذا ; أي أعطني أو علمني ما أتوصل إليه به .فالله تعالى عنده علم الغيب , وبيده الطرق الموصلة إليه , لا يملكها إلا هو , فمن شاء إطلاعه عليها أطلعه , ومن شاء حجبه عنها حجبه .ولا يكون ذلك من إفاضته إلا على رسله ; بدليل قوله تعالى : " وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء " [ آل عمران : 179 ] وقال : " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " [ الجن : 26 - 27 ] .الآية وقيل : المراد بالمفاتح خزائن الرزق ; عن السدي والحسن .مقاتل والضحاك : خزائن الأرض .وهذا مجاز , عبر عنها بما يتوصل إليها به .وقيل : غير هذا مما يتضمنه معنى الحديث أي عنده الآجال ووقت انقضائها .وقيل : عواقب الأعمار وخواتم الأعمال ; إلى غير هذا من الأقوال .والأول المختار .والله أعلم .قال علماؤنا : أضاف سبحانه علم الغيب إلى نفسه في غير ما آية من كتابه إلا من اصطفى من عباده .فمن قال : إنه ينزل الغيث غدا وجزم فهو كافر , أخبر عنه بأمارة ادعاها أم لا .وكذلك من قال : إنه يعلم ما في الرحم فهو كافر ; فإن لم يجزم وقال : إن النوء ينزل الله به الماء عادة , وأنه سبب الماء عادة , وأنه سبب الماء على ما قدره وسبق في علمه لم يكفر ; إلا أنه يستحب له ألا يتكلم به , فإن فيه تشبيها بكلمة أهل الكفر , وجهلا بلطيف حكمته ; لأنه ينزل متى شاء , مرة بنوء كذا , ومرة دون النوء ; قال الله تعالى : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكوكب ) على ما يأتي بيانه في " الواقعة " إن شاء الله .قال ابن العربي : وكذلك قول الطبيب : إذا كان الثدي الأيمن مسود الحلمة فهو ذكر , وإن كان في الثدي الأيسر فهو أنثى , وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فالولد أنثى ; وادعى ذلك عادة لا واجبا في الخلقة لم يكفر ولم يفسق .وأما من ادعى الكسب في مستقبل العمر فهو كافر .أو أخبر عن الكوائن المجملة أو المفصلة في أن تكون قبل أن تكون فلا ريبة في كفره أيضا .فأما من أخبر عن كسوف الشمس والقمر فقد قال علماؤنا : يؤدب ولا يسجن .أما عدم تكفيره فلأن جماعة قالوا : إنه أمر يدرك بالحساب وتقدير المنازل حسب ما أخبر الله عنه من قوله : " والقمر قدرناه منازل " [ يس : 39 ] .وأما أدبهم فلأنهم يدخلون الشك على العامة , إذ لا يدركون الفرق بين هذا وغيره ; فيشوشون عقائدهم ويتركون قواعدهم في اليقين فأدبوا حتى يسروا ذلك إذا عرفوه ولا يعلنوا به .قلت : ومن هذا الباب أيضا ما جاء في صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى عرافا فسأل عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) .والعراف هو الحازر والمنجم الذي يدعي علم الغيب .وهي من العرافة وصاحبها عراف , وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها .وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم , وأسباب معتادة في ذلك .وهذا الفن هو العيافة ( بالياء ) .وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة ; قاله القاضي عياض .والكهانة : ادعاء علم الغيب .قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب ( الكافي ) : من المكاسب المجتمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذ الأجرة على النياحة والغناء , وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء , وعلى الزمر واللعب والباطل كله .قال علماؤنا : وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان بإتيان المنجمين , والكهان لا سيما بالديار المصرية ; فقد شاع في رؤسائهم وأتباعهم وأمرائهم اتخاذ المنجمين , بل ولقد انخدع كثير من المنتسبين للفقه والدين فجاءوا إلى هؤلاء الكهنة والعرافين فبهرجوا عليهم بالمحال , واستخرجوا منهم الأموال فحصلوا من أقوالهم على السراب والآل , ومن أديانهم على الفساد والضلال .وكل ذلك من الكبائر ; لقوله عليه السلام : ( لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) .فكيف بمن اتخذهم وأنفق عليهم معتمدا على أقوالهم .روى مسلم رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان فقال : ( إنهم ليسوا بشيء ) فقالوا : يا رسول الله , إنهم يحدثونا أحيانا بشيء فيكون حقا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون معها مائة كذبة ) .قال الحميدي : ليس ليحيى بن عروة عن أبيه عن عائشة في الصحيح غير هذا وأخرجه البخاري أيضا من حديث أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم ) .وسيأتي هذا المعنى في " سبأ " إن شاء الله تعالى .وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِخصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات المجاورة للبشر , أي يعلم ما يهلك في البر والبحر .ويقال : يعلم ما في البر من النبات والحب والنوى , وما في البحر من الدواب ورزق ما فيها " وما تسقط من ورقة إلا يعلمها " روى يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من زرع على الأرض ولا ثمار على الأشجار ولا حبة في ظلمات الأرض إلا عليها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم رزق فلان بن فلان ) وذلك قوله في محكم كتابهوَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍوحكى النقاش عن جعفر بن محمد أن الورقة يراد بها السقط من أولاد بني آدم , والحبة يراد بها الذي ليس بسقط , والرطب يراد به الحي , واليابس يراد به الميت .قال ابن عطية : وهذا قول جار على طريقة الرموز , ولا يصح عن جعفر بن محمد ولا ينبغي أن يلتفت إليه .وقيل : المعنى " وما تسقط من ورقة " أي من ورقة الشجر إلا يعلم متى تسقط وأين تسقط وكم تدور في الهواء , ولا حبة إلا يعلم متى تنبت وكم تنبت ومن يأكلها , " وظلمات الأرض " بطونها وهذا أصح ; فإنه موافق للحديث وهو مقتضى الآية .والله الموفق للهداية .وقيل : " في ظلمات الأرض " يعني الصخرة التي هي أسفل الأرضين السابعة ." ولا رطب ولا يابس " بالخفض عطفا على اللفظ .وقرأ ابن السميقع والحسن وغيرهما بالرفع فيهما عطفا على موضع " من ورقة " ; ف " - من " على هذا للتوكيدإِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍأي في اللوح المحفوظ لتعتبر الملائكة بذلك , لا أنه سبحانه كتب ذلك لنسيان يلحقه , تعالى عن ذلك .وقيل : كتبه وهو يعلمه لتعظيم الأمر , أي اعلموا أن هذا الذي ليس فيه ثواب ولا عقاب مكتوب , فكيف بما فيه ثواب وعقاب .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
عُطف على جملة : { والله أعلم بالظالمين } [ الأنعام : 58 ] على طريقة التخلّص . والمناسبة في هذا التخلّص هي الإخبار بأنّ الله أعلم بحالة الظالمين ، فإنّها غائبة عن عيان الناس ، فالله أعلم بما يناسب حالهم من تعجيل الوعيد أو تأخيره ، وهذا انتقال لبيان اختصاصه تعالى بعلم الغيب وسعة علمه ثم سعة قدرته وأنّ الخلق في قبضة قدرته . وتقديم الظرف لإفادة الاختصاص ، أي عنده لا عند غيره . والعندية عندية علم واستئثار وليست عندية مكان .والمفاتح جمع مِفْتَح بكسر الميم وهو الآلة التي يفتح بها المغلق ، وتسمّى المِفتاح . وقد قيل : إنّ مفتح أفصح من مفتاح ، قال تعالى : { وآتيناه من الكنوز ما إنّ مَفَاتِحَه لتنوء بالعُصْبَة أولي القوة } [ القصص : 76 ].والغيب ما غاب على علم الناس بحيث لا سبيل لهم إلى علمه ، وذلك يشمل الأعيان لمغيَّبة كالملائكة والجنّ ، والأعراض الخفيَّة ، ومواقيت الأشياء .و { مفاتح الغيب } هنا استعارة تخييلية تنبني على مكنية بأن شُبِّهت الأمور المغيّبة عن الناس بالمتاع النفيس الذي يُدّخر بالمخازن والخزائن المستوثق عليها بأقفال بحيث لا يعلم ما فيها إلاّ الذي بيده مفاتحها . وأثبتت لها المفاتِح على سبيل التخييلية . والقرينة هي إضافة المفاتح إلى الغيب ، فقوله : { وعنده مفاتح الغيب } بمنزلة أن يقول : عنده علم الغيب الذي لا يعلمه غيرُه .ومفاتح الغيب جَمْع مضاف يعمّ كلّ المغيّبات ، لأنّ علمها كلّها خاصّ به تعالى ، وأمّا الأمور التي لها أمارات مثل أمارات الأنواء وعلامات الأمراض عند الطبيب فتلك ليْست من الغيب بل من أمور الشهادة الغامضة . وغمُوضُها متفاوت والناس في التوصّل إليْها متفاوتون ومعرفتهم بها من قبيل الظنّ لا من قبيل اليقين فلا تسمّى عِلماً ، وقيل : المفاتح جمع مَفْتَح بفتح الميم وهو البيت أو المخزن الذي من شأنه أن يُغلق على ما فيه ثم يُفْتح عند الحاجة إلى ما فيه ، ونقل هذا عن السدّي ، فيكون استعارة مصرّحة والمشبَّه هو العلم بالغيب شبّه في إحاطته وحَجبه المغيِّبات ببيت الخزم تشبيه معقول بمحسوس .وجملة { لا يعلمها إلاّ هو } مُبيَّنة لمعنى { عندَه } ، فهي بيان للجملة التي قبلها ومفيدة تأكيداً للجملة الأولى أيضاً لرفع احتمال أن يكون تقديم الظرف لمجرّد الاهتمام فأعيد ما فيه طريق مُتَعيِّن كونُه للقصر . وضمير { يعلمها } عائد إلى { مفاتح الغيب } على حذف مضاف من دلالة الاقتضاء . تقديره : لا يعلم مكانَها إلاّ هو ، لأنّ العلم لا يتعلّق بذوات المفاتح ، وهو ترشيح لاستعارة مفاتح الغيب للعلم بالمغيّبات ، ونفيُ علم غيره لها كناية عن نفي العلم بما تغلق عليه المفاتح من علم المغيّبات .ومعنى : { لا يعلمها إلاّ هو } أي علماً مستقلاً به ، فأمَّا ما أطْلع عليه بعضَ أصفيائه ، كما قال تعالى : { عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً إلاّ مَن ارتضى مِن رسول }[ الجن : 26 ] فذلك علم يحصل لمن أطلعه بإخبار منه فكان راجعاً إلى علمه هو . والعلم معرفة الأشياء بكيفية اليقين .وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر أنّ رسول يالله صلى الله عليه وسلم قال : { مفاتح الغيب خمس : إنّ الله عندَه علمُ الساعة ، ويُنزّل الغيث ، ويعلَم ما في الأرحام ، وما تدري نفس مَاذا تكسب غداً ، وما تدري نفس بأي أرض تموت إنّ الله عليم خبير }.وجملة : { ويعلم ما في البرّ والبحر } عطف على جملة { لا يعلمها إلاّ هو } ، أو على جملة { وعنده مفاتح الغيب } ، لأنّ كلتيهما اشتملت على إثبات علم لله ونفي علم عن غيره ، فعُطفت عليهما هذه الجملة التي دلَّت على إثبات علم لله تعالى ، دون نفي علم غيره وذلك علم الأمور الظاهرة التي قد يتوصّل الناس إلى علم بعضها ، فعطفُ هذه الجملة على جملة { وعنده مفاتح الغيب } لإفادة تعميم علمه تعالى بالأشياء الظاهرة المتفاوتة في الظهور بعد إفادة علمه بما لا يظهر للناس .وظهور ما في البرّ للناس على الجملة أقوى من ظهور ما في البحر . وذكر البرّ والبحر لقصد الإحاطة بجميع ما حوته هذه الكرة ، لأنّ البرّ هو سطح الأرض الذي يمشي فيه الحيوان غير سابح ، والبحر هو الماء الكثير الذي يغمر جزءاً من الأرض سواء كان الماء ملحاً أم عذباً . والعرب تسمِّي النهر بحراً كالفرات ودجلة . والموصول للعموم فيشمل الذوات والمعاني كلّها .وجملة : { وما تسقط من ورقة } عطف على جملة : { ويعلم ما في البرّ والبحر } لقصد زيادة التعميم في الجزئيات الدقيقة . فإحاطة العلم بالخفايا مع كونها من أضعف الجزئيات مؤذن بإحاطة العلم بما هو أعظم أولى به . وهذه من معجزات القرآن فإنّ الله علِمَ ما يعتقده الفلاسفة وعلم أنْ سيقول بقولهم من لا رسوخ له في الدين من أتباع الإسلام فلم يترك للتأويل في حقيقة علمه مجالاً ، إذ قال : { وما تسقط من ورقة إلاّ يعلمها ولا حبَّة في ظُلمات الأرض } كما سنبيّن الاختيار في وجه إعرابه .والمراد بالورقة ورقة من الشّجر . وحرف ( مِنْ ) زائد لتأكيد النفي ليفيد العموم نصّاً . وجملة { يعلمها } في موضع الحال من { ورقة } الواقعة في حيِّز النفي المستغنية بالعموم عن الصفة . وذلك لأنّ الاستثناء مفرّغ من أحوال ، وهذه الحال حال لازمة بعد النفي حصل بها مع الفعل المنفي الفائدة الاستثناء من عموم الأحوال ، أي ما تسقط من ورقة في حالة إلاّ حالة يعلمها .والأظهر في نظم قوله : { وما تسقط من ورقة } أن يكون { ورقة } في محلّ المبتدأ مجرور بِ { منْ } الزّائدة ، وجملة { تسْقط } صفة ل { ورقة } مقدّمة عليها فتُعرب حالاً ، وجملة { إلاّ يعلمها } خبر مفرّغ له حرفُ الاستثناء . { ولا حبّة } عطف على المبتدأ بإعادة حرف النفي ، و { في ظلمات الأرض } صفة ل { حبّة } ، أي ولا حبّة من بذور النبت مظروفة في طبقات الأرض إلى أبعد عمق يمكن ، فلا يكون { حبَّة } معمولاً لفعل { تسقط } لأنّ الحبَّة التي تسقط لا تبلغ بسقوطها إلى ظلمات الأرض .{ ولا رطببٍ ولا يابس } معطوفان على المبتدأ المجرور ب { من }.والخبر عن هذه المبتدآت الثلاثة هو قوله : { إلاّ في كتاب مبين } لوروده بعد الثلاثة ، وذلك ظاهر وقُوع الإخبار به عن الثلاثة ، وأنّ الخبر الأول راجع إلى قوله : { من ورقة }.والمراد بالكتاب المبين العلم الثابت الذي لا يتغيّر ، وما عسى أن يكون عند الله من آثار العلم من كتابة أو غيرها لم يطلعنا على كنهها .وقيل : جرّ { حبَّة } عطف على { ورقة } مع إعادة حرف النفي ، و { في ظلمات الأرض } وصف ل { حبّة }.وكذلك قوله : { ولا رطب ولا يابس } بالجرّ عطفاً على { حبَّة } و { ورقة } ، فيقتضي أنَّها معمولة لفعل { تسقط } ، أي ما يَسقط رطب ولا يابس ، ومقيَّدة بالحال في وقوله : { إلاّ يعلمها }.وقوله : { إلاّ في كتاب مبين } تأكيد لقوله : { إلاُّ يعلمها } لأنّ المراد بالكتاب المبين علم الله تعالى سواء كان الكتاب حقيقة أم مجازاً عن الضبط وعدم التبديل . وحسَّن هذا التأكيد تجديد المعنى لبعد الأول بالمعطوفات وصفاتها ، وأعيد بعبارة أخرى تفنّناً .وقد تقدّم القول في وجه جمع { ظلمات } عند قوله تعالى : { وجعل الظلمات والنور } في هذه السورة [ 1 ]. ومبين إمّا من أبان المتعدّي ، أي مبين لبعض مخلوقاته ما يريده كالملائكة ، أو من أبَانَ القاصر الذي هو بمعنى بان ، أي بيّن ، أي فصل بما لا احتمال فيه ولا تردّد .وقد علم من هاته الآيات عموم علمه تعالى بالكلِّيّات والجزئيّات . وهذا متَّفق عليه عند أهل الأديان دون تصريح به في الكتب السابقة وما أعلنه إلاّ القرآن في نحو قوله : { وهو بكلّ شيء عليم } [ البقرة : 29 ]. وفيه إبطال لقول جمهور الفلاسفة أنّ الله يعلم الكلِّيّات خاصّة ولا يعلم الجزئيّات ، زعماً منهم بأنَّهم ينزّهون العلم الأعلى عن التجزّي؛ فهم أثبتوا صفة العلم لله تعالى وأنكروا تعلّق علمه بجزئيات الموجودات . وهذا هو المأثور عنهم عند العلماء . وقد تأوّله عنهم ابن رشد الحفيدُ ونصير الدين الطُوسي . وقال الإمام الرازي في «المباحث المشرقية» : ولا بدّ من تفصيل مذهب الفلاسفة فإنّ اللائق بأصولهم أن يقال : الأمور أربعة أقسام؛ فإنَّها إمَّا أن لا تكون متشكِّلة ولا متغيِّرة ، وإمَّا أن تكون متشكّلة غير متغيِّرة ، وإمَّا أن تكون متغيِّرة غير متشكّلة؛ وإمَّا أن تكون متشكّلة ومتغيّرة معاً . فأمَّا ما لا تكون متشكِّلة ولا متغيِّرة فإنَّه تعالى عالم به سواء كان كليّاً أو جزئياً . وكيف يمكن القول بأنَّه تعالى لا يعلم الجزئيّات منها مع اتِّفاق الأكثر منهم على علمه تعالى بذاته المخصوصة وبالعقول .وأمّا المتشكِّلة غير المتغيِّرة وهي الأجرام العلوية فهي غير معلومة له تعالى بأشخاصها عندهم ، لأنّ إدراك الجسمانيات لا يكون إلاّ بالآت جسمانية .وأمّا المتغيِّرة غير المتشكّلة فذلك مثل الصور والأعراض الحادثة والنفوس الناطقة ، فإنَّها غير معلومة له لأنّ تعلّقها يحوج إلى آلة جسمانية بل لأنَّها لمّا كانت متغيّرة يلزم من تغيّرها العلم .وأمّا ما يكون متشكِّلاً ومتغيِّراً فهو الأجسام الكائنة الفاسدة . وهي يمتنع أن تكون مُدْركة له تعالى للوجهين ( أي المذكورين في القسمين الثاني والثالث ) اه .وقد عُدّ إنكار الفلاسفة أنّ الله يعلم الجزئيَّات من أصول ثلاثة لهم خالفت المعلوم بالضرورة من دين الإسلام . وهي : إنكار علم الله بالجزئيَّات؛ وإنكار حشر الأجساد ، والقول بقدم العالم . ذكر ذلك الغزالي في «تهافت الفلاسفة» فمن يوافقهم في ذلك من المسلمين يعتبر قوله كفراً ، لكنَّه من قبيل الكفر باللازم فلا يعتبر قائله مرتدّاً إلاّ بعد أن يوقف على ما يفضي إليه قولُه ويأبى أن يرجع عنه فحينئذٍ يستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلاّ حكم بردّته .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم يمضى السياق القرآنى مع المكذبين المتعجلين للعذاب ، فيسوق لهم صورة لعلم الله الشامل الذى لا يند عنه شىء { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } .قال القرطبى : { مَفَاتِحُ } جمع مفتح ، ويقال مفتاح ويجمع مفاتيح ، وهى قراءة ابن السميقع ، والمفتح عبارة عن كل ما يخل غلقاً محسوساً كان كالقفل على البيت ، أو معقولا كالنظر ، وروى ابن ماجه فى سننه وأبى حاتم البستى فى صحيحه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر ، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه " ، وهو فى الآية استعارة عن التوصل إلى الغيوب كما يتوصل فى الشاهد بالمفتح إلى الغيب عن الإنسان . ولذلك قال بعضهم هو مأخوذ من قول الناس افتح على كذا ، أى : أعطنى أو علمنى ما أتوصل إليه به فالله - تعالى - عنده علم الغيب ، وبيده الطرق الموصلة إليه لا يملكها إلا هو ، فمن شاء إطلاعه عليها أطلعه ، ومن شاء حجبه عنها حجبه .والغيب : ما غاب عن علم الناس بحيث لا سبيل لهم إلى معرفته ، وهو يشمل الأعيان المغيبة كالملائكة والجن ، ويشمل الأعراض الخفية ومواقيت الأشياء وغير ذلك . وقدم الظرف لإفادة الاختصاص ، أى : عنده لا عند غيره مفاتيح الغيب ، وجملة " لا يعلمها إلا هو " فى موضع الحال من مفاتح ، وهى مؤكدة لمضمون ما قبلها .ومعنى { لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } أى : لا يعلم الغيوب علماً تاماً مستقلا إلا هو - سبحانه - فأما ما أطلع عليه بعض أصفيائه من الغيوب فهو إخبار منه لهم ، فكان فى الأصل راجعاً إلى علمه هو . قال - تعالى - { عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ } ثم بين - سبحانه - أن علمه ليس مقصوراً على المغيبات ، وإنما هو يشملها كما يشمل المشاهدات فقال : { وَيَعْلَمُ مَا فِي البر والبحر } .قال الراغب : أصل البحر كل مكان واسع جامع للماء الكثير ، وقيل إن أصله الماء الملح دون العذب وأطلق على النهر بالتوسع أو التغليب ، والبر ما يقابله من الأرض وهو ما يسمى باليابسة .وهذه الجملة معطوفة على جملة ، وعنده مفتاح الغيب ، لغفادة تعميم علمه - سبحانه - بالأشياء الظاهرة المتفاوتة فى الظهور بعد إفادة علمه بما لا يظهر الناس .وقدم ذكر البر على البحر على طريقة الترقى من الأقل إلى الأعظم ، لأن قسم البحر من الأرض أكبر من قسم البر ، وخفاياه أكثر وأعظم ، وخصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات المجاورة للبشر .ثم صرح - سبحانه - بشمول علمه لكل كلى وجزئى ، ولكل صغير وكبير ، ولكل دقيق وجليل ، فقال - تعالى - { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرض وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } .أى : وما تسقط ورقة ما من شجرة من الأشجار ولا حبة فى باطن الأرض وأجوافها ، ولا رطب ولا يابس من الثمار أو غيرها إلا ويعلمه الله علما تاما شاملا ، لأن كل ذلك مكتوب ومحفوظ فى العلم الإلهى الثابت .وجملة { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } معطوفة على جملة ، ويعلم ما فى البر والبحر ، لقصد زيادة التعميم فى الجزئيات الدقيقة .والمراد بظلمات الأرض بطونها ، وكنَّى بالظلمة عن البطن لأنه لا يدرك ما فيه كما لا يدرك ما فى الظلمة .وقوله { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } تأكيد لقوله " لا يعلمها " لأن المراد بالكتاب المبين علم الله - تعالى - الذى وسع كل شىء ، أو اللوح المحفوظ الذى هو محل معلوماته - عز وجل - .قال الإمام الرازى : قال الزجاج : يجوز أن الله - تعالى - : أثبت كيفية المعلومات فى كتاب من قبل أن يخلق الخلق كما قال - تعالى - : { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } ثم قال الإمام الرازى : وفائدة هذا الكتاب أمور :أحدها : أنه - تعالى - : إنما كتب هذه الأحوال فى اللوح المحفوظ لتقف الملائكة على نفاذ علمه فى المعلومات ، وأنه لا يغيب عنه مما فى السموات والأرض شىء ، فيكون ذلك عبرة تامة كاملة للملائكة باللوح المحفوظ لأنهم يقابلون به ما يحدث فى صحيفة هذا العالم فيجدونه موافقاً له .وثانيها : أنه يجوز أن يقال : أنه - تعالى - : ذكر ما ذكر من الورقة والحبة تنبيها للمكلفين على أمر الحساب ، وإعلاما بأنه لا يفوته من كل ما يصنعون فى الدنيا شىء ، لأنه إذا كان لا يهمل الأحوال التى ليس فيها ثواب ولا عقاب ولا تكليف فبأن لا يهمل الأحوال المشتملة على الثواب والعقاب أولى .وثالثها : أنه - تعالى - : علم أحوال جميع الموجودات ، فيمتنع تغييرها عن مقتضى ذلك العلم وإلا لزم الجهل ، فإذا كتب أحوال جميع الموجودات فى ذلك الكتاب على التفصيل التام امتنع - أيضاً - تغييرها ، وإلا لزم الكذب ، فتصير كتابة جملة الأحوال فى ذلك الكتاب موجبا تاما ، وسببا كاملا فى أنه يمتنع تقدم ما تأخر وتأخر ما تقدم كما قال صلى الله عليه وسلم " جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة " .ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أمور من أهمها :أن علم الله - تعالى - : محيط بالكليات والجزئيات ، وبكل شىء فى هذا الكون ، وبذلك يتبين بطلان رأى بعض الفلاسفة الذين قالوا بأن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات .أن علم الغيب مرده إلى الله وحده ، قال الحاكم : دل قوله تعالى { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } على بطلان قول الإمامية : إن الإمام يعلم شيئاً من الغيب " .وقال القاسمى : قال صاحب " فتح البيان " : فى هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين وغيرهم من مدعى الكشف والإلهام ما ليس من شأنهم ولا يدخل تحت قدرتهم ولا يحيط به علمهم .ولقد ابتلى الإسلام وأهله بقوم سوء من هذه الأجناس الضالة والأنواع المخذولة ، ولم يربحوا من أكاذيبهم وأباطيلهم سوى خطة السوء المذكورة فى قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم " من أتى كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد " قال ابن مسعود " أوتى نبيكم كل شىء إلا مفاتيح الغيب " .وروى البخارى بسنده عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مفاتيح الغيب خمس لا يعملها إلا الله . لا يعلم أحد ما يكون فى غد إلا الله ، ولا يعلم أحد ما يكون فى الأرحام إلا الله . ولا تعمل نفس ماذا تكسب غداً ، ولا تدرى نفس بأى أرض تموت ، ولا يدرى أحد متى يجىء المطر " .وقال القرطبى : قال علماؤنا : أضاف - سبحانه علم الغيب إلى نفسه فى غير ما آية من كتابه إلا من اصطفى من عباده ، فمن قال : إنه ينزل الغيث غدا وجزم فهو كافر ، وكذلك من قال : إنه يعلم ما فى الرحم فهو كافر . وفى صحيح مسلم عن عائشة قالت : من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون فى غد فقد أعظم على الله الفرية؛ والله تعالى يقول : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ الله } ثم قال : وقد انقلبت الأحوال فى هذه الأزمان بإتيان المنجمين والكهان لا سيما بالديار المصرية فقد شاع فى رؤسائهم وأتباعهم وأمرائهم اتخاذ المنجمين ، بل ولقد انخدع كثير من المنتسبين للفقر والدين فلجأوا إلى هؤلاء الكهنة والعرافين فبهرجوا عليهم بالمحال ، واستخرجوا منهم الأموال ، فحصلوا من أقوالهم على السراب والآل ، ومن أديانهم على الفساد والضلال ، وكل ذلك من الكبائر لحديث النبى صلى الله عليه وسلم " من أتى عرافا فسأله عن شىء لم تقبل له صلاة أربعين يوما " والعراف هو الحازر والمنجم الذى يدعى علم الغيب .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله عز وجل : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) مفاتح الغيب خزائنه ، جمع مفتح .واختلفوا في مفاتح الغيب ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن الطيسفوني أنا عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن علي الكشميهني أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر أنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول : قال رسول الله : " مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلا الله تعالى ، [ ولا يعلم ما في الغد إلا الله عز وجل ] ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت ، ولا يعلم متى تقوم الساعة أحد إلا الله " .وقال الضحاك ومقاتل : مفاتح الغيب خزائن الأرض ، وعلم نزول العذاب .وقال عطاء : ما غاب عنكم من الثواب والعقاب .وقيل : انقضاء الآجال ، وقيل : أحوال العباد من السعادة والشقاوة وخواتيم أعمالهم ، وقيل : هي ما لم يكن بعد ، أنه يكون أم لا يكون ، وما يكون كيف يكون ، وما لا يكون أن لو كان كيف يكون؟ وقال ابن مسعود : " أوتي نبيكم علم كل شيء إلا علم مفاتيح الغيب " .( ويعلم ما في البر والبحر ) قال مجاهد : البر : المفاوز والقفار ، والبحر : القرى والأمصار ، لا يحدث فيهما شيء إلا يعلمه ، وقيل : هو البر والبحر المعروف ، ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) يريد ساقطة وثابتة ، يعني : يعلم عدد ما يسقط من ورق الشجر وما يبقى عليه ، وقيل : يعلم كم انقلبت ظهرا لبطن إلى أن سقطت على الأرض ، ( ولا حبة في ظلمات الأرض ) قيل : هو الحب المعروف في بطون الأرض ، وقيل : هو تحت الصخرة في أسفل الأرضين ، ( ولا رطب ولا يابس ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : الرطب : الماء ، واليابس : البادية ، وقال عطاء : يريد ما ينبت وما لا ينبت ، وقيل : ولا حي ولا ميت ، وقيل : هو عبارة عن كل شيء ، ( إلا في كتاب مبين ) يعني أن الكل مكتوب في اللوح المحفوظ .