تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وقال المشركون: هذه إبل وزرع حرام، لا يأكلها إلا مَن يأذنون له -حسب ادعائهم- مِن سدنة الأوثان وغيرهم. وهذه إبل حُرِّمت ظهورها، فلا يحل ركوبها والحملُ عليها بحال من الأحوال. وهذه إبل لا يَذكرون اسم الله تعالى عليها في أي شأن من شئونها. فعلوا ذلك كذبًا منهم على الله، سيجزيهم الله بسبب ما كانوا يفترون من كذبٍ عليه سبحانه.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وقالوا هذه أنعام وحرث حجر» حرام «لا يطعمها إلا من شاء» من خَدَمَةِ الأوثان وغيرهم «بزَعمهم» أي لا حجة لهم فيه «وأنعام حرمت ظهورها» فلا تركب كالسوائب والحوامي «وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها» عند ذبحها بل يذكرون اسم أصنامهم ونسبوا ذلك إلى الله «افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون» عليه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترونذكر تعالى نوعا آخر من جهالتهم . وقرأ أبان بن عثمان ( حجر ) بضم الحاء والجيم . وقرأ الحسن وقتادة ( حجر ) بفتح الحاء وإسكان الجيم ، لغتان بمعنى . وعن الحسن أيضا ( حجر ) بضم الحاء . قال أبو عبيد عن هارون قال : كان الحسن يضم الحاء في ( حجر ) في جميع القرآن إلا في قوله : برزخا وحجرا محجورا فإنه كان يكسرها هاهنا . وروي عن [ ص: 86 ] ابن عباس وابن الزبير ( وحرث حرج ) الراء قبل الجيم ; وكذا في مصحف أبي ; وفيه قولان : أحدهما أنه مثل جبذ وجذب . والقول الآخر - وهو أصح - أنه من الحرج ; فإن الحرج بكسر الحاء لغة في الحرج بفتح الحاء وهو الضيق والإثم ; فيكون معناه الحرام . ومنه فلان يتحرج أي يضيق على نفسه الدخول فيما يشتبه عليه من الحرام . والحجر : لفظ مشترك . وهو هنا بمعنى الحرام ، وأصله المنع . وسمي العقل حجرا لمنعه عن القبائح . وفلان في حجر القاضي أي منعه . حجرت على الصبي حجرا . والحجر العقل ; قال الله تعالى : هل في ذلك قسم لذي حجر والحجر الفرس الأنثى . والحجر القرابة . قال :يريدون أن يقصوه عني وإنه لذو حسب دان إلي وذو حجروحجر الإنسان وحجره لغتان ، والفتح أكثر . أي حرموا أنعاما وحرثا وجعلوها لأصنامهم وقالوا لا يطعمها إلا من نشاء وهم خدام الأصنام . ثم بين أن هذا تحكم لم يرد به شرع ; ولهذا قال : بزعمهم .وأنعام حرمت ظهورها يريد ما يسيبونه لآلهتهم على ما تقدم من النصيب . وقال مجاهد : المراد البحيرة والوصيلة والحام .وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها يعني ما ذبحوه لآلهتهم . قال أبو وائل : لا يحجون عليها .افتراء أي للافتراء على الله لأنهم كانوا يقولون : الله أمرنا بهذا . فهو نصب على المفعول له . وقيل : أي يفترون افتراء ، وانتصابه لكونه مصدرا .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
عطف على جملة : { وكذلك زَيَّن لكثير من المشركين قتلَ أولادهم شركاؤُهم } [ الأنعام : 137 ] وهذا ضرب آخر من دينهم الباطل ، وهو راجع إلى تحجير التّصرّف على أنفسهم في بعض أموالهم ، وتعيين مصارفه ، وفي هذا العطف إيماء إلى أنّ ما قالوه هو من تلقين شركائهم وسدنة أصنامهم كما قلنا في مَعْنى زيّن لهم شركاؤُهم .والإشارة بهذه وهذه إلى حاضر في ذهن المتكلّمين عند صدور ذلك القول : وذلك أن يقول أحدهم هذه الأصناف مصرفها كذا ، وهذه مصرفها كذا ، فالإشارة من مَحكِيّ قولهم حين يَشْرعون في بيان أحكام دينهم ، كما يقول القَاسم : هذا لفلان ، وهذا للآخر . وأجمل ذلك هنا إذ لا غرض في بيانه لأنّ الغرض التّعجيب من فساد شرعهم ، كما تقدّم في قوله تعالى : { فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا } [ الأنعام : 136 ] وقد صنّفوا ذلك ثلاثة أصناف :صنف محجّر على مالكه انتفاعه به ، وإنَّما ينتفع به من يعّينه المالك . والّذي يؤخذ ممّا روي عن جابر بن زيد وغيره : أنَّهم كانوا يعيّنون مِن أنعامهم وزرعهم وثمارهم شيئاً يحجّرون على أنفسهم الانتفاع به ، ويعيّنونه لمن يشاءون من سدنة بيوت الأصنام ، وخدمتها ، فتنحر أو تذبح عندما يرى من عُيِّنَت له ذلك ، فتكون لحاجة النّاس والوافدين على بيوت الأصنام وإضافتهم ، وكذلك الزّرع والثّمار تدفع إلى من عُيّنت له ، يصرفها حيث يتعيّن . ومن هذا الصّنف أشياء معيَّنة بالاسم ، لها حكم منضبط مثل البَحِيرة : فإنَّها لا تُنحر ولا تُؤكل إلاّ إذا ماتَت حتف أنفها ، فيحلّ أكلها للرّجال دون النّساء ، وإذا كان لها دَرّ لا يشربه إلاّ سدنة الأصنام وضيوفهم ، وكذلك السائبة يَنتفع بدَرّها أبناءُ السَّبيل والسَدنة ، فإذا ماتت فأكْلُهَا كالبَحِيرة ، وكذلك الحامي ، كما تقدّم في سورة المائدة .فمعنى { لا يطعمها } لا يأكل لحمها ، أي يَحرم أكل لحمها . ونون الجماعة في { نشاء } مراد بها القائلون ، أي يقولون لا يطعمها إلاّ من نشاء ، أي من نُعيِّن أن يطعمها ، قال في «الكشاف» : يعنون خدَم الأوثان والرّجال دون النّساء .والحرث أصله شق الأرض بآلة حديديّة ليزرع فيها أو يغرس ، ويطلق هذا المصدر على المكان المحروث وعلى الأرض المزروعة والمغروسة وإن لم يكن بها حرث ومنه قوله تعالى : { أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين } [ القلم : 22 ] فسمّاه حرثاً في وقت جذاذ الثّمار .والحِجْر : اسم للمحجّر الممنوع ، مثل ذبح للمذبوح ، فمنع الأنعام منع أكل لحومها ، ومنع الحرث منع أكل الحبّ والتّمر والثّمار ، ولذلك قال : { لا يطعمها إلا من نشاء }.وقوله : { بزعمهم } معترض بين { لا يطعمها إلاّ من نشاء } وبين : { وأنعام حرمت ظهورها }.والباء في : { بزعمهم } بمعنى ( عن ) ، أو للملابسة ، أي يقولون ذلك باعتقادهم الباطل ، لأنَّهم لمّا قالوا : { لا يطعمها } لم يريدوا أنَّهم منعوا النّاس أكلها إلاّ من شاءوه ، لأنّ ذلك من فعلهم وليس من زعمهم .وإنَّما أرادوا بالنَّفي نفي الإباحة ، أي لا يحلّ أن يطعمها إلاّ من نشاء ، فالمعنى : اعتقدوها حراماً لغير من عيّنوه ، حتّى أنفسهم ، وما هي بحرام ، فهذا موقع قوله : { بزعمهم }.وتقدّم القول على الباء من قوله : { بزعمهم } آنفاً عند قوله تعالى : { فقالوا هذا لله بزعمهم } [ الأنعام : 136 ].والصّنف الثّاني : أنعام حُرّمت ظهورها ، أي حُرّم ركوبها ، منها الحامي : لا يَركبه أحد ، وله ضابط متّبع كما تقدّم في سورة المائدة ، ومنها أنعام يحرّمون ظهورها ، بالنّذر ، يقول أحدهم : إذا فعلتْ النّاقةُ كذا من نسللٍ أو مواصلة بين عِدة من إناث ، وإذا فعل الفحل كذا وكذا ، حَرم ظهره . وهذا أشار إليه أبو نواس في قوله مادحاً الأمين: ... وإذا المَطيُّ بنا بلغّن محمداًفظهورهن على الرجال حرام ... فقوله : { وأنعام حرمت ظهورها } معطوف على : { أنعام وحرث حجر } فهو كخبر عن اسم الإشارة . وعُلم أنَّه عطف صنف لوروده بعد استيفاء الأوصاف الّتي أجريت على خبر اسم الإشارة والمعطوف عليه عقبه . والتّقدير : وقالوا هذه أنعام وحرث حجر وهذه أنعام حرّمت ظهورها وبُني فعل : { حرمت } للمجهول : لظهور الفاعل ، أي حرّم الله ظهورها بقرينة قوله : { افتراء عليه }.والصّنف الثّالث : أنعام لا يذكرون اسم الله عليها ، أي لا يذكرون اسم الله عند نحرها أو ذبحها ، يزعمون أنّ ما أهدي للجنّ أو للأصنام يُذكر عليه اسم مَا قُرّب له ، ويزعمون أنّ الله أمر بذلك لتكون خالصَة القربان لما عُيّنت له ، فلأجل هذا الزعم قال تعالى : { افتراء عليه } إذ لا يعقل أن ينسب إلى الله تحريمُ ذِكر اسمه على ما يقرّب لغيره لولا أنَّهم يزعمون أنّ ذلك من القربان الّذي يُرضي الله تعالى ، لأنَّه لشركائه ، كما كانوا يقولون : «لَبَّيْك لا شريكْ لك ، إلاّ شريكاً هُوَ لكْ ، تَمْلِكُه ومَا مَلكْ» .وعن جماعة من المفسّرين ، منهم أبو وائل ، الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها كانت لهم سنّة في بعض الأنعام أن لا يُحجّ عليها ، فكانت تُركب في كلّ وجه إلاّ الحجّ ، وأنَّها المراد بقوله : { وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها } لأنّ الحجّ لا يخلو من ذكر الله حين الكون على الرّاحلة من تلبية وتكبير ، فيكون : { لا يذكرون اسم الله عليها } كناية عن منع الحجّ عليها ، والظاهر أنّ هذه هي الحامي والبحيرة والسّائبة ، لأنَّهم لمّا جعلوا نفعها للأصنام لم يجيزوا أن تستعمل في غير خدمة الأصنام .وقوله : { وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها } معطوف على قوله : { وأنعام حرمت ظهورها } وهو عطف صنف على صنف ، بقرينة استيفاء أوصاف المعطوف عليه ، كما تقدّم في نظيره .وانتصب : { افتراء عليه } على المفعولية المطلقة ل { قالوا } ، أي قالوا ذلك قولَ افتراء ، لأنّ الافتراء بعض أنواع القول ، فصحّ أن ينتصب على المفعول المطلق المبين لنوع القول ، والافتراء الكذب الّذي لا شبهة لقائله فيه وتقدّم عند قوله تعالى :{ فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون } في سورة آل عمران ( 94 ) ، وعند قوله : ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب في سورة العقود ( 103 ). وإنَّما كان قولهم افتراء : لأنَّهم استندوا فيه لشيء ليس وارداً لهم من جانب الله ، بل هو من ضلال كبرائهم .وجملة : سيجزيهم بما كانوا يفترون } استئناف بياني ، لأنّ الافتراء على الخالق أمر شنيع عند جميع الخلق ، فالإخبار به يثير سؤال من يسأل عمّا سيلقونه من جزاء افترائهم ، فأجيب بأنّ الله سيجزيهم بما كانوا يفترون . وقد أبهم الجزاء للتهويل لتذهب النّفوس كلّ مذهب ممكن في أنواع الجزاء على الإثم ، والباء بمعنى ( عن ) ، أو للبدلية والعوض .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
استمع إلى القرآن وهو يقص ذلك فيقول : { وَقَالُواْ هذه أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } .حجر : بمعنى المحجور أى : الممنوع من التصرف فيه ، ومنه قيل للعقل حجر لكون الإنسان فى منع منه مما تدعوه إليه نفسه من اثام .أى : ومن بين أوهام المشركين وضلالتهم أنهم يقتطعون بعض أنعامهم وأقواتهم من الحبوب وغيرها ويقولون : هذه الأنعام وتلك الزروع محجورة علينا أى : محرمة ممنوعة ، لا يأكل منها إلا من نشاء ، يعنون : خدم الأوثان والرجال دون النساء أى : لا يأكل منها إلا خدم الأوثان والرجال فقط .وقوله : { بِزَعْمِهِمْ } متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل قالوا . أى : قالوا ذلك متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة .وقوله : { وَقَالُواْ هذه } الإشارة إلى ما جعلوه لآلهتهم ، والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله : { أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ } وقوله { حِجْرٌ } صفة لأنعام وحرث ، وقوله { لاَّ يَطْعَمُهَآ } صفة ثانية لأنعام وحرث .هذا هو النوع الأول الذى ذكرته الآية من أنواع ضلالاتهم .أما النوع الثانى فهو قوله - تعالى - { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } أى : وقالوا مشيرين إلى طائفة أخرى من أنعامهم : هذه أنعام حرمت ظهورها فلا تركب ولا يحمل عليها ، يعنون بها البحائر والسوائب والوصائل والحوامى التى كانوا يزعمون أنها تعتق وتقصى لأجل الآلهة .فقوله { وَأَنْعَامٌ } خبر لمبتدأ محذو والجملة معطوفة على قوله { هذه أَنْعَامٌ } .وأما النوع الثالث من أنواع اختراعاتهم الذى ذكرته الآية فهو قوله : { وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسم الله عَلَيْهَا } .أى : وقالوا أيضاً هذه أنعام لا يذكر اسم الله عليها عند الذبح ، وإنما يذكر عليها أسماء الأصنام لأنها ذبحت من أجلها .وقد عقب - سبحانه - على تلك الأقسام الثلاثة الباطلة بقوله : { افترآء عَلَيْهِ } أى فعلوا ما فعلوا من هذه الأباطيل وقالوا ما قالوا من تلك المزاعم من أجل الافتراء على الله وعلى دينه ، فإنه - سبحانه - لم يأذن لهم فى ذلك ولا رضيه منهم .ثم ختمت الآية بهذا التهديد الشديد حيث قال : - سبحانه - { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أى : سيجزيهم الجزاء الشديد الأليم بسبب هذا الافتراء القبيح .ثم يحكى القرآن الرذيلة الرابعة من رذائلهم وملخصها : أنهم زعموا أن الأجنة التى فى بطون هذه الأنعام المحرمة ، ما ولد منها حياً فهو حلال للرجال ومحرم على النساء ، وما ولد ميتاً اشترك فى أكله الرجال والنساء .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( وقالوا ) يعني : المشركين ، ( هذه أنعام وحرث حجر ) أي حرام ، يعني : ما جعلوا لله ولآلهتهم من الحرث والأنعام على ما مضى ذكره . وقال مجاهد : يعني بالأنعام البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، ( لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ) يعنون الرجال دون النساء ، ( وأنعام حرمت ظهورها ) يعني الحوامي كانوا لا يركبونها ، ( وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) أي : يذبحونها باسم الأصنام لا باسم الله ، وقال أبو وائل : معناه لا يحجون عليها ولا يركبونها لفعل الخير ، لأنه لما جرت العادة بذكر اسم الله على فعل الخير عبر بذكر الله تعالى عن فعل الخير . ( افتراء عليه ) يعني : أنهم يفعلون ذلك ويزعمون أن الله أمرهم به افتراء عليه ( سيجزيهم بما كانوا يفترون )