تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
تلك القرى التي تَقَدَّم ذِكْرُها، وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، نقصُّ عليك -أيها الرسول- من أخبارها، وما كان من أَمْر رسل الله التي أرسلت إليهم، ما يحصل به عبرة للمعتبرين وازدجار للظالمين. ولقد جاءت أهلَ القرى رسلنا بالحجج البينات على صدقهم، فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل؛ بسبب طغيانهم وتكذيبهم بالحق، ومثل خَتْمِ الله على قلوب هؤلاء الكافرين المذكورين يختم الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«تلك القرى» التي مرَّ ذكرها «نقصُّ عليك» يا محمد «من أنبائها» أخبار أهلها «ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات» المعجزات الظاهرات «فما كانوا ليؤمنوا» عند مجيئهم «بما كذبوا» كفروا به «من قبل» قبل مجيئهم بل استمروا على الكفر «كذلك» الطبع «يطبع الله على قلوب الكافرين».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرينقوله تعالى تلك القرى أي هذه القرى التي أهلكناها ; وهي قرى نوح وعاد ولوط وهود وشعيب المتقدمة الذكر .نقص أي نتلو عليك من أنبائها أي من أخبارها . وهي تسلية للنبي عليه السلام والمسلمين .فما كانوا ليؤمنوا أي فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا بعد هلاكهم لو أحييناهم ; قاله مجاهد . نظيره ولو ردوا لعادوا . وقال ابن عباس والربيع : كان في علم الله تعالى يوم أخذ عليهم الميثاق أنهم لا يؤمنون بالرسل .بما كذبوا من قبل يريد يوم الميثاق حين أخرجهم من ظهر آدم فآمنوا كرها لا طوعا . قال السدي : آمنوا يوم أخذ عليهم الميثاق كرها فلم يكونوا ليؤمنوا الآن حقيقة . وقيل : سألوا المعجزات ، فلما رأوها ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل رؤية المعجزة . نظيره كما لم يؤمنوا به أول مرة .كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين أي مثل طبعه على قلوب هؤلاء المذكورين كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
لما تكرر ذكر القرى التي كذب أهلها رسل الله بالتعيين وبالتعميم ، صارت للسامعين كالحاضرة المشاهدة الصالحة لأن يشار إليها ، فجاء اسم الإشارة لزيادة إحضارها في أذهان السامعين من قوم محمد صلى الله عليه وسلم ليعتبروا حالهم بحال أهل القرى ، فيروا أنهم سواء فيفيئوا إلى الحق .وجملة : { تلك القرى } مستأنفة استئناف الفذلكة لما قبلها من القصص من قوله : { لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه } [ الأعراف : 59 ] ثم قوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نبيء } [ الأعراف : 94 ] الآية .و { القرى } يجوز أن يكون خبراً عن اسم الإشارة لأن استحضار القرى في الذهن بحيث صارت كالمشاهد للسامع ، فكانت الإشارة إليها إشارة عبرة بحالها ، وذلك مفيد للمقصود من الإخبار عنها باسمها لمن لا يجهل الخبر كقوله تعالى : { هذا ما كنزتم لأنفسكم } [ التوبة : 35 ] أي هذا الذي تشاهدونه تُكْوَون به هو كنزكم ، وهم قد علموا أنه كنزهم ، وإنما أريد من الإخبار بأنه كنزهم إظهارُ خطإ فعلهم ، ويجوز أن يكون القرى بياناً لاسم الإشارة .وجملة : { نقص عليك من أنبائها } إما حال من { القرى } على الوجه الأول .وفائدة هذه الحال الامتنان بذكر قَصصها ، والاستدلال على نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم إذ علمه الله من علم الأولين ما لم يسبق له علمه ، والوعدُ بالزيادة من ذلك ، لما دل عليه قوله : { نقص } من التجدد والاستمرار ، والتعريضُ بالمعرضين عن الإتعاظ بأخبارها .وإمّا خبر عن اسم الإشارة على الوجه الثاني في محمل قوله : { القرى }.و ( منْ ) تبعيضية لأن لها أنباء غير ما ذكر هنا مما ذكر بعضه في آيات أخرى وطوى ذكر بعضه لعدم الحاجة إليه في التبليغ .والأنباء : الأخبار ، وقد تقدم في قوله تعالى : { ولقد جاءك من نبإ المرسلين } في سورة الأنعام ( 34 ).والمراد بالقرى وضمير أنبائها : أهلها ، كما دل عليه الضمير في قوله : رسلهم .وجملة : ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } عطف على جملة : { تلك القرى } لمناسبة ما في كلتا الجملتين من قصد التنظير بحال المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلموجمع «البينات» يشير إلى تكرر البينات مع كل رسول ، والبينات : الدلائل الدالة على الصدق وقد تقدمت عند قوله تعالى : { قد جاءتكم بينة من ربكم } في قصة ثمود في هذه السورة ( 73 ).( والفاء ) في قوله : { فما كانوا ليؤمنوا } لترتيب الإخبار بانتفاء إيمانهم عن الإخبار بمجيء الرسل إليهم بما من شأنه أن يحملهم على الإيمان .وصيغة { ما كانوا ليؤمنوا } تفيد مبالغة النفي بلام الجحود الدالة على أن حصول الإيمان كان منافياً لحالهم من التصلب في الكفر . وقد تقدم وجه دلالة لام الجحود على مبالغة النفي عند قوله تعالى : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب } الآية في سورة آل عمران ( 79 ). والمعنى : فاستمر عدم إيمانهم وتمكّن منهم الكفر في حين كان الشأن أن يقلعوا عنه .و { ما كذبوا } موصول وصلته وحُذف العائد المجرور على طريقة حذف أمثاله إذا جر الموصول بمثل الحرف المحذوف ، ولا يشترط اتحاد متعلقي الحرفين على ما ذهب إليه المحققون منهم الرضي كما في هذه الآية .وما صْدَقُ ( ما ) الموصولة : ما يدل عليه { كذبوا } ، أي : فما كانوا ليؤمنوا بشيء كذبوا به من قبل مما دُعوا إلى الإيمان به من التوحيد والبعث . وشأن ( ما ) الموصولة أن يراد بها غير العاقل ، فلا يكون ما صْدقُ ( ما ) هنا الرسل ، بل ما جاءت به الرسل ، فلذلك كان فعل { كذبوا } هنا مقدراً متعلّقهُ لفظُ ( به ) كما هو الفرق بين كذّبه وكذّب به ، قال تعالى : { فكذّبوه فأنجيناه } [ الأعراف : 64 ] وقال : { وكذّب به قومُك وهو الحق } [ الأنعام : 66 ] وحُذف المتعلق هنا إيجازاً ، لأنه قد سبق ذكر تكذيب أهل القرى ، ابتداء من قوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من بنيء إلاّ أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون } [ الأعراف : 94 ] وقد سبق في ذلك قوله : { ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } [ الأعراف : 96 ] ولهذا لم يحذف متعلق فعل { كذبوا } في نظير هذه الآية من سورة يونس .والمعنى : ما أفادتهم البينات أن يؤمنوا بشيء كان بَدَرَ منهم التكذيب به في ابتداء الدعوة ، فالمضاف المحذوف الذي دل عليه بناء { قبلُ } على الضم تقديره : من قبللِ مجيء البينات .وأسند نفي الإيمان إلى ضمير جميع أهل القرى باعتبار الغالب ، وهو استعمال كثير ، وسيُخرج المؤمنون منهم بقوله : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين }.ومعنى قولهن : { كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين } مثلَ ذلك الطبع العجيب المستفاد من حكاية استمرارهم على الكفر ، والمؤذن به فعل { يطبع } ، وقد تقدم نظائره غير مرة ، منها عند قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ).وتقدم معنى الطبع عند قوله تعالى : { بل طبع الله عليها بكفرهم } في سورة النساء ( 155 ).وإظهار المسند إليه في جملة يطبع الله } دون الإضمار : لما في إسناد الطبع إلى الاسم العلم من صراحة التنبيه على أنه طبع رهيب لا يغادر للهدى منفذاً إلى قلوبهم كقوله تعالى : { هذا خلق الله } [ لقمان : 11 ] دون أن يقول : هذا خلقي ، ولهذا اختير له الفعل المضارع الدال على استمرار الختم وتجدده .والقلوب : العقول ، والقلب ، في لسان العرب : من أسماء العقل ، وتقدم عند قوله تعالى : { ختم الله على قلوبهم } في سورة البقرة ( 7 ).والتعريف في الكافرين } تعريف الجنس ، مفيد للاستغراق ، أي : جميع الكافرين ممن ذكر وغيرهم .وفي قوله : { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } إلى آخر الآية ، تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن ما لقيه من قومه هو سنّة الرسل السابقين ، وأن ذلك ليس لتقصير منه ، ولا لضعف آياته ، ولكنه للختم على قلوب كثير من قومه .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
قال الزمخشرى : قوله - تعالى - : ( تِلْكَ القرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا ) كقوله : ( وهذا بَعْلِي شَيْخاً ) فى أنه مبتدأ وخبر وحال . ويجوز أن يكون القرى صفة لتلك ونقص خبراً ، وأن يكون ( القرى نَقُصُّ ) خبراً بعد خبر . فإن قلت : ما معنى ( تِلْكَ القرى ) ؟ حتى يكون كلاما مفيداً . قلت : هو مفيد ولكن بشرط التقييد بالحال كما يفيد بشرط التقييد بالصفة فى قولك : هو الرجل الكريم . فإن قلت : ما معنى الإخبار عن القرى بنقص عليك من أنبائها؟ قلت : معناه أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أخبارها ولها أنباء أخرى لم نقصها عليك " .وإنما قص الله - تعالى - على رسوله صلى الله عليه وسلم أنباء أهل هذه القرى ، لأنهم اغتروا بطول الإمهال مع كثرة النعم ، فتوهموا أنهم على الحق ، فذكرها الله لمن أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ليحترسوا عن مثل تلك الأعمال ، وليعتبروا بما أصاب الغافلين الطاغين من قبلهم .ثم بين - سبحانه - أنه قد أعذر إليهم بأن وضح لهم الحق بالحجج على ألسنة الرسل فقال : ( وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ ) أى : ولقد جاء إلى أهل تلك القرى رسلهم بالدلائل الدالة على صدقهم ، فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات من رسلهم بما كانوا قد كذبوا به قبل رؤيتها منهم ، لأنهم لجحودهم وعنادهم تحجرت قلوبهم ، واستوت عندهم الحالتان : حالة مجىء الرسل بالمعجزات وحالة عدم مجيئتهم بها .وقيل إن المعنى : ما كانوا لو أحييناهم بعد إهلالكهم ورددناهم إلى دار التكليف ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل إهلاكهم ، ونظيره قوله - تعالى - ( وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ) .وقوله : ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الكافرين ) أى : " مثل ذلك الطبع الشديد المحكم الذى طبع الله به على قلوب أهل تلك القرى المهلكة ، يطبع الله على قلوب أولئك الكافرين الذين جاءوا من بعدهم بسبب إيثارهم الضلالة على الهداية .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( تلك القرى ) أي : هذه القرى التي ذكرت لك أمرها وأمر أهلها ، يعني : قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب ، ( نقص عليك من أنبائها ) أخبارها لما فيها من الاعتبار ، ( ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ) بالآيات والمعجزات والعجائب ، ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) أي : فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات والعجائب بما كذبوا من قبل رؤيتهم تلك العجائب ، نظيره قوله - عز وجل - : ( قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ) ( المائدة - 102 ) .قال ابن عباس والسدي : يعني فما كان هؤلاء الكفار الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا من قبل يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم ، فأقروا باللسان وأضمروا التكذيب . وقال مجاهد : معناه فما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم ، لقوله - عز وجل - : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) ( الأنعام - 28 ) .قال يمان بن رباب : هذا على معنى أن كل نبي أنذر قومه بالعذاب فكذبوه ، يقول : ما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأمم الخالية ، بل كذبوا بما كذب أوائلهم ، نظيره قوله - عز وجل - : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ) ( الذاريات - 52 ) . ( كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ) أي : كما طبع الله على قلوب الأمم الخالية التي أهلكها ، كذلك يطبع الله على قلوب الكفار الذين كتب عليهم أن لا يؤمنوا من قومك .