تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
واجعلنا ممن كتبتَ له الصالحات من الأعمال في الدنيا وفي الآخرة، إنا رجعنا تائبين إليك، قال الله تعالى لموسى: عذابي أصيب به مَن أشاء مِن خلقي، كما أصبتُ هؤلاء الذين أصبتهم من قومك، ورحمتي وسعت خلقي كلَّهم، فسأكتبها للذين يخافون الله، ويخشون عقابه، فيؤدون فرائضه، ويجتنبون معاصيه، والذين هم بدلائل التوحيد وبراهينه يصدقون.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«واكتب» وأجب «لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة» حسنة «إنَّا هُدْنا» تبنا «إليك قال» تعالى: «عذابي أصيب به من أشاء» تعذيبه «ورحمتي وسعت» عمَّت «كلَّ شيء» في الدنيا «فسأكتبها» في الآخرة «للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتتا يؤمنون».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون[ ص: 266 ] قوله تعالى واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة أي وفقنا للأعمال الصالحة التي تكتب لنا بها الحسنات .وفي الآخرة أي جزاء عليها .إنا هدنا إليك أي تبنا ; قاله مجاهد وأبو العالية وقتادة : والهود : التوبة وقد تقدم في " البقرة " .قال عذابي أصيب به من أشاء أي المستحقين له ، أي هذه الرجفة والصاعقة عذاب مني أصيب به من أشاء . وقيل : المعنى من أشاء أي من أشاء أن أضله .قوله تعالى ورحمتي وسعت كل شيء عموم ، أي لا نهاية لها ، أي من دخل فيها لم تعجز عنه . وقيل : وسعت كل شيء من الخلق حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها . قال بعض المفسرين : طمع في هذه الآية كل شيء حتى إبليس ، فقال : أنا شيء ; فقال الله تعالى : فسأكتبها للذين يتقون فقالت اليهود والنصارى : نحن متقون ; فقال الله تعالى : الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الآية . فخرجت الآية عن العموم ، والحمد لله .روى حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كتبها الله عز وجل لهذه الأمة .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
و { اكتُب } مستعار لمعنى العطاء المحقَق حصوله ، المجدد مرة بعد مرة ، لأن الذي يريد تحقيقَ عقد أو عدة ، أو عطاء ، وتعلّقه بالتجدد في المستقبل يكتب به في صحيفة ، فلا يقبل النكران ، ولا النقصان ، ولا الرجوع ، وتسمى تلك الكتابة عهداً ، ومنه ما كتبوه في صحيفة القطيعة ، وما كتبوه من حلف ذي المجاز ، قال الحارث بن حلزة :حذر الجَور والتطاخي وهل ينقض ما في المهارق الأهواءولو كان العطاء أو التعاقد لمرة واحدة لم يحتج للكتابة ، لأن الحوز أو التمكين مغن عن الكتابة ، كما قال تعالى :{ إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أن لا تكتبوها } [ البقرة : 282 ] فالمعنى : آتنا الحسنة تلو الحسنة في أزمان حياتنا وفي يوم القيامة ، دل على هذا المعنى لفظ { اكتب } ولولاه لكان دعاء صادقاً باعطاء حسنة واحدة ، فيحتاج إلى الاستعانة على العموم بقرينة الدعاء ، فإن النكرة يراد بها العموم في سياق الدعاء كقول الحريري في المقامة الخامسة :يا أهل ذا المغنى وُقيتم ضُرا ... ( أي كل ضر وليس المراد وقيتم ضرا معيّنا ).والحسنة الحالة الحسنة ، وهي : في الدنيا المرضية للناس ، ولله تعالى ، فتجمع خير الدنيا والدين ، وفي الآخرة حالة الكمال ، وقد تقدم بيانها في تفسير قوله تعالى : { ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة } في سورة البقرة ( 201 ).وجملة : إنا هدنا إليك } مسوقة مساق التعليل للطلب والاستجابة ، ولذلك فصلت ولان موقع حرف التأكيد في أولها موقع الاهتمام ، فيفيد التعليل والربط ، ويغني غناء فاء السببية كما تقدم غير مرة .و { هُدْنا } معناه تبنا ، يقال : هَادَ يهود إذا رجع وتاب فهو مَضموم الهاء في هذه الآية باتفاق القراءات المتواترة والمعنى تبنا مما عسى أن نكون ألممنا به من ذنب وتقصير ، وهذا إخبار عن نفسه ، وعن المختارين من قومه ، بما يعلم من صدق سرائرهم .جملة : { قال } الخ جوابٌ لكلام موسى عليه السلام ، فلذلك فصلت لوقوعها على طريقة المحاورة ، كما تقدم غير مرة ، وكلام موسى ، وإن كان طلبا ، وهو لا يستدعي جواباً ، فإن جواب الطالب عناية به وفضْل .والمراد بالعذاب هنا عذاب الدنيا ، لأن الكلام جواب لقول موسى : { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } والإهلاك عذاب ، فبيّن اللَّهُ له أن عذاب الدنيا يصيب الله به من يشاء من عباده ، وقد اجمل الله سبب المشيئة وهو أعلم به ، وموسى يعلمه إجمالاً ، فالكلام يتضمن طمأنة موسى من أن يناله العذاب هو والبزآء من قومه ، لأن الله أعظم من أن يعاملهم معاملةَ المجرمين . والمعنى إني قادر على تخصيص العذاب بمن عصوا وتنجية من لم يشارك في العصيان ، وجاء الكلام على طريقة مجملة شأن كلام مَن لا يُسأل عما يعقل .وقوله : { ورحمتي وسعت كل شيء } مقابل قول موسى : { فاغفر لنا وارحمنا }. وهو وعد تعريض بحصول الرحمة المسؤولة له ولمن معه من المختارين ، لأنها لما وسعت كل شيء فهم أرجى الناس بها ، وأن العاصين هم أيضاً مغمورون بالرحمة ، فمنها رحمة الإمهال والرزق ، ولكن رحمة الله عباده ذات مراتب متفاوتة .وقوله : { عذابي أصيب به من اشاء } إلى قوله { كل شيء } جواب إجمالي ، هو تمهيد للجواب التفصيلي في قوله : { فسأكتبها }.والتفريع في قوله : { فسأكتبها } تفريع على سعة الرحمة ، لأنها لما وسعت كل شيء كان منها ما يكتب أي يعطى في المستقبل للذين أجريت عليهم الصفات ويتضمن ذلك وعداً لموسى ولصلحاء قومه لتحقق تلك الصفات فيهم ، وهو وعد ناظر إلى قول موسى { إنا هدنا إليك } والضمير المنصوب في { أكْتُبها } عائدِ إلى { رحمتي } فهو ضمير جنس ، وهو مساو للمعرف بلام الجنس ، أي اكتب فَردا من هذا الجنس لأصحاب هذه الصفات ، وليس المراد أنه يكتب جميع الرحمة لهؤلاء لأن هذا غير معروف في الاستعمال في الإخبار عن الأجناس ، لكن يُعلم من السياق أن هذا النوع من الرحمة نوع عظيم بقرينة الثناء على متعلِقها بصفات توذن باستحقاقها ، وبقرينة السكوت عن غيره ، فيعلم أن لهذا المتعلِق رحمة خاصة عظيمة وأن غيره داخل في بعض مراتب عموم الرحمة المعلومة من قوله : { وَسِعت كل شيء } وقد أفصح عن هذا المعنى الحصر في قوله في آخر الآية { أولئك هم المفلحون }.وتقدم معنى { أكتبها } قريباً .وقد تقدم معنى : { وسعت كل شيء } في قوله تعالى : { وسع ربنا كل شيء علما } في هذه السورة ( 89 ).والمعنى : أن الرحمة التي سألها موسى له ولقومه وعدَ اللَّهُ بإعطائِها لمن كان منهم متصفاً بأنه من المتقين والمؤتين الزكاة ، ولمن كان من المؤمنين بآيات الله ، والآياتُ تصدق : بدلاِئل صدق الرسل ، وبكلمات الله التي شرع بها للناس رَشادهم وهديهم ، ولا سيما القرآن لأن كل مقدار ثلاث آيات منه هو آية لأنهُ معجز فدال على صدق الرسول ، وهو المقصود هنا ، وهم الذين يتبعون الرسول الامي إذا جاءهم ، أي يطيعونه فيما يأمرهم ، ولما جعلت هذه الأشياء بسبب تلك الرحمة علم أن التحصيل على بعضها يحصّل بعض تلك الرحمة بما يناسبه ، بشرط الإيمان ، كما علم من آيات أخرى خاطب الله بها موسى كقوله آنفاً { والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا } [ الأعراف : 153 ] فتشمل هذه الرحمة من اتقى وآمن وآتى الزكاة من بني إسرائيل قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فإن أتباعهم إياه متعذر الحصول قبل بعثته ، ولكن يجب أن يكونوا عازمين على اتباعه عند مجيئه إن كانوا عالمين بذلك كما قال تعالى : { وإذ أخذ الله ميثاقَ النبيئين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } [ آل عمران : 81 ، 82 ]. وتشمل الرحمة أيضاً الذين يؤمنون بآيات الله ، والمعنى بها الآيات التي ستجيء في المستقبل ، لأن آيات موسى قد استقر الإيمان بها يومئذ ، وهذا موجب إعادة اسم الموصول في ذكر أصحاب هذه الصلة ، للإشارة إلى أنهم طائفة أخرى ، وهم من يكون عند بعثة محمد عليه الصلاة والسلام ، ولذلك أبدل منهم قوله : { الذين يتبعون الرسولَ } إلخ .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
أضاف موسى إلى هذه الدعوات الطيبات دعوات أخرى فقال - كما حكى القرآن فيه - ( واكتب لَنَا فِي هذه الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة ) أى : وأثبت لنا فى هذه الدنيا ما يحسن من نعمة وطاعة وعافية وتوفيق ، وأثبتت لنا فى الآخرة - أيضا - ما يحسن من مغفرة ورحمة وجنة عرضها السموات والأرض .وقوله ( إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ ) استئناف مسوق لتعليل الدعاء فإن التوبة الصادقة تجعل الدعاء جديرا بالإجابة ، أى : لأنا تبنا إليك من المعاصى التى جئناك للاعتذار منها . فاكتب لنا الحسنات فى الدارين ، ولا تحرمنا من عطائك الجزيل .وهدنا : بمعنى تبنا . يقال : هاد يهود إذا رجع وتاب .وصدرت الجملة الكريمة ب " إن " المفيدة للتحقيق لإظهار كمال النشاط والرغبة فى مضمونها . وقوله : ( قَالَ عذابي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) استئناف وقع جوابا عن سؤال ينساق إليه الجواب ، كأنه قيل : فماذا قال الله - تعالى - عند دعاء موسى ، فكان الجواب : قال عذابى . . . الخ .ثم قال الله - تعالى - لموسى ردا على دعائه : يا موسى إن عذابى الذى تخشى أن يصيب قومك أصيب به من اشاء تعذيبه من العصاة ، فلا يتعين أن يكون قومك محلا له بعد توبتهم ، فقد اقتضت حكمتى ان اجازى الذين اساءوا بما عملوا واجازى الذين احسنوا بالحسنى .( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) فلا تضيق عن قومك ، ولا عن غيرهم من خلقى ممن هم أهل لها .وقد استفاضت الآيات والأحاديث التى تصرح بأن رحمة الله - تعالى - قد وسعت كل شىء ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إن لله عز وجل مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق ، وبها تعطف الوحوش على أولادها ، وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة " .ثم بين - سبحانه - من هم أهل لرحمته فقال : ( فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزكاة والذين هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) .أى : فسأكتب رحمتى للذين يصونون أنفسهم عن كل ما يغضب الله ويؤدون الزكاة المفروضة عليهم فى أموالهم .وتخصيص إيتاء الزكاة بالذكر مع اقتضاء التقوى له للتعريض بقوم موسى . لأن إيتاءها كان شاقاً على نفوسهم لحرصهم الشديد على المال .ولعل الصلاة لم تذكر مع أنها مقدمة على سائر العبادات . اكتفاء عنها بالاتقاء الذى هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها . وترك المنهيات عن آخرها .وسأكتبها كذلك للذين هم بآياتنا يؤمنون إيمانا تاما خالصاً لا رياء فيه . ولا نقص معه .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( واكتب لنا ) أوجب لنا ( في هذه الدنيا حسنة ) النعمة والعافية ، ( وفي الآخرة ) أي : وفي الآخرة ( حسنة ) أي المغفرة والجنة ، ( إنا هدنا إليك ) أي : تبنا إليك ، ( قال ) الله تعالى : ( عذابي أصيب به من أشاء ) من خلقي ، ( ورحمتي وسعت كل شيء ) عمت كل شيء ، قال الحسن وقتادة : وسعت رحمته في الدنيا البر والفاجر ، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة . وقال عطية العوفي : وسعت كل شيء ولكن لا تجب إلا للذين يتقون ، وذلك أن الكافر يرزق ، ويدفع عنه بالمؤمنين لسعة رحمة الله للمؤمنين ، فيعيش فيها ، فإذا صار إلى الآخرة وجبت للمؤمنين خاصة ، كالمستضيء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة ، وابن جريج : لما نزلت : " ورحمتي وسعت كل شيء " قال إبليس : أنا من ذلك الشيء ، فقال الله سبحانه وتعالى : ( فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) فتمناها اليهود والنصارى ، وقالوا : نحن نتقي ونؤمن ، ونؤتي الزكاة ، فجعلها الله لهذه الأمة فقال :