تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنما حَرَّم الله القبائح من الأعمال، ما كان منها ظاهرًا، وما كان خفيًّا، وحَرَّم المعاصي كلها، ومِن أعظمها الاعتداء على الناس، فإن ذلك مجانب للحق، وحرَّم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره مما لم يُنَزِّل به دليلا وبرهانًا، فإنه لا حجة لفاعل ذلك، وحرَّم أن تنسبوا إلى الله تعالى ما لم يشرعه افتراءً وكذبًا، كدعوى أن لله ولدًا، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قل إنما حرَّم ربي الفواحش» الكبائر كالزنا «ما ظهر منها وما بطن» أي جهرها وسرها «والإثم» المعصية «والبغي» على الناس «بغير الحق» وهو الظلم «وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به» بإشراكه «سلطانا» حجة «وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» من تحريم ما لم يحرم وغيره.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمونفيه مسألة واحدة :قال الكلبي : لما لبس المسلمون الثياب وطافوا بالبيت عيرهم المشركون ; فنزلت هذه الآية . والفواحش : الأعمال المفرطة في القبح ، ما ظهر منها وما بطن . وروى روح بن عبادة [ ص: 181 ] عن زكريا بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : ما ظهر منها نكاح الأمهات في الجاهلية . وما بطن : الزنى . وقال قتادة : سرها وعلانيتها . وهذا فيه نظر ; فإنه ذكر الإثم والبغي فدل أن المراد بالفواحش بعضها ، وإذا كان كذلك فالظاهر من الفواحش الزنى . والله أعلم . والإثم قال الحسن : الخمر . قال الشاعر :شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تذهب بالعقولوقال آخر :نشرب الإثم بالصواع جهارا وترى المسك بيننا مستعاراوالبغي الظلم وتجاوز الحد فيه . وقد تقدم . وقال ثعلب : البغي أن يقع الرجل في الرجل فيتكلم فيه ، ويبغي عليه بغير الحق ; إلا أن ينتصر منه بحق . وأخرج الإثم والبغي من الفواحش وهما منه لعظمهما وفحشهما ; فنص على ذكرهما تأكيدا لأمرهما وقصدا للزجر عنهما . وكذا وأن تشركوا وأن تقولوا وهما في موضع نصب على ما قبل . وقد أنكر جماعة أن يكون الإثم بمعنى الخمر . قال الفراء : الإثم ما دون الحد والاستطالة على الناس . قال النحاس : فأما أن يكون الإثم الخمر فلا يعرف ذلك ، وحقيقة الإثم أنه جميع المعاصي ; كما قال الشاعر :إني وجدت الأمر أرشده تقوى الإله وشره الإثمقلت : وأنكره ابن العربي أيضا وقال : ولا حجة في البيت ; لأنه لو قال : شربت الذنب أو شربت الوزر لكان كذلك ، ولم يوجب قوله أن يكون الذنب والوزر اسما من أسماء الخمر ، كذلك الإثم . والذي أوجب التكلم بمثل هذا الجهل باللغة وبطريق الأدلة في المعاني . قلت : وقد ذكرناه عن الحسن . وقال الجوهري في الصحاح : وقد يسمى الخمر إثما ، وأنشد : شربت الإثم . . . البيت وأنشده الهروي في غريبيه ، على أن الخمر الإثم . فلا يبعد أن يكون الإثم يقع على جميع المعاصي وعلى الخمر أيضا لغة ، فلا تناقض . والبغي : التجاوز في الظلم ، وقيل : الفساد .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
لَمَّا أنبأ قوله : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } [ الأعراف : 32 ] إلى آخره ، بأنّ أهل الجاهليّة حُرِموا من الزّينة والطّيبات من الرّزق ، وأنبأ قوله تعالى قبل ذلك { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] بأنّ أهل الجاهليّة يَعْزُون ضلالهم في الدّين إلى الله ، فأنتج ذلك أنّهم ادّعوا أنّ ما حَرّموه من الزّينة والطّيبات قد حرّمه الله عليهم ، أعقب مجادلتهم ببيان ما حرّمه الله حقّاً وهم ملتبسون به وعاكفون على فعله .فالقصر المفاد من { إنَّما } قصر إضافي مُفَادُهُ أنّ الله حرّم الفَواحش وما ذُكر معها لاَ ما حرّمتموه من الزّينة والطّيّبات ، فأفاد إبطال اعتقادهم ، ثمّ هو يفيد بطريق التّعريض أنّ ما عدّه الله من المحرّمات الثّابت تحريمها قد تلبّسوا بها ، لأنّه لمّا عدّ أشياء ، وقد علم النّاس أنّ المحرّمات ليست محصورة فيها ، عَلم السّامع أنّ ما عيّنه مقصود به تعيين ما تلبّسوا به فحصل بصيغة القصر ردّ عليهم من جانبي ما في صيغة ( إنّما ) من إثبات ونفي : إذ هي بمعنى ( مَا وإلاّ ) ، فأفاد تحليل ما زعموه حراماً وتحريم ما استبَاحوه من الفواحش وما معها .والفواحش جمع فاحشة وقد تقدّم ذكر معنى الفاحشة عند قوله تعالى : { إنه كان فاحشة ومقتاً } في سورة النّساء ( 22 ) وتقدّم آنفاً عند قوله تعالى : { وإذا فعلوا فاحشة } [ الأعراف : 28 ].و { ما ظهر منها } هو ما يظهره النّاس بين قرنائهم وخاصتهم مثل البغاء والمخادنة ، وما بطن هو ما لا يظهره النّاس مثل الوأد والسّرقة ، وقد تقدّم القول في نظيره عند قوله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } في سورة الأنعام ( 151 ). وقد كانوا في الجاهليّة يستحلّون هذه الفواحش وهي مفاسد قبيحة لا يشكّ أولو الألباب ، لو سئلوا ، أنّ الله لا يرضى بها ، وقيل المراد بالفواحش : الزّنا ، وما ظهر منه وما بطن حالان من أحوال الزّناة ، وعلى هذا يتعيّن أن يكون الإتيان بصيغة الجمع لاعتبار تعدّد أفعاله وأحواله وهو بعيد .وأمّا الإثم فهو كلّ ذنب ، فهو أعمّ من الفواحش ، وتقدّم في قوله تعالى : { قل فيهما إثم كبير } في سورة البقرة ( 219 ). وقوله : { وذروا ظاهر الإثم وباطنه } في سورة الأنعام ( 120 ) ، فيكون ذكر الفواحش قبلَه للاهتمام بالتّحذير منها قبل التّحذير من عموم الذّنوب ، فهو من ذكر الخاص قبل العام للاهتمام ، كذكر الخاص بعد العام ، إلاّ أنّ الاهتمام الحاصل بالتّخصيص مع التّقديم أقوى لأنّ فيه اهتماماً من جهتين .وأمّا البغي فهو الاعتداء على حقّ الغير بسلب أموالِهم أو بأذاهم ، والكبرُ على النّاس من البغي ، فما كان بوجه حقّ فلا يسمّى بَغياً ولكنّه أذىً ، قال الله تعالى : { والّذان يأتيانها منكم فآذوهما } [ النساء : 16 ] وقد كان البغي شائعاً في الجاهليّة فكان القوي يأكل الضّعيف ، وذو البأس يغير على أنعام النّاس ويقتل أعداءه منهم ، ومن البغي أن يضربوا من يطوف بالبيت بثيابه إذا كان من غير الحُمْس ، وأن يُلزموه بأن لا يأكل غير طعام الحُمْس ، ولا يطوف إلاّ في ثيابهم .وقوله : { بغير حق } صفة كاشفة للبغي مثل العشاء الآخرة لأنّ البغي لا يكون إلاّ بغير حقّ .وعطف { البغي } على { الإثم } من عطف الخاص على العام للاهتمام به ، لأنّ البغي كان دأبهم في الجاهليّة ، قال سوار بن المضرِّب السّعدي :وأنَّي لاَ أزَالُ أخَا حُروب ... إذا لم أجْننِ كنت مِجَنَّ جانوالإشراك معروف وقد حرّمَه الله تعالى على لسان جميع الأنبياء منذ خلَق البشر .و { ما لم ينزّل به سلطانا } موصول وصلته ، و ( مَا ) مفعول { تشركوا بالله } ، والسّلطان البرهان والحجّة ، والمجرور في قوله : { به } صفة ل { سلطانا } ، والباء للمصاحبة بمعنى معه أي لم ينزّل حجّة مصاحبة له ، وهي مصاحبة الحجّة للمدّعي وهي مصاحبة مجازية ويجوز أن يكون الباء بمعنى على للاستعلاء المجازي على حدّ قوله تعالى : { من إن تأمنه بقنطار } [ آل عمران : 75 ] أي سلطاناً عليه ، أي دليلاً . وضمير ( به ) عائد إلى ( ما ) وهو الرابط للصّلة . فمعنى نفي تنزيل الحجّة على الشّركاء : نفي الحجّة الدّالة على إثبات صفة الشّركة مع الله في الإلهيّة ، فهو من تعليق الحكم بالذّات والمرادُ وصفُها ، مثلُ حرّمت عليكم الميتة أي أكلها . وهذه الصّلة مؤذنة بتخطئة المشركين ، ونفيِ معذرتهم في الإشراك ، بأنّه لا دليل يشتبه على النّاس في عدم استحقاق الأصنام العبادة ، فَعَرّف الشّركاء المزعومين تعريفاً لطريق الرسم بأنّ خاصّتهم : أنّ لا سُلطان على شركتهم لله في الإلهية ، فكلّ صنم من أصنامهم واضحة فيه هذه الخاصّة ، فإنّ الموصول وصلته من طرق التّعريف ، وليس ذلك كالوصف ، وليس للموصول وصلته مفهوم مخالفة ، ولا الموصولاتُ معدودة في صِيَغ المفاهيم ، فلا يتّجه ما أورده الفخر من أن يقول قائل : هذا يوهم أن مِن بين الشّرك ما أنزل الله به سلطاناً واحتياجِه إلى دفع هذا الإيهام ، ولا ما قفاه عليه صاحب «الانتصاف» من تنظير نفي السّلطان في هذه الآية بنحو قول امرىء القيس :على لا حببٍ لا يُهتدَى بمنارهولا يتّجه ما نحاه صاحبُ «الكشاف» من إجراء هذه الصّلة على طريقة التّهكّم .وقولُه : { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } تقدّم نظيره آنفاً عند قوله تعالى ، في هذه السّورة : { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون } [ الأعراف : 28 ].وقد جمعت هذه الآية أصول أحوال أهل الجاهليّة فيما تلبسوا به من الفواحش والآثام ، وهم يزعمون أنّهم يتورّعون عن الطّواف في الثّياب ، وعن أكل بعض الطّيّبات في الحجّ . وهذا من ناحية قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عنه الله والفتنة أكبر من القتل } [ البقرة : 217 ].
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ألوانا من المحرمات التى نهى عباده عن اقترافها فقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ . . . ) .والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء الذين ضيقوا على أنفسهم ما وسعه الله ، قل لهم : إن ما حرمه الله عليكم فى كتبه وعلى ألسنة رسله هو هذه الأنواع الخمس التى أولها ( الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) ، أى : ما كان قبيحاً من الأقوال والأفعال سواء أكان فى السر أو العلن ، وثانيها وثالثها ( الإثم والبغي بِغَيْرِ الحق ) والإثم : هو الشىء القبيح الذى فعله يعتبر معصية ، والبغى : هو الظلم والتطاول على الناس وتجاوز الحد .قال الإمام ابن كثير : " وحاصل ما فسر به الإثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه ، والبغى هو التعدى على الناس ، فحرم الله هذا وهذا " .وقيد البغى بكونه بغير الحق ، لأنه لا يكون إلا كذلك . إذ معناه فى اللغة تجاوز الحد . يقال : بغى الجرح . إذ تجاوز الحد فى فساده .وقيل قيده بذلك ليخرج البغى على الغير فى مقابلة بغيه ، فإنه يسمى بغيا فى الجملة . لكنه بحق ، وهو قول ضعيف لأن دفع البغى لا يسمى بغيا . وإنما يسمى انتصافا من الظالم ، ولذا قال القرآن : ( وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فأولئك مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ ) وقيل إن القيد هنا لإخراج الأمور التى ليس لهم فيها حقوق ، أو التى تطيب أنفسهم فيها عن بعض حقوقهم فيبذلونها عن رضى وارتياح لمنفعة أو مصلحة لهم يرجونها ببذلها .ورابع الأمور التى حرمها الله أخبر عنه القرآن بقوله : ( وَأَن تُشْرِكُواْ بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً ) .أى : وحرم عليكم أن تجعلوا لله شركاى فى عبادته بدون حجة وبرهان . وقوله : ( مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً ) بيان للواقع من شركهم ، إذ أنهم لا حجة عندهم على شركهم : لا من العقل ولا من النقل ، فالجملة الكريمة قد اشتملت على التهكم بالمشركين وتوبيخهم على كفرهم .وخامسها قوله - تعالى - : ( وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) أى : حرم عليكم أن تقولوا قولا يتعلق بالعبادات أو المحللات أو المحرمات أو غيرها بدون علم منكم بصحة ما تقولون ، وبغير بينة على صدق ما تدعون .قال صاحب المنار : " ومن تأمل هذه الآية حق التأمل ، فإنه يتجنب أن يحرم على عباد الله شيئاً ويوجب عليهم شيئا فى دينهم بغير نص صريح عن الله ورسوله ، بل يجتنب - أيضاً - أن يقول : هذا مندوب أو مكروه فى الدين بغير دليل واضح من النصوص ، وما أكثر الغافلين عن هذا المتجرئين على التشريع " .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) يعني : الطواف عراة ( ما ظهر ) طواف الرجال بالنهار ( وما بطن ) طواف النساء بالليل . وقيل : هو الزنا سرا وعلانية .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله قال قلت : أنت سمعت هذا من عبد الله؟ قال : نعم ، فرفعه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا أحد أغير من الله ، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه " .قوله - عز وجل - : ( والإثم ) يعني : الذنب والمعصية . وقال الضحاك : الذنب الذي لا حد فيه . قال الحسن : الإثم : الخمر . قال الشاعر :شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تذهب بالعقول( والبغي ) الظلم والكبر ، ( بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) حجة وبرهانا ، ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) في تحريم الحرث والأنعام ، في قول مقاتل . وقال غيره : هو عام في تحريم القول في الدين من غير يقين .