تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
بل أتقولون مجادلين في الله: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط- وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- كانوا على دين اليهود أو النصارى؟ وهذا كذب؛ فقد بُعِثوا وماتوا قبل نزول التوراة والإنجيل. قل لهم -أيها الرسول-: أأنتم أعلم بدينهم أم الله تعالى؟ وقد أخبر في القرآن بأنهم كانوا حنفاء مسلمين، ولا أحد أظلم منكم حين تخفون شهادة ثابتة عندكم من الله تعالى، وتدَّعون خلافها افتراء على الله. وما الله بغافل عن شيء من أعمالكم، بل هو مُحْصٍ لها ومجازيكم عليها.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«أم» بل «تقولون» بالتاء والياء «إنَّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل» لهم «أأنتم أعلم أم الله» أي الله أعلم وقد برأ منهما إبراهيم بقوله (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا) والمذكورون معه تبع له «ومن أظم ممن كتم» أخفى عن الناس «شهادة عنده» كائنة «من الله» أي لا أحد أظلم منه وهم اليهود كتموا شهادة الله في التوراة إبراهيم بالحنيفية «وما الله بغافل عما تعملون» تهديد لهم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملونقوله تعالى : أم تقولون بمعنى قالوا . وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص تقولون بالتاء وهي قراءة حسنة ; لأن الكلام متسق ، كأن المعنى : أتحاجوننا في الله أم تقولون إن الأنبياء كانوا على دينكم ، فهي أم المتصلة ، وهي على قراءة من قرأ بالياء منقطعة ، فيكون كلامين وتكون أم بمعنى بل . هودا خبر كان ، وخبر إن في الجملة . ويجوز في غير القرآن رفع ( هودا ) على خبر إن وتكون كان ملغاة ، ذكره النحاس .قوله تعالى : قل أأنتم أعلم أم الله تقرير وتوبيخ في ادعائهم بأنهم كانوا هودا أو نصارى . فرد الله عليهم بأنه أعلم بهم منكم ، أي لم يكونوا هودا ولا نصارى .قوله تعالى : ومن أظلم لفظه الاستفهام ، والمعنى : لا أحد أظلم . ممن كتم شهادة عنده من الله يريد علمهم بأن الأنبياء كانوا على الإسلام . وقيل : ما كتموه من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله [ ص: 138 ] قتادة ، والأول أشبه بسياق الآية . وما الله بغافل عما تعملون وعيد وإعلام بأنه لم يترك أمرهم سدى وأنه يجازيهم على أعمالهم . والغافل : الذي لا يفطن للأمور إهمالا منه ، مأخوذ من الأرض الغفل وهي التي لا علم بها ولا أثر عمارة . وناقة غفل : لا سمة بها . ورجل غفل : لم يجرب الأمور . وقال الكسائي : أرض غفل لم تمطر . غفلت عن الشيء غفلة وغفولا ، وأغفلت الشيء : تركته على ذكر منك .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
أم منقطعة بمعنى بل وهي إضراب للانتقال من غرض إلى غرض وفيها تقدير استفهام وهو استفهام للتوبيخ والإنكار وذلك لمبلغهم من الجهل بتاريخ شرائعهم زعموا أن إبراهيم وأبناءه كانوا على اليهودية أو على النصرانية كما دل عليه قوله تعالى : { قل أأنتم أعلم أم الله } ولدلالة آيات أخرى عليه مثل : { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً } [ آل عمران : 67 ] ومثل قوله : { يا أهل الكتاب لِمَ تُحَاجُّون في إبراهيم وَما أنْزِلَتْ التوراة والإنجيل إلا من بعدهِ أَفَلا تعقلون } [ آل عمران : 65 ] والأمة إذا انغمست في الجهالة وصارت عقائدها غروراً ومن دون تدبر اعتقدت ما لا ينتظم مع الدليل واجتمعت في عقائدها المتناقضات ، وقد وجد النبيء صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في الكعبة صورة إبراهيم يستقسم بالأزلام في الكعبة فتلا قوله تعالى : { ما كان إبراهيم } إلى قوله : { وما كان من المشركين } [ آل عمران : 67 ] وقال الله : وإن استقسم بها قط ، وقال تعالى في شأن أهل الكتاب : { وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون } . فرماهم بفقد التعقل .وقرأ الجمهور وأبو بكر عن عاصم ورويس عن يعقوب بياء الغائب وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم بتاء الخطاب على أن أم متصلة معادلة لقوله { أتحاجوننا في الله } [ البقرة : 139 ] فيكون قوله : { قل أأنتم أعلم أم الله } أمراً ثانياً لاحقاً لقوله : { قل أتحاجوننا } وليس هذا المحمل بمتعين لأن في اعتبار الالتفات مناصاً من ذلك .ومعنى { قل أأنتم أعلم أم الله } التقدير ، وقد أعلمنا الله أن إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً وهذا كقوله في سورة آل عمران ( 65 ) : { قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون }وقد استفيد من التقرير في قوله : { قل أأنتم أعلم أم الله } أنه أعلمهم بأمر جهلته عامتهم وكتمته خاصتهم ولذلك قال : { ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } يشير إلى خاصة الأحبار والرهبان الذين تركوا عامة أمتهم مسترسلين على عقائد الخطأ والغرور والضلالة وهم ساكتون لا يغيرون عليهم إرضاء لهم واستجلاباً لمحبتهم وذلك أمر إذا طال على الأمة تعودته وظنت جهالتها علماً فلم ينجع فيها إصلاح بعد ذلك لأنها ترى المصلحين قد أتوا بما لم يأت به الأولون فقالوا : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] .{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شهادة عِندَهُ مِنَ الله وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ } .هذا من جملة المقول المحكي بقوله : { قل ءأنتم أعلم أم الله } أمر النبيء صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ذلك تذكيراً لهم بالعهد الذي في كتبهم عسى أن يراجعوا أنفسهم ويعيدوا النظر إن كانوا مترددين أو أن يفيئوا إلى الحق إن كانوا متعمدين المكابرة .و ( من ) في قوله { من الله } ابتدائية أي شهادة عنده بلغت من جانب الله على لسان رسله . والواو عاطفة جملة { ومن أظلم ممن كتم شهادة } على جملة { ءأنتم أعلم أم الله } .وهذا الاستفهام التقريري كناية عن عدم اغترار المسلمين بقولهم : إن إبراهيم وأبناءه كانوا هوداً أو نصارى وليس هذا احتجاجاً عليهم . وقوله : { وما الله بغافل عما تعملون } بقية مقول القول وهو تهديد لأن القادر إذا لم يكن غافلاً لم يكن له مانع من العمل بمقتضى علمه وقد تقدمت نظائر هذا في مواضع .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وبعد أن أبطل القرآن الكريم محاجة أهل الكتاب في دين الله بغير حق وأنكر عليهم ذلك ، عقبه بإبطال دعواهم أن أسلافهم من الأنبياء كانوا هوداً أو نصارى فقال تعالى : ( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .وقوله تعالى : ( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ ) حرف " أم " فيه معادل للهمزة في قوله تعالى في الآية السابقة ( أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ ) على أحد الوجوه بمعنى أي الأمرين تأتون؟ المحاجة في حكمة الله أم ادعاء اليهودية والنصرانية على الأنبياء المذكورين في هذه الآية والمراد من الاستفهام عنهما إنكارهما معاً ، إنكار حجاجهم في دين الله ، وإنكار قولهم إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى .فكأنه - سبحانه - يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم : لا تجادلوننا في دين الله بغير حق ، ولا تقولوا إن الأنبياء كانوا على دينكم ، فإن مجادلتكم وأقوالكم من قبيل المزاعم الباطلة التي لا سند لها من عقل أو نقل .وقوله تعالى : ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله ) معناه قل لهم يا محمد إن زعموا أن الأنبياء المذكورين في الآية كانوا هودا أو نصارى : إن ما زعمتوه من أن إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا هودا أو نصارى هو على خلاف ما يعلمه الله ، لأنه - سبحانه - قد أخبرنا بأنهم كانوا مسلمين مبرئين عن اليهودية والنصرانية ، وأن يعقوب - عليه السلام - عندما حضرته الوفاة أوصى بنيه بأن يموتوا على الإِسلام ، وأن التوراة والانجيل ما أنزلا إلا من بعد أولئك الأنبياء جميعا ، هكذا أخبرنا الله فهل أنتم أعلم بديانتهم أم الله ولا شك أنهم لن يستطيعوا أن يقولوا نحن أعلم ، وإنما سيقولون الله أعلم ، فإذا لزمهم هذا القول : قلنا لهم إذا فدعواكم لا أساس لها من الصحة وبذلك تكون الجملة الكريمة قد قطعت حجتهم بأجمع بيان وأحكمه .وقوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله ) معناه لا أحد أشد ظلماً ممن يكتم شهادة ثبتت عنده عن الله ، تخبر بأن هؤلاء الأنبياء كانوا على الإِسلام ولم يكونوا هوداً أو نصارى .قال فضيلة أستاذنا السيد محمد الخضر حسين - رحمه الله - ما ملخصه : ولما أنزل قوله تعالى : ( الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل يَأْمُرُهُم بالمعروف وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المنكر وَيُحِلُّ لَهُمُ الطيبات وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبآئث . . . ) إلى آخر الآية الكريمة ، كان من أهل الكتاب من آمن به وأخبر بما في كتبهم من ذكره بصفته وعلاماته ، وكان منهم من لا ينكر أن يكون قد ذكر في الكتابين . ولكنه يكابر ويقول : المقصود نبي لم يأت بعد وقد تصدى لجمع هذه البشائر من كتابي التوراة والإِنجيل طائفة من أهل البحث والعلم في القديم والحديث ، وبينوا وجه انطباقها على حال النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا تأخذ الناظر الطالب للحق ريبة في أنه الرسول الذي بشرت الأنبياء بمبعثه وعموم رسالته ، ومن هذه البشائر ما جاء في سفر التثنية من التوراة ( أقيم لهم من وسط إخواتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ) .والنبي المماثل لموسى - عليه السلام - في الرسالة والشريعة المستأنفة هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإخوة بني إسرائيل هم العرب ، لأنهما يجتمعان في إبراهيم - عليه السلام - وقوله : " وأجعل كلامي في فمه ، يوافق حال النبي صلى الله عليه وسلم من الأمية وعدم تعاطي الكتابة " .ثم ختمت الآية بالوعيد الشديد لهم على مزاعمهم الباطلة ، فقال تعالى : ( وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .الغفلة : السهو والنسيان ، والمراد أنه - سبحانه - محيط بأعمال هؤلاء الذين كتموا الحق ، لا تخفى عليه منها خافية وسيحاسبهم عليها حسابا عسيراً ، ويعاقبهم على مزاعمهم الباطلة عقاباً أليماً ، فالجملة الكريمة تهديد ووعيد لأهل الكتاب .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : {أم تقولون} يعني: أتقولون، صيفة استفهام ومعناه التوبيخ.وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص بالتاء لقوله تعالى: {قل أتحاجوننا في الله} وقال بعده {قل أأنتم أعلم أم الله} وقرأ الآخرون بالياء يعني يقول اليهود والنصارى.{إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل} يا محمد.{أأنتم أعلم} بدينهم.{أم الله} وقد أخبر الله تعالى أن إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً.{ومن أظلم ممن كتم} أخفى.{شهادة عنده من الله} وهي علمهم بأن إبراهيم وبنيه كانوا مسلمين وأن محمداً صلى الله عليه وسلم حق ورسول أشهدهم الله عليه في كتبهم.{وما الله بغافل عما تعملون}.