تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
يسألك أصحابك -أيها النبي- أي شيء ينفقون من أصناف أموالهم تقربًا إلى الله تعالى، وعلى مَن ينفقون؟ قل لهم: أنفقوا أيَّ خير يتيسر لكم من أصناف المال الحلال الطيب، واجعلوا نفقتكم للوالدين، والأقربين من أهلكم وذوي أرحامكم، واليتامى، والفقراء، والمسافر المحتاج الذي بَعُدَ عن أهله وماله. وما تفعلوا من خير فإن الله تعالى به عليم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«يسألونك» يا محمد «ماذا ينفقون» أي الذي ينفقونه والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخاً ذا مال فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما ينفق وعلى من ينفق «قل» لهم «ما أنفقتم من خير» بيان لما شامل للقليل والكثير وفيه بيان المنفق الذي هو أحد شقي السؤال وأجاب عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله: «فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل» أي هم أولى به «وما تفعلوا من خير» إنفاق أو غيره «فإن الله به عليم» فمجاز عليه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليمفيه أربع مسائل :الأولى قوله تعالى : " يسألونك " إن خففت الهمزة ألقيت حركتها على السين ففتحتها وحذفت الهمزة فقلت : يسلونك . ونزلت الآية في عمرو بن الجموح ، وكان شيخا كبيرا فقال : يا رسول الله ، إن مالي كثير ، فبماذا أتصدق ، وعلى من أنفق ؟ فنزلت يسألونك ماذا ينفقون .الثانية : قوله تعالى : ماذا ينفقون " ما " في موضع رفع بالابتداء ، و " ذا " الخبر ، وهو بمعنى الذي ، وحذفت الهاء لطول الاسم ، أي ما الذي ينفقونه ، وإن شئت كانت " ما " في موضع نصب ب " ينفقون " و " ذا " مع " ما " بمنزلة شيء واحد ولا يحتاج إلى ضمير ، ومتى كانت اسما مركبا فهي في موضع نصب ، إلا ما جاء في قول الشاعر ( عمر بن أبي ربيعة ) :وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا سوى أن يقولوا إنني لك عاشق[ ص: 36 ] فإن " عسى " لا تعمل فيه ، ف " ماذا " في موضع رفع وهو مركب ، إذ لا صلة ل " ذا " .الثالثة : قيل : إن السائلين هم المؤمنون ، والمعنى يسألونك ما هي الوجوه التي ينفقون فيها ، وأين يضعون ما لزم إنفاقه . قال السدي : نزلت هذه الآية قبل فرض الزكاة ثم نسختها الزكاة المفروضة . قال ابن عطية : ووهم المهدوي على السدي في هذا ، فنسب إليه أنه قال : إن الآية في الزكاة المفروضة ثم نسخ منها الوالدان . وقال ابن جريج وغيره : هي ندب ، والزكاة غير هذا الإنفاق ، فعلى هذا لا نسخ فيها ، وهي مبينة لمصارف صدقة التطوع ، فواجب على الرجل الغني أن ينفق على أبويه المحتاجين ما يصلحهما في قدر حالهما من حاله ، من طعام وكسوة وغير ذلك . قال مالك : ليس عليه أن يزوج أباه ، وعليه أن ينفق على امرأة أبيه ، كانت أمه أو أجنبية ، وإنما قال مالك : ليس عليه أن يزوج أباه لأنه رآه يستغني عن التزويج غالبا ، ولو احتاج حاجة ماسة لوجب أن يزوجه ، ولولا ذلك لم يوجب عليه أن ينفق عليهما . فأما ما يتعلق بالعبادات من الأموال فليس عليه أن يعطيه ما يحج به أو يغزو ، وعليه أن يخرج عنه صدقة الفطر ؛ لأنها مستحقة بالنفقة والإسلام .الرابعة : قوله تعالى : قل ما أنفقتم " ما " في موضع نصب ب " أنفقتم " وكذا " وما تنفقوا " وهو شرط والجواب " فللوالدين " ، وكذا " وما تفعلوا من خير " شرط ، وجوابه " فإن الله به عليم " وقد مضى القول في اليتيم والمسكين وابن السبيل . ونظير هذه الآية قوله تعالى فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل وقرأ علي بن أبي طالب " يفعلوا " بالياء على ذكر الغائب ، وظاهر الآية الخبر ، وهي تتضمن الوعد بالمجازاة .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
استئناف ابتدائي لابتداء جواب عن سؤال سأله بعض المسلمين النبي صلى الله عليه وسلم روى الواحدي عن ابن عباس أن السائل عَمْرو بن الجَمُوح الأنصاري ، وكان ذا مال فقال يا رسول الله : بماذا يُتصدق وعلى مَن يُنْفَق؟ وقال ابن عطية : السائلون هم المؤمنون يعني أنه تكرر السؤال عن تفصيل الإنفاق الذي أمروا به غير مرة على الإجمال ، فطلبوا بيان من ينفق عليهم وموقع هذه الآية في هذا الموضع إما لأن نزولها وقع عقب نزول التي قبلها وإما لأمر بوضعها في هذا الموضع جمعاً لطائفة من الأحكام المفتتحة بجملة { يسألونك } وهي ستة أحكام .ثم قد قيل إنها نزلت بعد فرض الزكاة ، فالسؤال حينئذ عن الإنفاق المتطوع به وهي محكمة وقيل نزلت قبل فرض الزكاة فتكون بياناً لمصارف الزكاة ثم نسخت بآية { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية في [ سورة براءة : 60 ] ، فهو بتخصيص لإخراج الوالدين والأقربين واليتامى ، وإن كانوا من غير الأصناف الثمانية المذكورة في آية براءة .وماذا } استفهام عن المنفق ( بفتح الفاء ) ومعنى الاستفهام عن المنفق السؤال عن أحواله التي يقع بها موقع القبول عند الله ، فإن الإنفاق حقيقة معروفة في البشر وقد عرفها السائلون في الجاهلية . فكانوا في الجاهلية ينفقون على الأهل وعلى الندامى وينفقون في الميسر ، يقولون فلان يتمم أيساره أي يدفع عن أيساره أقساطهم من مال المقامرة ويتفاخرون بإتلاف المال . فسألوا في الإسلام عن المعتدِّ به من ذلك دون غيره ، فلذلك طابق الجوابُ السؤال إذ أجيب : { قُل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين } ، فجاء ببيان مصارف الإنفاق الحق وعرف هذا الجنس بمعرفة أفراده ، فليس في هذا الجواب ارتكاب الأسلوب الحكيم كما قيل ، إذ لا يعقل أن يسألوا عن المال المنفق بمعنى السؤال عن النوع الذي ينفق من ذهب أم من ورق أم من طعام ، لأن هذا لا تتعلق بالسؤال عنه أغراض العقلاء ، إذ هم يعلمون أن المقصد من الإنفاق إيصال النفع للمنفق عليه ، فيتعين أن السؤال عن كيفيات الإنفاق ومواقعه ، ولا يريبكم في هذا أن السؤال هنا وقع بما وهي يسأل بها عن الجنس لا عن العوارض ، فإن ذلك اصطلاح منطقي لتقريب ما ترجموه من تقسيمات مبنية على اللغة اليونانية وأخذ به السكاكي ، لأنه يحفل باصطلاح أهل المنطق وذلك لا يشهد له الاستعمال العربي .والخير : المال كما تقدم في قوله تعالى : { إن ترك خيراً } [ البقرة : 180 ] آية الوصية .و { ما أنفقتم } شرط ، ففعل { أنفقتم } مراد به الاستقبال كما هو مقتضى الشرط ، وعبر بالماضي لإظهار الرغبة في حصول الشرط فينزل كالحاصل المتقرر .واللام في { للوالدين } للمِلْك ، بمعنى الاستحقاق أي فالحقيق به الوالدين أي إن تنفقوا فأنفقوا للوالدين أو أعطوا للوالدين ، وقد تقدم بيانهم في قوله تعالى :{ وآتى المال على حبه ذوي القربى } [ البقرة : 177 ] الآية .والآية دالة على الأمر بالإنفاق على هؤلاء والترغيب فيه ، وهي في النفقة التي ليست من حق المال أعني الزكاة ولا هي من حق الذات من حيث إنها ذات كالزوجة ، بل هذه النفقة التي هي من حق المسلمين بعضهم على بعض لكفاية الحاجة وللتوسعة وأولى المسلمين بأن يقوم بها أشدهم قرابة بالمعوزين منهم ، فمنها واجبة كنفقة الأبوين الفقيرين والأولاد الصغار الذين لا مال لهم إلى أن يقدروا على التكسب أو ينتقل حق الإنفاق إلى غير الأبوين ، وذلك كله بحسب عادة أمثالهم ، وفي تحديد القربى الموجبة للإنفاق خلاف بين الفقهاء . فليست هاته الآية بمنسوخة بآية الزكاة ، إذ لا تعارض بينهما حتى نحتاج للنسخ وليس في لفظ هاته الآية ما يدل على الوجوب حتى يظن أنها نزلت في صدقة واجبة قبل فرض الزكاة .وابن السبيل هو الغريب عن الحي المار في سفره ، ينفق عليه ما يحتاج إليه .وقوله : { وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم } تذييل والمقصود من قوله : { فإن الله به عليم } الكناية عن الجزاء عليه ، لأن العليم القدير إذا امتثل أحد لأمره لا يحول بينه وبين جزائه عليه حائل . وشمل عمومُ { وما تفعلوا من خير } الأفعالَ الواجبة والمتطوع بها فيعم النفقات وغيرها .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم أرشد الله - تعالى - المؤمنين بعد ذلك لى أن مما يعينهم على دفع الأذى وعلى دحر أعدائهم أن يبذلوا أموالهم في طاعة الله ، وأن يعدوا أنفسهم للقتال في سبيله فقال - تعالى - :( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ . . . )قال الآلوسي : عن ابن جريج قالِ : سأل المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يضعون أموالهم فأنزل الله - تعالى - قوله : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ) الآية . وعن ابن عباس قال : كان عمرو بن الجموع شيخاً كبيراً وعنده مال كثير فقال يا رسول الله : بماذا نتصدق ، وعلى من ننفق؟ فنزلت الآية .والمعنى : يسألك أصحابك يا محمدأي شيء ينفقونه من أصناف الأموال؟ قل لهم : ما أنفقتم من أموالكم فاجعلوه للوالدين قبل غيرهما ليكون أداء لحق تربيتهما ووفاء لبعض حقوقهما ، وللأقربين وفاء لحق القرابة والرحم ولليتامى لأنهم فقدوا الأب الحاني الذي يسد عوزهم ، المساكين لفقرهم واحتياجهم ، وابن السبيل لأنه كالفقير لغيبة ماله وانقطاعه عن بلده .قال الإِمام الرازي : فهذا هو الترتيب الصحيح الذي رتبه الله - تعالى - في كيفية الإِنفاق ثم لما فصل هذا النفصيل الحسن الكامل أردفه بعد ذلك بالإِجمال فقال : ( وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ ) أي : وكل ما فعلمتوه من خير إما مع هؤلاء المذكورين وإما مع غيرهم حسبة لله وطلبا لجزيل ثوابه وهربا من أليم عقابه فإن الله به عليم فيجازيكم أحسن الجزاء عليه . . . " .وظاهر الآية - كما يقول الآلوسي - أن السؤال عن المنفق فأجاب بيان المصرف صريحاً ، لأنه أهم لأن اعتداد النفقة باعتباره . وأشار - سبحانه - إجمالا إلى بيان المنفق فإن قوله ( مِنْ خَيْرٍ ) يتضمن كونه حلالا إذ لا يسمى ما عداه خيرا ، وإنما تعرض لذلك - أي لبيان المنفق عليه - وليس في السؤال ما يقتضيه ، لأن السؤال للتعلم لا للجدل ، وحق المعلم فيه أن يكون كطيب رفيق يتحرى ما فيه الشفاء ، طلبه المريض أم لم يطلبه . ولما كانت حاجتهم إلى من ينفق عليه كحاجتهم إلى ما ينفق بين الأمرين ، ( وهذا كمن به صفراء فاستأذن طبيباً ، في أكل العسل فقال له : كله مع الخل ) . فالكلام إذا من أسلوب الحكيم . ويحتمل أن يكون في الكلام - أي في كلام السائلين - ذكر المصرف - أيضاً - كما في سؤال عمرو بن الجموع إلا أنه لم يذكره في الآية للإِيجاز في النظم تعويلا على الجواب ، فتكون الآية جوابا لأمرين مسئول عنهما . والاقتصار في بيان المنفق على الإِجمال من غير تعرض للتفصيل كما في بيان المصرف للإِشارة إلى كون الثاني أهم . وهل تخرج الآية بذلك عن كونها من أسلوب الحكيم أولا؟ قولان أشهرهما الثاني " .ولم يتعرض - سبحانه - هنا لبقية المحتاجين كالسائلين والغارمين إما اكتفاء بذكرهم في مواضع أخرى ، وإما بناء على دخولهم تحت عموم قوله - قوله - تعالى - : في آخر الآية ( وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ ) فإنه شامل ككل خير واقع في أي مصرف كان .قال الجمل و " ذا " اسم موصول بمعنى الذي والعئاد محذوف ، و " ما " على أصلها من الاستفهام ولذلك لم يعمل فيها يسألونك ، وهي مبتدأ وذا خبره ، والجملة محلها النصب بيسألون . والمعنى يسألونك أي الشيء الذي ينفقونه .وقوله : ( وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ ) تذييل قصد به الحض على فعل الخير ، لأن المؤمن عندما يشعر بأن الله يرى عمله ويجازيه عليه بما يستحقه ، يشجعه ذلك على الاستمرار في عمل الخير . وإذا كان بعضنا يكثر من عمل الخير عندما يعلم أن شخصا ذا جاه يسره هذا العمل ، فكيف يكون الحال عندما يعلم المؤمن التقي أن الذي يرى عمله ويكافئه عليه هو الله الذي لا يخفى عليه خافية ، والذي يعطي من يشاء بغير حساب .قال بعض العلماء : وقد اختلف في هذه الآية . فقيل إنها منسوخة بآية الزكاة وهي قوله - تعالى - : ( إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ . . ) وقيل - وهو الأولى - إنها غير منسوخة ، وهي لبيان صدقة التطوع فإنه متى أمكن الجمع فلا نسخ .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : ( يسألونك ماذا ينفقون ) نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخا كبيرا ذا مال فقال : يا رسول الله بماذا نتصدق وعلى من ننفق؟ فأنزل الله تعالى ( يسألونك ماذا ينفقون ) وفي قوله ) ( ماذا ) وجهان من الإعراب أحدهما أن يكون محله نصبا بقوله ) ( ينفقون ) تقديره : أي شيء ينفقون؟ والآخر أن يكون رفعا بما ومعناه : ما الذي ينفقون؟ ( قل ما أنفقتم من خير ) أي من مال ( فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ) يجازيكم به قال أهل التفسير : كان هذا قبل فرض الزكاة فنسخت بالزكاة .