تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
لا إثم عليكم -أيها الأزواج- إن طلقتم النساء بعد العقد عليهن، وقبل أن تجامعوهن، أو تحددوا مهرًا لهن، ومتِّعوهن بشيء ينتفعن به جبرًا لهن، ودفعًا لوحشة الطلاق، وإزالة للأحقاد. وهذه المتعة تجب بحسب حال الرجل المطلِّق: على الغني قَدْر سَعَة رزقه، وعلى الفقير قَدْر ما يملكه، متاعًا على الوجه المعروف شرعًا، وهو حق ثابت على الذين يحسنون إلى المطلقات وإلى أنفسهم بطاعة الله.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«لا جُناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن» وفي قراءة «تُماسُّوهُنَّ» أي تجامعوهن «أو» لم «تفرضوا لهن فريضة» مهرا وما مصدرية ظرفية أي لا تبعة عليكم في الطلاق زمن عدم المسيس والفرض بإثم ولا مهر فطلقوهن «ومتعوهن» أعطوهن ما يتمنعن به «على الموسع» الغني منكم «قدره وعلى المقتر» الضيِّق الرزق «قدره» يفيد أنه لا نظر إلى قدر الزوجة «متاعا» تمتيعا «بالمعروف» شرعا صفة متاعا «حقا» صفة ثانية أو مصدر مؤكد «على المحسنين» المطيعين.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنينفيه إحدى عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء هذا أيضا من أحكام المطلقات ، وهو ابتداء إخبار برفع الحرج عن المطلق قبل البناء والجماع ، فرض مهرا أو لم يفرض ، ولما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة ، وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن . وقال قوم : لا جناح عليكم معناه لا طلب لجميع المهر بل عليكم نصف المفروض لمن فرض لها ، والمتعة لمن لم يفرض لها . وقيل : لما كان أمر المهر مؤكدا في الشرع فقد يتوهم أنه لا بد من مهر إما مسمى وإما مهر المثل ، فرفع الحرج عن المطلق في وقت التطليق وإن لم يكن في النكاح مهر . وقال قوم : لا جناح عليكم معناه في أن ترسلوا الطلاق في وقت الحيض ، بخلاف المدخول بها إذ غير المدخول بها لا عدة عليها .[ ص: 180 ] الثانية : المطلقات أربع : مطلقة مدخول بها مفروض لها وقد ذكر الله حكمها قبل هذه الآية وأنه لا يسترد منها شيء من المهر ، وأن عدتها ثلاثة قروء . ومطلقة غير مفروض لها ولا مدخول بها فهذه الآية في شأنها ولا مهر لها بل أمر الرب تعالى بإمتاعها وبين في سورة ( الأحزاب ) أن غير المدخول بها إذا طلقت فلا عدة عليها ، وسيأتي . ومطلقة مفروض لها غير مدخول بها ذكرها بعد هذه الآية إذ قال : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة ، ومطلقة مدخول بها غير مفروض لها ذكرها الله في قوله : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ، فذكر تعالى هذه الآية والتي بعدها مطلقة قبل المسيس وقبل الفرض ، ومطلقة قبل المسيس وبعد الفرض ، فجعل للأولى المتعة ، وجعل للثانية نصف الصداق لما لحق الزوجة من دحض العقد ، ووصم الحل الحاصل للزوج بالعقد ، وقابل المسيس بالمهر الواجب .الثالثة : لما قسم الله تعالى حال المطلقة هنا قسمين : مطلقة مسمى لها المهر ، ومطلقة لم يسم لها دل على أن نكاح التفويض جائز وهو كل نكاح عقد من غير ذكر الصداق ولا خلاف فيه ، ويفرض بعد ذلك الصداق فإن فرض التحق بالعقد وجاز وإن لم يفرض لها وكان الطلاق لم يجب صداق إجماعا قاله القاضي أبو بكر بن العربي . وحكى المهدوي عن حماد بن أبي سليمان أنه إذا طلقها ولم يدخل بها ولم يكن فرض لها أجبر على نصف صداق مثلها . وإن فرض بعد عقد النكاح وقبل وقوع الطلاق فقال أبو حنيفة : لا يتنصف بالطلاق لأنه لم يجب بالعقد وهذا خلاف الظاهر من قوله تعالى : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة ، وخلاف القياس أيضا ، فإن الفرض بعد العقد يلحق بالعقد فوجب أن يتنصف بالطلاق ، أصله الفرض المقترن بالعقد .الرابعة : إن وقع الموت قبل الفرض فذكر الترمذي عن ابن مسعود ( أنه سئل عن رجل تزوج امرأة لم يفرض لها ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل الذي قضيت ففرح بها ابن مسعود ) . قال [ ص: 181 ] الترمذي : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح ، وقد روي عنه من غير وجه ، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق ، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر : ( إذا تزوج الرجل امرأة ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا حتى مات قالوا : لها الميراث ولا صداق لها وعليها العدة ) وهو قول الشافعي . وقال : ولو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . ويروى عن الشافعي أنه رجع بمصر بعد عن هذا القول ، وقال بحديث بروع بنت واشق .قلت : اختلف في تثبيت حديث بروع ، فقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب في شرح رسالة ابن أبي زيد : وأما حديث بروع بنت واشق فقد رده حفاظ الحديث وأئمة أهل العلم . وقال الواقدي : وقع هذا الحديث بالمدينة فلم يقبله أحد من العلماء وصححه الترمذي كما ذكرنا عنه وابن المنذر . قال ابن المنذر : وقد ثبت مثل قول عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نقول . وذكر أنه قول أبي ثور وأصحاب الرأي . وذكر عن الزهري والأوزاعي ومالك والشافعي مثل قول علي وزيد وابن عباس وابن عمر . وفي المسألة قول ثالث وهو أنه لا يكون ميراث حتى يكون مهر ، قاله مسروق .قلت : ومن الحجة لما ذهب إليه مالك أنه فراق في نكاح قبل الفرض فلم يجب فيه صداق ، أصله الطلاق لكن إذا صح الحديث فالقياس في مقابلته فاسد . وقد حكى أبو محمد عبد الحميد عن المذهب ما يوافق الحديث والحمد لله . وقال أبو عمر : حديث بروع رواه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود الحديث . وفيه : فقام معقل بن سنان . وقال فيه ابن مهدي عن الثوري عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله فقال معقل بن يسار ، والصواب عندي قول من قال : معقل بن سنان لا معقل بن يسار لأن معقل بن يسار رجل من مزينة ، وهذا الحديث إنما جاء في امرأة من أشجع لا من مزينة وكذلك رواه داود عن الشعبي عن علقمة ، وفيه : فقال ناس من أشجع ومعقل بن سنان قتل يوم الحرة وفي يوم الحرة يقول الشاعر :ألا تلكم الأنصار تبكي سراتها وأشجع تبكي معقل بن سنانالخامسة : قوله تعالى : ما لم تمسوهن " ما " بمعنى الذي أي إن طلقتم النساء اللاتي لم تمسوهن . و تمسوهن قرئ بفتح التاء من الثلاثي ، وهي قراءة نافع وابن كثير [ ص: 182 ] وأبي عمرو وعاصم وابن عامر . وقرأ حمزة والكسائي " تماسوهن " من المفاعلة ؛ لأن الوطء تم بهما ، وقد يرد في باب المفاعلة فاعل بمعنى فعل ، نحو طارقت النعل ، وعاقبت اللص . والقراءة الأولى تقتضي معنى المفاعلة في هذا الباب بالمعنى المفهوم من المس ، ورجحها أبو علي ؛ لأن أفعال هذا المعنى جاءت ثلاثية على هذا الوزن ، جاء : نكح وسفد وقرع ودفط وضرب الفحل ، والقراءتان حسنتان . و " أو " في أو تفرضوا قيل هو بمعنى الواو ، أي ما لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن ، كقوله تعالى : وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون ؛ أي وهم قائلون . وقوله : وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ؛ أي ويزيدون . وقوله : ولا تطع منهم آثما أو كفورا ؛ أي وكفورا . وقوله : وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط ؛ معناه وجاء أحد منكم من الغائط وأنتم مرضى أو مسافرون . وقوله : إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ، وما كان مثله . ويعتضد هذا بأنه تعالى عطف عليها بعد ذلك المفروض لها فقال : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة . فلو كان الأول لبيان طلاق المفروض لها قبل المسيس لما كرره .السادسة : قوله تعالى : ( ومتعوهن ) معناه أعطوهن شيئا يكون متاعا لهن . وحمله ابن عمرو وعلي بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير وأبو قلابة والزهري وقتادة والضحاك بن مزاحم على الوجوب . وحمله أبو عبيد ومالك بن أنس وأصحابه والقاضي شريح وغيرهم على الندب . تمسك أهل القول الأول بمقتضى الأمر . وتمسك أهل القول الثاني بقوله تعالى : حقا على المحسنين و على المتقين ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين . والقول الأول أولى ؛ لأن عمومات الأمر بالإمتاع في قوله ( ومتعوهن ) وإضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله : وللمطلقات متاع أظهر في الوجوب منه في الندب . وقوله : على المتقين تأكيد لإيجابها ؛ لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه ، وقد قال تعالى في القرآن : هدى للمتقين .السابعة : واختلفوا في الضمير المتصل بقوله ( ومتعوهن ) من المراد به من النساء ؟ فقال ابن عباس وابن عمر وجابر بن زيد والحسن والشافعي وأحمد وعطاء وإسحاق وأصحاب الرأي : المتعة واجبة للمطلقة قبل البناء والفرض ، ومندوبة في حق غيرها . وقال مالك [ ص: 183 ] وأصحابه : المتعة مندوب إليها في كل مطلقة وإن دخل بها ، إلا في التي لم يدخل بها وقد فرض لها فحسبها ما فرض لها ولا متعة لها . وقال أبو ثور : لها المتعة ولكل مطلقة . وأجمع أهل العلم على أن التي لم يفرض لها ولم يدخل بها لا شيء لها غير المتعة . قال الزهري : يقضي لها بها القاضي . وقال جمهور الناس : لا يقضي بها لها .قلت : هذا الإجماع إنما هو في الحرة ، فأما الأمة إذا طلقت قبل الفرض والمسيس فالجمهور على أن لها المتعة . وقال الأوزاعي والثوري : لا متعة لها لأنها تكون لسيدها وهو لا يستحق مالا في مقابلة تأذي مملوكته بالطلاق . وأما ربط مذهب مالك فقال ابن شعبان : المتعة بإزاء غم الطلاق ، ولذلك ليس للمختلعة والمبارئة والملاعنة متعة قبل البناء ولا بعده ؛ لأنها هي التي اختارت الطلاق . وقال الترمذي وعطاء والنخعي : للمختلعة متعة . وقال أصحاب الرأي : للملاعنة متعة . قال ابن القاسم : ولا متعة في نكاح مفسوخ . قال ابن المواز : ولا فيما يدخله الفسخ بعد صحة العقد ، مثل ملك أحد الزوجين صاحبه . قال ابن القاسم : وأصل ذلك قوله تعالى : وللمطلقات متاع بالمعروف فكان هذا الحكم مختصا بالطلاق دون الفسخ . وروى ابن وهب عن مالك أن المخيرة لها المتعة بخلاف الأمة تعتق تحت العبد فتختار هي نفسها ، فهذه لا متعة لها . وأما الحرة تخير أو تملك أو يتزوج عليها أمة فتختار هي نفسها في ذلك كله فلها المتعة ؛ لأن الزوج سبب للفراق .الثامنة : قال مالك : ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها . وقد اختلف الناس في هذا ، فقال ابن عمر : أدنى ما يجزئ في المتعة ثلاثون درهما أو شبهها . وقال ابن عباس : أرفع المتعة خادم ثم كسوة ثم نفقة . عطاء : أوسطها الدرع والخمار والملحفة . أبو حنيفة : ذلك أدناها . وقال ابن محيريز : على صاحب الديوان ثلاثة دنانير ، وعلى العبد المتعة . وقال الحسن : يمتع كل بقدره ، هذا بخادم وهذا بأثواب وهذا بثوب وهذا بنفقة ، وكذلك يقول مالك بن أنس ، وهو مقتضى القرآن فإن الله سبحانه لم يقدرها ولا حددها وإنما قال : على الموسع قدره وعلى المقتر قدره . ومتع الحسن بن علي بعشرين ألفا وزقاق من عسل . ومتع شريح بخمسمائة درهم . وقد قيل : إن حالة المرأة معتبرة أيضا ، قاله بعض الشافعية ، قالوا : لو اعتبرنا حال الرجل وحده لزم منه أنه لو تزوج امرأتين إحداهما شريفة والأخرى دنية ثم طلقهما قبل المسيس ولم يسم لهما أن يكونا متساويتين في المتعة فيجب للدنية ما يجب للشريفة وهذا خلاف ما قال الله تعالى : متاعا بالمعروف ويلزم منه أن الموسر العظيم اليسار إذا تزوج امرأة دنية أن يكون مثلها ؛ لأنه إذا طلقها قبل الدخول والفرض لزمته المتعة [ ص: 184 ] على قدر حاله ومهر مثلها ، فتكون المتعة على هذا أضعاف مهر مثلها ، فتكون قد استحقت قبل الدخول أضعاف ما تستحقه بعد الدخول من مهر المثل الذي فيه غاية الابتذال وهو الوطء . وقال أصحاب الرأي وغيرهم : متعة التي تطلق قبل الدخول والفرض نصف مهر مثلها لا غير ؛ لأن مهر المثل مستحق بالعقد ، والمتعة هي بعض مهر المثل ، فيجب لها كما يجب نصف المسمى إذا طلق قبل الدخول ، وهذا يرده قوله تعالى : على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وهذا دليل على رفض التحديد ، والله بحقائق الأمور عليم . وقد ذكر الثعلبي حديثا قال : نزلت لا جناح عليكم إن طلقتم النساء الآية ، في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ولم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فنزلت الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : متعها ولو بقلنسوتك . وروى الدارقطني عن سويد بن غفلة قال : كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي بن أبي طالب فلما أصيب علي وبويع الحسن بالخلافة قالت : لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين ، فقال : يقتل علي وتظهرين الشماتة ، اذهبي فأنت طالق ثلاثا . قال : فتلفعت بساجها وقعدت حتى انقضت عدتها فبعث إليها بعشرة آلاف متعة ، وبقية ما بقي لها من صداقها . فقالت :متاع قليل من حبيب مفارقفلما بلغه قولها بكى وقال : لولا أني سمعت جدي - أو حدثني أبي أنه سمع جدي - يقول : أيما رجل طلق امرأته ثلاثا مبهمة أو ثلاثا عند الأقراء لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لراجعتها . وفي رواية : أخبره الرسول فبكى وقال : لولا أني أبنت الطلاق لها لراجعتها ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند كل طهر تطليقة أو عند رأس كل شهر تطليقة أو طلقها ثلاثا جميعا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره .التاسعة : من جهل المتعة حتى مضت أعوام فليدفع ذلك إليها وإن تزوجت ، وإلى ورثتها إن ماتت ، رواه ابن المواز عن ابن القاسم . وقال أصبغ : لا شيء عليه إن ماتت لأنها [ ص: 185 ] تسلية للزوجة عن الطلاق وقد فات ذلك . ووجه الأول أنه حق ثبت عليه وينتقل عنها إلى ورثتها كسائر الحقوق ، وهذا يشعر بوجوبها في المذهب ، والله أعلم .العاشرة : قوله تعالى : على الموسع قدره وعلى المقتر قدره دليل على وجوب المتعة وقرأ الجمهور ( الموسع ) بسكون الواو وكسر السين ، وهو الذي اتسعت حاله ، يقال : فلان ينفق على قدره ، أي على وسعه . وقرأ أبو حيوة بفتح الواو وشد السين وفتحها . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر " قدره " بسكون الدال في الموضعين . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص بفتح الدال فيهما . قال أبو الحسن الأخفش وغيره : هما بمعنى ، لغتان فصيحتان ، وكذلك حكى أبو زيد ، يقول : خذ قدر كذا وقدر كذا ، بمعنى . ويقرأ في كتاب الله : فسالت أودية بقدرها ، وقدرها ، وقال تعالى : وما قدروا الله حق قدره ولو حركت الدال لكان جائزا . و " المقتر " المقل القليل المال . و ( متاعا ) نصب على المصدر ، أي متعوهن متاعا بالمعروف أي بما عرف في الشرع من الاقتصاد .الحادية عشرة : قوله تعالى : حقا على المحسنين أي يحق ذلك عليهم حقا ، يقال : حققت عليه القضاء وأحققت ، أي أوجبت ، وفي هذا دليل على وجوب المتعة مع الأمر بها ، فقوله : ( حقا ) تأكيد للوجوب . ومعنى على المحسنين و على المتقين أي على المؤمنين ، إذ ليس لأحد أن يقول : لست بمحسن ولا متق ، والناس مأمورون بأن يكونوا جميعا محسنين متقين ، فيحسنون بأداء فرائض الله ويجتنبون معاصيه حتى لا يدخلوا النار ، فواجب على الخلق أجمعين أن يكونوا محسنين متقين . و ( حقا ) صفة لقوله متاعا أو نصب على المصدر ، وذلك أدخل في التأكيد للأمر ، والله أعلم .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
استئناف تشريع لبيان حكم ما يترتب على الطلاق من دفع المهر ، كله أو بعضه ، وسقوطه وحكم المتعة مع إفادة إباحة الطلاق قبل المسيس . فالجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً ، ومناسبة موقعها لا تخفى ، فإنه لما جرى الكلام في الآيات السابقة على الطلاق الذي تجب فيه العدة ، وهو طلاق المدخول بهن ، عرج هنا على الطلاق الواقع قبل الدخول ، وهو الذي في قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن الآية ، في سورة الأحزاب ( 49 ) ، وذكر مع ذلك هنا تنصيف المهر والعفو عنه .وحقيقة الجناح الإثم كما تقدم في قوله : { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } [ البقرة : 158 ] . ولا يعرف إطلاق الجناح على غير معنى الإثم ، ولذلك حمله جمهور المفسرين هنا على نفي الإثم في الطلاق ، ووقع في «الكشاف» تفسير الجناح بالتبعة فقال : { لا جناح عليكم لا تبعة عليكم من إيجاب المهر } ثم قال : والدليل على أن الجناح تبعة المهر ، قوله : { وإن طلقتموهن } إلى قوله : { فنصف ما فرضتم } فقوله : { فنصف ما فرضتم } إثبات للجناح المنفي ثمة» وقال ابن عطية وقال قوم : لا جناح عليكم معناه لا طلب بجميع المهر فعلمنا أن صاحب «الكشاف» مسبوق بهذا التأويل ، وهو لم يذكر في «الأساس» هذا المعنى للجناح حقيقة ولا مجازاً ، فإنما تأوله من تأوله تفسيراً لمعنى الكلام كله لا لكلمة { جناح } وفيه بعد ، ومحمله على أن الجناح كناية بعيدة عن التبعة بدفع المهر . والوجه ما حمل عليه الجمهور لفظ الجناح ، وهو معناه المتعارف ، وفي «تفسير ابن عطية» عن مكي بن أبي طالب «لا جناح عليكم في الطلاق قبل البناء؛ لأنه قد يقع الجناح على المطلق بعد أن كان قاصداً للذوق ، وذلك مأمون قبل المسيس» وقريب منه في الطيبي عن الراغب أي في «تفسيره» .فالمقصود من الآية تفصيل أحوال دفع المهر أو بعضه أو سقوطه ، وكأن قوله : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن } إلى آخره تمهيد لذلك وإدماج لإباحة الطلاق قبل المسيس لأنه بعيد عن قصد التذوق ، وأبعد من الطلاق بعد المسيس عن إثارة البغضاء بين الرجل والمرأة ، فكان أولى أنواع الطلاق بحكم الإباحة الطلاق قبل البناء .قال ابن عطية وغيره : إنه لكثرة ما حض الرسول عليه الصلاة والسلام المؤمنين على أن يقصدوا من التزوج دوام المعاشرة ، وكان ينهى عن فعل الذواقين الذين يكثرون تزوج النساء وتبديلهن ، ويكثر النهي عن الطلاق حتى قد يظن محرماً ، فأبانت الآية إباحته بنفي الجناح بمعنى الوزر .والنساء : الأزواج ، والتعريف فيه تعريف الجنس ، فهو في سياق النفي للعموم ، أي لا جناح في تطليقكم الأزواج ، و ( ما ) ظرفية مصدرية ، والمسيس هنا كناية عن قربان المرأة .و ( أو ) في قوله : { أو تفرضوا لهن فريضة } عاطفة على { تمسوهن } المنفي ، و ( أو ) إذا وقعت في سياق النفي تفيد مفاد واو العطف فتدل على انتفاء المعطوف والمعطوق عليه معاً ، ولا تفيد المفاد الذي تفيده في الإثبات ، وهو كون الحكم لأحد المتعاطفين ، نبه على ذلك الشيخ ابن الحاجب في «أماليه» وصرح به التفتازاني في «شرح الكشاف» ، وقال الطيبي : إنه يؤخذ من كلام الراغب ، وهو التحقيق؛ لأن مفاد «أو» في الإثبات نظير مفاد النكرة وهو الفرد المبهم ، فإذا دخل النفي استلزم نفي الأمرين جميعاً ، ولهذا كان المراد في قوله تعالى : { ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } [ الإنسان : 24 ] النهي عن طاعة كليهما ، لا عن طاعة أحدهما دون الآخر ، وعلى هذا انبنت المسألة الأصولية وهي : هل وقع في اللغة ما يدل على تحريم واحد لا بعينه ، بناء على أن ذلك لا يكون إلا بحرف أو ، وأن أو إذا وقعت في سياق النهي كانت كالتي تقع في سياق النفي .وجعل صاحب «الكشاف» ( أو ) في قوله : { أو تفرضوا لهن فريضة } بمعنى إلا أو حتى ، وهي التي ينتصب المضارع بعدها بأن واجبة الإضمار ، بناء على إمكانه هنا وعلى أنه أبعد عن الخفاء في دلالة أو العاطفة في سياق النفي ، على انتفاء كلا المتعاطفين؛ إذ قد يتوهم أنها لنفي أحدهما كشأنها في الإثبات ، وبناء على أنه أنسب بقوله تعالى بعد ذلك { وأن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } حيث اقتصر في التفصيل على أحد الأمرين : وهو الطلاق قبل المسيس مع فرض الصداق ، ولم يذكر حكم الطلاق قبل المسيس أو بعده ، وقبل فرض الصداق ، فدل بذلك على أن الصورة لم تدخل في التقسيم السابق ، وذلك أنسب بأن تكون للاستثناء أو الغاية ، لا للعطف ، ولا يتوهم أن صاحب الكشاف أهمل تقدير العطف لعدم استقامته ، بل لأن غيره هنا أوضح وأنسب ، يعني والمراد قد ظهر من الآية ظهوراً لا يدع لتوهم قصد نفي أحد الأمرين خطوراً بالأذهان ، ولهذا استدركه البيضاوي فجوز تقديرها عاطفة في هذه الآية .وقد أفادت الآية حكماً بمنطوقها وهو أن المطلقة قبل البناء إذا لم يسم لها مهر لا تستحق شيئاً من المال ، وهذا مجمع عليه فيما حكاه ابن العربي ، وحكى القرطبي عن حماد بن سليمان أن لها نصف صداق أمثالها ، والجمهور على خلافه وأن ليس لها إلا المتعة ، ثم اختلفوا في وجوبها كما سيأتي . وهذا الحكم دلنا على أن الشريعة قد اعتبرت النكاح عقداً لازماً بالقول ، واعتبرت المهر الذي هو من متمماته غير لازم بمجرد صيغة النكاح ، بل يلزم بواحد من أمرين إما بصيغة تخصه ، وهي تعيين مقداره بالقول ، وهي المعبر عنها في الفقه بنكاح التسمية ، وإما بالفعل وهو الشروع في اجتناء المنفعة المقصودة ابتداء من النكاح وهي المسيس ، فالمهر إذن من توابع العقود التي لا تثبت بمجرد ثبوت متبوعها ، بل تحتاج إلى موجب آخر كالحوز في عقود التبرعات ، وفيه نظر ، والنفس لقول حماد بن سليمان أميل .والآية دلت على مشروعية أصل الطلاق ، لما أشعرت بنفي الجناح عن الطلاق قبل المسيس وحيث أشعرت بإباحة بعض أنواعه : بالتصدي لبيان أحكامها ، ولما لم يتقدم لنا موضع هو أنسب بذكر مشروعية الطلاق من هذه الآية ، فنحن نبسط القول في ذلك :إن القانون العام لانتظام المعاشرة هو الوفاق في الطبائع والأخلاق والأهواء والأميال ، وقد وجدنا المعاشرة نوعين : أولهما معاشرة حاصلة بحكم الضرورة ، وهي معاشرة النسب ، المختلفة في القوة والضعف ، بحسب شدة قرب النسب وبعده كمعاشرة الآباء مع الأبناء ، والإخوة بعضهم مع بعض ، وأبناء العم والعشيرة ، واختلافها في القوة والضعف يستتبع اختلافها في استغراق الأزمان ، فنجد في قصر زمن المعاشرة ، عند ضعف الآصرة ، ما فيه دافع للسآمة والتخالف الناشئين عما يتطرق إلى المتعاشرين من تنافر في الأهواء والأميال ، وقد جعل الله في مقدار قرب النسب تأثيراً في مقدار الملاءمة؛ لأنه بمقدار قرب النسيب ، يكون التئام الذات مع الأخرى أقوى وأتم ، وتكون المحاكة والممارسة والتقارب أطول ، فنشأ من السببين الجبلي ، والاصطحابي ، ما يقوي اتحاد النفوس في الأهواء والأميال بحكم الجبلة ، وحكم التعود والإلف ، وهكذا يذهب ذلك السببان يتباعدان بمقدار ما يتباعد النسيب .النوع الثاني : معاشرة بحكم الاختيار وهي معاشرة الصحبة والخلة والحاجة والمعاونة ، وما هي إلا معاشرة مؤقتة تطول أو تقصر ، وتستمر أو تغب ، بحسب قوة الداعي وضعفه ، وبحسب استطاعة الوفاء بحقوق تلك المعاشرة ، والتقصير في ذلك ، والتخلص من هذا النوع ممكن إذا لم تتحد الطباع . ومعاشرة الزوجين في التنويع ، هي من النوع الثاني ، وفي الآثار محتاجة إلى آثار النوع الأول ، وينقصها من النوع الأول سببه الجبلي لأن الزوجين يكثر ألا يكونا قريبين وسببه الاصطحابي ، في أول عقد التزوج حتى تطول المعاشرة ويكتسب كل من الآخر خلقه ، إلا أن الله تعالى جعل في رغبة الرجل في المرأة إلى حد أن خطبها ، وفي ميله إلى التي يراها ، مذ انتسبت به واقترنت ، وفي نيته معاشرتها معاشرة طيبة ، وفي مقابلة المرأة الرجل بمثل ذلك ما يغرز في نفس الزوجين نوايا وخواطر شريفة وثقة بالخير ، تقوم مقام السبب الجبلي ، ثم تعقبها معاشرة وإلف تكمل ما يقوم مقام السبب الاصطحابي ، وقد أشار الله تعالى إلى هذا السر النفساني الجليل ، بقوله : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } [ الروم : 21 ] .وقد يعرض من تنافر الأخلاق وتجافيها ما لا يطمع معه في تكوين هذين السببين أو أحدهما ، فاحتيج إلى وضع قانون للتخلص من هذه الصحبة ، لئلا تنقلب سبب شقاق وعداوة فالتخلص قد يكون مرغوباً لكلا الزوجين ، وهذا لا إشكال فيه ، وقد يكون مرغوباً لأحدهما ويمتنع منه الآخر ، فلزم ترجيح أحد الجانبين وهو جانب الزوج لأن رغبته في المرأة أشد ، كيف وهو الذي سعى إليها ورغب في الاقتران بها؛ ولأن العقل في نوعه أشد ، والنظر منه في العواقب أسد ، ولا أشد احتمالاً لأذى وصبراً على سوء خلق من المرأة ، فجعل الشرع التخلص من هذه الورطة بيد الزوج ، وهذا التخلص هو المسمى : بالطلاق ، فقد يعمد إليه الرجل بعد لأي ، وقد تسأله المرأة من الرجل ، وكان العرب في الجاهلية تسأل المرأة الرجل الطلاق فيطلقها ، قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يذكر زوجتيه: ... تلك عِرساي تنطقان على عمد إلى اليوم قولَ زور وهَتْر ... سَالَتَانِي الطلاق أَن رأَتامَالي قليلاً قد جئتماني بنُكْر ... وقال عبيد بن الأبرصْ: ... تلكَ عِرسي غضبى تريد زياليأَلبَيْن تريد أم لِدَلال ... إن يكن طِبُّككِ الفراقَ فلا أحفِلُ أن تعطفي صُدور الجِمال ... وجعل الشرع للحاكم إذا أبى الزوج الفراق ولحق الزوجة الضرُّ من عشرته ، بعد ثبوت موجباته ، أن يطلقها عليه . فالطلاق فسخ لعقدة النكاح بمنزلة الإقالة في البيع ، إلا أنه فسخ لم يشترط فيه رضا كلا المتعاقدين بل اكتُفي برضا واحد : وهو الزوج ، تسهيلاً للفراق عند الاضطرار إليه ، ومقتضى هذا الحكم أن يكون الطلاق قبل البناء بالمرأة ممنوعاً؛ إذ لم تقع تجربة الأخلاق ، لكن لما كان الداعي إلى الطلاق قبل البناء لا يكون إلا لسبب عظيم لأن أفعال العقلاء تصان عن العبث ، كيف يعمد راغب في امرأة ، باذل لها ماله ونفسه إلى طلاقها قبل التعرف بها ، لولا أن قد علم من شأنها ما أزال رجاءه في معاشرتها ، فكان التخلص وقتئذ قبل التعارف ، أسهل منه بعد التعارف .وقرأ الجمهور ( ما لم تمسوهن ) بفتح المثناة الفوقية مضارع مس المجرد ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف ، ( تماسوهن ) بضم المثناة الفوقية وبألف بعد الميم مضارع ماس؛ لأن كلا الزوجين يمس الآخر .وقوله : { ومتعوهن على الموسع قدره } الآية عطف على قوله : { لا جناح عليكم } عطف التشريع على التشريع ، على أن الاتحاد بالإنشائية والخبرية غير شرط عند المحققين ، والضمير عائد إلى النساء المعمول للفعل المقيد بالظرف وهو : { ما لم تَمسوهن أو تفرضوا } ، كما هو الظاهر ، أي متعوا المطلقات قبل المسيس ، وقبل الفرض ، ولا أحسب أحداً يجعل معاد الضمير على غير ما ذكرنا ، وأما ما يوجد من الخلاف بين العلماء في حكم المتعة للمطلقة المدخول بها ، فذلك لأدلة أخرى غير هذه الآية .والأمر في قوله : { ومتعوهن } ظاهره الوجوب وهو قول علي وابن عمر والحسن والزهريّ وابن جبير وقتادة والضحاك وإسحاق بن راهويه ، وقاله أبو حنيفة والشافعي وأحمد؛ لأن أصل الصِّيغة للوجوب مع قرينة قوله تعالى : { حقا على المحسنين } وقوله بعد ذلك ، في الآية الآتية : { حقا على المتقين } لأن كلمة { حقا } تؤكد الوجوب ، والمراد بالمحسنين عند هؤلاء المؤمنون ، فالمحسن بمعنى المحسن إلى نفسه بإبعادها عن الكفر ، وهؤلاء جعلوا المتعة للمطلقة غير المدخول بها وغير المسمى لها مهر واجبة ، وهو الأرجح لئلا يكون عقد نكاحها خلياً عن عوض المهر .وجعل جماعة الأمر هنا للندب لقوله بعدُ : { حقا على المحسنين } فإنه قرينة على صرف الأمر إلى أحد ما يقتضِيه ، وهو ندب خاص مؤكد للندب العام في معنى الإحسان ، وهو قول مالك وشُريح ، فجعلها حقاً على المحسنين ، ولو كانت واجبة لجعلها حقاً على جميع الناس ، ومفهوم جعلها حقاً على المحسنين أنها ليست حقاً على جميع الناس ، وكذلك قوله { المتقين } في الآية الآتية ، لأن المتقي هو كثير الامتثال ، على أننا لو حملنا المتقين على كل مؤمن لكان بين الآيتين تعارض المفهوم والعموم ، فإن المفهوم الخاص يخصص العموم .وفي «تفسير الأبّي» عن ابن عرفة : «قال محمد بن مسلمة من أصحاب مالك : المتعة واجبة يقضى بها إذ لا يأبى أن يكون من المحسنين ولا من المتقين إلا رجل سوء ، ثم ذكر ابن عرفة عن ابن عبد السلام عن ابن حبيب أنه قال بتقديم العموم على المفهوم عند التعارض ، وأنه الأصح عند الأصوليين ، قلت : فيه نظر ، فإن القائل بالمفهوم لا بد أن يخصص بخصوصه عموم العام إذا تعارضا ، على أن لمذهببِ مالك أن المتعة عطية ومؤاساة ، والمؤاساة في مرتبة التحسيني ، فلا تبلغ مبلغ الوجوب ، ولأنها مال بذل في غير عوض ، فيرجع إلى التبرعات ، والتبرعات مندوبة لا واجبة ، وقرينة ذلك قوله تعالى : { حقا على المحسنين } فإن فيه إيماء إلى أن ذلك من الإحسان لا من الحقوق ، على أنه قد نفى الله الجناح عن المطلق ثم أثبت المتعة ، فلو كانت المتعة واجبة لانتقض نفي الجناح ، إلا أن يقال : إن الجناح نفي لأن المهر شيء معين ، قد يجحف بالمطلق بخلاف المتعة ، فإنها على حسب وسعه ولذلك نفى مالك ندبَ المتعة للتي طلقت قبل البناء وقد سمَّى لها مهراً ، قال : فحسبها ما فرض لها أي لأن الله قصَرها على ذلك ، رفقاً بالمطلق ، أي فلا تندب لها ندب خاصاً ، بأمر القرآن . وقد قال مالك : بأن المطلقة المدخول بها يستحب تمتيعها ، أي بقاعدة الإحسان الأعم ولما مضى من عمل السلف .وقوله : { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } الموسع من أوسع إذا صار ذا سعة ، والمقتر من أقتر إذا صار ذا قَتر وهو ضيق العيش ، والقدر بسكون الدال وبفتحها ما به تعيين ذات الشيء أو حاله ، فيطلق على ما يساوي الشيء من الأجرام ، ويطلق على ما يساويه في القيمة ، والمراد به هنا الحال التي يقدر بها المرء في مراتب الناس في الثروة ، وهو الطبقة من القوم ، والطاقة من المال ، وقرأه الجمهور بسكون الدال ، وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر بفتح الدال .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - في آيتين كريمتين بعض الأحكام التي تتعلق بالمطلقة قبل الدخول بها ، سواء أذكر لها المهر أم لم يذكر ، فقال - تعالى - :( لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النسآء . . . )قوله - تعالى - : ( مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) أي ما لم تجامعوهن ولم تدخلوا بهن والمس في أصل معناه : اللمس ، ويقال فيما معه إدراك بحاسة اللمس ، ثم أطلق على سبيل الكناية على ما يكون بين المرء وزوجه من جماع ومباشرة وعلى غير ذلك مما يكون فيه إصابة حسية أو معنوية . وهذه الكناية من ألطف التي تربى في الإِنسان حسن الأدب ، وسلامة التعبير ، وتجنبه بالنطق بالألفاظ الفاحشة . وقد تكرر هذا التعبير المهذب في القرآن الكريم ومن ذلك قوله - تعالى - حكاية عن مريم : ( قَالَتْ رَبِّ أنى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ . . . ) والمراد بالفريضة هنا المهر الذي يفرضه الرجل على نفسه للمرأة قبل الدخول بها .والمعنى : لا إثم عليكم أيها الرجال إذا طلقتم النساء لأسباب مشروعة ، وبطريقة مرضية ، قبل الدخول بهن ، وقبل أن تقدروا لهن مهراص معيناً .ثم بين - سبحانه - ما للمرأة على الرجل في هذه الحالة فقال : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدَرُهُ مَتَاعاً بالمعروف حَقّاً عَلَى المحسنين ) . .قوله - تعالى - : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) أي ملكوهن ما ينتفعن به ، ويدخل التسلية والسرور على نفوسهن . وأصل المتعة والمتاع ما ينتفع به الإِنسان من مال أو كسوة أو غير ذلك ، ثم أطلقت المتعة على ما يعطيه الرجل للمرأة من مال أو غيره عند طلاقها منه لتنتفع به ، جبراً لخاطرها ، وتعويضاً لما نالها بسبب هذا الفراق .و ( الموسع ) هو الغني الذي يكون في سعة من غناه . يقال : أوسع الرجل إذ كثر ماله ، واتسعت حاله . و ( المقتر ) هو الفقير الذي يكون في ضيق من فقره . أقتر الرجل أي افتقر وقل ما في يده .والمعنى : لا حرج عليهكم في طلاقكم للنساء قبل أن تدخلوا بهن وقبل أن تقدروا لهن مهراً معيناً ، وليس من حقهن عليكم في هذه الحالة أن يطالبنكم بالصداق ، وإهنما من حقهن عليكم أن تمتعوهن بأن تدفعوا لهن ما ينتفعن به كل على حسب حاله وطاقته ، فالأغنياء يدفعون ما يناسب غناهم وسعتهم ، والفقراء يدفعون ما يناسب حالهم .وقوله : ( مَتَاعاً بالمعروف ) أي أعطوهن ما يتمتعن وينتفعن به بالقدر المتعارقف عليه بين العقلاء ، فلا يعطي الغني ما لا يتناسب مع غناه ولا مع حال المرأة التي طلقها ، ولا يعطي الفقير شيئاً تافهاً لا يسمى في عرف العقلاء متاعاً كما أنه لا يكلف فوق استطاعته ، لأن المتاع ما سمي بهذا الاسم إلا لأنه يتمتع به وينتفع به لفترة من الزمان .وقوله : ( حَقّاً عَلَى المحسنين ) تأكيد لهذا التمتيع الذي هو من حق المرأة على الرجل الذي طلقها قبل أن يدخل بها وقيل أن يسمى لها مهراً .أي : هذا التمتيع حق ثابت على المسحنين الذين يحسنون إلى أنفسهم بامتثالهم لأوامر الله ، وبترضيتهم لنفوس هؤلاء المطلقات اللاتي تأثرن بسبب هذا الفراق .فالآية الكريمة ترفع الإثم عن الرجال الذين يطلقون النساء قبل الدخول بهن وقبل تسمية المهر لهن ، متى كانت المصلحة تستدعي ذلك ، وتبين الحقوق التي للمرأة على الرجل في هذه الحالة .قال القرطبي : قوله - تعالى - : ( لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النسآء ) . إلخ هذا أيضاً من أحكام المطلقات ، وهو ابتداء إخبار برفع الحرجعن المطلق قبل البناء والجماع ، فرض مهراً أو لم يفرض . أو " لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة ، وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءاً من هذا المكروه ، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن " .وقوله : ( أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) معطوف على ( تَمَسُّوهُنَّ ) المنفي ، أي لا حرج عليكم في تطليقكم النساء في حالة عدم الدخول بهن وعدم تقدير مهر معين لهن .وقوله : ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الموسع قَدَرُهُ ) إلخ تشريع حكيم وتوجيه سديد ، لأن فراق المرأة قبل الدخول بها وقبل تقدير مهر لها ينشئ جفوة ممضة بين المرأة وبين مطلقها ، وقد يسيء هذا الفراق إليها وإلى أسرتها ، فكان هذا الحق الذي جعله الله للمرأة على الرجل هو التمتيع ، تسرية لنفسها ، واستبقاء للمودة الإِنسانية بين الطرفين ، وإزالة لما عسى أن يقوله البعض من أنه ما طلقها من طلقها إلا لشيء .ولا شك أن إنهاء الحياة الزوجية قبل الدخول فيها ، لضرورات اقتضاها هذا الإِنهاء ، أخف وأيسر من إنهائها بعد الدخول فيها .قال الجمل ما ملخصه : وقوله : ( عَلَى الموسع قَدَرُهُ ) جملة من مبتدأ وخبر وفيها قولان :أحدهما : أنها لا محل لها من الإِعراب بل هي استئنافية بينت حال المطلق بالنسبة إلى يساره وإقتاره .والثاني : في محل نصب على الحال وصاحب الحال فاعل متعوهن . والرابط بين جملة الحال وصاحبها محذوف والتقدير : على الموسع منكم . و ( مَتَاعاً ) منصوب على المصدر و ( بالمعروف ) جار ومجرور صفة له . و ( حَقّاً ) صفة ثانية لقوله : ( مَتَاعاً ) أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله . وعامله محذوف وجوباً والتقدير : حق ذلك حقاً " .هذا ، ويرى بعض العلماء أن المتعة واجبة للمرأة على الرجل في حال مفارقتها قبل الدخول بها وقبل تسمية المهر ، لأن الآية الكريمة قد أكدت ذلك وجعلته حقاً ثابتاً لا يجوز التحلل منه قال - تعالى - : ( مَتَاعاً بالمعروف حَقّاً عَلَى المحسنين ) .ويرى بعضهم أنها مستحبة ، لأن التعبير بالمحسنين يدل على أن المتعة غير واجبة وقد رجح المحققون من العلماء الرأي الأول وقالوا : إن الإِحسان لا ينافي الوجوب الذي دل عليه الأمر يؤيد هذا قوله : ( عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدَرُهُ ) فقد جعل الله المتعة على الفريقين كل فريق على حسب طاقته وقدرته .والمتعة تختلف باختلاف الأحوال من يسار وإعسار ، يقدرها القاضي على الرجل على حسب حالته كما يقدر النفقة .والصالحون من الناس هم الذين يبذلون المتعة للمطلقة بسخاء ومودة ، ولقد أثر عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - أنه متع امرأة طلقها بعشرة آلاف درهم ، فلما تسلمت هذا المال الوفير قالت : " متاع قليل من حبيب مفارق " .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) أي ولم تمسوهن ولم تفرضوا نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ولم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فنزلت هذه الآية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " متعها ولو بقلنسوتك " قرأ حمزة والكسائي " ما لم تماسوهن " بالألف هاهنا وفي الأحزاب على المفاعلة لأن بدن كل واحد منهما يلاقي بدن صاحبه كما قال الله تعالى : " من قبل أن يتماسا " ( 3 - المجادلة ) وقرأ الباقون ) ( تمسوهن ) بلا ألف لأن الغشيان يكون من فعل الرجل دليله قوله تعالى : " ولم يمسسني بشر " ( 47 - آل عمران ) .قوله تعالى ( أو تفرضوا لهن فريضة ) أي توجبوا لهن صداقا فإن قيل فما الوجه في نفي الجناح عن المطلق قيل : الطلاق قطع سبب الوصلة وجاء في الحديث " أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق " .فنفى الجناح عنه إذا كان الفراق أروح من الإمساك وقيل معناه لا سبيل للنساء عليكم إن طلقتموهن من قبل المسيس والفرض بصداق ولا نفقة ، وقيل : لا جناح عليكم في تطليقهن قبل المسيس في أي وقت شئتم حائضا كانت المرأة أو طاهرا لأنه لا سنة ولا بدعة في طلاقهن قبل الدخول بها بخلاف المدخول بها فإنه لا يجوز تطليقها في حال الحيض ) ( ومتعوهن ) أي أعطوهن من مالكم ما يتمتعن به والمتعة والمتاع ما يتبلغ به من الزاد ( على الموسع ) أي على الغني ( قدره وعلى المقتر ) أي الفقير ) ( قدره ) أي إمكانه وطاقته قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص قدره بفتح الدال فيهما وقرأ الآخرون بسكونهما وهما لغتان وقيل : القدر بسكون الدال المصدر وبالفتح الاسم متاعا : نصب على المصدر أي متعوهن ( متاعا بالمعروف ) أي بما أمركم الله به من غير ظلم ( حقا على المحسنين ) وبيان حكم الآية أن من تزوج امرأة ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها قبل المسيس تجب لها المتعة بالاتفاق وإن طلقها بعد الفرض قبل المسيس فلا متعة لها على قول الأكثرين ولها نصف المهر المفروض .واختلفوا في المطلقة بعد الدخول بها فذهب جماعة إلى أنه لا متعة لها لأنها تستحق المهر وهو قول أصحاب الرأي وذهب جماعة إلى أنها تستحق المتعة لقوله تعالى " وللمطلقات متاع بالمعروف " ( 241 - البقرة ) وهو قول عبد الله بن عمر وبه قال عطاء ومجاهد والقاسم بن محمد وإليه ذهب الشافعي لأن استحقاقها المهر بمقابلة ما أتلف عليها من منفعة البضع فلها المتعة على وحشة الفراق فعلى القول الأول لا متعة إلا لواحدة وهي المطلقة قبل الفرض والمسيس وعلى القول الثاني لكل مطلقة متعة إلا لواحدة وهي المطلقة بعد الفرض قبل المسيس ، وقال عبد الله بن عمر : لكل مطلقة متعة إلا التي فرض لها ولم يمسها زوجها فحسبها نصف المهر .قال الزهري : متعتان يقضي بإحداهما السلطان ولا يقضي بالأخرى بل تلزمه فيما بينه وبين الله تعالى .فأما التي يقضي بها السلطان فهي المطلقة قبل الفرض والمسيس وهو قوله تعالى ( حقا على المحسنين ) والتي تلزمه فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقضي بها السلطان فهي المطلقة بعد المسيس وهو قوله تعالى : ( حقا على المتقين )وذهب الحسن وسعيد بن جبير إلى أن لكل مطلقة متعة سواء كان قبل الفرض والمسيس أو بعد الفرض قبل المسيس لقوله تعالى : " وللمطلقات متاع بالمعروف " ( 241 - البقرة ) ولقوله تعالى في سورة الأحزاب : " فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا " ( 49 - الأحزاب ) وقالا معنى قوله تعالى ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) أي أو لم تفرضوا لهن فريضة وقال بعضهم : المتعة غير واجبة والأمر بها أمر ندب واستحباب .وروي أن رجلا طلق امرأته وقد دخل بها فخاصمته إلى شريح في المتعة فقال شريح : لا تأب أن تكون من المحسنين ولا تأب أن تكون من المتقين ولم يجبره على ذلك .واختلفوا في قدر المتعة فروي عن ابن عباس : أعلاها خادم وأوسطها ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار ودون ذلك وقاية أو شيء من الورق وبه قال الشعبي والزهري وهذا مذهب الشافعي وقال : أعلاها على الموسع خادم وأوسطها ثوب وأقلها أقل ما له ثمن وحسن ثلاثون درهما وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته وحممها جارية سوداء أي متعها ومتع الحسن بن علي رضي الله عنه امرأة له بعشرة آلاف درهم فقالت : " متاع قليل من حبيب مفارق " .وقال أبو حنيفة رحمه الله : مبلغها إذا اختلف الزوجان قدر نصف مهر مثلها لا يجاوز والآية تدل على أنه يعتبر حال الزوج في العسر واليسر ومن حكم الآية : أن من تزوج امرأة بالغة برضاها على غير مهر يصح النكاح وللمرأة مطالبته بأن يفرض لها صداقا فإن دخل بها قبل الفرض فلها عليه مهر مثلها وإن طلقها قبل الفرض والدخول فلها المتعة وإن مات أحدهما قبل الفرض والدخول اختلف أهل العلم في أنها هل تستحق المهر أم لا فذهب جماعة إلى أنه لا مهر لها وهو قول علي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس كما لو طلقها قبل الفرض والدخول وذهب قوم إلى أن لها المهر لأن الموت كالدخول في تقرير المسمى كذلك في إيجاب مهر المثل إذا لم يكن في العقد مسمى وهو قول الثوري وأصحاب الرأي واحتجوا بما روي عن علقمة عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود : لها صداق نسائها ولا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود رضي الله عنه .وقال الشافعي رحمه الله : فإن ثبت حديث بروع بنت واشق فلا حجة في قول أحد دون قول النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يثبت فلا مهر لها ولها الميراث وكان علي يقول : في حديث بروع لا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .