تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
ما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تُخْلَق الخليقة. إن ذلك على الله تعالى يسير.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«ما أصاب من مصيبة في الأرض» بالجدب «ولا في أنفسكم» كالمرض وفقد الولد «إلا في كتاب» يعنى اللوح المحفوظ «من قبل أن نبرأها» نخلقها، ويقال في النعمة كذلك «إن ذلك على الله يسير».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : ما أصاب من مصيبة في الأرض قال مقاتل : القحط وقلة النبات والثمار . وقيل : الجوائح في الزرع .ولا في أنفسكم بالأوصاب والأسقام ؛ قاله قتادة . وقيل : إقامة الحدود ؛ قاله ابن حيان . وقيل : ضيق المعاش ، وهذا معنى رواه ابن جريج .إلا في كتاب يعني في اللوح المحفوظ . من قبل أن نبرأها الضمير في نبرأها عائد على النفوس أو الأرض أو المصائب أو الجميع . وقال ابن عباس : من قبل أن يخلق المصيبة .وقال سعيد بن جبير : من قبل أن يخلق الأرض والنفس . إن ذلك على الله يسير أي : خلق ذلك وحفظ جميعه على الله يسير هين . قال الربيع بن صالح : لما أخذ سعيد بن جبير رضي الله عنه بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : أبكي لما أرى بك ولما تذهب إليه . قال : فلا تبك ، فإنه كان في علم الله أن يكون ، ألم تسمع قوله تعالى : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم الآية . وقال ابن عباس : لما خلق الله القلم قال له : اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ؛ ثقة بربهم وتوكلا عليه ، وقالوا : قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة ، فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا ، قال الله تعالى : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .وقد قيل : إن هذه الآية تتصل بما قبل ، وهو أن الله سبحانه هون عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتل وجرح ، وبين أن ما يخلفهم عن الجهاد من المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران ، فالكل مكتوب مقدر لا مدفع له ، وإنما على المرء امتثال الأمر .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لما جرى ذكر الجهاد آنفاً بقوله : { لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } [ الحديد : 10 ] وقوله : { والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } [ الحديد : 19 ] على الوجهين المتقدمين هنالك ، وجرى ذكر الدنيا في قوله : { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغروب } [ الحديد : 20 ] وكان ذلك كله مما تحدُث فيه المصائب من قتل وقطع وأسر في الجهاد ، ومن كوارث تعرض في الحياة من فقد وألم واحتياج ، وجرى مَثَل الحياة الدنيا بالنّبات ، وكان ذلك ما يعرض له القحط والجوائح ، أُتبع ذلك بتسلية المسلمين على ما يصيبهم لأن المسلمين كانوا قد تخلقوا بآداب الدنيا من قبلُ فربما لحقهم ضر أو رزء خارج عن نطاق قدرتهم وَكسبهم فأعلموا أن ذلك مما اقتضاه ارتباط أسباب الحوادث بعضها ببعض على ما سيرها عليه نظام جميع الكائنات في هذا العالم كما أشار إليه قوله تعالى : { إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } [ الحديد : 22 ] كما ستعلمه ، فلم يملكهم الغم والحزن ، وانتقلوا عن ذلك إلى الإقبال على ما يهمهم من الأمور ولم يلهمهم التحرق على ما فات على نحو ما وقع في قوله : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } [ البقرة : 154 156 ] ، ولعل المسلمين قد أصابتهم شدة في إحدى المغازي أو حبس مطر أو نحو ذلكم مما كان سبب نزول هذه الآية .و ( ما ) نافية و ( من ) زائدة في النفي للدلالة على نفي الجنس قصداً للعموم .ومفعول { أصاب } محذوف تقديره : ما أصابكم أو ما أصاب أحداً .وقوله : { في الأرض } إشارة إلى المصائب العامة كالقحط وفيضان السيول وموتان الأنعام وتلف الأموال .وقوله : { ولا في أنفسكم } إشارة إلى المصائب اللاحقة لذوات الناس من الأمراض وقطع الأعضاء والأسر في الحرب وموت الأحباب وموت المرء نفسه فقد سماه الله مصيبة في قوله : { فأصابتكم مصيبة الموت } [ المائدة : 106 ] . وتكرير حرف النفي في المعطوف على المنفي في قوله : { ولا في أنفسكم } لقصد الاهتمام بذلك المذكور بخصوصه فإن المصائب الخاصة بالنفس أشد وقعاً على المصاب ، فإن المصائب العامة إذا اخْطأَتْه فإنما يتأثر لها تأثراً بالتعقل لا بالحسّ فلا تدوم ملاحظة النفس إياه .والاستثناء في قوله : { إلا في كتاب } استثناء من أحوال منفية ب ( ما ) ، إذ التقدير : ما أصاب من مصيبة في الأرض كائنة في حال إلا في حال كونها مكتوبة في كتاب ، أي مثبتة فيه .والكتاب : مجاز عن علم الله تعالى ووجه المشابهة عدم قبوله التبديل والتغيير والتخلف ، قال الحارث بن حلزة: ... حذر الجور والتطاخي وهلينْقض ما في المهارق الأهواء ... ومن ذلك علمه وتقديره لأسباب حصولها ووقت خلقها وترتب آثارها والقصر المفاد ب ( إلاّ ) قصر موصوف على صفة وهو قصر إضافي ، أي إلا في حال كونها في كتاب دون عدم سبق تقديرها في علم الله ردّاً على اعتقاد المشركين والمنافقين المذكور في قوله تعالى :{ وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } [ آل عمران : 156 ] وقوله : { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } [ آل عمران : 168 ] . وهذا الكلام يجمع الإِشارة إلى ما قدمناه من أن الله تعالى وضع نظام هذا العالم على أن تترتب المسببات على أسبابها ، وقدر ذلك وعلمه ، وهذا مثل قوله : { وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب } [ فاطر : 11 ] ونحو ذلك .والبرءُ : بفتح الباء : الخَلْق ومن أسمائه تعالى البارىء ، وضمير النصب في { نبرأها } عائد إلى الأرض أو إلى الأنفس .وجملة { إن ذلك على الله يسير } ردّ على أهل الضلال من المشركين وبعض أهل الكتاب الذين لا يثبتون لله عموم العلم ويجوّزون عليه البَداء وتمشّي الحِيَل ، ولأجل قصد الرد على المنكرين أكد الخبر ب ( إنّ ) .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - أن كل شىء فى هذه الحياة ، خاضع لقضاء الله - تعالى - وقدره ، وأن على المؤمن الصادق أن يكون شاكرا عند الرخاء ، صابرا عند البلاء . . . فقال - تعالى - : ( مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ . . . ) .( مَآ ) فى قوله - تعالى - ( مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ ) نافية ، و ( مِن ) مزيدة لتأكيد هذا النفى وإفادة عمومه . ومفعلو " أصاب " محذوف . وقوله ( فِي الأرض ) إشارة إلى المصائب التى تقع فيها من فقر وقحط ، وزلازل .وقوله : ( وَلاَ في أَنفُسِكُمْ ) للإشارة إلى ما يصيب الإنسان فى ذاته ، كالأمراض ، والهموم .والاستثناء فى قوله - تعالى - : ( إِلاَّ فِي كِتَابٍ ) من أعم الأحوال ، والمراد بالكتاب : اللوح المحفوظ ، أو علمه - عز وجل - الشامل لكل شىء .وقوله : ( نَّبْرَأَهَآ ) من البرء - بفتح الباء - بمعنى الخلق والإيجاد ، والضمير فيه يعود إلى النفس ، أو إلى الأرض ، أو إلى جميع ما ذكره الله - تعالى - من خلق المصائب فى الأرض والأنفس .والمعنى : واعلموا - أيها المؤمنون علما يترتب عليه آثاره من العمل الصالح - أنه ما أصابكم أو ما أصاب أحدا مصيبة ، هذه المصيبة كائنة فى الأرض - كالقحط والزلازل - أو فى أنفسكم - كالأسقام والأوجاع - إلا وهذه المصائب مسجلة فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . . . وهذا التسجيل كائن من قبل أن نخلق هذه الأنفس ، وهذه المصائب .وكرر - سبحانه - حرف النفى فى قوله ( وَلاَ في أَنفُسِكُمْ ) للإيماء إلى أن المصائب التى تتعلق بذات الإنسان ، يكون أشد تأثرا واهتماما بها ، أكثر من غيرها .واسم الإشارة فى قوله : ( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ ) يعود إلى الكتابة فى الكتاب .أى : إن ذلك الذى أثبتناه فى لوحنا المحفوظ وفى علمنا الشامل لكل شىء . . . قبل أن نخلقكم ، وقل أن نخلق الأرض . . . يسير وسهل علينا ، لأن قدرتنا لا يعجزها شىء ، وعلمنا لا يعزب عنه شىء .فالآية الكريمة صريحة فى بيان أن ما يقع فى الأرض وفى الأنفس من مصائب - ومن غيرها من مسرات - مكتوب ومسجل عند الله - تعالى - قبل خلق الأرض والأنفس .وخص - سبحانه - المصائب بالذكر ، لأن الإنسان يضطرب لوقوعها اضطرابا شديدا ، وكثيرا ما يكون إحساسه بها ، وإدراكه لأثرها ، أشد من إحساسه وإدركه للمسرات .ومن الآيات التى تشبه هذه الآية فى معنها قوله - تعالى - : ( قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ).
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله - عز وجل - : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ) يعني : قحط المطر وقلة النبات ونقص الثمار ( ولا في أنفسكم ) يعني : الأمراض وفقد الأولاد ( إلا في كتاب ) يعني : اللوح المحفوظ ( من قبل أن نبرأها ) من قبل أن نخلق الأرض والأنفس . قال ابن عباس : من قبل أن نبرأ المصيبة . وقال أبو العالية : يعني النسمة ( إن ذلك على الله يسير ) أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله - عز وجل - .