تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
لكل أمة من الأمم الماضية جعلنا شريعة وعبادة أمرناهم بها، فهم عاملون بها، فلا ينازعنك- أيها الرسول- مشركو قريش في شريعتك، وما أمرك الله به في المناسك وأنواع العبادات كلها، وادع إلى توحيد ربك وإخلاص العبادة له واتباع أمره، إنك لعلى دين قويم، لا اعوجاج فيه.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«لكل أمة جعلنا منسكا» بفتح السين وكسرها شريعة «هم ناسكوه» عاملون به «فلا يُنازعُنَّك» يراد به لا تنازعهم «في الأمر» أي أمر الذبيحة إذ قالوا: ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم «وادع إلى ربك» إلى دينه «إنك لعلى هدى» دين «مستقيم».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيمقوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا أي شرعا . هم ناسكوه أي عاملون به . فلا ينازعنك في الأمر أي لا ينازعنك أحد منهم فيما يشرع لأمتك ؛ فقد كانت الشرائع في كل عصر . وروت فرقة أن هذه الآية نزلت بسبب جدال الكفار في أمر الذبائح ، وقولهم للمؤمنين : تأكلون ما ذبحتم ولا تأكلون ما ذبح الله من الميتة ، فكان ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم أنتم بسكاكينكم ؛ فنزلت الآية بسبب هذه المنازعة . وقد مضى هذا في ( الأنعام ) والحمد لله . وقد تقدم في هذه السورة ما للعلماء في قوله تعالى منسكا . وقوله : هم ناسكوه يعطي أن المنسك المصدر ، ولو كان الموضع لقال هم ناسكون فيه . وقال الزجاج : فلا ينازعنك في الأمر أي فلا يجادلنك ؛ ودل على هذا وإن جادلوك . ويقال : قد نازعوه فكيف قال فلا ينازعنك ؟ فالجواب أن المعنى فلا تنازعهم أنت . نزلت الآية قبل الأمر بالقتال ؛ تقول : لا يضاربنك فلان فلا تضاربه أنت ؛ فيجري هذا في باب المفاعلة . ولا يقال : لا [ ص: 88 ] يضربنك زيد وأنت تريد لا تضرب زيدا . وقرأ أبو مجلز ( فلا ينزعنك في الأمر ) أي لا يستخلفنك ولا يغلبنك عن دينك . وقراءة الجماعة من المنازعة . ولفظ النهي في القراءتين للكفار ، والمراد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وادع إلى ربك أي إلى توحيده ودينه والإيمان به . إنك لعلى هدى أي دين . مستقيم أي قويم لا اعوجاج فيه .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)هذا متصل في المعنى بقوله : { ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم } [ الحج : 34 ] الآية . وقد فُصل بين الكلامين ما اقتضى الحال استطراده من قوله : { وبشر المحسنين إن الله يدافع عن الذين آمنوا } [ الحج : 3738 ] إلى هنا ، فعاد الكلام إلى الغرض الذي في قوله : { ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله } [ الحج : 34 ] الآية ليبنى عليه قوله : { فلا ينازعنك في الأمر }. فهذا استدلال على توحيد الله تعالى بما سبق من الشرائع لقصد إبطال تعدد الآلهة ، بأن الله ما جعل لأهل كلّ ملة سبقت إلا مَنسكاً واحداً يتقرّبون فيه إلى الله لأنّ المتقرّب إليه واحد . وقد جعل المشركون مناسك كثيرة فلكلّ صنم بيت يذبح فيه مثل الغبغب للعُزّى ، قال النّابغة :وما هُريق على الأنصاب من جَسَد. . . . . . . . . . . .( أي دم ). وقد أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى : { ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكُروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا } [ الحج : 34 ] كما تقدم آنفاً .فالجملة استئناف . والمناسبة ظاهرة ولذلك فُصلت الجملة ولم تعْطف كما عطفت نظيرتها المتقدمة .والمنسَك بفتح الميم وفتح السين : اسم مكان النّسُك بضمهما كما تقدّم . وأصل النُّسك العبادة ويطلق على القربان ، فالمراد بالنسك هنا مواضع الحج بخلاف المراد به في الآية السابقة فهو موضع القربان . والضمير في { ناسكوه } منصوب على نزع الخافض ، أي ناسكون فيه .وفي «الموطأ» : «أن قريشاً كانت تقف عند المَشعر الحرام بالمزدلفة بقُزح ، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعَرفة فكانوا يتجادلون يقول هؤلاء : نحن أصوب ، ويقول هؤلاء : نحن أصوب ، فقال الله تعالى : { لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه } الآية ، فهذا الجدال فيما نرى والله أعلم وقد سمعت ذلك من أهل العلم اه .قال الباجي في «المنتقى» : «وهو قول ربيعة» . وهذا يقتضي أن أصحاب هذا التفسير يرون الآية قد نزلت بعد فرض الحج في الإسلام وقبل أن يمنع المشركون منه ، أي نزلت في سنة تسع ، والأظهر خلافه كما تقدم في أول السورة .وفرّع على هذا الاستدلال أنهم لم تبق لهم حجة ينازعون بها النبي صلى الله عليه وسلم في شأن التوحيد بعد شهادة الملل السابقة كلها ، فالنهي ظاهره موجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأن ما أعطيه من الحجج كاففٍ في قطع منازعة معارضيه ، فالمعارضون هم المقصود بالنهي ، ولكن لما كان سبب نهيهم هو ما عند الرسول صلى الله عليه وسلم من الحجج وُجه إليه النهي عن منازعتهم إياه كأنه قيل : فلا تترك لهم ما ينازعونك به ، وهو من باب قول العرب : لا أعْرِفَنّك تفعل كذا ، أي لا تَفْعل فأعرِفك ، فجعل المتكلم النهي موجهاً إلى نفسه ، والمراد نهي السامع عن أسبابه ، وهو نهي للغير بطريق الكناية .وقال الزجاج : هو نهي للرسول عن منازعتهم لأن صيغة المفاعلة تقتضي حصول الفعل من جانبي فاعله ومفعوله ، فيصحّ نهي كل من الجانبين عنه . وإنما أسند الفعل هنا لضمير المشركين مبالغة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن منازعته إياهم التي تفضي إلى منازعتهم إياه فيكون النهي عن منازعته إياهم كإثبات الشيء بدليله . وحاصل معنى هذا الوجه أنه أمر للرسول بالإعراض عن مجادلتهم بعدما سيق لهم من الحجج .واسم { الأمر } هنا مجمل مراد به التوحيدُ بالقرينة ، ويحتمل أن المشركين كانوا ينازعون في كونهم على ضلال بأنهم على ملّة إبراهيم وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرر الحَجّ الذي هو من مناسكهم ، فجعلوا ذلك ذريعة إلى ادعاء أنهم على الحق وملّة إبراهيم ، فكان قوله تعالى : { لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه } كشفاً لشبهتهم بأن الحج منسك حقّ ، وهو رمز التوحيد ، وأن ما عداه باطل طارىء عليه فلا ينازعُنّ في أمر الحجّ بعد هذا . وهذا المحمل هو المناسب لتناسق الضمائر العائدة على المشركين مما تقدم إلى قوله { وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير } [ الحج : 72 ] ، ولأن هذه السورة نزل بعضها بمكة في آخر مُقام النبي صلى الله عليه وسلم بها وبالمدينة في أول مُقامه بها فلا منازعة بين النبي وبين أهل الكتاب يومئذ ، فيبعد تفسيرُ المنازعة بمنازعة أهل الكتاب .وقوله { وادع إلى ربك } عطف على جملة { فلا ينازعنك في الأمر }. عطف على انتهاء المنازعة في الدين أمرٌ بالدوام على الدعوة وعدم الاكتفاء بظهور الحجّة لأن المُكابرة تجافي الاقتناع ، ولأنّ في الدوام على الدعوة فوائد للناس أجمعين ، وفي حذف مفعول { ادع } إيذان بالتعميم .وجملة { إنك لعلى هدى مستقيم } تعليل للدوام على الدعوة وأنها قائمة مقام فاء التعليل لا لردّ الشك . و { على } مستعارة للتمكن من الهدى .ووصف الهدى بالمستقيم استعارة مكنية؛ شبه الهُدى بالطريق الموصل إلى المطلوب ورُمز إليه بالمستقيم لأن المستقيم أسرع إيصالاً ، فدين الإسلام أيسر الشرائع في الإيصال إلى الكمال النفساني الذي هو غاية الأديان . وفي هذا الخبر تثبيت للنبيء صلى الله عليه وسلم وتجديد لنشاطه في الاضطلاع بأعباء الدعوة .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وبعد أن عرضت السورة الكريمة دلائل قدرة الله - تعالى - ورحمته بعباده أتبعت ذلك ببيان أنه - سبحانه - قد جعل لكم أمة شرعة ومنهاجا ، وأمرت النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يمضى فى طريقة لتبليغ رسالة الله - تعالى - دون أن يلتفت إلى ممارات المشركين له ، وأن يفوض الحكم فيهم إليه - سبحانه - فهو العليم بكل شىء ، فقال - تعالى - : ( لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا . . . ) .قال الآلوسى : قوله - تعالى - : ( لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ . . . ) كلام مستأنف جىء به لزجر معاصريه - صلى الله عليه وسلم - من أهل الأديان السماوية عن منازعته ، ببيان حال ما تمسكوا به من الشرائع ، وإظهار خطئهم .والمراد الأمة هنا : القوم الذين يدينون بشريعة معينة . والمراد بالمنسك المنهج والشريعة التى يتبعونها فى عقيدتهم وفى معاملاتهم . . .أى : شرعنا لكل أمة من الأمم السابقة منهجا يسيرون عليه فى اعتقادهم وفى طريقة حياتهم ، فالأمة التى وجدت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى - عليهما السلام - شريعتها التوراة ، والأمة التى وجدت من بعث عيسى حتى مبعث محمد - صلى الله - شريعتها الأنجيل ، والأمة التى وجدت منذ مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة شريعتها القرآن .وعلى كل أمة أدركت بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تتبعه فيما جاء به من عند ربه ، لأن شريعته هى الشريعة الناسخة لما قبلها ، والمهيمنة عليها .ويرى بعضهم أن المراد بالمنسك هنا : المكان الذى يذبحون فيه ذبائحهم تقربا إلى الله - تعالى - .وقد رجح الإمام ابن جرير ذلك فقال ما ملخصه : وأصل المناسك فى كلام العرب : الموضع المعتاد الذى يعتاده الرجل ويألفه لخير أو شر . يقال : إن لفلان منسكا يعتاده ، يراد مكانا يغشاه ويألفه لخير أو شر . وقد اختلف أهل التأويل فى معنى المنسك هنا ، فقيل : عيد ، وقيل : إراقة الدم . . . والصواب من القول فى ذلك أن يقال : عنى بذلك إراقة الدم أيام النحر بمنى ، لأن المناسك التى كان المشركون جادلوا فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت إراقة الدم فى هذه الأيام . . . ولذلك قلنا : عنى بالمنسك فى هذا الموضع : الذبح . .ويبدو لنا أن القول الأول ، وهو تفسير المنسك بالشريعة الخاصة أقرب إلى الصواب لشموله للذبح وغيره .والضمير فى قوله : ( هُمْ نَاسِكُوهُ ) يعود لكل أمة .أى : جعلنا لكل أمة شريعة تسير على تعاليمها ، وتنهج على نهجها . .والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الأمر ) لترتيب النهى على ما قبلها .والمنازعة : المجادلة والمخاصمة . والمراد بالأمر : ما جاء به النبى - صلى الله عليه وسلم - من عند ربه - تعالى - من تشريعات وأحكام .أى : قد جعلنا لكل أمة من الأمم السابقة شريعة تتبع تعاليمها ، وما دام الأمر كذلك ، فاسلك أنت وأتباعك - أيها الرسول الكريم - الشريعة التى أوحيناها إليك ، وأمرناك باتباعها ، ولا تلتفت إلى مخاصمة من ينازعك فى ذلك من اليهود أو النصارى أو غيرهم ، فإن منازعتهم لك فيما جئت به من عند ربك ، يدل على جهلهم وسوء تفكيرهم ، لأن ما جئت به من عند ربك مصدق لشريعتهم ، ومهيمن عليها وناسخ لها .ثم أرشده - سبحانه - إلى ما يجب عليه نحو دينه فقال : ( وادع إلى رَبِّكَ إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ) .أى : وادع هؤلاء الذين ينازعونك فيما جئتهم به من الحق ، وأدع غيرهم معهم إلى ترك التنازع والتخاصم ، وإلى الدخول فى دين الإسلام : فإنك أنت على الصراط المستقيم ، الذى لا اعوجاج فيه ولا التباس .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله عز وجل : ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) قال ابن عباس : يعني شريعة هم عاملون بها . وروي عنه أنه قال : عيدا قال قتادة ومجاهد : موضع قربان يذبحون فيه . وقيل : موضع عبادة . وقيل : مألفا يألفونه .والمنسك في كلام العرب : الموضع المعتاد لعمل خير أو شر ، ومنه " مناسك الحج " لتردد الناس إلى أماكن أعمال الحج .( فلا ينازعنك في الأمر ) يعني في أمر الذبائح . نزلت في بديل بن ورقاء ، وبشر بن سفيان ، ويزيد بن خنيس قالوا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ما لكم تأكلون مما تقتلون بأيديكم ولا تأكلون مما قتله الله .قال الزجاج : معنى قوله ( فلا ينازعنك ) أي : لا تنازعهم أنت ، كما يقال : لا يخاصمك فلان ، أي : لا تخاصمه ، وهذا جائز فيما يكون بين الاثنين ، ولا يجوز : لا يضربنك فلان ، وأنت تريد : لا تضربه ، وذلك أن المنازعة والمخاصمة لا تتم إلا باثنين ، فإذا ترك أحدهما فلا مخاصمة هناك .( وادع إلى ربك ) إلى الإيمان بربك ، ( إنك لعلى هدى مستقيم ) .