تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
أم أمنتم -أيها الناس- ربكم، وقد كفرتم به أن يعيدكم في البحر مرة أخرى، فيرسل عليكم ريحًا شديدة، تكسِّر كل ما أتت عليه، فيغرقكم بسبب كفركم، ثم لا تجدوا لكم علينا أي تبعة ومطالبة؛ فإن الله لم يظلمكم مثقال ذرة؟
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«أم أمنتم أن نعيدكم فيه» أي البحر «تارة» مرة «أخرى فنرسل عليكم قاصفا من الريح» أي ريحا شديدة لا تمر بشيء إلا قصفته فتكسر فلككم «فتغرقكم بما كفرتم» بكفركم «ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا» ناصرا وتابعا يطالبنا بما فعلنا بكم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاقوله تعالى : أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى يعني في البحر .فيرسل عليكم قاصفا من الريح القاصف : الريح الشديدة التي تكسر بشدة ; من قصف الشيء يقصفه ; [ ص: 263 ] أي كسره بشدة . والقصف : الكسر ; يقال : قصفت الريح السفينة . وريح قاصف : شديدة . ورعد قاصف : شديد الصوت . يقال : قصف الرعد وغيره قصيفا . والقصيف : هشيم الشجر . والتقصف التكسر . والقصف أيضا : اللهو واللعب ; يقال : إنها مولدة .فيغرقكم بما كفرتم أي بكفركم . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " نخسف بكم " " أو نرسل عليكم " " أن نعيدكم " " فنرسل عليكم " " فنغرقكم بالنون في الخمسة على التعظيم ، لقوله : علينا ، الباقون بالياء ; لقوله في الآية قبل : إياه . وقرأ أبو جعفر وشيبة ورويس ومجاهد " فتغرقكم " بالتاء نعتا للريح . وعن الحسن وقتادة " فيغرقكم " بالياء مع التشديد في الراء . وقرأ أبو جعفر " الرياح " هنا وفي كل القرآن . وقيل : إن القاصف المهلكة في البر ، والعاصف المغرقة في البحر ; حكاه الماوردي .ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا قال مجاهد : ثائرا . النحاس : وهو من الثأر . وكذلك يقال لكل من طلب بثأر أو غيره : تبيع وتابع ; ومنه فاتباع بالمعروف أي مطالبة .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
و ( أم ) عاطفة الاستفهام ، وهي للإضراب الانتقالي ، أي بل أأمنتم ، فالاستفهام مقدر مع ( أم ) لأنها خاصة به ، أي أو هل كنتم آمنين من العود إلى ركوب البحر مرة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح .والتارة : المرة المتكررة ، قيل عينه همزة ثم خففت لكثرة الاستعمال . وقيل : هي واو . والأول أظهر لوجوده مهموزاً وهم لا يهمزون حرف العلة في اللغة الفصحى ، وأما تخفيف المهموز فكثير مثل : فأس وفاس ، وكأس وكاس .ومعنى { أن يعيدكم } أن يُوجد فيكم الدواعي إلى العود تهيئة لإغراقكم وإرادة للانتقام منكم ، كما يدل عليه السياق وتفريعُ { فيرسل } عليه .والقاصف : التي تقصف ، أي تكسر . وأصل القصف : الكسر . وغلب وصف الريح به . فعومل معاملة الصفات المختصة بالمؤنث فلم يلحقوه علامة التأنيث ، مثل { عاصف } في قوله :{ جاءتها ريح عاصف } في سورة [ يونس : 22 ]. والمعنى : فيرسل عليكم ريحاً قاصفاً ، أي تقصف الفلك ، أي تعطبه بحيث يغرق ، ولذلك قال : { فيغرقكم }.قرأ الجمهور { من الريح } بالإفراد . وقرأ أبو جعفر { من الرياح } بصيغة الجمع .والباء في { بما كفرتم } للسببية . و ( ما ) مصدرية ، أي بكفركم ، أي شرككم .و ( ثم ) للترتيب الرتبي كشأنها في عطفها الجمل . وهو ارتقاء في التهديد بعدم وجود مُنقذ لهم ، بعد تهديدهم بالغرق لأن الغريق قد يجدُ منقذاً .والتبيع : مبالغة في التابع ، أي المتتبع غيره المطالب لاقتضاء شيء منه . أي لا تجدوا من يسعى إليه ولا من يطالب لكم بثأر .ووصف ( تبيع ) يناسب حال الضر الذي يلحقهم في البحر ، لأن البحر لا يصل إليه رجال قبيلة القوم وأولياؤهم ، فلو راموا الثأر لهم لركبوا البحر ليتابعوا آثار من ألحق بهم ضراً . فلذلك قيل هنا { تبيعا } وقيل في التي قبلها { وكيلاً } كما تقدم .وضمير { به } عائد إما إلى الإغراق المفهوم من { يغرقكم } ، وإما إلى المذكور من إرسال القاصف وغيره .وقرأ الجمهور ألفاظ { يخسف } و { يرسل } و { يعيدكم } و { فيرسل } و { فيغرقكم } خمسُتها بالياء التحتية . وقرأها ابن كثير وأبو عمرو بنون العظمة على الالتفات من ضمير الغيبة الذي في قوله : { فلما نجاكم إلى البر } إلى ضمير التكلم . وقرأ أبو جعفر ورويس عن يعقوب { فتغرقكم } بمثناة فوقية . والضمير عائد إلى { الريح } على اعتبار التأنيث ، أو { على الرياح } على قراءة أبي جعفر .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
قال الآلوسى : " قوله : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ . . . ) أى : جعلناهم قاطبة برهم وفاجرهم ، ذوى كرم ، أى : شرف ومحاسن جمة لا يحيط بها نطاق الحصر . . " .ومن مظاهر تكريم الله - تعالى - لبنى آدم ، أنه خلقهم فى أحسن تقويم ، كما قال - تعالى - : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وأنه ميزهم بالعفل والنطق والاستعدادات المتعددة ، التى جعلتهم أهلاً لحمل الأمانة ، كما قال - سبحانه - : ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان . . . ) وأنه سخر الكثير من مخلوقاته لمنفعتهم ومصلحتهم ، قال - تعالى - : ( الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك لِتَجْرِيَ فِي البحر بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنهار وَسَخَّر لَكُمُ الشمس والقمر دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليل والنهار وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) وأنه سجل هذا التكريم فى القرآن الكريم ، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكفاهم بذلك شرفا وفخرا .وقوله - تعالى - ( وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البر والبحر ) بيان لنوع من أنواع هذا التكريم . أى : وحملناهم بقدرتنا ورعايتنا فى البر على الدواب وغير ذلك من وسائل الانتقال كالقطارات والسيارات وغيرها ، وحملناهم فى البحر على السفن وعابرات البحار التى تنقلهم من مكان إلى آخر .وقوله : ( وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطيبات ) بيان لنوع آخر من أنواع التكريم . أى : ورزقناهم بفضلنا وإحساننا من طيبات المطاعم والمشارب والملابس ، التى يستلذونها ، ولا يستغنون عنها فى حياتهم .وقوله : ( وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) بيان لنوع ثالث من أنواع التكريم ، أى : وبسبب هذا التكريم فضلناهم على كثير من مخلوقاتنا التى لا تحصى ، تفضيلاً عظيمًا .وعلى هذا التفسير يكون التفضيل لونًا من ألوان التكريم الذى منحه الله - تعالى - لبنى آدم .وبعضهم يرى أن هناك فرقًا بين التكريم والتفضيل ، ومن هذا البعض الإِمام الفخر الرازى ، فقد قال - رحمه الله - ما ملخصه : " لقد قال الله - تعالى - فى أول الآية ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ ) وقال فى آخرها ( وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) . ولا بد من الفرق بين هذا التكريم والتفضيل وإلا لزم التكرار .والأقرب أن يقال : إنه - تعالى - فضل الإِنسان على سائر الحيوانات بأمور خِلْقية طبيعية ذاتية ، مثل : العقل ، والنطق ، والصورة الحسنة . . ثم إنه - تعالى - عرضه بواسطة ذلك لاكتساب العقائد الحقة ، والأخلاق الفاضلة فالأول : هو التكريم ، والثانى : هو التفضيل " .وكأن الفخر الرازى يرى أن التكريم يرجع إلى الصفات الخلقية التى امتاز بها بنو آدم ، أما التفضيل فيرجع إلى ما اكتسبوه من عقائد سليمة ، وأخلاق قويمة .هذا ، وقد أخذ صاحب الكشاف من هذه الجملة وهى قوله - تعالى - : ( وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) أن الملائكة أفضل من البشر ، لأنهم - أى الملائكة - هم المقصودون بالقليل الذى لم يفضل عليه بنو آدم .قال - رحمه الله - : " قوله : ( وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا . . . ) هو ما سوى الملائكة وحسب بنى آدم تفضيلاً ، أن ترفع عليهم الملائكة - وهم هم - ، ومنزلتهم عند الله منزلتهم . . . " .ويرى كثير من المفسرين أن المراد بالتفضيل هنا : تفضيل الجنس ، ولا يلزم منه تفضيل كل فرد على كل فرد .قال الجمل ما ملخصه : " ( وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) المراد تفضيل جنس البشر على أجناس غيره كالملائكة ، ولا يلزم من تفضيل جنس البشر على جنس الملك تفضيل الأفراد ، إذ الملائكة فى جملتهم أفضل من البشر غير الأنبياء . وصلحاء البشر - كالصديق - أفضل من عوام الملائكة ، أى : غير الرؤساء منهم ، على المعتمد من طريقة التفضيل " .والذى تطمئن إليه النفس فى هذه المسألة - والله أعلم - : أن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - أفضل من الملائكة جميعًا ، لأن الله - تعالى - قد أمر الملائكة بالسجود لآدم الذى جعله خليفة له فى أرضه ، دون غيره من الملائكة . . .وأن الرسل من الملائكة - كجبريل وإسرافيل وعزرائيل وميكائيل - أفضل من عموم البشر - سوى الأنبياء - ، لأن هؤلاء الرسل قد اصطفاهم الله - تعالى - واختارهم لوظائف معينة ، قال - تعالى - ( الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس ) وأن صلحاء البشر - كالعشرة المبشرين بالجنة - أفضل من عامة الملائكة ، لأن الملائكة ليست فيهم شهوة تدفعهم إلى مخالفة ما أمر الله به . . . أما بنو آدم فقد ركب الله - تعالى - فيهم شهوة داعية إلى ارتكاب المعصية ، ومقاومة هذه الشهوات جهاد يؤدى إلى رفع الدرجات . . .ومن العلماء الذين بسطوا القول فى هذه المسألة الإِمام الفخر الرازى ، فليرجع إليه من شاء .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( أم أمنتم أن يعيدكم فيه ( يعني في البحر ( تارة ( مرة ( أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح ( قال ابن عباس : أي : عاصفا وهي الريح الشديدة .وقال أبو عبيدة : هي الريح التي تقصف كل شيء أي تدقه وتحطمه .وقال القتيبي : هي التي تقصف الشجر أي تكسره .( فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ( ناصرا ولا ثائرا و " تبيع " بمعنى تابع أي تابعا مطالبا بالثأر . وقيل : من يتبعنا بالإنكار .قرأ ابن كثير وأبو عمرو " أن نخسف ونرسل ونعيدكم فنرسل فنغرقكم " بالنون فيهن لقوله " علينا " وقرأ الآخرون بالياء لقوله " " إلا إياه " وقرأ أبو جعفر ويعقوب : " فتغرقكم " بالتاء يعني الريح .