تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قل -أيها الرسول- للذين صدَّقوا بالله واتَّبَعوا رسله يعفوا، ويتجاوزوا عن الذين لا يرجون ثواب الله، ولا يخافون بأسه إذا هم نالوا الذين آمنوا بالأذى والمكروه؛ ليجزي الله هؤلاء المشركين بما كانوا يكسبون في الدنيا من الآثام وإيذاء المؤمنين.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون» يخافون «أيام الله» وقائعه، أي اغفر للكفار ما وقع منهم من الأذى لكم وهذا قبل الأمر بجهادهم «ليجزي» أي الله وفي قراءة بالنون «قوماً بما كانوا يكسبون» من الغفر للكفار أذاهم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون .قوله تعالى : قل للذين آمنوا يغفروا جزم على جواب قل تشبيها بالشرط والجزاء كقولك : قم تصب خيرا . وقيل : هو على حذف اللام . وقيل : على معنى قل لهم اغفروا يغفروا ، فهو جواب أمر محذوف دل الكلام عليه ، قاله علي بن عيسى واختاره ابن العربي . ونزلت الآية بسبب أن رجلا من قريش شتم عمر بن الخطاب فهم أن يبطش به . قال ابن العربي : وهذا لم يصح . وذكر الواحدي والقشيري وغيرهما عن ابن عباس أن الآية نزلت في عمر مع عبد الله بن أبي في غزوة بني المصطلق ، فإنهم نزلوا على بئر يقال لها ( المريسيع ) فأرسل عبد الله غلامه ليستقي ، وأبطأ عليه فقال : ما حبسك ؟ قال : غلام عمر بن الخطاب قعد على فم البئر ، فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرب أبي بكر ، وملأ لمولاه . فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سمن كلبك يأكلك . فبلغ عمر [ ص: 151 ] - رضي الله عنه - قوله ، فاشتمل على سيفه يريد التوجه إليه ليقتله ، فأنزل الله هذه الآية . هذه رواية عطاء عن ابن عباس . وروى عنه ميمون بن مهران قال : لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص : احتاج رب محمد ! قال : فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه ، فجاء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( إن ربك يقول لك قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) . واعلم أن عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبه ، فلما جاء قال : ( يا عمر ، ضع سيفك ) قال : يا رسول الله ، صدقت . أشهد أنك أرسلت بالحق . قال : ( فإن ربك يقول : قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) قال : لا جرم! والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي .قلت : وما ذكره المهدوي والنحاس فهو رواية الضحاك عن ابن عباس ، وهو قول القرظي والسدي ، وعليه يتوجه النسخ في الآية . وعلى أن الآية نزلت بالمدينة أو في غزوة بني المصطلق فليست بمنسوخة . ومعنى يغفروا يعفوا ويتجاوزوا . ومعنى : لا يرجون أيام الله أي : لا يرجون ثوابه . وقيل : أي : لا يخافون بأس الله ونقمه . وقيل : الرجاء بمعنى الخوف ، كقوله : ما لكم لا ترجون لله وقارا أي : لا تخافون له عظمة . والمعنى : لا تخشون مثل عذاب الأمم الخالية . والأيام يعبر بها عن الوقائع . وقيل : لا يأملون نصر الله لأوليائه وإيقاعه بأعدائه . وقيل : المعنى لا يخافون البعث .ليجزي قوما بما كانوا يكسبون ، قراءة العامة ليجزي بالياء على معنى ليجزي الله . وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر ( لنجزي ) بالنون على التعظيم . وقرأ أبو جعفر والأعرج وشيبة ( ليجزى ) بياء مضمومة وفتح الزاي على الفعل المجهول ، قوما بالنصب . قال أبو عمرو : وهذا لحن ظاهر . وقال الكسائي : معناه ليجزي الجزاء قوما ، نظيره : ( وكذلك نجي المؤمنين ) على قراءة ابن عامر وأبي بكر في سورة ( الأنبياء ) قال الشاعر :ولو ولدت قفيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا[ ص: 152 ] أي : لسب السب .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
.قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) إن كانت هذه متصلة بالآي التي قبلها في النزول ولم يصح ما روي عن ابن عباس في سبب نزولها فمناسبة وقعها هنا أن قوله : { ويل لكل أفّاك أثيم } إلى قوله : { لهم عذاب من رجز أليم } [ الجاثية : 7 11 ] يثير غضب المسلمين على المستهزئين بالقرآن . وَقد أخذ المسلمون يعتزون بكثرتهم فكان ما ذكر من استهزاء المشركين بالقرآن واستكبارهم عن سماعه يتوقع منه أن يبطش بعض المسلمين ببعض المشركين ، ويحتمل أن يكون بَدَرَ من بعض المسلمين غضب أو توعد وأن الله علم ذلك من بعضهم .قال القرطبي والسدي : نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة أصابهم أذى شديد من المشركين فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله بالتجاوز عن ذلك لمصلحة في استبقاء الهدوء بمكة والمتاركة بين المسلمين والمشركين ففي ذلك مصالح جمّة من شيوع القرآن بين أهل مكة وبين القبائل النازلين حولها فإن شيوعه لا يخلو من أن يأخذ بمجامع قلوبهم بالرغم على ما يبدونه من إِعراض واستكبار واستهزاء فتتهَيَّأ نفوسهم إلى الدخول في الدين عند زوال ممانعة سادتهم بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبعد استئصال صناديد قريش يوم بدر . وقد تكرر في القرآن مثل هذا من الأمر بالصفح عن المشركين والعفو عنهم والإعراض عن أذاهم ، ولكن كان أكثر الآيات أمراً للنبيء صلى الله عليه وسلم في نفسه وكانت هذه أمراً له بأن يبلغ للمؤمنين ذلك ، وذلك يشعر بأن الآية نزلت في وقت كان المسلمون قد كثروا فيه وأحسّوا بعزتهم . فأمروا بالعفو وأن يكلوا أمر نصرهم إلى الله تعالى ، وإن كانت نزلت على سبب خاص عرض في أثناء نزول السورة فمناسبتها لأغراض السورة واضحة لأنها تعليم لما يصلح به مقام المسلمين بمكة بين المضادين لهم واحتمال ما يلاقونه من صَلفهم وتجبرهم إلى أن يقضي الله بينهم .وقد روي في سبب نزولها أخبار متفاوتة الضعف ، فروى مكي بن أبي طالب أن رجلاً من المشركين شتم عمر بن الخطاب فَهَمّ أن يبطش به قال ابن العربي : «وهذا لم يصح» . وفي «الكشاف» أن عمر شتمه رجل من غِفار فَهَمَّ أن يبطش به فنزلت . وعن سعيد بن المسيب «كنا بين يدي عمر بن الخطاب فقرأ قارىء هذه الآية فقال عمر : ليَجزِيَ عُمَرَ بما صنع» يعني أنه سبب نزول الآية . وروى الواحدي والقشيري عن ابن عباس : إنها نزلت في غزوة بني المصطلق : نزلوا على بئر يقال لها : المُرَيْسِيع فأرسَل عبدُ الله بن أُبَيّ غلامه ليستقي من البئر فأبطأ ، فلما أتاه قال : ما حسبك . قال : غلام عُمر قعد على فم البئر فما ترك أحداً يسقي حتى مَلأ قِرَبَ النبي صلى الله عليه وسلم وقِرَب أبي بكر ومَلأ لمولاه ، فقال عبد الله بن أُبيّ : ما مَثلُنا ومثَلُ هؤلاء إلا كما قال القائل : «سَمِّن كلبَك يأكُلك» فهَمَّ عمر بن الخطاب بقتله ، فنزلت .وروى ابن مهران عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } [ البقرة : 245 ] الآية قال فنحاص اليهودي : احتاج ربّ محمد ، فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه فنزلت الآية ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه فلما جاء قال : ضع سيفك . وهاتان روايتان ضعيفتان ومن أجلهما روي عن عطاء وقتادة وابن عباس أن هذه الآية مدنية .وأقرب هذه الأخبار ما قاله مكي بن أبي طالب . ولو صحت ما كان فيه ما يفكك انتظام الآيات سواء صادف نزولها تلك الحادثة أو أمر الله بوضعها في هذا الموضع .وجزْم { يغفروا } على تقدير لام الأمر محذوفاً ، أي قل لهم ليغفروا ، أو هو مجزوم في جواب { قل } ، والمقول محذوف دل عليه الجواب . والتقدير : قل للذين آمنوا اغفروا يغفروا . وهذا ثقة بالمؤمنين أنهم إذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم امتثلوا . والوجهان يتأتَّيان في مثل هذا التركيب كلما وقع في الكلام ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } في سورة إبراهيم ( 31 ) .و { الذين لا يرجون أيام الله } يراد بهم المشركون من أهل مكة .والرجاء : ترقب وتطلب الأمر المحبوب ، وهذا أشهر إطلاقاته وهو الظاهر في هذه الآية .والأيام : جمع يوم ، وهذا الجمع أو مفرده إذا أضيف إلى اسم أحد أو قوم أو قبيلة كان المراد به اليوم الذي حصل فيه لمَن أضيف هو إليه نَصر وغلب على معاند أو مُقاتل ، ومنه أطلق على أيام القتال المشهورة بين قبائل العرب : أيامُ العرب ، أي التي كان فيها قتال بين قبائل منهم فانتصر بعضهم على بعض ، كما يقال أيام عبس ، وأيام داحس والغبراء ، وأيام البَسوس ، قال عمرو بن كلثوم: ... وأيام لنَا غرٌّ طِوالعَصينا المَلْك فيها إن نَدِينا ... فإذا قالوا : أيام بني فلان ، أرادوا الأيام التي انتصر فيها من أضيفت الأيام إلى اسمه ، ويقولون : أيام بني فلان على بني فلان فيريدون أن المجرور بحرف الاستعلاء مغلوب لتضمن لفظ { أيام } أو ( يوم ) معنى الانتصار والغلب . وبذلك التضمّن كان المجرور متعلقاً بلفظ { أيام } أو ( يوم ) وإن كان جامداً ، فمعنى { أيام الله } على هذا هو من قبيل قولهم : أيام بني فلان ، فيحصل من محمل الرجاء على ظاهر استعماله .ومحمل { أيام الله } على محمل أمثاله أن معنى الآية للذين لا تترقب نفوسهم أيام نصر الله ، أي نصر الله لهم : إما لأنهم لا يتوكلون على الله ولا يستنصرونه بل توجّههم إلى الأصنام ، وإما لأنهم لا يخطر ببالهم إلا أنهم منصورون بحولهم وقوتهم فلا يخطر ببالهم سؤال نصر الله أو رجاؤه وهم معروفون بهذه الصلة بين المسلمين فلذلك أجريت عليهم هنا وعرفوا بها .وأوثر تعريفهم بهذه الصلة ليكون في ذلك تعريض بأن الله ينصر الذين يرجون أيام نصره وهم المؤمنون . والغرض من هذا التعريض الإيماء بالموصول إلى وجه أمر المؤمنين أن يغفِروا للمشركين ويصفحوا عن أذى المشركين ولا يتكلفوا الانتصار لأنفسهم لأن الله ضمن لهم النصر .وقد يطلق { أيام الله } في القرآن على الأيام التي حصل فيها فضله ونعمته على قوم ، وهو أحد تفسيرين لقوله تعالى : { وذَكِّرهم بأيام الله } [ إبراهيم : 5 ] .ومعنى { لا يرجون أيام الله } على هذا التأويل أنهم في شغل عن ترقب نعم الله بما هم فيه من إسناد فعل الخير إلى أصنامهم بانكبابهم على عبادة الأصنام دون عبادة الله ويأتي في هذا الوجه من التعريض والتحريض مثل ما ذكر في الوجه الأول لأن المؤمنين هم الذين يرجون نعمة الله . وفسر به قوله تعالى : { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } [ الفرقان : 21 ] وقوله : { ما لكم لا تَرْجَون لله وقاراً } [ نوح : 13 ] ، فيكون المراد ب { أيام الله } : أيام جزائه في الآخرة لأنها أيام ظهور حكمه وعزته فهي تقارب الأيام بالمعنى الأول ، ومنه قوله تعالى : { ذلك اليوم الحقّ } [ النبأ : 39 ] ، أي ذلك يوم النصر الذي يحق أن يطلق عليه ( يوم ) فيكون معنى هذه الآية : أنهم لا يخافون تمكن الله من عقابهم لأنهم لا يؤمنون بالبعث .ومعنى الآية أن المؤمنين أمروا بالعفو عن أذى المشركين وقد تكرر ذلك في القرآن قال تعالى : { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } [ آل عمران : 186 ] . وفي «صحيح البخاري» عن أسامة بن زيد في هذه الآية : وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى . وقوله : { ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون } تعليل للأمر المستفاد من قوله : { يغفروا } أي ليغفروا ويصفحوا عن أذى المشركين فلا ينتصروا لأنفسهم ليجزيهم الله على إيمانهم وعلى ما أوذوا في سبيله فإن الانتصار للنفس توفية للحق وماذا عساهم يبلغون من شفاء أنفسهم بالتصدّي للانتقام من المشركين على قلتهم وكثرة أولئك فإذا توكلوا على نصر ربّهم كان نصره لهم أتم وأخضد لشوكة المشركين كما قال نوح { إني مغلوب فانتصر } [ القمر : 10 ] . وهذا من معنى قوله تعالى : { وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل } [ الحجر : 85 ] . وكان مقتضى الظاهر أن يقال ليجزيهم بما كانوا يكسبون ، فعدل إلى الإظهار في مقام الإضمار ليكون لفظُ { قوماً } مشعراً بأنهم ليسوا بمضيعة عند الله فإن لفظ ( قوم ) مشعر بفريق له قِوامه وعزته { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا } [ محمد : 11 ] .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يحض المؤمنين على التجاوز والصفح ، عما يصدر من المشركين من كلمات بذيئة ، ومن أفعال قبيحة ، حتى يأتى الله بأمره .. . فقال - تعالى - : ( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ الله ) .وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآية روايات منها وما روى عن ابن عباس أنها نزلت فى عمر بن الخطاب ، شتمه مشرك بمكة قبل الهجرة فهَّم أن يبطش به ، فنزلت .ومقول القول محذوف لأن الجواب دال عليه . والرجاء هنا : بمعنى الخوف . والمراد بأيام الله : وقائعة بأعدائه .أى : قل - أيها الرسول الكريم - لأتباعك المؤمنين ، على سبيل النصح والإِرشاد ، قل لهم : اغفروا يغفروا للمشركين الذن لا يخافون من وقائع الله ونقمته بأعدائه ، ولا يتوقعون أن هناك عذابا شديدا سينتظرهم ، ون هناك ثوابا عظيما سينتظر المؤمنين .فالآية الكريمة توجيه حكيم للمؤمنين إلى التسامح والصبر على كيد أعدائهم ، حتى يأتى الله - تعالى - بأمره ، الذى فيه النصر للمؤمنين ، والخسران للكافرين .وقوله - سبحانه - : ( لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) علة للأمر بالصفح والمغفرة ، وهو متعلق بما قبله ، والمراد بالقوم : المؤمنون الذين أمروا بالتسامح والعفو . . والتنكير فى لفظ ( قَوْماً ) للتعظيم .أى : أمر الله المؤمنين بذلك ، ليجزيهم يوم القيامة بما سكبوا فى الدنيا من الأعمال الصالحة ، التى منها الصبر على أذى أعدائهم ، والإِغضاء عنهم ، واحتمال المكروه منهم .قال صاحب الكشاف : قوله : ( لِيَجْزِيَ قَوْماً ) تعليل للأمر بالمغفرة أى إنما أمروا بأن يغفروا ، لما أراده الله من توفيتهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة .فإن قلت : قوله : ( قَوْماً ) ما وجه تنكيره ، وإنما أراد الذين آمنوا وهم معارف؟قلت : هو مدح لهم وثناء عليهم ، كأنه قيل : لجيزى أيما قوم . أو قوما مخصوصين ، لصبرهم وإضائهم على أعدائهم من الكفار ، وعلى ما كانوا يجرعونهم من الغصص .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون نقمته ، قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وذلك أن رجلا من بني غفار شتمه بمكة فهم عمر - رضي الله تعالى عنه - أن يبطش به ، فأنزل الله هذه الآية ، وأمره أن يعفو عنه .وقال القرظي والسدي : نزلت في أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة كانوا في أذى شديد من المشركين ، من قبل أن يؤمروا بالقتال ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله هذه الآية ثم نسختها آية القتال . ( ليجزي قوما ) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي " لنجزي " بالنون ، وقرأ الآخرون بالياء ، أي ليجزي الله ، وقرأ أبو جعفر " ليجزى " بضم الياء الأولى وسكون الثانية وفتح الزاي ، قال أبو عمرو : وهو لحن ، قال الكسائي : معناه ليجزي الجزاء قوما ( بما كانوا يكسبون ) .