تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وقل لهؤلاء الغافلين: ما جئتكم به هو الحق من ربكم، فمن أراد منكم أن يصدق ويعمل به، فليفعل فهو خير له، ومن أراد أن يجحد فليفعل، فما ظَلَم إلا نفسه. إنا أعتدنا للكافرين نارًا شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغث هؤلاء الكفار في النار بطلب الماء مِن شدة العطش، يُؤتَ لهم بماء كالزيت العَكِر شديد الحرارة يشوي وجوههم. قَبُح هذا الشراب الذي لا يروي ظمأهم بل يزيده، وقَبُحَتْ النار منزلا لهم ومقامًا. وفي هذا وعيد وتهديد شديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعمل بمقتضاها.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وقل» له ولأصحابه هذا القرآن «الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» تهديد لهم «إنا أعتدنا للظالمين» أي الكافرين «نارا أحاط بهم سرادقها» ما أحاط بها «وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل» كعكر الزيت «يشوي الوجوه» من حره إذا قرب إليها «بئس الشراب» هو «وساءت» أي النار «مرتفقا» تمييز منقول عن الفاعل أي قبح مرتفقها وهو مقابل لقوله الآتي في الجنة «وحسنت مرتفقا» وإلا فأي ارتفاق في النار.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاقوله تعالى : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الحق رفع على خبر الابتداء المضمر ; أي قل هو الحق . وقيل : هو رفع على الابتداء ، وخبره في قوله من ربكم . ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان ، وبيده الهدى والضلال ، يهدي من يشاء فيؤمن ، ويضل من يشاء فيكفر ; ليس إلي من ذلك شيء ، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ; فإن شئتم فآمنوا ، وإن شئتم [ ص: 352 ] فاكفروا . وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر ، وإنما هو وعيد وتهديد . أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار ، وإن آمنتم فلكم الجنة .إنا أعتدنا أي أعددنا .للظالمين أي للكافرين الجاحدين .نارا أحاط بهم سرادقها قال الجوهري : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار . وكل بيت من كرسف فهو سرادق . قال رؤبة :يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد عليك ممدوديقال : بيت مسردق . وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيلة :هو المدخل النعمان بيتا سماؤه صدور الفيول بعد بيت مسردقوقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : وقال ابن الأعرابي : سرادقها سورها . وعن ابن عباس : حائط من نار . الكلبي : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة . القتبي : السرادق الحجزة التي تكون حول الفسطاط . وقاله ابن عزيز . وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة ، وهو الذي ذكره الله - تعالى - في سورة ( والمرسلات ) . حيث يقول : انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وقوله : وظل من يحموم قاله قتادة . وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا . وروى يعلى بن أمية قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : البحر هو جهنم - ثم تلا - نارا أحاط بهم سرادقها - ثم قال - والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة ذكره الماوردي . وخرج ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة . وخرجه أبو عيسى الترمذي ، وقال فيه : حديث حسن صحيح غريب .قلت : وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار ، وجدره ما وصف .قوله تعالى : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه قال ابن عباس : المهل ماء [ ص: 353 ] غليظ مثل دردي الزيت . مجاهد : القيح والدم . الضحاك : ماء أسود ، وإن جهنم لسوداء ، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود . وقال أبو عبيدة : هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقزدير ، فتموج بالغليان ، فذلك المهل . ونحوه عن ابن مسعود قال سعيد بن جبير : هو الذي قد انتهى حره . وقال : المهل ضرب من القطران ; يقال : مهلت البعير فهو ممهول . وقيل : هو السم . والمعنى في هذه الأقوال متقارب . وفي الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه قال أبو عيسى : هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه من قبل حفظه . وخرج عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال : يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله - تعالى - وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قال : حديث غريب .قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال ، وأنها مرادة ، والله أعلم . وكذلك نص عليها أهل اللغة . في الصحاح " المهل " النحاس المذاب . ابن الأعرابي : المهل المذاب من الرصاص . وقال أبو عمرو . المهل دردي الزيت . والمهل أيضا القيح والصديد . وفي حديث أبي بكر : ادفنوني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب .بئس الشراب وساءت مرتفقا قال مجاهد : معناه مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة . ابن عباس : منزلا . عطاء : مقرا . وقيل مهادا . وقال القتبي : مجلسا ، والمعنى متقارب ; وأصله من المتكأ ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق . قال الشاعر :قالت له وارتفقت ألا فتى يسوق بالقوم غزالات الضحىويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مرفقه لا يأتيه نوم . قال أبو ذؤيب الهذلي :نام الخلي وبت الليل مرتفقا كأن عيني فيها الصاب مدبوحالصاب : عصارة شجر مر .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجهر بكلمة الحق فى وجوه المستكبرين ، فقال .( وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ . . ) .أى : وقل : أيها الرسول - لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا ، واتبعوا أهواءهم ، وكان أمرهم فرطا ، قل لهم : هذا الذى جئتكم به من قرآن هو الحق من ربكم وخالقكم . . فقوله : ( الحق مِن رَّبِّكُمْ ) خبر لمبتدأ محذوف .أو أن لفظ ( الحق ) مبتدأ ، والجار والمجرور خبره . أى : الحق الذى جئتكم به فى هذا القرآن العظيم ، كائن مبدؤه من ربكم ، وليس من أحد سواه .وليس المراد من قوله ( فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ) التخيير بين الإيمان والكفر ، بل المراد به التهديد والتخويف ، بدليل قوله - تعالى - بعد ذلك ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً ) . . إلخ .أى : قل لهم جئتكم من ربكم بالحق الذى يجب اتباعه ، فمن شاء أن يؤمن به فليفعل فإن عاقبته الخير والثواب ، ومن شاء أن يكفر به فليكفر فإن عاقبته الخسران والعقاب ، كما بين - سبحانه - ذلك فى قوله : ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ) .والسرادق : كل ما أحاط بغيره ، كالحائط أو السور الذى يحيط بالبناء ، فيمنع من الوصول إلى ما بداخله .أى : إنا هيأنا وأعددنا للكافرين بهذا الحق نارا مهولة عظيمة ، أحاط بهم سياجها إحاطة تامة؛ بحيث لا يستطيعون الخروج منه ، وإنما هم محصورون بداخله . كما ينحصر الشئ بداخل ما يحدق به من كل جانب .وقوله : ( وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه بِئْسَ الشراب وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً ) بيان لما ينزل بهم من عذاب عندما يطلبون الغوث مما هم فيه من كروب .والمهل فى اللغة : يطلق على ما أذيب من جواهر الأرض . كالحديد ، والرصاص ، والنحاس ، ونحو ذلك كما يطلق - أيضا - على الماء الغليظ كدردى الزيت أى : ما تعكر منه . وقيل . هو نوع من القطران أو السم .والمرتفق : المتكأ ، من الارتفاق وهو الاتكاء على مرفق اليد .أى : إن هؤلاء الكافرين ، إن يطلبوا الغوث عما هم فيه من كرب وعطش ، يغاثوا بماء كالمهل فى شدة حرارته ونتنه وسواده ، هذا الماء ( يشوى الوجوه ) أى : يحرقها .( بئس الشراب ) ذلك الماء الذى يغاثون به ( وساءت ) النار منزلا ينزلون به ، ومتكأ يتكئون عليه .فالآية الكريمة تصور ما ينزل بهؤلاء الظالمين من عذاب ، تصويرا ترتجف من هوله الأبدان ، ويدخل الرعب والفزع على النفوس .قال بعضهم : " فإن قيل ، أى إغاثة لهم فى ماء كالمهل مع أنه من أشد العذاب ، وكيف قال - سبحانه - ، ( يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل ) ؟فالجواب : إن هذا من أساليب اللغة العربية التى نزل بها القرآن ونظيره من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب .وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيعأى : لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع ، وإذا كان هؤلاء الظالمون لا يغاثون إلا بماء كالمهل ، علم من ذلك أنهم لا إغاثة لهم مطلقا " .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( وقل الحق من ربكم ) أي ما ذكر من الإيمان والقرآن معناه : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس [ قد جاءكم من ربكم الحق ] وإليه التوفيق والخذلان وبيده الهدى والضلال ليس إلي من ذلك شيء .( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) هذا على طريق التهديد والوعيد كقوله : " اعملوا ما شئتم " ( فصلت - 40 ) .وقيل معنى الآية : وقل الحق من ربكم ولست بطارد المؤمنين لهواكم فإن شئتم فآمنوا وإن شئتم فاكفروا فإن كفرتم فقد أعد لكم ربكم نارا أحاط بكم سرادقها وإن آمنتم فلكم ما وصف الله عز وجل لأهل طاعته .وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية : من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء له الكفر كفر وهو قوله : " وما تشاءون إلا أن يشاء الله " ( الإنسان - 30 ) .( إنا أعتدنا ) أعددنا وهيأنا من الإعداد وهو العدة ( للظالمين ) للكافرين ( نارا أحاط بهم سرادقها ) " السرادق " : الحجرة التي تطيف بالفساطيط .أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة " .قال ابن عباس : هو حائط من نار .وقال الكلبي : هو عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار كالحظيرة .وقيل : هو دخان يحيط بالكفار وهو الذي ذكره الله تعالى : " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " ( المرسلات - 30 ) .( وإن يستغيثوا ) من شدة العطش ( يغاثوا بماء كالمهل )أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثنا عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ( بماء كالمهل ) قال كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه فيه " .وقال ابن عباس : هو ماء غليظ مثل دردي الزيت .وقال مجاهد : هو القيح والدم .وسئل ابن مسعود عن : " المهل " فدعا بذهب وفضة فأوقد عليهما النار حتى ذابا ثم قال : هذا أشبه شيء بالمهل .( يشوي الوجوه ) ينضج الوجوه من حره .( بئس الشراب وساءت ) النار ( مرتفقا ) قال ابن عباس : منزلا وقال مجاهد : مجتمعا وقال عطاء : مقرا . وقال القتيبي : مجلسا . وأصل " المرتفق " : المتكأ .