تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم -أيها الرسول-: فَلأيِّ شيء يعذِّبكم بذنوبكم؟ فلو كنتم أحبابه ما عذبكم، فالله لا يحب إلا من أطاعه، وقل لهم: بل أنتم خلقٌ مثلُ سائر بني آدم، إن أحسنتُم جوزيتم بإحسانكم خيرا، وإن أسَأْتُم جوزيتم بإساءتكم شرًّا، فالله يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو مالك الملك، يُصَرِّفه كما يشاء، وإليه المرجع، فيحكم بين عباده، ويجازي كلا بما يستحق.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وقالت اليهود والنصارى» أي كل منهما «نحن أبناء الله» أي كأبنائه في القرب والمنزلة وهو كأبينا في الرحمة والشفقة «وأحباؤه قل» لهم يا محمد «فلم يعذبكم بذنوبكم» إن صدقتم في ذلك ولا يعذب الأب ولده ولا الحبيب حبيبه وقد عذبكم فأنتم كاذبون «بل أنتم بشر ممن» من جملة من «خلق» من البشر لكم ما لهم وعليكم ما عليهم «يغفر لمن يشاء» المغفرة له «ويعذب من يشاء» تعذيبه لا اعتراض عليه «ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير» المرجع.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصيرقوله تعالى : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قال ابن عباس : خوف رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من اليهود العقاب فقالوا : لا نخاف فإنا أبناء الله وأحباؤه ; فنزلت الآية . قال ابن إسحاق : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضا وبحري بن عمرو وشأس بن عدي فكلموه وكلمهم ، ودعاهم إلى الله عز وجل وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ؟ ; نحن أبناء الله وأحباؤه ، كقول النصارى ; فأنزل الله عز وجل فيهم وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم إلى آخر الآية . قال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ; فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، ولا أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا من بعده ; فأنزل الله عز وجل : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل إلى قوله : والله على كل شيء قدير . [ ص: 80 ] السدي : زعمت اليهود أن الله عز وجل أوحى إلى إسرائيل عليه السلام أن ولدك بكري من الولد . قال غيره : والنصارى قالت نحن أبناء الله ; لأن في الإنجيل حكاية عن عيسى " أذهب إلى أبي وأبيكم " ، وقيل : المعنى : نحن أبناء رسل الله ، فهو على حذف مضاف ، وبالجملة . فإنهم رأوا لأنفسهم فضلا ; فرد عليهم قولهم فقال : فلم يعذبكم بذنوبكم فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ; إما أن يقولوا هو يعذبنا . فيقال لهم : فلستم إذا أبناءه وأحباءه ; فإن الحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم تقرون بعذابه ; فذلك دليل على كذبكم - وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف - أو يقولوا : لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم ، وما جاءت به رسلهم ، ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ; ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم ، وقيل : معنى يعذبكم عذبكم ; فهو بمعنى المضي ; أي : فلم مسخكم قردة وخنازير ؟ ولم عذب من قبلكم من اليهود والنصارى بأنواع العذاب وهم أمثالكم ؟ لأن الله سبحانه لا يحتج عليهم بشيء لم يكن بعد ، لأنهم ربما يقولون لا نعذب غدا ، بل يحتج عليهم بما عرفوه . ثم قال : بل أنتم بشر ممن خلق أي : كسائر خلقه يحاسبكم على الطاعة والمعصية ، ويجازي كلا بما عمل . يغفر لمن يشاء أي : لمن تاب من اليهود . ويعذب من يشاء من مات عليها . ولله ملك السماوات والأرض فلا شريك له يعارضه . وإليه المصير أي : يئول أمر العباد إليه في الآخرة .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
مقال آخر مشترك بينهم وبين اليهود يدلّ على غباوتهم في الكفر إذ يقولون ما لا يليق بعظمة الله تعالى ، ثمّ هو مناقض لمقالاتهم الأخرى . عُطف على المقال المختصّ بالنصارى ، وهو جملة { لقد كَفَر الّذين قالوا إنّ الله هو المسيح } [ المائدة : 17 ] . وقد وقع في التّوراة والإنجيل التعبير بأبناء الله؛ ففي سفر التثنية أوّل الفصل الرابع عشر قول موسى «أنتُم أولاد للربّ أبيكم» . وأمّا الأناجيل فهي مملوءة بوصف الله تعالى بأبي المسيح ، وبأبي المؤمنين به ، وتسمية المؤمنين أبناءَ الله في متّى في الإصحاح الثّالث «وصوت من السماء قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» وفي الإصْحاح الخامس «طوبى لصانعي السلام لأنّهم أبناءَ الله يُدعون» . وفي الإصحاح السادس «وأبوكم السماوي يقُوتها» . وفي الإصحاح العاشر «لأِنْ لستم أنتم المتكلّمين بل روح أبيكم الّذي يتكلّم فيكم» . وكلّها جائية على ضرب من التشبيه فتوهّمها دهماؤهم حقيقة فاعتقدوا ظاهرها .وعطف { وأحبّاؤه } على { أبناءُ الله } أنّهم قصدوا أنّهم أبناء محبوبون إذ قد يكون الابن مغضوباً عليه .وقد علَّم الله رسوله أن يبطل قولهم بنقْضَيْن : أولهما من الشريعة ، وهو قوله { قل فلِمَ يعذّبكم بذنوبكم } يعنِي أنّهم قائلون بأنّ نصيباً من العذاب ينالهم بذنوبهم ، فلو كانوا أبناء الله وأحبّاءه لما عذّبهم بذنوبهم ، وشأن المحبُّ أن لا يعذّب حبيبه وشأن الأب أن لا يعذّب أبناءه . رُوي أنّ الشِّبْلي سأل أبا بكر بن مجاهد : أين تَجد في القرآن أنّ المُحبّ لا يعذِّب حبيبَه فلم يهتد ابن مجاهد ، فقال له الشبلي في قوله : { قل فلِم يعذّبكم بذنوبكم } . وليس المقصود من هذا أنّ يَردّ عليهم بوقوع العذاب عليهم في نفس الأمر ، مِن تقدير العذاب لهم في الآخرة على كفرهم ، لأنّ ذلك لا يعترفون به فلا يصلح للردّ به ، إذ يصير الردّ مُصَادَرَة ، بل المقصود الردّ عليهم بحصول عذاب يعتقدون حصوله في عقائد دينهم ، سواء كان عذاب الآخرة أم عذاب الدّنيا . فأمّا اليهود فكُتبهم طافحة بذكر العذاب في الدنيا والآخرة ، كما في قوله تعالى : { وقالوا لَنْ تمسّنا النّار إلاّ أيّاماً معدودة } [ البقرة : 80 ] . وأمّا النّصارى فلم أر في الأناجيل ذكراً لِعذاب الآخرة إلاّ أنّهم قائلون في عقائدهم بأنّ بني آدم كلّهم استحقّوا العذاب الأخروي بخطيئة أبيهم آدم ، فجاء عيسى ابن مريم مخلّصاً وشافعاً وعرّض نفسه للصلب ليكفّر عن البشر خطيئتهم الموروثة ، وهذا يُلزمهم الاعترافَ بأنّ العذاب كان مكتوباً على الجميع لولا كفّارة عيسى فحصل الرّدّ عليهم باعتقادهم به بله اعتقادنا .ثم أُخذت النتيجةُ من البرهان بقوله : { بل أنتم بشر ممّن خلق } أي يَنالكم ما ينال سائر البشر . وفي هذا تعريض أيضاً بأنّ المسيح بَشَر ، لأنّه ناله ما ينال البشر من الأعراض والخوف ، وزعموا أنّه ناله الصلب والقتل .وجملة قوله : { يغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء } كالاحتراس ، لأنّه لمّا رتّب على نوال العذاب إيّاهم أنهم بشر دفع توهّم النصارى أنّ البشريّة مقتضية استحقاق العذاب بوراثة تَبِعة خطيئة آدم فقال : { يغفر لمن يشاء } ، أي من البشر { ويعذّب من يشاء } .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم ساق - سبحانه - بعض دعاوى أهل الكتاب الباطلة وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فقال - تعالى - :( وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ . . . )قال الإِمام ابن كثير : روى محمد بن إسحاق بن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود فكلموه وكلمهم ودعاهم إلى الله - تعالى - وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد؟ نحن أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى؛ فأنزل الله - تعالى - فيهم .( وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ) . . الآية .وقوله - تعالى - ( وَقَالَتِ اليهود والنصارى ) حكاية لما صدر عن الفريقين من أقاويل فاسدة ودعاوي باطلة ، يدل على سفاهة عقولهم ، وبلاده تفكيرهم ، حيث قالوا في حق الله - تعالى - ما لا يليق بعظمته - سبحانه - .قال الآلوسي : ما ملخصه : " ومرادهم بالأبناء : المقربون . أي نحن مقربون عند الله - تعالى - قرب الأولاد من والدهم . ومن مرادهم بالأحباء : جمع حبيب بمعنى محب أو محبوب .ويجوز أن يكون أرادوا من الأبناء الخاصة ، كما يقال : أبناء الدنيا وأبناء الآخرة . ويجوز أن يكونوا أرادوا بما قالوا أنهم أشياع وأتباع من وصف بالبنوة . أي قالت اليهود : نحن أشياع ابنه عزير . وقالت النصارى : نحن أشياع ابنه عيسى . وأطلق الأبناء على الأشياع مجازا إما تغليبا أو تشبيها لهم بالأبناء في قرب المنزلة . وهذا كما يقول أتباع الملك : نحن الملوك .وقيل الكلام على حذف المضاف . أي : نحن أبناء أنبياء الله - تعالى - وهو خلاف الظاهر .ومقصود الفريقين بقوله - تعالى - حكاية عنهم ( نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ) هو المعنى المتضمن مدحا ، وحاصل دعواهم أن لهم فضلا ومزية عند الله - تعالى - على سائر الخلق .والمعنى : وقالت طائفة اليهود التي تزعم أنها شعب الله المختار ، وقالت طائفة النصارى التي تزعم أنها على الحق دون غيرهم قالت كل طائفة منهما : نحن في القرب من الله - تعالى - بمنزلة أبنائه المدللين ، وأحبائه المختارين ، فلنا من الفضل والمنزلة والتكريم ما ليس لغيرنا من البشر .والذي حملهم على هذا القول الباطل ، جهلهم بما اشتلمت عليه كتبهم ، وتخبطهم في الكفر والضلال وفهمهم السقيم لمعاني الألفاظ .قال ابن كثير : " ونقلوا عن كتبهم أن الله - تعالى - قال لعبده إسرائيل : أنت ابني بكري . فحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه . وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم . وقالوا : هذا يطلق عندهم على التشريف والإِكرام . كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم : إني ذاهب إلى أبي وأبيكم ، يعني : ربي وربكم . ومعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى - عليه السلام - وإنما أرادوا بذلك معزتهم لديه ، وحظوتهم عنده ، ولهذا قالوا : ( نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ) .وعطف - سبحانه - قولهم : ( وَأَحِبَّاؤُهُ ) على قولهم ( نَحْنُ أَبْنَاءُ الله ) للإِشارة إلى غلوهم في الجهل والغرور ، حيث قصدوا أنهم أبناء محبوبون وليسوا مغضوبا عليهم من أبيهم بل هم محل رضاه وإكرامه .وقد أمر الله - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بما يكتبهم فقال : ( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ) .والفاء في قوله ( فَلِمَ يُعَذِّبُكُم ) للافصاح ، لأنها تفصح عن جواب شرط مقدر أي : قل يا محمد لهؤلاء المغرورين ، إن كان الأمر كما زعمتم من أنكم أبناء الله وأحباؤه فلأي شيء يعذبكم إذ الحبيب لا يعذب حبيبه .وإن واقعكم يا أهل الكتاب يناقض دعواكم ، فقد عذبكم - سبحانه - في الدنيا بسبب ذنوبكم بالقتل والأسر والمسخ وتهييج العداوة والبغضاء بينكم إلى يوم القيامة .أما في الآخرة فإن كتبكم التي بين أيديكم تشهد بأنكم ستعذبون في الآخرة على ما تقترفون من آثام في دنياكم .وقد أقر اليهود بأن العذاب سيقع بهم - في زعمهم - أياما معدودات في الآخرة وحكى القرآن عنهم ذلك في قوله - تعالى - ( قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ ) وأقر النصارى بأن الله - تعالى - سيحاسب الناس يوم القيامة ، وسيجازي كل إنسان على حسب عمله إن خيرا فخير ، وإن شراً فشر .قال القرطبي : " رد الله عليهم قولهم فقال : ( فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ) فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ، إما إن يقولوا هو يعذبنا ، فيقال لهم : فلستم إذا أبناءه ولا أحباءه فإن الحبيب لا يعذب حبيبه . وأنتم تقرون بعذابه ، فذلك دليل على كذبكم - وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف - أو يقولوا : لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم ، وما جاءت به رسلهم . ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ، ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم وقوله : ( بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ) رد على أصل دعواهم الباطلة ، وبيانلما هو الحق من أمرهم وهو معطوف على كلام مقدر .أي : ليس الأمر كما زعمتم يا معشر اليهود والنصارى من أنكم أبناء الله وأحباؤه ، بل الحق أنكم كسائر البشر من خلق الله . فإنكم إن آمنتم وأصلحتم أعمالكم نلتم الثواب من الله ، وإن بقيتم على كفركم وغروركم حق عليكم العقاب ، وليس لأحد فضل على أحد إلا بالإِيمان والعمل الصالح .قال أبو حيان قوله : ( بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ) إضراب عن الاستدلال من غير إبطال له إلى استدلال آخر من ثبوت كونهم بشرا من بعض خلقه ، فهم مساوون لغيرهم في البشرية والحدوث ، وهما يمنعان البنوة ، فإن القديم لا يلد بشرا ، والأب لا يخلق ابنه ، فامتنع بهذين الوجهين البنوة . وامتنع بتعذيبهم أن يكونوا أحباء الله ، فبطل الوصفان اللذان ادعوهما .وقوله - سبحانه - ( يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ) بيان لعموم قدرته ، وشمول إرادته .أي أنه - سبحانه - يغفر لمن يشاء أن يغفر له من خلقه ، وهم المؤمنون به وبرسله ، ويعذب من يشاء أن يعذبه منهم ، وهم المنحرفون عن طريق الحق والهدى ، لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه .وقوله ( وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المصير ) تذييل قصد به تأكيد ما قبله من عموم قدرته ، وشمول إرادته وهيمنته على سائر خلقه .أي : والله - تعالى - وحده ملك جميع الموجودات وهو صاحب التصرف المطلق فيها ، إيجادا وإعداما ، وإحياء وإماتة ، وإليه وحده مصير الخلق يوم القيامة فيجازيهم على ما عملوا من خير أو شر . قال - تعالى - ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) وبذلك تكون الآية الكريمة قد أبطلت حجة اليهود والنصارى الذين زعموا أنهم ( أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ) وأثبتت بالمنطق الواضح أنهم كذابون فيما يدعون؛ وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالإِيمان والعمل الصالح .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله عز وجل : ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) قيل : أرادوا أن الله تعالى لنا كالأب في الحنو والعطف ، ونحن كالأبناء له في القرب والمنزلة ، وقال إبراهيم النخعي : إن اليهود وجدوا في التوراة يا أبناء أحباري ، فبدلوا يا أبناء أبكاري ، فمن ذلك قالوا : نحن أبناء الله ، وقيل : معناه نحن أبناء رسل الله .قوله تعالى : ( قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) يريد إن كان الأمر كما زعمتم أنكم أبناؤه وأحباؤه فإن الأب لا يعذب ولده ، والحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم مقرون أنه معذبكم؟ وقيل : فلم يعذبكم أي : لم عذب من قبلكم بذنوبهم فمسخهم قردة وخنازير؟ ( بل أنتم بشر ممن خلق ) كسائر بني آدم مجزيون بالإساءة والإحسان ، ( يغفر لمن يشاء ) فضلا ( ويعذب من يشاء ) عدلا ( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير ) .