تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
الله وحده هو الذي جعل لكم الأرض سهلة ممهدة تستقرون عليها، فامشوا في نواحيها وجوانبها، وكلوا من رزق الله الذي يخرجه لكم منها، وإليه وحده البعث من قبوركم للحساب والجزاء. وفي الآية إيماء إلى طلب الرزق والمكاسب، وفيها دلالة على أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وعلى قدرته، والتذكير بنعمه، والتحذير من الركون إلى الدنيا.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا» سهلة للمشي فيها «فامشوا في مناكبها» جوانبها «وكلوا من رزقه» المخلوق لأجلكم «وإليه النشور» من القبور للجزاء.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشورقوله تعالى : هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا أي سهلة تستقرون عليها . والذلول المنقاد الذي يذل لك والمصدر الذل وهو اللين والانقياد . أي لم يجعل الأرض بحيث يمتنع المشي فيها بالحزونة والغلظة . وقيل : أي ثبتها بالجبال لئلا تزول بأهلها ; ولو كانت تتكفأ متمائلة لما كانت منقادة لنا . وقيل : أشار إلى التمكن من الزرع والغرس وشق العيون والأنهار وحفر الآبار .فامشوا في مناكبها هو أمر إباحة ، وفيه إظهار الامتنان . وقيل : هو خبر بلفظ الأمر ; أي لكي تمشوا في أطرافها ونواحيها وآكامها وجبالها . وقال ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب : في مناكبها في جبالها . وروي أن بشير بن كعب كانت له سرية فقال لها : إن أخبرتني ما مناكب الأرض فأنت حرة ؟ فقالت : مناكبها جبالها . فصارت حرة ، فأراد أن يتزوجها [ ص: 199 ] فسأل أبا الدرداء فقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك . مجاهد : في أطرافها . وعنه أيضا : في طرقها وفجاجها . وقاله السدي والحسن . وقال الكلبي : في جوانبها . ومنكبا الرجل : جانباه . وأصل المنكب الجانب ; ومنه منكب الرجل . والريح النكباء . وتنكب فلان عن فلان . يقول : امشوا حيث أردتم فقد جعلتها لكم ذلولا لا تمتنع . وحكى قتادة عن أبي الجلد أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ ; فللسودان اثنا عشر ألفا ، وللروم ثمانية آلاف ، وللفرس ثلاثة آلاف ، وللعرب ألف .وكلوا من رزقه أي مما أحله لكم ; قاله الحسن . وقيل : مما أتيته لكم .وإليه النشور المرجع . وقيل : معناه أن الذي خلق السماء لا تفاوت فيها ، والأرض ذلولا قادر على أن ينشركم .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)استئناف فيه عود إلى الاستدلال ، وإدماج للامتنان ، فإن خلق الأرض التي تحوي الناس على وجهها أدل على قدرة الله تعالى وعلمه من خلق الإِنسان إذ ما الإِنسان إلاّ جزء من الأرض أو كجزء منها قال تعالى : { منها خلقناكم } [ طه : 55 ] ، فلما ضَرب لهم بخلق أنفسهم دليلاً على علمه الدال على وحدانيته شفَّعه بدليل خلق الأرض التي هم عليها ، مع المنة بأنه خلقها هيّنة لهم صالحة للسير فيها مخرِجة لأرزاقهم ، وذُيّل ذلك بأن النشور منها وأن النشور إليه لا إلى غيره .والذَّلول من الدواب المنقادة المطاوعة ، مشتق من الذل وهو الهوان والانقياد ، فَعول بمعنى فاعل يستوي فيه المذكر والمؤنث ، وتقدم في قوله تعالى : { إنها بقرة لا ذلول } الآية في سورة البقرة ( 71 ) ، فاستعير الذلول للأرض في تذليل الانتفاع بها مع صلابة خلقتها تشبيهاً بالدابة المسوسة المرتاضة بعد الصعوبة على طريقة المصرحة .والمناكب : تخييل للاستعارة لزيادة بيان تسخير الأرض للناس فإن المنكب هو ملتقى الكتف مع العضد ، جعل المناكب استعارة لأطراف الأرض أو لسعتها .وفُرع على هذه الاستعارة الأمر في فامشوا في مناكبها } فصيغة الأمر مستعملة في معنى الإِدامة تذكيراً بما سخّر الله لهم من المشي في الأرض امتناناً بذلك .ومناسبة { وكلوا من رزقه } أن الرزق من الأرض . والأمر مستعمل في الإِدامة أيضاً للامتنان ، وبذلك تمت استعارة الذلول للأرض لأن فائدة تذليل الذلول ركوبها والأكل منها . فالمشي على الأرض شبيه بركوب الذلول ، والأكلُ مما تنبته الأرض شبيه بأكل الألبان والسمن وأكل العجول والخرفان ونحو ذلك . وجمع المناكب تجريد للاستعارة لأن الذلول لها منكبان والأرض ذات متسعات كثيرة .وكل هذا تذكير بشواهد الربوبية والإِنعام ليتدبروا فيتركوا العناد ، قال تعالى : { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } [ النحل : 81 ] .وأما عطف { وإليه النشور } فهو تتميم وزيادة عبر استطرون لمناسبة ذكر الأرض فإنها مثوى الناس بعد الموت .والمعنى : إليه النشور منها ، وذلك يقتضي حذفاً ، أي وفيها تعودون .وتعريف { النشور } تعريف الجنس فيعم أي كل نشور ، ومنه نشور المخاطبين فكان قوله : { وإليه النشور } بمنزلة التذييل .والقصر المستفاد من تعريف جزأي { هو الذي جعل لكم الأرض } قصر قلب بتنزيل المخاطبين منزلة من يعتقد أن الأصنام خلقت الأرض لأن اعتقادهم إلهيتها يقتضي إلزامهم بهذا الظن الفاسد وإن لم يقولوه .وتقديم المجرور في جملة { وإليه النشور } للاهتمام .ومناسبة ذكر النشور هو ذكر خلق الأرض فإن البعث يكون من الأرض .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم ذكر - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله على عباده فقال : ( هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النشور ) .والذلول : السهلة المذللة المسخرة لما يراد منها؛ من مَشْى عليها ، أو غَرْس فيها ، أو بناء فوقها . . من الذِّل وهو سهولة الانقياد للغير ، ومنه قوله - تعالى - : ( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ . . . ) أى : غير مذللة ولا مدربة على حرث الأرض . .والأمر فى قوله ( فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا ) للإباحة ، والمناكب جمع منكب وهو ملتقى الكتف مع العضد والمراد به هنا : جوانبها أو طرقها وفجاجها أو أطرافها . .وهو مثل لفرط التذليل ، وشدة التسخير . .أى : هو - سبحانه - الذى جعل لكم - لفضله ورحمته - الأرض المتسعة الأرجاء ، مذللة مسخرة لكم ، لتتمكنوا من الانتفاع بها عن طريق المشى عليها ، أو البناء فوقها . أو غرس النبات فيها . .وما دام الأمر كذلك فامشوا فى جوانبها وأطرافها وفجاجها . . ملتمسين رزق ربكم فيها وداوموا على ذلك ، ففى الحديث الشريف : " التمسوا الرزق فى خبايا الأرض " .والمراد بقوله : ( وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ ) الانتفاع بما فيها من وجوه النعم ، وعبر عنه بالأكل لأنه أهم وجوه الانتفاع .فالآية الكريمة دعوة حارة للمسلمين لكى ينتفعوا بما فى الأرض من كنوز ، حتى يستغنوا عن غيرهم فى مطعمهم ومشربهم وملبسهم وسائر أمور معاشهم . . فإنه بقدر تقصيرهم فى استخراج كنوزها ، تكون حاجتهم لغيرهم .قال بعض العلماء : قال الإِمام النووى فى مقدمة المجموع : إن على الأمة الإِسلامية أن تعمل على استثمار وإنتاج كل حاجاتها حتى الإبرة ، لتستغنى عن غيرها ، وإلا احتاجت إلى الغير بقدر ما قصرت فى الإِنتاج . .وقد أعطى الله - تعالى - العالم الإِسلامى الأولوية فى هذا كله ، فعليهم أن يحتلوا مكانهم ، ويحافظوا على مكانتهم ، ويشيدوا كيانهم بالدين والدنيا معا . .وقد أفاض بعض العلماء فى بيان معنى قوله - تعالى - : ( هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً . . ) فقال ما ملخصه : والناس لطول إلفهم لحياتهم على هذه الأرض وسهولة استقرارهم عليها .. ينسون نعمة الله فى تذليلها لهم وتسخيرها ، والقرآن يذكرهم هذه النعمة الهائلة ، ويبصرهم بها ، فى هذا التعبير الذى يدرك منه كل أحد ، وكل جيل ، ما ينكشف له من علم هذه الأرض الذلول . .والله - تعالى - جعل الأرض ذلولا للبشر من حيث جاذبيتها . . ومن حيث سطحها . . ومن حيث تكوينها ، ومن حيث إحاطة الهواء بها . . ومن حيث حجمها . .وقوله : ( وَإِلَيْهِ النشور ) معطوف على ما قبله ، لبيان أن مصيرهم إليه - تعالى - بعد قضائهم فى الأرض المذللة لهم ، مدة حياتهم . .أى : وإليه وحده مرجعكم ، وبعثكم من قبوركم ، بعد أن قضيتم على هذه الأرض ، الأجل الذى قدره - سبحانه - لكم .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا ) سهلا لا يمتنع المشي فيها بالحزونة ( فامشوا في مناكبها ) قال ابن عباس وقتادة : في جبالها . وقال الضحاك : في آكامها . وقال مجاهد : في طرقها وفجاجها . قال الحسن : في سبلها . وقال الكلبي : في أطرافها . وقال مقاتل : في نواحيها . قال الفراء : في جوانبها والأصل في الكلمة الجانب ، ومنه منكب الرجل والريح النكباء وتنكب فلان [ أي جانب ] ( وكلوا من رزقه ) مما خلقه رزقا لكم في الأرض . ( وإليه النشور ) أي : وإليه تبعثون من قبوركم .