تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
يوم القيامة يشتد الأمر ويصعب هوله، ويأتي الله تعالى لفصل القضاء بين الخلائق، فيكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء، قال صلى الله عليه وسلم: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى مَن كان يسجد في الدنيا؛ رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقًا واحدًا" رواه البخاري ومسلم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
اذكر «يوم يكشف عن ساق» هو عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء، يقال: كشفت الحرب عن ساق: إذا اشتد الأمر فيها «ويدعوْن إلى السجود» امتحاناً لإيمانهم «فلا يستطيعون» تصير ظهورهم طبقاً واحداً.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : يوم يكشف عن ساق يجوز أن يكون العامل في " يوم " فليأتوا أي فليأتوا بشركائهم يوم يكشف عن ساق ليشفع الشركاء لهم . ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل ، أي اذكر يوم يكشف عن ساق ; فيوقف على صادقين ولا يوقف عليه على التقدير الأول . وقرئ " يوم نكشف " بالنون . وقرأ ابن عباس " يوم تكشف عن ساق " بتاء مسمى الفاعل ; أي تكشف الشدة أو القيامة عن ساقها ; كقولهم : شمرت الحرب عن ساقها . قال الشاعر :فتى الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمراوقال الراجز :قد كشفت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدواوقال آخر :عجبت من نفسي ومن إشفاقها ومن طراد الطير عن أرزاقهافي سنة قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عراقهاوقال آخر :كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراحوعن ابن عباس أيضا والحسن وأبي العالية " تكشف " بتاء غير مسمى الفاعل . وهذه القراءة راجعة إلى معنى يكشف وكأنه قال : يوم تكشف القيامة عن شدة . وقرئ " يوم تكشف " [ ص: 230 ] بالتاء المضمومة وكسر الشين ; من أكشف إذا دخل في الكشف . ومنه : أكشف الرجل فهو مكشف ; إذا انقلبت شفته العليا . وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا أسامة بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : يوم يكشف عن ساق قال : عن كرب وشدة . أخبرنا ابن جريج عن مجاهد قال : شدة الأمر وجده . وقال مجاهد : قال ابن عباس هي أشد ساعة في يوم القيامة . وقال أبو عبيدة : إذا اشتد الحرب والأمر قيل : كشف الأمر عن ساقه . والأصل فيه أن من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه ; فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة . وقيل : ساق الشيء أصله الذي به قوامه ; كساق الشجرة وساق الإنسان . أي يوم يكشف عن أصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصلها . وقيل : يكشف عن ساق جهنم . وقيل : عن ساق العرش . وقيل : يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن ; أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه ، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج . فأما ما روي أن الله يكشف عن ساقه فإنه عز وجل يتعالى عن الأعضاء والتبعيض وأن يكشف ويتغطى . ومعناه أن يكشف عن العظيم من أمره . وقيل : يكشف عن نوره عز وجل . وروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : عن ساق قال : يكشف عن نور عظيم يخرون له سجدا . وقال أبو الليث السمرقندي في تفسيره : حدثنا الخليل بن أحمد قال : حدثنا ابن منيع قال : حدثنا هدبة قال : حدثنا حماد بن سلمة عن عدي بن زيد عن عمارة القرشي عن أبي بردة عن أبي موسى قال : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا ، فيذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويبقى أهل التوحيد ، فيقال لهم : ما تنتظرون وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا ولم نره - قال - وتعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم . فيقال : فكيف تعرفونه ولم تروه ؟ قالوا : إنه لا شبيه له . فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجدا ، وتبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر فينظرون إلى الله تعالى فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى : يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون [ ص: 231 ] فيقول الله تعالى : عبادي ، ارفعوا رءوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار " . قال أبو بردة : فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال : آلله الذي لا إله إلا هو لقد حدثك أبوك بهذا الحديث ؟ فحلف له ثلاثة أيمان ; فقال عمر : ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا . وقال قيس بن السكن : حدث عبد الله بن مسعود عند عمر بن الخطاب فقال : إذا كان يوم القيامة قام الناس لرب العالمين أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء ، حفاة عراة يلجمهم العرق ، فلا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم أربعين عاما ، ثم ينادي مناد : أيها الناس ، أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم وأماتكم وأحياكم ثم عبدتم غيره أن يولي كل قوم ما تولوا ؟ قالوا : نعم . قال : فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله فيتبعونها حتى تقذفهم في النار ، فيبقى المسلمون والمنافقون فيقال لهم : ألا تذهبون ، قد ذهب الناس ؟ فيقولون : حتى يأتينا ربنا ; فيقال لهم : أوتعرفونه ؟ فيقولون : إن اعترف لنا عرفناه . قال فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلى لهم فيخر من كان يعبده مخلصا ساجدا ، ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد ، فيذهب بهم إلى النار ، ويدخل هؤلاء الجنة ; فذلك قوله تعالى : ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) يجوز أن يكون { يوم يُكشف } متعلقاً بقوله : { فليأتوا بشركائهم } [ القلم : 41 ] ، أي فليأتوا بالمزعومين يومَ القيامة ، وهذا من حُسن التخلص إلى ذكر أهوال القيامة عليهم .ويجوز أن يكون استئنافاً متعلقاً بمحذوف تقديره : اذكُرْ يوم يُكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود الخ للتذكير بأهوال ذلك اليوم .وعلى كلا الوجهين في تعلق { يوم } فالمراد باليوم يوم القيامة .والكشف عن ساق : مثَل لشدة الحال وصعوبة الخطب والهول ، وأصله أن المرء إذا هلع أن يسرع في المشي ويشمر ثيابه فيكشف عن ساقه كما يقال : شمر عن ساعد الجد ، وأيضاً كانوا في الروع والهزيمة تشمر الحرائر عن سوقهن في الهرب أو في العمل فتنكشف سوقهن بحيث يشغلهن هول الأمر عن الاحتراز من إبداء ما لا تبدينه عادةً ، فيقال : كشفت عن ساقها أو شَمَّرت عن ساقها ، أو أبْدت عن ساقها ، قال عبد الله بن قيس الرقيات :كيف نوْمي على الفراش ولما ... تشملْ الشامَ غارةٌ شَعْواءتُذهل الشيخ عن بنيه وتبدي ... عن خِدَام العقيلة العذراءوفي حديث غزوة أحد قال أنس بن مالك : «انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد رأيت عائشة وأم سليم وأنهما لمشمّرتان أرى خَدَم سوقهمَا تنقلان القِرَب على متُونهما ثم تُفْرِغَانها في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها» الخ ، فإذا قالوا : كشف المرء عن ساقه فهو كناية عن هول أصابه وإن لم يكن كشف ساقه . وإذا قالوا : كشف الأمر عن ساق ، فقد مثلوه بالمرأة المروعة ، وكذلك كشفت الحرب عن ساقها ، كل ذلك تمثيل إذ ليس ثمة ساق قال حاتم :فتى الحرب عضّت به لحرب الحرب عضها ... وإن شمرت عن سَاقها الحرب شمَّراوقال جد طرفة من الحماسة :كشفتْ لهم عن ساقها ... وبدا من الشر البَواحوقرأ ابن عباس { يوم تَكشف } بمثناة فوقية وبصيغة البناء للفاعل على تقدير تكشف الشدة عن ساقها أو تكشف القيامة ، وقريب من هذا قولهم : قامت الحرب على ساق .والمعنى : يوم تبلغ أحوال الناس منتهى الشدة والروْع ، قال ابن عباس : يكشف عن ساق : عن كرب وشدة ، وهي أشد ساعة في يوم القيامة .وروى عبد بن حميد وغيره عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن هذا ، فقال : «إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب» ، أما سمعتم قول الشاعر :صبراً عَنَاقُ إنه لشِرْباقْ ... فقد سنّ لي قومُككِ ضربَ الأعناقْوقامت الحرب بنا على ساق ... وقال مجاهد : { يكشف عن ساق } : شدّة الأمر .وجملة { ويُدْعون } ليس عائداً إلى المشركين مثل ضمير { إِنا بلوناهم } [ القلم : 17 ] إذ لا يساعد قوله : { وقد كانوا يدعون إلى السجود } فإن المشركين لم يكونوا في الدنيا يُدْعَون إلى السجود . فالوجه أن يكون عائداً إلى غير مذكور ، أي ويُدعَى مدعوون فيكون تعريضاً بالمنافقين بأنهم يحشرون مع المسلمين ويمتحن الناس بدعائهم إلى السجود ليتميز المؤمنون الخُلص عن غيرهم تَميز تشريف فلا يستطيع المنافقون السجود فيفتضح كفرهم ، قال القرطبي عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود : فمن كان يعبد الله مخلصاً يخِرُّ ساجداً له ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأنَّ في ظهورهم السفافيد اه .فيكون قوله تعالى : { ويدعون إلى السجود } إدماجاً لذكر بعض ما يحصل من أحوال ذلك اليوم .وفي «صحيح مسلم» من حديث الرؤية وحديث الشفاعة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فيُكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلاّ أذن الله له بالسجود ، ولا يبقى من كان يسجد رياء إلاّ جعل الله ظهره طبقَة واحدة كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه " الحديث ، فيصلح ذلك تفسيراً لهذه الآية .وقد اتبع فريق من المفسرين هذه الرواية وقالوا : يكشِف الله عن ساقه ، أي عن مثل الرِجْل ليراها الناس ثم قالوا هذا من المتشابه ، على أنه روي عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { عن ساقِ } قال يكشف عن نور عظيم يَخرون له سجداً .ورُويت أخبار أخرى ضعيفة لا جدوى في ذكرها .و { السجود } الذي يُدعون إليه : سجودُ الضراعة والخضوع لأجل الخلاص من أهوال الموقف .وعدم استطاعتهم السجود لسلب الله منهم الاستطاعة على السجود ليعلموا أنهم لا رجاء لهم في النجاة .والذي يدعوهم إلى السجود الملائكة الموكلون بالمحشر بأمر الله تعالى كقوله تعالى : { يَوم يدعو الداعي إلى شيء نكر إلى قوله : { مهطعين إلى الداعي } [ القمر : 68 ] ، أو يدعو بعضهم بعضاً بإلهام من الله تعالى ، وهو نظير الدعوة إلى الشفاعة في الأثر المروي «فيقول بعضهم لبعض : لو استشفعنا إلى ربّنا حتى يريحنا من موقفنا هذا» .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - جابنا من أهوال يوم القيامة ، ومن حال الكافرين فيه ، فقال : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ .خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السجود وَهُمْ سَالِمُونَ ) .والظرف " يوم " يجوز أن يكون متعلقا بقوله - تعالى - قبل ذلك ( فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ . . . ) ويصح أن يكون متعلقا بمحذوف تقديره ، اذكر ، والمراد باليوم ، يوم القيامة .والكشف عن الساق معناه التشمير عنها وإظهارها ، وهو مثل لشدة الحال ، وصعوبة الخطب والهول ، وأصله أن الإنسان إذا اشتد خوفه ، أسرع فى المشى ، وشمر عن ثيابه ، فينكشف ساقه .قال صاحب الكشاف : الكشف عن الساق ، والإبداء عن الخدام - أى : الخلخال الذى تلبسه المرأة فى رجلها - وهو جمع خَدَمة كرقاب جمع رقبة - مثل فى شدة الأمر ، وصعوبة الخطب ، وأصله فى الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن فى الهرب ، وإبداء خِدَامهن عند ذلك . .كما قال الشاعر :أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن سوقها الحرب شمرافمعنى يوم يكشف عن ساق : يوم يشتد الأمر يتفاقم ، ولا كشف ولا ساق ، كما تقول للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثَمَّ ولا غل ، وإنما هو مثل فى البخل . .فإن قلت : فلم جاءت منكرة فى التمثيل؟ قلت : للدلالة على أنه أمر مبهم فى الشدة فظيع خارج عن المألوف . .والمعنى : اذكر لهم - أيها الرسول الكريم - لكى يعتبروا ويتعظوا أهوال يوم القيامة ، يوم يشتد الأمر ، ويعظم الهول .( وَيُدْعَوْنَ ) هؤلاء الذين فسقوا عن أمر ربهم فى هذا اليوم ( إِلَى السجود ) لله - تعالى - على سبيل التوبيخ لهم ، لأنهم كانوا ممتنعين عنه فى الدنيا . .( فَلاَ يَسْتَطِيعُون ) أى : فلا يستطيعون ذلك ، لأنه الله - تعالى - سلب منهم القدرة على السجود له فى هذا اليوم العظيم ، لأنه يوم جزاء وليس يوم تكليف والذين يدعونهم إلى السجود ، هم الملائكة بأمره - تعالى - .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( يوم يكشف عن ساق ) قيل : " يوم " ظرف لقوله فليأتوا بشركائهم ، أي : فليأتوا بها في ذلك اليوم لتنفعهم وتشفع لهم " يوم يكشف عن ساق " قيل : عن أمر فظيع شديد ، قال ابن عباس : هو أشد ساعة في القيامة .قال سعيد بن جبير : " يوم يكشف عن ساق " عن شدة الأمر .وقال ابن قتيبة : تقول العرب للرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج فيه إلى الجد ومقاساة الشدة : شمر عن ساقه ويقال : إذا اشتد الأمر في الحرب : كشفت الحرب عن ساق .أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن [ سفيان ] حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني سويد بن سعيد ، حدثني جعفر ، حدثني حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أناسا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نعم هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب ؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله قال : ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد الله من بر وفاجر ، وغير أهل الكتاب فتدعى اليهود ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ فقالوا : عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار . ثم تدعى النصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال لهم : ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ماذا تبغون ؟ فيقولون : عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال : فماذا تنتظرون ؟ لتتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم . فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها فيقولون : نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود فلا يبقى من كان يسجد نفاقا ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فقال : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ، ويقولون : اللهم سلم سلم ، قيل يا رسول الله وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة يكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان ، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس في نار جهنم ، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار ، يقولون : ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون ، فيقال لهم : أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقه وإلى ركبتيه ، ثم يقولون : ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به ، فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا به ، ثم يقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا به أحدا ثم يقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها أحدا فيه خير ممن أمرتنا به وكان أبو سعيد الخدري يقول : إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم : " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما " ( النساء - 40 ) فيقول الله : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة ، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون منها إلى الشمس أصيفر وأخيضر ، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض ؟ قال : فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله من النار الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ، ثم يقول : " ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا : أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين ، فيقول : لكم عندي أفضل من هذا فيقولون : يا ربنا أي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول : رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبدا " .وروى محمد بن إسماعيل هذا الحديث عن يحيى بن بكير عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم بهذا المعنى أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا " .قوله - عز وجل - : ( ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) يعني : الكفار والمنافقين تصير أصلابهم كصياصي البقر ، فلا يستطيعون السجود .