تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
ولا تجعلوا من الأيمان التي تحلفونها خديعة لمن حلفتم لهم، فتهلكوا بعد أن كنتم آمنين، كمن زلقت قدمه بعد ثبوتها، وتذوقوا ما يسوؤكم من العذاب في الدنيا؛ بما تسببتم فيه مِن مَنْع غيركم عن هذا الدين لما رأوه منكم من الغدر، ولكم في الآخرة عذاب عظيم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم» كرره تأكدا «فتزل قدم» أي أقدامكم عن محجة الإسلام «بعد ثبوتها» استقامتها عليها «وتذوقوا السوء» أي العذاب «بما صددتم عن سبيل الله» أي بصدكم عن الوفاء بالعهد أو بصدكم غيركم عنه لأنه يستن بكم «ولكم عذاب عظيم» في الآخرة.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيمقوله تعالى : ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم كرر ذلك تأكيدا .فتزل قدم بعد ثبوتها مبالغة في النهي عنه لعظم موقعه في الدين وتردده في معاشرات الناس ; أي لا تعقدوا الأيمان بالانطواء على الخديعة والفساد فتزل قدم بعد ثبوتها ، أي عن الأيمان بعد المعرفة [ ص: 157 ] بالله . وهذه استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه ; لأن القدم إذا زلت نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شر ; ومن هذا المعنى قول كثير :فلما توافينا ثبت وزلتوالعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة : زلت قدمه ; كقول الشاعر :سيمنع منك السبق إن كنت سابقا وتقتل إن زلت بك القدمانويقال لمن أخطأ في شيء : زل فيه .ثم توعد - تعالى - بعد بعذاب في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة . وهذا الوعيد إنما هو فيمن نقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فإن من عاهده ثم نقض عهده خرج من الإيمان ، ولهذا قال : وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله أي بصدكم . وذوق السوء في الدنيا هو ما يحل بهم من المكروه .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
لما حذّرهم من النّقض الذي يؤول إلى اتخاذ أيمانهم دخلاً فيهم ، وأشار بالإجمال إلى ما في ذلك من الفساد فيهم ، أعاد الكرّة إلى بيان عاقبة ذلك الصنيع إعادة تفيد التصريح بالنهي عن ذلك ، وتأكيد التحذير ، وتفصيل الفساد في الدنيا ، وسوء العاقبة في الآخرة ، فكان قوله تعالى : { ولا تتخذوا } تصريحاً بالنهي ، وقوله تعالى : { تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم } تأكيداً لقوله قبله : { تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم } [ سورة النحل : 92 ] ، وكان تفريع قوله تعالى : { فتزل قدم } إلى قوله : { عن سبيل الله } تفصيلاً لما أجمل في معنى الدَخَل .وقوله تعالى : { ولكم عذاب عظيم } المعطوف على التفريع وعيد بعقاب الآخرة . وبهذا التّصدير وهذا التّفريع الناشىء عن جملة { ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم } فارقت هذه نظيرتَها السابقة بالتفصيل والزيادة فحقّ أن تعطف عليها لهذه المغايرة وإن كان شأن الجملة المؤكدة أن لا تعطف .والزّلل : تزلّق الرّجل وتنقّلها من موضعها دون إرادة صاحبها بسبب ملاسة الأرض من طين رطب أو تخلخل حصى أو حجر من تحت القدم فيسقط الماشي على الأرض . وتقدم عند قوله تعالى : { فأزّلهما الشيطان عنها } في سورة البقرة ( 36 ).وزلل القدم تمثيل لاختلال الحال والتعرّض للضرّ ، لأنه يترتّب عليه السقوط أو الكسر ، كما أن ثبوت القدم تمكّن الرّجل من الأرض ، وهو تمثيل لاستقامة الحال ودوام السير .ولما كان المقصود تمثيل ما يجرّه نقض الأيْمان من الدخل شبّهت حالهم بحال الماشي في طريق بينما كانت قدمه ثابتة إذا هي قد زلّت به فصرع . فالمشبه بها حال رجل واحد ، ولذلك نكرت قدم } وأفردت ، إذ ليس المقصود قدماً معيّنة ولا عدداً من الأقدام ، فإنك تقول لجماعة يترددون في أمر : أراكم تقدّمون رجلاً وتؤخّرون أخرى . تمثيلاً لحالهم بحال الشخص المتردّد في المشي إلى الشيء .وزيادة { بعد ثبوتها } مع أن الزّلل لا يتصوّر إلا بعد الثبوت لتصوير اختلاف الحالين ، وأنه انحطاط من حال سعادة إلى حال شقاء ومن حال سلامة إلى حال محنة .والثبوت : مصدر ثبت كالثّبات ، وهو الرسوخ وعدم التنقّل ، وخصّ المتأخرون من الكتاب الثبوت الذي بالواو بالمعنى المجازي وهو التحقّق مثل ثبوت عدالة الشاهد لدى القاضي ، وخصّوا الثبات الذي بالألف بالمعنى الحقيقي وهي تفرقة حسنة .والذّوق : مستعار للإحساس القويّ كقوله تعالى : { ليذوق وبال أمره } وتقدم في سورة العقود ( 95 ).والسّوء : ما يؤلم . والمراد به : ذوق السوء في الدنيا من معاملتهم معاملة الناكثين عن الدين أو الخائنين عهودهم .و { صددتم } هنا قاصر ، أي بكونكم معرضين عن سبيل الله . وتقدّم آنفاً . ذلك أن الآيات جاءت في الحفاظ على العهد الذي يعاهدون الله عليه ، أي على التمسّك بالإسلام .فسبيل الله : هو دين الإسلام .وقوله تعالى : { ولكم عذاب عظيم } هو عذاب الآخرة على الرجوع إلى الكفر أو على معصية غدْر العهد .وقد عصم الله المسلمين من الارتداد مدة مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة . وما ارتدّ أحد إلا بعد الهجرة حين ظهر النفاق ، فكانت فلتة عبد الله بن سعد بن أبي سرح واحدة في المهاجرين وقد تاب وقبل توبته النبي صلى الله عليه وسلم
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
فقوله - سبحانه - ( وَلاَ تتخذوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) تصريح بالنهى عن اتخاذ الإِيمان من أجل الغش والخديعة ، بعد النهى عن نقض العهود بصفة عامة . أى : ولا تتخذوا - أيها المؤمنون - الحلف بالله - تعالى - ذريعة إلى غش الناس وخداعهم واستلاب حقوقهم ، فقد جرت عادة الناس أن يطمئنوا إلى صدق من يقسم بالله - تعالى - ، فلا تجعلوا هذا الاطمئنان وسيلة للكذب عليهم ، ولإِفساد ما بينكم وبينهم من مودة .ثم رتب - سبحانه - على هذا النهى ما من شأنه أن يردع النفوس عن اتخاذ الأيمان دخلا فقال : ( فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ) وأصل الزلل الخروج عن الطريق السليم . يقال : زل فلان يزل زللا وزلولا ، إذا دحضت قدمه ولم تصب موضعها الصحيح أى : لا تتخذوا أيمانكم وسيلة للخديعة والإِفساد بين الناس ، فتزل أقدامكم عن طريق الإِسلام بعد ثبوتها عليها ، ورسوخها فيها ، قالوا : والجملة الكريمة مثل يُضْرَب لكل من وقع فى بلية ومحنة ، بعد أن كان فى عافية ونعمة .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم وحدت القدم ونكرت؟ قلت لاستعظام أن تزل قدم واحدة عن طريق الحق . بعد أن ثبتت عليه ، فكيف بأقدام كثيرة؟ .وقوله ( وَتَذُوقُواْ السواء بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله ) بيان لما يصيبهم من عذاب دنيوى بسبب اتخاذ أيمانهم دخلا بينهم . أى : وتذوقوا السوء وهو العذاب الدنيوى من المصائب والخوف والجوع ، بسبب صدودكم وإعراضكم عن أوامر الله ونواهيه ، أو بسبب صدكم لغيركم عن الدخول فى دين الله ، حيث رأى منكم ما يجعله ينفر منكم ومن دينكم .والتعبير بتذوقوا فيه إشارة إلى أن العذاب الدنيوى الذى سينزل بهم بسبب اتخاذهم أيمانهم دخلا بينهم ، سيكون عذابا شديدا يحسون آلامه إحساسا واضحا ، كما يحس الشارب للشئ المر مرارته ، ويتذوق آلامه .قال ابن كثير : حذر الله - تعالى - عباده عن اتخاذ الأيمان دخلا ، أى : خديعة ومكرا ، لئلا تزل قدم بعد ثبوتها؛ مثل لمن كان على الاستقامة وحاد عنها ، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة ، المشتملة على الصد عن سبيل الله ، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به ، لم يبق له وثوق بالدين ، فانصد بسببه عن الدخول فى الإِسلام .وقوله : ( وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) لا يعلم مقدار شدته وهوله إلا الله - عز وجل - فأنت ترى أن الآية الكريمة قد رتبت على اتخاذ الأيمان دخلا ، انقلاب حالة الإِنسان من الخير إلى الشر ، ونزول العذاب الدنيوى والأخروى به .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( ولا تتخذوا أيمانكم دخلا ) خديعة وفسادا ، ( بينكم ) فتغرون بها الناس ، فيسكنون إلى أيمانكم ، ويأمنون ، ثم تنقضونها ، ( فتزل قدم بعد ثبوتها ) فتهلكوا بعدما كنتم آمنين والعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية ، أو ساقط في ورطة بعد سلامة : زلت قدمه ، ( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ) قيل : معناه : سهلتم طريق نقض العهد على الناس بنقضكم العهد ، ( ولكم عذاب عظيم )