تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
ويُظْهر هؤلاء المعرضون، وهم في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاعتهم للرسول وما جاء به، فإذا ابتعدوا عنه وانصرفوا عن مجلسه، دبَّر جماعة منهم ليلا غير ما أعلنوه من الطاعة، وما علموا أن الله يحصي عليهم ما يدبرون، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء، فتول عنهم -أيها الرسول- ولا تبال بهم، فإنهم لن يضروك، وتوكل على الله، وحسبك به وليّاً وناصرًا.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«ويقولون» أي المنافقون إذا جاءوك أمرنا «طاعةٌ» لك «فإذا برزوا» خرجوا «من عندك بيَّت طائفة منهم» بإدغام التاء في الطاء وتركه أي أضمرت «غير الذي تقول» لك في حضورك من الطاعة أي عصيانك «والله يكتب» يأمر بكتب «ما يبيِّتون» في صحائفهم ليجازوا عليه «فأعرض عنهم» بالصفح «وتوكل على الله» ثق به فانه كافيك «وكفى بالله وكيلا» مفوضا إليه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون أي أمرنا طاعة ، ويجوز " طاعة " بالنصب ، أي نطيع طاعة ، وهي قراءة [ ص: 249 ] نصر بن عاصم والحسن والجحدري . وهذا في المنافقين في قول أكثر المفسرين ؛ أي يقولون إذا كانوا عندك : أمرنا طاعة ، أو نطيع طاعة ، وقولهم هذا ليس بنافع ؛ لأن من لم يعتقد الطاعة ليس بمطيع حقيقة ، لأن الله تعالى لم يحقق طاعتهم بما أظهروه ، فلو كانت الطاعة بلا اعتقاد حقيقة لحكم بها لهم ؛ فثبت أن الطاعة بالاعتقاد مع وجودها . فإذا برزوا أي خرجوا من عندك بيت طائفة منهم فذكر الطائفة لأنها في معنى رجال . وأدغم الكوفيون التاء في الطاء ؛ لأنهما من مخرج واحد ، واستقبح ذلك الكسائي في الفعل وهو عند البصريين غير قبيح . ومعنى بيت زور وموه . وقيل : غير وبدل وحرف ؛ أي بدلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما عهده إليهم وأمرهم به . والتبييت التبديل ؛ ومنه قول الشاعر الأسود بن يعفر :أتوني فلم أرض ما بيتوا وكانوا أتوني بأمر نكر لأنكح أيمهم منذراوهل ينكح العبد حر لحرآخر الأسود بن عامر الطائيبيت قولي عبد الملي ك قاتله الله عبدا كفوراوبيت الرجل الأمر إذا دبر ليلا ؛ قال الله تعالى : إذ يبيتون ما لا يرضى من القول . والعرب تقول : أمر بيت بليل إذا أحكم . وإنما خص الليل بذلك لأنه وقت يتفرغ فيه . قال الشاعر :أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاءومن هذا بيت الصيام . والبيوت : الماء يبيت ليلا . والبيوت : الأمر يبيت عليه صاحبه مهتما به ؛ قال الهذلي :وأجعل فقرتها عدة إذا خفت بيوت أمر عضالوالتبييت والبيات أن يأتي العدو ليلا . وبات يفعل كذا إذا فعله ليلا ؛ كما يقال : ظل بالنهار . وبيت الشيء قدر . فإن قيل : فما وجه الحكمة في ابتدائه بذكر جملتهم ثم قال : بيت طائفة منهم ؟ قيل : إنما عبر عن حال من علم أنه بقي على كفره ونفاقه ، وصفح عمن علم أنه سيرجع عن ذلك . وقيل : إنما عبر عن حال من شهد وحار في أمره ، وأما من سمع وسكت فلم يذكره . والله أعلم . والله يكتب ما يبيتون أي يثبته في صحائف أعمالهم ليجازيهم عليه . وقال الزجاج : المعنى ينزله عليك في الكتاب . وفي هذه الآية دليل على أن [ ص: 250 ] مجرد القول لا يفيد شيئا كما ذكرنا ؛ فإنهم قالوا : طاعة ، ولفظوا بها ولم يحقق الله طاعتهم ولا حكم لهم بصحتها ؛ لأنهم لم يعتقدوها . فثبت أنه لا يكون المطيع مطيعا إلا باعتقادها مع وجودها .قوله تعالى : فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاقوله تعالى : فأعرض عنهم أي لا تخبر بأسمائهم ؛ عن الضحاك ، يعني المنافقين . وقيل : لا تعاقبهم . ثم أمره بالتوكل عليه والثقة به في النصر على عدوه . ويقال : إن هذا منسوخ بقوله تعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
ثم بَيَّن أنّهم لضعف نفوسهم لا يُعرضون جهراً بل يظهرون الطاعة ، فإذا أمرهم الرسول أو نهاهم يقولون له { طاعة } أي : أمْرُنا طاعةٌ ، وهي كلمة يدُلّون بها على الامتثال ، وربما يقال : سَمْعٌ وطاعة ، وهو مصدر مرفوع على أنّه خبر لمبتدإ محذوف ، أي أمرنا أو شأننا طاعة ، كما في قوله : { فصبرٌ جميل } [ يوسف : 18 ] . وليس هو نائباً عن المفعول المطلق ألآتي بدَلاً من الفعل الذي يُعَدل عن نصبه إلى الرفع للدلالة على الثبات مثل «قال سلام» ، إذ ليس المقصود هنا إحداثَ الطاعة وإنّما المقصود أنّنا سنُطيع ولا يكون منّا عصيان .ومعنى { برزوا } خرجوا ، وأصل معنى البروز الظهور ، وشاع إطلاقه على الخروج مجازاً مرسلاً .و { بيَّتَ } هنا بمعنى قدّر أمراً في السرّ وأضمره ، لأنّ أصل البيات هو فعل شيء في الليل ، والعرب تستعير ذلك إلى معنى الإسرار ، لأنّ الليل أكتم للسرّ ، ولذلك يقولون : هذا أمر قْضي بليل ، أي لم يطّلع عليه أحد ، وقال الحارث بن حلّزة :أجمعوا أمرهم بليل فلمّا ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاءوقال أبو سفيان : هذا أمر قضى بليل . وقال تعالى : { لنُبيِّتَنَّه وأهله } [ النمل : 49 ] أي : لنقتلنّهم ليلاً . وقال : { وهو معهم إذ يّبينون ما لا يَرضى من القول } [ النساء : 108 ] . وتاء المضارعة في { غير الذي تقول } للمؤنث الغائب ، وهو الطائفة ويجوز أن يراد خطاب النبي صلى الله عليه وسلم أي غير الذي تقول لهم أنت ، فيجيبون عنه بقولهم : طاعة . ومعنى { والله يكتب ما يبيّتون } التهديد بإعلامهم أنّه لن يفلتهم من عقابه ، فلا يغرنّهم تأخّر العذاب مدّة . وقد دلّ بصيغة المضارع في قوله : { يكتب } على تجدّد ذلك ، وأنّه لا يضاع منه شيء .وقوله : { فأعرض عنهم } أمر بعدم الاكتراث بهم ، وأنّهم لا يُخشى خلافهم ، وأنّه يتوكلّ على الله { وكفى بالله وكيلاً } أي مُتوكَّلاً عليه ، ولا يَتوكّل على طاعة هؤلاء ولا يحزنه خلافهم .وقرأ الجمهور { بيَّتَ طَائفة } بإظهار تاء ( بيَّتَ ) من طاء ( طائفة ) . وقرأه أبو عمرو ، وحمزة ، ويعقوب ، وخلف بإدغام التاء في الطاء تخفيفاً لقرب مخرجيهما .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك جانبا آخر من صفات المنافقين ومن على شاكلتهم من ضعاف الإِيمان حتى يحذرهم المؤمنون الصادقون فقال - تعالى - : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ . . . . إِلاَّ قَلِيلاً ) .والضمير فى قوله ( وَيَقُولُونَ ) للمنافقين ومن يلفون لفهم .أى : أن هؤلاء المنافقين إذا أمرتم يا محمد بأمروهم عندك يقولون طاعة أى أمرنا وشأننا طاعة . يقولون ذلك بألسنتهم أما قلوبهم فهى تخالف ألسنتهم .وقوله ( طَاعَةٌ ) خبر لمبتدأ محذوف وجوبا أى : أمرنا طاعة . ويجوز النصب على معنى : أطعناك طاعة . كما يقول المأمور لمن أمره : سمعاً وطاعة ، وسمع وطاعة .قال صاحب الكشاف : ونحوه قول سيبويه : سمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له : كيف أصبحت؟ فيقول : حمد الله وثناء عليه ، كأنه قال : أمرى وشأنى حمد الله . ولو نصب " حمد الله " كان على الفعل . والرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها .ثم حكى - سبحانه - ما يكون عليه أمر هؤلاء المنافقين بعد خروجهم من عند الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الذي تَقُولُ ) .وقوله ( بَيَّتَ ) من التبييت واشتقاقه - كما يقول الفخر الرازى - من البيتوتة ، لأن أصلح الأوقات للفكر أن يجلس الإِنسان فى بيته بالليل ، فهناك تكون الخواطر أخلى ، والشواغل أقل . لا جرم سمى الفكر المستقصى مبيتا . أو من بيت الشعر ، لأن العرب إذا أرادوا قرض الشعر بالغوا فى التفكر فيه . .والمراد : زوَّر وموَّه ودَّبر .والمعنى : أن هؤلاء المنافقين إذا كانوا عندك - يا محمد - وأمرتهم بأمر قالوا : طاعة ، فإذا ما خرجوا من عندك وفارقوك دبر وأضمر طائفة منهم وهم رؤساؤهم ( غَيْرَ الذي تَقُولُ ) أى خلاف ما قلت للتلك الطائفة أو قالت لك من ضمان الطاعة . فهم أمامك يظهرون الطاعة المطلقة ، ومن خلفك يدبرون ويضمرون ما يناقض هذه الطاعة ويخالفها .والتعبير عن الخروج بالبروز للإِشارة إلى تفاوت ما بين أحوالهم ، وتناقض مظهرهم مع خبيئتهم .وإسناد هذا التبييت إلى طائفة منهم ، لبيان أنهم هم المتصدون له بالذات ، أما الباقون فتابعون لهم فى ذلك ، لا أنهم ثابتون على الطاعة .وقوله ( والله يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ) أى يثبته فى صحائف أعمالهم . ويفضحهم بسبب سوء أعمالهم فى الدنيا ، ثم يجازيهم على هذا النفاق بما يستحقون فى الآخرة ، فالجملة الكريمة تهديد لهم على سوء صنيعهم ، لعلهم يكفون عن هذا النفاق ، وتطمين للنبى صلى الله عليه وسلم بأنه - سبحانه - سيطلعه على مكرهم السئ لكى يتقى شرهم ، ولذا فقد أمره - سبحانه - بعدم الالتفات إليهم ، وبالتوكل عليه - تعالى - وحده فقال :( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وكفى بالله وَكِيلاً ) . أى : إذا كان هذا هو شأنهم يا محمد . فلا تكثرت بهم ، ولا تلتفت إليهم ، وسر فى طريقك متوكلا على الله ، ومتعمدا على رعايته وحفظه ، وكفى بالله وكيى وكفيلا لمن توكل عليه ، واتبع أمره ونهيه .فانت ترى أن الاية الكريمة قد كشفت عن جانب من صفات المنافقين وأحوالهم ، ثم هددتهم على جرائمهم ، ورسمت للنبى صلى الله عليه وسلم الخطة الحكيمة لعلاجهم واتقاء شرهم .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( ويقولون طاعة ) يعني : المنافقين يقولون باللسان للرسول صلى الله عليه وسلم : إنا آمنا بك فمرنا فأمرك طاعة ، قال النحويون : أي أمرنا وشأننا أن نطيعك ، ( فإذا برزوا ) خرجوا ، ( من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول ) قال قتادة والكلبي : بيت أي : غير وبدل الذي عهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون التبييت بمعنى التبديل ، وقال أبو عبيدة والقتيبي : معناه : قالوا وقدروا ليلا غير ما أعطوك نهارا ، وكل ما قدر بليل فهو تبييت ، وقال أبو الحسن الأخفش : تقول العرب للشيء إذا قدر ، قد بيت ، يشبهونه بتقدير بيوت الشعر ، ( والله يكتب ) أي : يثبت ويحفظ ، ( ما يبيتون ) ما يزورون ويغيرون ويقدرون ، وقال الضحاك عن ابن عباس : يعني ما يسرون من النفاق ، ( فأعرض عنهم ) يا محمد ولا تعاقبهم ، وقيل : لا تخبر بأسمائهم ، منع الرسول صلى الله عليه وسلم من الإخبار بأسماء المنافقين ، ( وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) أي : اتخذه وكيلا وكفى بالله وكيلا وناصرا .