تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
ويستعجلك المكذِّبون بالعقوبة التي لم أعاجلهم بها قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات، وقد مضت عقوبات المكذبين مِن قبلهم، فكيف لا يعتبرون بهم؟ وإن ربك -أيها الرسول- لَذو مغفرة لذنوبِ مَن تاب مِن ذنوبه من الناس على ظلمهم، يفتح لهم باب المغفرة، ويدعوهم إليها، وهم يظلمون أنفسهم بعصيانهم ربهم، وإن ربك لشديد العقاب على مَن أصرَّ على الكفر والضلال ومعصية الله.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
ونزل في استعجالهم العذاب استهزاءً «ويستعجلونك بالسيئة» العذاب «قبل الحسنة» الرحمة «وقد خلت من قبلهم المثلات» جمع المثلة بوزن الثمرة أي عقوبات أمثالهم من المكذبين أفلا يعتبرون بها؟ «وإن ربك لذو مغفرة للناس على» مع «ظلمهم» وإلا لم يترك على ظهرها دابة «وإن ربك لشديد العقاب» لمن عصاه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقابقوله تعالى : ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة أي لفرط إنكارهم وتكذيبهم يطلبون العذاب ; قيل هو قولهم : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء . [ ص: 249 ] قال قتادة : طلبوا العقوبة قبل العافية ; وقد حكم سبحانه بتأخير العقوبة عن هذه الأمة إلى يوم القيامة . وقيل : قبل الحسنة أي قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات .و " المثلات " ; الواحدة مثلة . وروي عن الأعمش أنه قرأ " المثلات " بضم الميم وإسكان الثاء ; وهذا جمع مثلة ، ويجوز " المثلات " تبدل من الضمة فتحة لثقلها ، وقيل : يؤتى بالفتحة عوضا من الهاء . وروي عن الأعمش أنه قرأ " المثلات " بفتح الميم وإسكان الثاء ; فهذا جمع مثلة ، ثم حذف الضمة لثقلها ; ذكره جميعه النحاس - رحمه الله - . وعلى قراءة الجماعة واحده مثلة ، نحو صدقة وصدقة ; وتميم تضم الثاء والميم جميعا ، واحدها على لغتهم مثلة ، بضم الميم وجزم الثاء ; مثل : غرفة وغرفات ، والفعل منه مثلت به أمثل مثلا ، بفتح الميم وسكون الثاء .وإن ربك لذو مغفرة أي لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا ، وعن المذنبين إذا تابوا . وقال ابن عباس : أرجى آية في كتاب الله تعالى وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم . " وإن ربك لشديد العقاب " إذا أصروا على الكفر . وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لولا عفو الله ورحمته وتجاوزه لما هنأ أحدا عيش ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتكل كل أحد .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
جملة { ويستعجلونك } عطفٌ على جملة { وإن تعجب } [ الرعد : 5 ] ، لأن كلتا الجملتين حكاية لغريب أحوالهم في المكابرة والعناد والاستخفاف بالوعيد . فابتدأ بذكر تكذيبهم بوعيد الآخرة لإنكارهم البعث ، ثم عطف عليه تكذيبهم بوعيد الدنيا لتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم وفي الاستخفاف بوعيد نزول العذاب وعَدّهم إياه مستحيلاً في حال أنهم شاهدوا آثار العذاب النازل بالأمم قبلهم ، وما ذلك إلا لذهولهم عن قدرة الله تعالى التي سيق الكلام للاستدلال عليها والتفريع عنها ، فهم يستعجلون بنزوله بهم استخفافاً واستهزاء كقولهم : { فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } [ الأنفال : 32 ] ، وقولهم : { أو تُسقِطَ السماءَ كما زعمتَ علينا كِسَفا } [ الإسراء : 93 ].والباء في بالسيئة } لتعدية الفعل إلى ما لم يكن يتعدى إليه . وتقدم عند قوله تعالى : { ما عندي ما تستعجلون به } في سورة الأنعام ( 57 ).والسيئة : الحالة السيئة . وهي هنا المصيبة التي تسوء من تحل به . والحسنة ضدها ، أي أنهم سألوا من الآيات ما فيه عذاب بسوء ، كقولهم : { إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطِر علينا حجارةً من السماء } [ الأنفال : 32 ] دون أن يسألوا آية من الحسنات .فهذه الآية نزلت حكاية لبعض أحوال سؤالهم الظّانين أنه تعجيز ، والدالين به على التهكم بالعذاب .وقبْليّة السيئة قبلية اعتبارية ، أي مختارين السيئة دون الحسنة . وسيأتي تحقيقه عند قوله تعالى : { قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة } في سورة النمل ( 46 ) فانظره .وجملة وقد خلت من قبلهم المثلات } في موضع الحال . وهو محل زيادة التعجيب لأن ذلك قد يعذرون فيه لو كانوا لم يروا آثار الأمم المعذبة مثل عاد وثمود .والمَثُلات بفتح الميم وضم المثلثة : جمع مَثُلة بفتح الميم وضم الثاء كسَمُرة ، وبضم الميم وسكون الثاء كعُرْفة : وهي العقوبة الشديدة التي تكون مثالاً تُمثل به العقوبات .وجملة { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } عطف على جملة { وقد خلت من قبلهم المثلات }. وهذا كشف لغرورهم بتأخير العذاب عنهم لأنهم لمّا استهزأوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وتعرضوا لسؤال حلول العذاب بهم ورأوا أنه لم يعجل لهم حلوله اعترتهم ضراوة بالتكذيب وحسبوا تأخير العذاب عَجْزاً من المتوعد وكذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم يجهلون أن الله حليم يُمهل عباده لعلهم يرجعون ، فالمغفرة هنا مستعملة في المغفرة الموقتة ، وهي التجاوز عن ضراوة تكذيبهم وتأخير العذاب إلى أجل ، كما قال تعالى : { ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحسبه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } [ سورة النحل : 34 ].وقرينة ذلك أن الكلام جار على عذاب الدنيا وهو الذي يقبل التأخير كما قال تعالى : { إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون }[ الدخان : 15 ] ، أي عذاب الدنيا ، وهو الجوع الذي أصيب به قريش بعد أن كان يطعمهم من جوع .وعلى } في قوله : { على ظلمهم } بمعنى { مع }.وسياق الآية يدل على أن المراد بالمغفرة هنا التجاوز عن المشركين في الدنيا بتأخير العقاب لهم إلى أجل أراده الله أو إلى يوم الحساب ، وأن المراد بالعقاب في قوله : { وإن ربك لشديد العقاب } ضد تلك المغفرة وهو العقاب المؤجل في الدنيا أو عقاب يوم الحساب ، فمحمل الظلم على ما هو المشهور في اصطلاح القرآن من إطلاقه على الشرك .ويجوز أن يحمل الظلم على ارتكاب الذنوب بقرينة السياق كإطلاقه في قوله تعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } [ سورة النساء : 160 ] فلا تعارض أصلاً بين هذا المحمل وبين قوله : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [ النساء : 48 ] كما هو ظاهر .وفائدة هذه العلاوة إظهار شدة رحمة الله بعباده في الدنيا كما قال : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى } [ فاطر : 45 ].وجملة وإن ربك لشديد العقاب } احتراس لئلا يحسبوا أن المغفرة المذكورة مغفرة دائمة تعريضاً بأن العقاب حال بهم من بعد .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم حكى - سبحانه - لوناً آخر من طغيانهم واستهزائهم برسولهم - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات . . . ) .والمراد بالسيئة : الحالة السيئة كالعقوبات والمصائب التى تسوء من تنزل به .والمراد بالحسنة : الحالة الحسنة كالعافية والسلامة .والمثلات : جمع مثلة - بفتح الميم وضم الثاء كسمرة ، وهى العقوبة الشديدة الفاضحة التى تنزل بالإِنسان فتجعله مثالاً لغيره فى الزجر والردع .والاستعجال : طلب حصول الشئ قبل حلول وقته .أى أن هؤلاء المشركين بلغ بهم الحال فى الطغيان ، أنهم كانوا إذا هددهم الرسول . - صلى الله عليه وسلم - بعقاب الله إذا ما استمروا فى كفرهم ، سخروا منه ، وتهكمو به وقالوا له على سبيل الاستهزاء : ائتنا بما تعدنا به من عذاب إن كنت من الصادقين .وشبيه بهذا قوله - تعالى - : ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ العذاب وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ . يَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بالكافرين ) وقوله - تعالى - ( وَإِذْ قَالُواْ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) والجملة الكريمة تحكى لوناً عجيباً من ألوان توغلهم فى الجحود والضلال ، حيثي طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعجيل العقوبة التى توعدهم بها ، بدل أن يطلبوا منه الدعاء لهم بالسلامة والأمان والخير والعافية .وجملة ( وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات ) فى موضع الحال ، لزيادة التعجب من جهلهم وطغيانهم ، لأن آثار الأقوام المهلكين بسبب كفرهم ما زالت ماثلة أمام أبصارهم ، وهم يرمون عليها فى أسفارهم ، فكان من الواجب عليهم - لو كانوا يعقلون - أن يعتبروا بها .وقوله - سبحانه - ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العقاب ) بيان لرحمة الله - تعالى - بعباده ، ولشدة عقابه للمصرين على الكفر منهم أى : وإن ربك - أيها الرسول الكريم - لذو مغفرة عظيمة للناس مع ظلمهم لأنفسهم ، حيث أطاعوا فى ارتكاب الذنوب والمعاصى .ومن مظاهر هذه المغفرة أنه - سبحانه - لم يعاجلهم بالعقوبة . بل صبر عليهم ، وأمهلهم ، لعلهم يتوبون إليه ويستغفرونه ، ويقلعون عن ذنوبهم .قال - تعالى - : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ . . . )وإن ربك - أيها الرسول الكريم - لشديد العقاب للمصرين على كفرهم وضلالهم ومعاصيهم .وقدم - سبحانه - مغفرته على عقوبته ، فى مقابل تعجل هؤلاء الكافرين للعذاب ، ليظهر الفارق الضخم بين الخر الذى تريده - سبحانه - لهم ، وبين الشر الذى يريدونه لأنفسهم بسبب انطماس بصائرهم . . .قال ابن كثير ما ملخصه : قوله - سبحانه - ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ ) .أى : إنه ذو عفو وصفح وستر للناس مع أنهم يظلمون ويخطئون بلليل والنهار . ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ، ليعتدل الرجاء والخوف . كما قال - تعالى - ( فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ القوم المجرمين ) وقال - تعالى - ( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم ) وعن سعيد بن المسيب قال : لما هذه الآية ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ . . . ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش . ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله عز وجل : ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ) الاستعجال : طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته ، والسيئة ها هنا هي : العقوبة ، والحسنة : العافية . وذلك أن مشركي مكة كانوا يطلبون العقوبة بدلا من العافية استهزاء منهم يقولون : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " ( الأنفال - 32 ) .( وقد خلت من قبلهم المثلات ) أي : مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها العقوبات . والمثلات جمع المثلة بفتح الميم وضم الثاء ، مثل : صدقة وصدقات .( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ) .