تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وما أعطيتم قرضًا من المال بقصد الربا، وطلب زيادة ذلك القرض؛ ليزيد وينمو في أموال الناس، فلا يزيد عند الله، بل يمحقه ويبطله. وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلبًا لثوابه، فهذا هو الذي يقبله الله ويضاعفه لكم أضعافًا كثيرة.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وما آتيتم من رِبا» بأن يعطي شيء هبة أو هدية ليطلب أكثر منه، فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة «ليربوَ في أموال الناس» المعطين، أي يزيد «فلا يربو» يزكو «عند الله» لا ثواب فيه للمعطين «وما آتيتم من زكاة» صدقة «تريدون» بها «وجه الله فأولئك هم المضعفون» ثوابهم بما أرادوه، فيه التفات عن الخطاب.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون .قوله تعالى : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله فيه أربع مسائل :الأولى : لما ذكر ما يراد به وجهه ويثيب عليه ذكر غير ذلك من الصفة وما يراد به أيضا وجهه . وقرأ الجمهور : آتيتم بالمد بمعنى أعطيتم . وقرأ ابن كثير ومجاهد وحميد بغير مد ; بمعنى ما فعلتم من ربا ليربو ; كما تقول : أتيت صوابا وأتيت خطأ . وأجمعوا على المد في قوله : وما آتيتم من زكاة . والربا الزيادة ، وقد مضى في ( البقرة ) معناه ، وهو هناك محرم وهاهنا حلال . وثبت بهذا أنه قسمان : منه حلال ومنه حرام . قال عكرمة في قوله تعالى : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس قال : الربا ربوان ، ربا حلال وربا حرام ; فأما الربا الحلال فهو الذي يهدى ، يلتمس ما هو أفضل منه . وعن الضحاك في هذه الآية : هو الربا الحلال الذي يهدى ليثاب ما هو أفضل منه ، لا له ولا عليه ، ليس له فيه أجر وليس عليه فيه إثم . وكذلك قال ابن عباس : وما آتيتم من ربا يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه ; فذلك الذي لا يربو عند الله ولا يؤجر صاحبه ولكن لا إثم عليه ، وفي هذا المعنى نزلت الآية . قال ابن عباس وابن جبير وطاوس ومجاهد : هذه آية نزلت في هبة الثواب . قال ابن عطية : وما جرى مجراها مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه ؛ كالسلام وغيره ; فهو وإن كان لا إثم فيه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى . وقاله القاضي أبو بكر ابن العربي . وفي كتاب النسائي عن عبد الرحمن بن علقمة قال : قدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم هدية فقال : أهدية أم صدقة . فإن كانت هدية فإنما يبتغى بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضاء الحاجة ، وإن كانت صدقة فإنما يبتغى بها وجه الله عز وجل قالوا : لا بل هدية ; فقبلها منهم وقعد معهم يسائلهم [ ص: 35 ] ويسألونه . وقال ابن عباس أيضا وإبراهيم النخعي : نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضل عليهم ، وليزيدوا في أموالهم على وجه النفع لهم . وقال الشعبي : معنى الآية أن ما خدم الإنسان به أحدا وخف له لينتفع به في دنياه فإن ذلك النفع الذي يجزي به الخدمة لا يربو عند الله . وقيل : كان هذا حراما على النبي صلى الله عليه وسلم على الخصوص ; قال الله تعالى : ولا تمنن تستكثر فنهى أن يعطي شيئا فيأخذ أكثر منه عوضا . وقيل : إنه الربا المحرم ; فمعنى : فلا يربو عند الله على هذا القول لا يحكم به لآخذه ، بل هو للمأخوذ منه . قال السدي : نزلت هذه الآية في ربا ثقيف ; لأنهم كانوا يعملون بالربا وتعمله فيهم قريش .الثانية : قال القاضي أبو بكر ابن العربي : صريح الآية فيمن يهب يطلب الزيادة من أموال الناس في المكافأة . قال المهلب : اختلف العلماء فيمن وهب هبة يطلب ثوابها ، وقال : إنما أردت الثواب ; فقال مالك : ينظر فيه ; فإن كان مثله ممن يطلب الثواب من الموهوب له فله ذلك ; مثل هبة الفقير للغني ، وهبة الخادم لصاحبه ، وهبة الرجل لأميره ومن فوقه ; وهو أحد قولي الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يكون له ثواب إذا لم يشترط ; وهو قول الشافعي الآخر . قال : والهبة للثواب باطلة لا تنفعه ; لأنها بيع بثمن مجهول . واحتج الكوفي بأن موضوع الهبة التبرع ، فلو أوجبنا فيها العوض لبطل معنى التبرع وصارت في معنى المعاوضات ، والعرب قد فرقت بين لفظ البيع ولفظ الهبة ، فجعلت لفظ البيع على ما يستحق فيه العوض ، والهبة بخلاف ذلك . ودليلنا ما رواه مالك في موطئه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : أيما رجل وهب هبة يرى أنها للثواب فهو على هبته حتى يرضى منها . ونحوه عن علي رضي الله عنه قال : المواهب ثلاثة : موهبة يراد بها وجه الله ، وموهبة يراد بها وجوه الناس ، وموهبة يراد بها الثواب ; فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب منها . وترجم البخاري رحمه الله ( باب المكافأة في الهبة ) وساق حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب [ ص: 36 ] عليها . وأثاب على لقحة ولم ينكر على صاحبها حين طلب الثواب ؛ وإنما أنكر سخطه للثواب وكان زائدا على القيمة . خرجه الترمذي .الثالثة : ما ذكره علي رضي الله عنه وفصله من الهبة صحيح ; وذلك أن الواهب لا يخلو في هبته من ثلاثة أحوال : أحدها : أن يريد بها وجه الله تعالى ويبتغي عليها الثواب منه . والثاني : أن يريد بها وجوه الناس رياء ليحمدوه عليها ويثنوا عليه من أجلها . والثالث : أن يريد بها الثواب من الموهوب له ; وقد مضى الكلام فيه . وقال صلى الله عليه وسلم : الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . فأما إذا أراد بهبته وجه الله تعالى وابتغى عليه الثواب من عنده فله ذلك عند الله بفضله ورحمته ; قال الله عز وجل : وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون .وكذلك من يصل قرابته ليكون غنيا حتى لا يكون كلا ، فالنية في ذلك متبوعة ; فإن كان ليتظاهر بذلك دنيا فليس لوجه الله ، وإن كان لما له عليه من حق القرابة وبينهما من وشيجة الرحم فإنه لوجه الله .وأما من أراد بهبته وجوه الناس رياء ليحمدوه عليها ويثنوا عليه من أجلها فلا منفعة له في هبته ; لا ثواب في الدنيا ولا أجر في الآخرة ; قال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس الآية .وأما من أراد بهبته الثواب من الموهوب له فله ما أراد بهبته ، وله أن يرجع فيها ما لم يثب بقيمتها ، على مذهب ابن القاسم ، أو ما لم يرض منها بأزيد من قيمتها ، على ظاهر قول عمر وعلي ، وهو قول مطرف في الواضحة : أن الهبة ما كانت قائمة العين ، وإن زادت أو نقصت فللواهب الرجوع فيها وإن أثابه الموهوب فيها أكثر منها . وقد قيل : إنها إذا كانت قائمة العين لم تتغير فإنه يأخذ ما شاء . وقيل : تلزمه القيمة كنكاح التفويض ، وأما إذا كان بعد فوت الهبة فليس له إلا القيمة اتفاقا ; قاله ابن العربي .[ ص: 37 ] الرابعة : قوله تعالى : ( ليربو ) ، قرأ جمهور القراء السبعة : ليربو بالياء وإسناد الفعل إلى الربا . وقرأنافع وحده : بضم التاء والواو ساكنة على المخاطبة ; بمعنى تكونوا ذوي زيادات ، وهذه قراءة ابن عباس والحسن وقتادة والشعبي . قال أبو حاتم : هي قراءتنا . وقرأ أبو مالك : ( لتربوها ) بضمير مؤنث . فلا يربو عند الله أي لا يزكو ولا يثيب عليه ; لأنه لا يقبل إلا ما أريد به وجهه وكان خالصا له ; وقد تقدم في ( النساء ) . وما آتيتم من زكاة قال ابن عباس : أي من صدقة . و تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون أي ذلك الذي يقبله ويضاعفه له عشرة أضعافه أو أكثر ; كما قال : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة . وقال : ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة . وقال : فأولئك هم المضعفون ولم يقل فأنتم المضعفون ؛ لأنه رجع من المخاطبة إلى الغيبة ; مثل قوله : حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم . وفي معنى المضعفين قولان : أحدهما : أنه تضاعف لهم الحسنات كما ذكرنا . والآخر : أنهم قد أضعف لهم الخير والنعيم ; أي هم أصحاب أضعاف ، كما يقال : فلان مقو إذا كانت إبله قوية ، أو له أصحاب أقوياء . ومسمن إذا كانت إبله سمانا . ومعطش إذا كانت إبله عطاشا . ومضعف إذا كان إبله ضعيفة ; ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الشيطان الرجيم . فالمخبث : الذي أصابه خبث ، يقال : فلان رديء أي هو رديء في نفسه . ومردئ : أصحابه أردئاء .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)لما جرى الترغيب والأمر ببذل المال لِذَوي الحاجة وصلة الرحم وما في ذلك من الفلاح أعقب بالتزهيد في ضرب آخر من إعطاء المال لا يرضَى الله تعالى به وكان الربا فاشياً في زمن الجاهلية وصدر الإسلام وخاصة في ثقيف وقريش . فلما أرشد الله المسلمين إلى مواساة أغنيائهم فقراءَهم أتبع ذلك بتهيئة نفوسهم للكف عن المعاملة بالربا للمقترضين منهم ، فإن المعاملة بالربا تنافي المواساة لأن شأن المقترض أنه ذو خَلّة ، وشأن المُقرِض أنه ذو جِدَة فمعاملته المقترِض منه بالربا افتراضٌ لحاجته واستغلال لاضطراره ، وذلك لا يليق بالمؤمنين .و { ما } شرطية تفيد العموم ، فالجملة معترضة بعد جملة { فئاتتِ ذا القربى حقه } [ الروم : 38 ] الخ . والواو اعتراضية . ومضمون هذه الجملة بمنزلة الاستدراك للتنبيه على إيتاء مال هو ذميم . وجيء بالجملة شرطية لأنها أنسب بمعنى الاستدراك على الكلام السابق . فالخطاب للمسلمين الذين يريدون وجهَ الله الذين كانوا يُقرضون بالربا قبل تحريمه .ومعنى { ءاتيتم : } آتى بعضكم بعضاً لأن الإيتاء يقتضي مُعطياً وآخذاً .وقوله { لتربوا في أموال الناس } خطاب للفريق الآخِذِ .و { لتربوا } لتزيدوا ، أي لأنفسكم أموالاً على أموالكم . وقوله : { في أموال الناس في } للظرفية المجازية بمعنى ( من ) الابتدائية ، أي لتنالوا زيادة وأرباحاً تحصل لكم من أموال الناس ، فحرف { في } هنا كالذي في قول سَبْرةَ الفقعسي :ونَشْرَبُ فِي أثمانها ونُقامر ... أي نشرب ونقامر من أثمان إبلنا . وتقدم بيانه عند قوله تعالى { وارْزُقُوهُمْ فيها واكْسُوهم } في سورة النساء ( 5 ) .ومِن } في قوله { من رباً } وقوله { من زكاة } بيانية مبينة لإبهام { مَا } الشرطية في الموضعين . وتقدم الربا في سورة البقرة .وقوله { فلا يربو عند الله } جواب الشرط . ومعنى { فلا يربو عند الله } أنه عمل ناقص عند الله غير زاككٍ عنده ، والنقص يكنى به عن المذمة والتحقير . وهذا التفسير هو المناسب لمحمل لفظ الربا على حقيقته المشهورة ، ولموافقة معنى قوله تعالى : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات } [ البقرة : 276 ] ، ولمناسبة ذكر الإضعاف في قوله هنا { فأولئك هم المضعفون } وقوله { لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة } في سورة آل عمران ( 130 ) . وهذا المعنى مروي عن السدّي والحسن . وقد استقام بتوجيهه المعنى من جهة العربية في معنى في } من قوله { في أموال الناس .ويجوز أن يكون لفظ ربا } في الآية أطلق على الزيادة في مال لغيره ، أي إعطاء المال لذوي الأموال قصدَ الزيادة في أموالهم تقرباً إليهم ، فيشمل هبة الثواب والهبة للزلفى والمَلَق . ويكون الغرض من الآية التنبيه على أن ما كانوا يفعلونه من ذلك لا يغني عنهم من موافقة مرضاة الله تعالى شيئاً وإنما نفعه لأنفسهم . ودرج على هذا المعنى جم غفير من المفسرين فيصير المعنى : وما أعطيتم من زيادة لتزيدوا في أموال الناس ، وتصير كلمة { لتربوا } توكيداً لفظيّاً ليعلق به قوله { في أموال الناس } .وقوله { وما ءاتيتم من زكاة } الخ رجوع إلى قوله{ فئاتتِ ذا القربى حقه } [ الروم : 38 ] الآية لأن ذلك الحق هو المسمى بالزكاة .وجملة { فأولئك هم المضعفون } جواب { وما ءاتيتم من زكاة ، } أي فمؤتوه المضعفون ، أي أولئك الذين حصل لهم الإضعاف وهو إضعاف الثواب . وضمير الفصل لقصر جنس المضعفين على هؤلاء ، وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد بإضعاف من عداهم لأن إضعاف من عداهم إضعاف دُنيوي زائل . واسم الإشارة في قوله { فأولئك هم المضعفون } للتنويه بهؤلاء والدلالة على أنهم أحرياء بالفلاح . واسم الإشارة إظهار في مقام الإضمار اقتضاه مقام اجتلاب اسم الإشارة .وقرأ الجمهور { ءاتيتم } بهمزتين ، أي أعطيتم . وقرأه ابن كثير { أتيتم } بهمزة واحدة ، أي قصدتم ، أي فعلتم . وقرأ الجمهور { ليَربوَ } بتحتية مفتوحة وفتحة إعراب على واو { ليربوَ . } وكتب في المصاحف بألف بعد الواو وليس واو جماعة بالاتفاق ، ورسم المصحف سنة . وقرأ نافع { لتُربوا } بتاء الخطاب مضمومة وواو ساكنة هي واو الجماعة .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وبعد أن حضهم على صلة الأقارب والمساكين وابن السبيل ، نفرهم من تعاطى الربا فقال : ( وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله ) .والربا : الزايدة مطلقا . يقال : ربا الشئ يربو إذا زاد ونما ، ومنه قوله - تعالى - : ( وَتَرَى الأرض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ ) أى : زادت .قال الآلوسى ما ملخصه : والظاهر أن المراد بالبر هنا ، الزيادة المعروفة فى المعاملة التى حرمها الشارع . ويشهد لذلك ما روى عن السدى ، من أن الآية نزلت فى ربا ثقيف ، كانوا يرابون ، وكذلك كانت قريش تتعاطى الربا .وعن ابن عباس وغيره : أن المراد به هنا العطية التى يتوقع بها مزيد مكافأة ، وعليه فتسميتها ربا مجاز ، لأنها سبب للزيادة .ويبدو لنا أن المراد هنا ، الربا الذى حرمه الله - تعالى - بعد ذلك تحريما قاطعا ، وأن المقصود من الآية التنفير منه على سبيل التدرج ، حتى إذا جاء التحريم النهائى له ، تقبلته نفوس الناس بدون مفاجأة لهذا التحريم .قال صاحب الكشاف : هذه الآية فى معنى قوله - تعالى - ( يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات ) سواء بسواء . يريد : وما أعطيتم أكلة الربا ( مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي ) أموالهم ، أى : ليزيد ويزكو فى أموالهم ، فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه .ثم حض - سبحانه - على التصدق فى سبيله فقال : ( وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ ) أى من صدقة تتقربون بها إلى الله ، و ( تُرِيدُونَ ) بأدائها ( وَجْهَ الله ) أى : رضاه وثوابه . ( فأولئك ) الذين يفعلون ذلك ( هُمُ المضعفون ) أى : ذوو الأضعاف المضاعفة من الثواب والعطا الكريم ، فالمضعفون جمع مضعف - بكسر العين - على أنه اسم فاعل من أضعف ، إذا صار ضِعْف - بكسر فسكون - كأقوى وأيسر ، إذا صار ذا قوة ويسار .وقال - سبحانه - : ( فأولئك هُمُ المضعفون ) ولم يقل : فأنتم المضعفون ، لأنه رجع من المخاطبة إلى الغيبة ، كانه قال لملائكته : فاولئك الذين يريدون وجهى بصدقاتهم ، هم المضعفون ، فهو أمدح لهم من أن يقول : فأنتم المضعفون .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله - عز وجل - : ) ( وما آتيتم من ربا ) قرأ ابن كثير : " أتيتم " مقصورا ، وقرأ الآخرون بالمد ، أي : أعطيتم ، ومن قصر فمعناه : ما جئتم من ربا ، ومجيئوهم ذلك على وجه الإعطاء كما تقول : أتيت خطئا ، وأتيت صوابا ، فهو يؤول في المعنى إلى قول من مد . ( ليربوا في أموال الناس ) قرأ أهل المدينة ، ويعقوب : " لتربوا " بالتاء وضمها وسكون الواو على الخطاب ، أي : لتربوا أنتم وتصيروا ذوي زيادة من أموال الناس ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها ، ونصب الواو وجعلوا الفعل للربا لقوله : ( فلا يربو عند الله ) في أموال الناس ، أي : في اختطاف أموال الناس واجتذابها .واختلفوا في معنى الآية ، فقال سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وطاوس ، وقتادة ، والضحاك ، وأكثر المفسرين : هو الرجل يعطي غيره العطية ليثب أكثر منها فهذا جائز حلال ، ولكن لا يثاب عليه في القيامة ، وهو معنى قوله - عز وجل - : " فلا يربوا عند الله " ، وكان هذا حراما على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة لقوله تعالى : " ولا تمنن تستكثر " ( المدثر - 6 ) ، أي : لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت . وقال النخعي : هو الرجل يعطي صديقه أو قريبه ليكثر ماله ولا يريد به وجه الله . وقال الشعبي : هو الرجل يلتزق بالرجل فيخدمه ويسافر معه فيجعل له ربح ماله التماس عونه ، لا لوجه الله ، فلا يربوا عند الله لأنه لم يرد به وجه الله تعالى . ( وما آتيتم من زكاة ) أعطيتم من صدقة ( تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات ، تقول العرب : القوم مهزولون ومسمونون : إذا هزلت أو سمنت إبلهم .