تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قل -يا أيها الرسول- للمؤمنين: إن فَضَّلتم الآباء والأبناء والإخوان والزوجات والقرابات والأموال التي جمعتموها والتجارة التي تخافون عدم رواجها والبيوت الفارهة التي أقمتم فيها، إن فَضَّلتم ذلك على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله فانتظروا عقاب الله ونكاله بكم. والله لا يوفق الخارجين عن طاعته.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم» أقرباؤكم وفي قراءة عشيرتكم «وأموال اقترفتموها» اكتسبتموها «وتجارة تخشون كسادها» عدم نفادها «ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادِ في سبيله» فقعدتم لأجله عن الهجرة والجهاد «فتربَّصوا» انتظروا «حتى يأتي الله بأمره» تهديد لهم «والله لا يهدي القوم الفاسقين».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقينلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه والأب لابنه والأخ لأخيه والرجل لزوجته : إنا قد أمرنا بالهجرة ، فمنهم من تسارع لذلك ، ومنهم من أبى أن يهاجر ، فيقول : والله لئن لم تخرجوا إلى دار الهجرة لا أنفعكم ولا أنفق عليكم شيئا أبدا . ومنهم من تتعلق به امرأته وولده ويقولون له : أنشدك بالله ألا تخرج فنضيع بعدك ، فمنهم من يرق فيدع الهجرة ويقيم معهم ، فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان . يقول : إن اختاروا الإقامة على الكفر بمكة على الإيمان بالله والهجرة إلى المدينة . ومن يتولهم منكم بعد نزول الآية فأولئك هم الظالمون [ ص: 32 ] ثم نزل في الذين تخلفوا ولم يهاجروا : قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وهي الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد كعقد العشرة فما زاد ، ومنه المعاشرة وهي الاجتماع على الشيء .وأموال اقترفتموها يقول : اكتسبتموها بمكة . وأصل الاقتراف اقتطاع الشيء من مكانه إلى غيره .وتجارة تخشون كسادها قال ابن المبارك : هي البنات والأخوات إذا كسدن في البيت لا يجدن لهن خاطبا . قال الشاعر :كسدن من الفقر في قومهن وقد زادهن مقامي كسوداومساكن ترضونها يقول : ومنازل تعجبكم الإقامة فيها أحب إليكم من الله ورسوله من أن تهاجروا إلى الله ورسوله بالمدينة . و ( أحب ) خبر كان . ويجوز في غير القرآن رفع " أحب " على الابتداء والخبر ، واسم كان مضمر فيها . وأنشد سيبويه :إذا مت كان الناس صنفان : شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنعوأنشد :هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها وليس منها شفاء الداء مبذولوفي الآية دليل على وجوب حب الله ورسوله ، ولا خلاف في ذلك بين الأمة ، وأن ذلك مقدم على كل محبوب . وقد مضى في ( آل عمران ) معنى محبة الله تعالى ومحبة رسوله .( وجهاد في سبيله فتربصوا ) : صيغته صيغة أمر ومعناه التهديد . يقول : انتظروا . وفي قوله : ( وجهاد في سبيله ) دليل على فضل الجهاد ، وإيثاره على راحة النفس وعلائقها بالأهل والمال . وسيأتي فضل الجهاد في آخر السورة . وقد مضى من أحكام الهجرة في ( النساء ) ما فيه كفاية ، والحمد لله . وفي الحديث الصحيح إن الشيطان قعد لابن آدم ثلاث مقاعد ؛ قعد له في طريق الإسلام فقال لم تذر دينك ودين آبائك فخالفه وأسلم ، وقعد له في طريق الهجرة فقال له أتذر مالك وأهلك فخالفه وهاجر ، ثم قعد في طريق الجهاد فقال له تجاهد فتقتل فينكح أهلك ويقسم مالك فخالفه وجاهد ، فحق على الله أن يدخله الجنة . وأخرجه النسائي من حديث سبرة بن أبي فاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الشيطان . . . فذكره . قال [ ص: 33 ] البخاري : " ابن الفاكه " ولم يذكر فيها اختلافا . وقال ابن أبي عدي : يقال ابن الفاكه وابن أبي الفاكه . انتهى .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
ارتقاء في التحذير من العلائق التي قد تفضي إلى التقصير في القيام بواجبات الإسلام ، فلذلك جاءت زيادة تفصيل الأصناف من ذوي القرابة وأسباببِ المخالطة التي تكون بين المؤمنين وبين الكافرين ، ومن الأسباب التي تتعلّق بها نفوس الناس فيَحول تعلّقُهم بها بينَهم وبين الوفاء ببعض حقوق الإسلام ، فلذلك ذكر الأبناءُ هنا لأنّ التعلّق بهم أقوى من التعلّق بالإخوان ، وذُكر غيرهم من قريب القرابة أيضاً .وابتداء الخطاب ب { قُل } يشير إلى غِلَظِه والتوبيخ به .والمخاطب بضمائر جماعة المخاطبين : المؤمنون الذين قصروا في بعض الواجب أو المتوقّع منهم ذلك ، كما يشعر به اقتران الشرط بحرف الشّكّ وهو { إنْ } ويفهم منه أنّ المسترسلين في ذلك المُلابِسينَ له هم أهل النفاق ، فهم المعرَّض لهم بالتهديد في قوله : { فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين }.وقد جمعت هذه الآية أصنافاً من العلاقات وذويها ، من شأنها أن تألفها النفوس وترغب في القرب منها وعدم مفارقتها ، فإذا كان الثبات على الإيمان يجرّ إلى هجران بعضها كالآباء والإخوان الكافرين الذين يهجر بعضهم بعضاً إذا اختلفوا في الدين ، وكالأبناء والأزواج والعشيرة الذين يألف المرء البقاء بينهم ، فلعلّ ذلك يقعده عن الغزو ، وكالأموال والتجارة التي تصدّ عن الغزو وعن الإنفاق في سبيل الله . وكذلك المساكن التي يألف المرء الإقامة فيها فيصدّه إلفها عن الغزو . فإذا حصل التعارض والتدافع بين ما أراده الله من المؤمنين وبين ما تَجُرُّ إليه تلك العلائق وجب على المؤمِن دحضها وإرضاء ربّه .وقد أفاد هذا المعنى التعبير ب { أحب } لأنّ التفضيل في المحبّة يقتضي إرضاء الأقوى من المحبوبين ، ففي هذا التعبير تحذير من التهاون بواجبات الدين مع الكناية عن جعل ذلك التهاون مُسبّباً على تقديم محبّة تلك العلائق على محبّة الله ، ففيه إيقاظ إلى ما يؤول إليه ذلك من مهواة في الدين وهذا من أبلغ التعبير .وخصّ الجهاد بالذكر من عموم ما يحبّه الله منهم : تنويهاً بشأنه ، ولأنّ ما فيه من الخطر على النفوس ومن إنفاق الأموال ومفارقة الإلف ، جَعله أقوى مظنّة للتقاعس عنه ، لا سيما والسورة نزلت عقب غزوة تبوك التي تخلّف عنها كثير من المنافقين وبعضُ المسلمين .و ( العَشيرة ) الأقارب الأدْنَوْن ، وكَأنه مشتقّ من العِشْرة وهي الخلطة والصحبة .وقرأ الجمهور { وعشيرتكم } بصيغة المفرد وقرأه أبو بكر عن عاصم { وعشيراتكم جمع عشيرة ووجهه : أنّ لكلّ واحد من المخاطبين عشيرة ، وعن أبي الحسن الأخفش : إنّما تَجمعَ العرب عشيرة على عشائر ولا تكاد تقول عَشيرات ، وهذه دعوى منه ، والقراءة رواية فهي تَدفَع دَعواه .والاقتراف : الاكتساب ، وهو مشتقّ من قارف إذا قارَب الشيء .والكساد ، قلّة التبايع وهو ضدّ الرَّولج والنَّفاق ، وذلك بمقاطعة طوائف من المشركين الذين كانوا يتبايعون معهم ، وبالانقطاع عن الاتّجار أيام الجهاد .وجُعل التفضيل في المحبّة بين هذه الأصناف وبين محبّة الله ورسوله والجهاد : لأنّ تفضيل محبّة الله ورسوله والجهاد يوجب الانقطاع عن هذه الأصناف ، فإيثار هذه الأشياء على مَحبة الله يفضي موالاة إلى الذين يستحبّون الكفر ، وإلى القعود عن الجهاد .والتربّص : الانتظار ، وهذا أمر تهديد لأنّ المراد انتظار الشرّ . وهو المراد بقوله : حتى يأتي الله بأمره } أي الأمر الذي يظهر به سوء عاقبة إيثاركم محبّة الأقارب والأموال والمساكين ، على محبّة الله ورسوله والجهادِ .والأمر : اسم مبهم بمعنى الشيء والشأن ، والمقصود من هذا الإبهام التهويل لتذهب نفوس المهدَّدين كلّ مذهب محتمل ، فأمر الله : يحتمل أن يكون العذَابَ أو القتل أو نحوهما ، ومن فسّر أمر الله بفتح مكة فقد ذهل لأنّ هذه السورة نزلت بعد الفتح .وجملة { والله لا يهدي القوم الفاسقين } تذييل ، والواو اعتراضية وهذا تهديد بأنّهم فضلوا قرابتهم وأموالهم على محبّة الله ورسوله وعلى الجهاد فقد تحقّق أنّهم فاسقون والله لا يهدي القوم الفاسقين فحصل بموقع التذييل تعريض بهم بأنّهم من الفاسقين .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
( 5 ) قال بعض العلماء : وليس المطلوب . من قوله - تعالى ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ . . . ) إلخ . أن ينقطع المسلم عن الأهل والعشيرة والزوج والولد والمال والعمل والمتاع واللذة ، ولا أن يترهبن ويزهد فى طيبات الحياة . . كلا إنما تريد هذه العقيدة أن يفرغ لها القلب ، ويخلص لها الحب ، وأن تكون هى المسيطرة الحاكمة ، وهى المحركة الدافعة . فإذا تم لها هذا فلا حرج عندئذ أن يستمع المسملم بكل طيبات الحياة ، على أن يكون مستعداً لنبذها كلها فى اللحظة التى تتعارض مع مطالب العقيدة .ومفرق الطريق هو أن تسيطر العقيدة أو يسيطر المتاع ، وأن تكون الكلمة الأولى للعقدية أو لعرض من أعراض هذه الحياة؟ فإذا اطمأن المسلم إلى أن قلبه خالص لعقيدته فلا عليه بعد هذا أن يستمتع بالأنباء والإِخوة والعشيرة والزوج . . وعليه أن يتخذ الأموال والمتاجر والمساكن . ولا عليه أن يستمع بزينة الله و الطيبات من الرزق . فى غير سرف ولا مخيلة .بل إن المتاع حينئذ لمستحب ، باعتباره لوناً من الوان الشكر لله الذى أنعم بها ليتمتع بها عباده . وهم يذكرون أنه الرازق المنعم الوهاب .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
ثم قال تعالى : ( قل ) يا محمد للمتخلفين عن الهجرة : ( إن كان آباؤكم ) وذلك أنه لما نزلت الآية الأولى قال الذين أسلموا ولم يهاجروا : إن نحن هاجرنا ضاعت أموالنا وذهبت تجاراتنا وخربت دورنا وقطعنا أرحامنا ، فنزل : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ) قرأ أبو بكر عن عاصم : " عشيراتكم " بالألف على الجمع ، والآخرون بلا ألف على التوحيد ، لأن جمع العشيرة عشائر ( وأموال اقترفتموها ) اكتسبتموها ( وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها ) أي : تستطيبونها يعني القصور والمنازل ، ( أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا ) فانتظروا ، ( حتى يأتي الله بأمره ) قال عطاء : بقضائه . وقال مجاهد ومقاتل : بفتح مكة وهذا أمر تهديد ، ( والله لا يهدي ) لا يوفق ولا يرشد ( القوم الفاسقين ) الخارجين عن الطاعة .