تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم، إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو موتهم، أو بندمهم غاية الندم، وتوبتهم إلى ربهم، وخوفهم منه غاية الخوف. والله عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم، حكيم في تدبير أمور خلقه.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة» شكا «في قلوبهم إلاً أن تقطَّع» تنفصل «قلوبهم» بأن يموتوا «والله عليم» بخلقه «حكيم» في صنعه بهم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيمقوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا يعني مسجد الضرار ريبة في قلوبهم أي شكا في قلوبهم ونفاقا ; قاله ابن عباس وقتادة والضحاك . وقال النابغة :حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهبوقال الكلبي : حسرة وندامة ; لأنهم ندموا على بنيانه . وقال السدي وحبيب والمبرد : ريبة أي حزازة وغيظا .إلا أن تقطع قلوبهم قال ابن عباس : أي تنصدع قلوبهم فيموتوا ; كقوله : لقطعنا منه الوتين لأن الحياة تنقطع بانقطاع الوتين ; وقاله قتادة والضحاك ومجاهد . وقال سفيان : إلا أن يتوبوا . عكرمة : إلا أن تقطع قلوبهم في قبورهم ، [ ص: 186 ] وكان أصحاب عبد الله بن مسعود يقرءونها : " ريبة في قلوبهم ولو تقطعت قلوبهم " . وقرأ الحسن ويعقوب وأبو حاتم " إلى أن تقطع " على الغاية ، أي لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبينوا . واختلف القراء في قوله ( تقطع ) فالجمهور " تقطع " بضم التاء وفتح القاف وشد الطاء على الفعل المجهول . وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص ويعقوب كذلك إلا أنهم فتحوا التاء . وروي عن يعقوب وأبي عبد الرحمن " تقطع " على الفعل المجهول مخفف القاف . وروي عن شبل وابن كثير " تقطع " خفيفة القاف " قلوبهم " نصبا ، أي أنت تفعل ذلك بهم . وقد ذكرنا قراءة أصحاب عبد الله .والله عليم حكيم تقدم .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
جملة : { لا يزال بنيانهم } يجوز أن تكون مستأنفة لتعدَاد مساوي مسجد الضرار بذكر سوءِ عواقبه بعد أن ذكرَ سوء الباعثثِ عليه وبعد أن ذكر سوء وقعه في الإسلام بأن نهى الله رسوله عن الصلاة فيه وأمرَه بهدمه ، لأنه لما نهاه عن الصلاة فيه فقد صار المسلمون كلهم منهيين عن الصلاة فيه ، فسلب عنه حكم المساجد ، ولذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدمه . ويرجح هذا الوجه أنه لم يؤت بضمير المسجد أو البنيان بل جيء باسمه الظاهر .ويجوز أن تكون خبراً ثانياً عن { الذين اتخذوا مسجداً ضراراً } [ التوبة : 107 ] كأنه قيل : لا تقم فيه ولا يزال ريبةً في قلوبهم ، ويكون إظهار لفظ { بنيانهم } لزيادة إيضاحه . والرابط هو ضمير { قلوبهم }.والمعنى أن ذلك المسجد لما بنوه لغرض فاسد فقد جعلهُ اللّهُ سبباً لبقاء النفاق في قلوبهم ما دامت قلوبهم في أجسادهم .وجَعل البنيان ريبةً مبالغة كالوصف بالمصدر . والمعنى أنه سبب للريبة في قلوبهم . والريبة : الشك ، فإن النفاق شك في الدين ، لأن أصحابه يترددون بين موالاة المسلمين والإخلاص للكافرين .وقوله : { إلا أن تقطع قلوبهم } استثناء تهكمي . وهو من قبيل تأكيد الشيء بما يشبه ضده كقوله تعالى : { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَم الخياط } [ الأعراف : 40 ] ، أي يبقى ريبة أبداً إلا أن تقطع قلوبهم منهم وما هي بمُقطعة .وجملة : { والله عليم حكيم } تذييل مناسب لهذا الجعل العجيب والإحكام الرشيق . وهو أن يكون ذلك البناء سببَ حسرة عليهم في الدنيا والآخرة .وقرأ الجمهور { تُقطع } بضم التاء . وقرأه ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم وأبو جعفر ويعقوب { تَقطَّعَ } بفتح التاء على أن أصله تتقطع . وقرأ يعقوب { إلى أن تقطع } بحرف ( إلى ) التي للانتهاء .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - الآثار التى ترتبت على هدم مسجد الضرار ، فى نفوس هؤلاء المنافقين الأشرار فقال - تعالى - : ( لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الذي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .الريبة : اسم من الريب بمعنى الشك والقلب والحيرة ، وتقطع - بفتح التاء - أصلها تتقطع فحذفت إحدى التاءين ، من التقطع بمعنى التمزق . وقرأ بعضهم . " تقطع " - بضم التاء - من التقطيع بمعنى التفريق والتمزيق .والاستثناء مفرغ من أعم الأوقات والأحوال ، والمستثنى منه محذوف ، والتقدير : لا يزال ما بناه هؤلاء المنافقون موضع ريبة وقلق فى نفسهم فى كل وقت حال إلا فى وقت واحد وهو وقت أن تتمزق قلوبهم بالموت والهلاك أى : أنهم لا يزالون فى قلق وحيرة ما داموا أحياء ، أما بعد موتهم فستتكشف لهم الحقائق ، ويجدون مصيرهم الأليم .والسبب فى أن هذا البناء كان مثار يبتهم وقلقهم حتى بعد هدمه ، أنهم بنوه نبية سيئة ، ولتلك المقاصد الأربعة الخبيثة التى بينتها الآية الأولى . فكانوا يخشون أن يطلع الله نبيهم على مقاصدهم الذميمة ، فهذه الخشية أورثتهم القلبق والريبة ، فلما أطاع الله - تعالى - نبيه على أغراضهم ، وتم هدم مسجد الضرار ، وانهار الجرف المتداعى المتساقط ، استمر قلقهم وريبهم؛ لأنهم لا يدرون بعد ذلك ماذا سيفعل المؤمنون بهم .وهكذا شأن الماكرين فى كل زمان ومكان ، إنهم يعيشون طول حياتهم فى فزع وقلق وخوف من أن ينكشف مكرهم ، ويظهر خداعهم .وقوله : ( والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) تذييل قصد به تهديهم وزجرهم .أى : والله - تعالى - عليم بكل شئ فى هذا الكون ، وبكل ما يقوله ويفعله هؤلاء المنافقون سرا وجهرا : حكيم فى كل تصرفاته وأفعاله وفى صنعه بهم ، وسيجازيهم يوم القيامة بما يستحقونه من عقاب .هذا ، ومن الأحكام والآداب التى أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتى :1- وجوب بناء المسجد على تقوى من الله ورضوان ، لأنها إذا بنيت على هذا الأساس ، كانت محل القبول والثواب من الله ، أما إذا بنيت لأى مقصد يتنافى مع آداب الإِسلام وأحكامه وتشريعاته ، فإنها تكون بعيدة عن رضا الله - تعالى - وقبوله .قال بعض العلماء ، دلت الآيات على أن كل مسجد بنى على ما بنى عليه مسجد الضرار ، أن هلا حكم له ولا حركة ، ولا يصح الوقف عليه . وقد حرق الراضى بالله - الخليفة العباسى - كثيرا من مساجد الباطنية والمشهبة والمجبرة .وقال الزمشخرى : قيل كل مسجد بنى مباهاة أو رياء وسمعة ، أو لغرض سوى ابتغاء وجه الله ، أو بمال غير طيب ، فهو لا حق بمسجد الضرار .وعن عطاء : لما فتح الله . تعالى . الأمصار على عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أمر المسلمين أن يبينوا المساجد ، وألا يتخذوا فى مدينة مسجدين ، يضار أحدهما صاحبه .2- أن مسجد قباء هو المقصود بقوله - تعالى - : ( لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التقوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ . . . ) وذلك لأن سياق الآيات فى الحديث عنه ، وفى بيان أحقية الصلاة فيه ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم يزوروه راكبا وماشيا ويصلى فيه ركعتين .ولا منافاة بين كون مسجد قباء هو المقصود هنا ، وبين الأحاديث التى وردت فى أن المسجد الذى اسس من أول على تقوى من الله ورضوان ، هو المسجد النبوى ، لأن كليهما قد أسس على ذلك .قال الإِمام ابن كثير : وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف منهم ابن عباس ، وعروة بن الزبير ، والحسن البصرى ، وسعيد بن جبير ، وقتادة .وقد ورد فى الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى فى جوف المدينة هو المسجد الذى أسس على التقوى ، وهذا صحيح .ولا منافة بين الآية وبين هذا ، أنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى والأحرى " .3- أن المحافظة على الطهارة من الصفات التى يحبها الله - تعالى - فقد قال - تعالى - : ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ والله يُحِبُّ المطهرين ) .وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث منها : ما جاء " عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت هذه الآية ، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عويم بن مساعدة فقال له : " ما هذا الطهور الذى أثنى الله عليه به "؟فقال : يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل فرجه . فقال - صلى الله عليه وسلم - : " هو هذا " " .4- كذلك يؤخذ من الآيات الكريمة ، استحباب الصلاة فى المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له ، وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحة ، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء . والتنزه عن ملابسة القاذورات .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة ) أي : شكا ونفاقا ، ( في قلوبهم ) يحسبون أنهم كانوا في بنيانه محسنين كما حبب العجل إلى قوم موسى . قاله ابن عباس رضي الله عنهما . وقال الكلبي : حسرة وندامة لأنهم ندموا على بنائه . وقال السدي : لا يزال هدم بنائهم ريبة وحزازة وغيظا في قلوبهم .( إلا أن تقطع قلوبهم ) أي : تتصدع قلوبهم فيموتوا . قرأ ابن عامر ، وأبو جعفر ، وحمزة ، وحفص : " تقطع " بفتح التاء أي : تتقطع . والآخرون بضمها . وقرأ يعقوب وحده : " إلى أن " خفيف ، على الغاية ، " تقطع " بضم التاء ، خفيف ، من القطع يدل عليه تفسير الضحاك وقتادة : لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا . ( والله عليم حكيم ) .