تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
كذَّبت قبل هؤلاء الكفار قومُ نوح ومَن تلاهم من الأمم التي أعلنت حربها على الرسل كعاد وثمود، حيث عزموا على إيذائهم وتجمَّعوا عليهم بالتعذيب أو القتل، وهمَّت كل أمة من هذه الأمم المكذبة برسولهم ليقتلوه، وخاصموا بالباطل؛ ليبطلوا بجدالهم الحق فعاقَبْتُهم، فكيف كان عقابي إياهم عبرة للخلق، وعظة لمن يأتي بعدهم؟
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب» كعاد وثمود وغيرهما «من بعدهم وهمّت كل أمة برسولهم ليأخذوه» يقتلوه «وجادلوا بالباطل ليدحضوا» يزيلوا «به الحق فأخذتهم» بالعقاب «فكيف كان عقاب» لهم، أي هو واقع موقعه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : كذبت قبلهم قوم نوح على تأنيث الجماعة أي : كذبت الرسل . والأحزاب من بعدهم أي والأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب نحو عاد وثمود فمن بعدهم . وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه أي ليحبسوه ويعذبوه . وقال قتادة والسدي : ليقتلوه . والأخذ يرد بمعنى الإهلاك ، كقوله : ثم أخذتهم فكيف كان نكير والعرب تسمي الأسير الأخيذ ; لأنه مأسور للقتل ، وأنشد قطرب قول الشاعر :فإما تأخذوني تقتلوني فكم من آخذ يهوى خلوديوفي وقت أخذهم لرسولهم قولان : أحدهما عند دعائه لهم . الثاني عند نزول العذاب بهم . وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق أي ليزيلوا . ومنه مكان دحض أي : مزلقة ، والباطل داحض ; لأنه يزلق ويزل فلا يستقر . قال يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان . فأخذتهم أي بالعذاب . فكيف كان عقاب أي عاقبة الأمم المكذبة . أي : أليس وجدوه حقا .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5)جملة { كَذَّبَتْ قَبْلَهم قَوْم نُوحٍ } وما بعدها بيان لجملة { فلا يغرُرك تقلُّبهم في البلد } [ غافر : 4 ] باعتبار التفريع الواقع عقب هاته الجمل من قوله : { فأخذتهم فكيف كانَ عِقَاب } ، فالمعنى : سبقتهم أمم بتكذيب الرسل كما كذبوك وجادلوا بالباطل رسلهم كما جادلك هؤلاء فأخذتهم فكيف رأيت عقابي إياهم كذلك مثل هؤلاء في إمهالهم إلى أن آخذهم .والأحزاب : جمع حِزب بكسر الحاء وسكون الزاي وهو اسم للجماعة الذين هم سواء في شأن : من اعتقادٍ أو عمل أو عادةٍ . والمراد بهم هنا الأمم الذين كانت كل أمة منهم متفقة في الدين ، فكل أمة منهم حزب فيما اتفقت عليه .وفي قوله : { مِن بَعْدِهم } إشارة إلى أن قوم نوح كانوا حزباً أيضاً فكانوا يدينون بعبادة الأصنام : يغوث ، ويعوق ، ونسر ، وودَ ، وسُواع ، وكذلك كانت كل أمة من الأمم التي كذبت الرسل حزباً متفقين في الدين ، فعادٌ حزب ، وثمود حزب ، وأصحاب الأيكة حزب ، وقوم فرعون حزب . والمعنى : أنهم جميعاً اشتركوا في تكذيب الرسل وإن تخالف بعض الأمم مع بعضها في الأديان . وفي الجمع بين { قبلهم } و { مِن بَعْدِهِم } محسِّن الطباق في الكلام .والهمّ : العزم . وحقه أن يعدّى بالباء إلى المعاني لأن العزم فعل نفساني لا يتعلق إلا بالمعاني . كقوله تعالى : { وهموا بما لم ينالوا } [ التوبة : 74 ] ، ولا يتعدّى إلى الذوات ، فإذا عدّي إلى اسم ذات تعينّ تقدير معنى من المعاني التي تلابس الذات يدل عليها المقام كما في قوله تعالى : { ولقد همت به } [ يوسف : 24 ] أي همّت بمضاجعته . وقد يذكر بعد اسم الذات ما يدل على المعنى الذي يُهَمّ به كما في قوله هنا : { ليأخذوه } إن الهمّ بأخذه ، وارتكابُ هذا الأسلوب لقصد الإجمال الذي يعقبه التفصيل ، ومثله تعلق أفعال القلوب بالأسماء في ظننتك جائياً ، أي ظننت مجيئك .والأخذ يستعمل مجازاً بمعنى التصرف في الشيء بالعقاب والتعذيب والقتل ونحو ذلك من التنكيل ، قال تعالى : { فأخذهم أخذة رابية } [ الحاقة : 10 ] ويقال للأسير : أخيذ ، وللقتيل : أخيذ .واختير هذا الفعل هنا ليشمل مختلف ما هَمّت به كل أمة برسولها من قتل أو غيره كما قال تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبوتك أو يقتلوك أو يخرجوك } [ الأنفال : 30 ] .( والمعنى : أن الأُمم السابقة من الكفرة لم يقتصروا على تكذيب الرسول بل تجاوزوا ذلك إلى غاية الأذى من الهمّ بالقتل كما حكى الله عن ثمود : { قالوا تقاسموا باللَّه لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون } [ النمل : 49 ] . وقد تآمر كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة دار الندوة ليقتلوه أن يتجمع نفر من جَميع عشائرهم فيضربوه بالسيوف ضربة رجل واحد كيلا يستطيع أولياؤه من بني هاشم الأخذ بثأره ، فأخذ الله الأمم عقوبة لهم على همهم برسلهم فأهلكهم واستأصلهم .ويفهم من تفريع قوله : { فأخذتهم } على قوله : { وهَمَّتْ كُلُّ أُمة بِرَسولهم لِيَأْخُذوه } إنذارُ المشركين أن همهم بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم هو منتهى أمد الإِمهال لهم ، فإذا صمّموا العزم على ذلك أخذهم الله كما أخذ الأمم المكذبة قبلهم حين همّت كل أمة برسولهم ليأخذوه فإن قريشاً لما همّوا بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم أنجاه الله منهم بالهجرة ثم أمكنه من نواصيهم يوم بدر . والمراد ب { كُلُّ أُمَّة } كل أمة من الأحزاب المذكورين .وضمير { وجادلوا بالباطل } عائد على { كُلُّ أُمَّة } . والمقصود : من تعداد جرائم الأمم السابقة من تكذيب الرسل والهمّ بقتلهم والجدال بالباطل تنظير حال المشركين النازل فيهم قوله : { ما يُجَادِلُ في آيَاتتِ الله إلا الذين كَفَرُوا } [ غافر : 4 ] بحال الأمم السابقين سواء ، لينطبق الوعيد على حالهم أكمل انطباق في قوله : { فأخَذْتهُم فَكَيفَ كَانَ عِقابِ } .والباء في قوله : { بالباطل } للملابسة ، أي جادلوا ملابسين للباطل فالمجرور في موضع الحال من الضمير ، أو الباء لِلآلة بتنزيل الباطل منزلة الآلة لِجدالهم فيكون الظرف لغواً متعلقاً ب { جادلوا } . وتقييد { جادلوا } هذا بقيد كونه { بالباطل } يقتضي تقييد ما أطلق في قوله : { مَا يُجَادل في آيات الله إلاَّ الذينَ كَفَرُوا } .والإِدحاض : إبطال الحجة ، قال تعالى : { حجتهم داحضة عند ربهم } [ الشورى : 16 ] . والمعنى : أنهم زوروا الباطل في صورة الحقّ وروّجوه بالسفسطة في صورة الحُجَّة ليبْطلوا حجج الحق وكفى بذلك تشنيعاً لكفرهم .وفُرع على قوله : { فأخذتهم } قولُه : { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } كما فُرّع قوله : { فَلا يَغررك تَقَلُّبهم في البِلاد } [ غافر : 4 ] على جملة { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } [ غافر : 4 ] فيجري توجيه الاستفهام هنا على نحو ما جرى من توجيه الخطاب هناك .والأخذ هنا : الغَلب . والاستفهام ب { كيف كانَ عقاب } مستعمل في التعجيب من حالة العقاب وذلك يقتضي أن المخاطب بالاستفهام قد شاهد ذلك الأخذ والعقاب وإنما بني ذلك على مشاهدة آثار ذلك الأخذ في مرور الكثير على ديارهم في الأسفار كما أشار إليه قوله تعالى : { وإنها لبسبيل مقيم } [ الحجر : 76 ] ونحوه ، وفي سماع الأخبار عن نزول العقاب بهم وتوصيفهم ، فنزل جميع المخاطبين منزلة من شاهد نزول العذاب بهم ، ففي هذا الاستفهام تحقيق وتثبيت لمضمون جملة { فأخذتهم } .ويجوز أن يكون في هذا الاستفهام معنى التقرير بناء على أن المقصود بقوله : { كذَّبَت قبلهم قوم نوح } إلى قوله : { فأخذتهم } التعريض بتهديد المشركين من قريش بتنبيههم على ما حلّ بالأمم قبلهم لأنهم أمثالهم في الإِشراك والتكذيب فلذلك يكون الاستفهام عمّا حلّ بنظرائهم تقريرياً لهم بذلك .وحذفت ياء المتكلم من { عقاب } تخفيفاً مع دلالة الكسرة عليها .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ) أى : قبل هؤلاء الكافرين المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ( قَوْمُ نُوحٍ ) الذين أغرقناهم بسبب هذا التكذيب لنبيهم .( والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ ) أى : وكذلك الأقوام الآخرون الذين جاءوا من بعد قوم نوح ، قد تحزبوا على أنبيائهم ، وأجمعوا على تكذيبهم ، كما فعل قوم عاد مع نبيهم هود ، وكما فعل قوم ثمود مع نبيهم صالح ، وكما فعل أهل مدين مع نبيهم شعيب . .فالضمير فى قوله - تعالى - : ( مِن بَعْدِهِمْ ) يعود إلى قوم نوح .وأفردهم - سبحانه - بالذكر لأنهم أول قوم كذبوا رسولهم بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما . ولم يزدهم دعاؤه لهم إلا عتوا ونفورا .وقوله - تعالى - : ( وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق ) بيان لما فعله هؤلاء الأقوام المجرمين ، لم يكتفوا بالتكذيب لأنبيائهم ، بل إن كل أمة منهم قد مكرت بنبيها ، وأرادت به السوء ، وحاولت أن تتمكن منه بالأسر أو بالقتل ، وجادلته بالجدال الباطل ، لتزيل به الحق الذى جاء به من عند ربه وتبطله .والتعبير بقوله : ( لِيَأْخُذُوهُ ) يشعر بأن هؤلاء المجرمين كانوا حريصين على التمكن من إيذاء نبيهم ومن الاعتداء عليه ، كما يحرص الشخص على أخذ عدوه وأسره ليفعل به ما يشاء .وقوله - تعالى - : ( فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) بيان لما آل إليه مكرهم وجدالهم بالباطل .أى : هموا بما هموا ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ، وحاولوا أن يجعلوا رسولهم بمنزلة الأسير فيهم . فكانت نتيجة كل ذلك أن أخذناهم أخذ عزيز مقتدر ، بأن دمرناهم تدميرا فكيف كان عقابى لهم؟ لقد كان عقابا مدمرا ، جعلهم أثرا بعد عين ، وترك آثار مساكنهم تشهد بهلاكهم واستئصالهم .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ) وهم الكفار الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب من بعد قوم نوح ، ( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ) قال ابن عباس : ليقتلوه ويهلكوه . وقيل : ليأسروه . والعرب تسمي الأسير أخيذا ، ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا ) ليبطلوا ، ( به الحق ) الذي جاء به الرسل ، ومجادلتهم مثل قولهم : إن أنتم إلا بشر مثلنا ( إبراهيم - 10 ) ، ولولا أنزل علينا الملائكة ( الفرقان - 21 ) ونحو ذلك ، ( فأخذتهم فكيف كان عقاب ) .