تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قال الله: يا نوح إن ابنك الذي هلك ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم؛ وذلك بسبب كفره، وعمله عملا غير صالح، وإني أنهاك أن تسألني أمرًا لا علم لك به، إني أعظك لئلا تكون من الجاهلين في مسألتك إياي عن ذلك.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قال» تعالى «يا نوح إنه ليس من أهلك» الناجين أو من أهل دينك «إنه» أي سؤالك إياي بنجاته «عمل غير صالح» فإنه كافر ولا نجاة للكافرين وفي قراءة بكسر ميم عمل فعل ونصب غير فالضمير لابنه «فلا تسألنّ» بالتشديد والتخفيف «وما ليس لك به علم» من إنجاء ابنك «إني أعظك أن تكون من الجاهلين» بسؤالك ما لم تعلم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأي ليس , من أهلك الذين وعدتهم أن أنجيهم ; قاله سعيد بن جبير .وقال الجمهور : ليس من أهل دينك ولا ولايتك ; فهو على حذف مضاف ; وهذا يدل على أن حكم الاتفاق في الدين أقوى من حكم النسب .أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُقرأ ابن عباس وعروة وعكرمة ويعقوب والكسائي " إنه عمل غير صالح " أي من الكفر والتكذيب ; واختاره أبو عبيد .وقرأ الباقون " عمل " أي ابنك ذو عمل غير صالح فحذف المضاف ; قاله الزجاج وغيره .قال : ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار أي ذات إقبال وإدبار .وهذا القول والذي قبله يرجع إلى معنى واحد .ويجوز أن تكون الهاء للسؤال ; أي إن سؤالك إياي أن أنجيه .عمل غير صالح .قال قتادة .وقال الحسن : معنى عمل غير صالح أنه ولد على فراشه ولم يكن ابنه .وكان لغير رشدة , وقاله أيضا مجاهد .قال قتادة سألت الحسن عنه فقال : والله ما كان ابنه ; قلت إن الله أخبر عن نوح أنه قال : " إن ابني من أهلي " فقال : لم يقل مني , وهذه إشارة إلى أنه كان ابن امرأته من زوج آخر ; فقلت له : إن الله حكى عنه أنه قال : " إن ابني من أهلي " " ونادى نوح ابنه " ولا يختلف أهل الكتابين أنه ابنه ; فقال الحسن : ومن يأخذ دينه عن أهل الكتاب ! إنهم يكذبون .وقرأ : " فخانتاهما " [ التحريم : 10 ] .وقال ابن جريج : ناداه وهو يحسب أنه ابنه , وكان ولد على فراشه , وكانت امرأته خانته فيه , ولهذا قال : " فخانتاهما " .وقال ابن عباس : ( ما بغت امرأة نبي قط ) , وأنه كان ابنه لصلبه .وكذلك قال الضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم , وأنه كان ابنه لصلبه .وقيل لسعيد بن جبير يقول نوح : " إن ابني من أهلي " أكان من أهله ؟ أكان ابنه ؟ فسبح الله طويلا ثم قال : ( لا إله إلا الله ! يحدث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه , وتقول إنه ليس ابنه ! نعم كان ابنه ; ولكن كان مخالفا في النية والعمل والدين , ولهذا قال الله تعالى : " إنه ليس من أهلك " ) ; وهذا هو الصحيح في الباب إن شاء الله تعالى لجلالة من قال به , وإن قوله : " إنه ليس من أهلك " ليس مما ينفي عنه أنه ابنه .وقوله : " فخانتاهما " [ التحريم : 10 ] يعني في الدين لا في الفراش , وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون , وذلك أنها قالت له : أما ينصرك ربك ؟ فقال لها : نعم .قالت : فمتى ؟ قال : إذا فار التنور ; فخرجت تقول لقومها : يا قوم والله إنه لمجنون , يزعم أنه لا ينصره ربه إلا أن يفور هذا التنور , فهذه خيانتها .وخيانة الأخرى أنها كانت تدل على الأضياف على ما سيأتي إن شاء الله .والله أعلم .وقيل : الولد قد يسمى عملا كما يسمى كسبا , كما في الخبر ( أولادكم من كسبكم ) .ذكره القشيري .في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم وإن كانوا صالحين .وروي أن ابن مالك بن أنس نزل من فوق ومعه حمام قد غطاه , قال : فعلم مالك أنه قد فهمه الناس ; فقال مالك : الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات , والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات .وفيها أيضا دليل على أن الابن من الأهل لغة وشرعا , ومن أهل البيت ; فمن وصى لأهله دخل في ذلك ابنه , ومن تضمنه منزله , وهو في عياله .وقال تعالى في آية أخرى : " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون .ونجيناه وأهله من الكرب العظيم " [ الصافات : 75 ] فسمى جميع من ضمه منزله من أهله .ودلت الآية على قول الحسن ومجاهد وغيرهما : أن الولد للفراش ; ولذلك قال نوح ما قال آخذا بظاهر الفراش .وقد روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع عبيد بن عمير يقول : نرى رسول الله صلى عليه وسلم إنما قضى بالولد للفراش من أجل ابن نوح عليه السلام ; ذكره أبو عمر في كتاب " التمهيد " .وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) يريد الخيبة .وقيل : الرجم بالحجارة .وقرأ عروة بن الزبير ." ونادى نوح ابنها " يريد ابن امرأته , وهي تفسير القراءة المتقدمة عنه , وعن علي رضي الله عنه , وهي حجة للحسن ومجاهد ; إلا أنها قراءة شاذة , فلا نترك المتفق عليها لها .والله أعلم .عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَأي أنهاك عن هذا السؤال , وأحذرك لئلا تكون , أو كراهية أن تكون من الجاهلين ; أي الآثمين .ومنه قوله تعالى : " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " [ النور : 17 ] أي يحذركم الله وينهاكم .وقيل : المعنى أرفعك أن تكون من الجاهلين .قال ابن العربي : وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين , ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
ومعنى قوله تعالى : { إنّه ليس من أهلك } نفي أن يكون من أهل دينه واعتقاده ، فليس ذلك إبطالاً لقول نوح عليه السّلام : { إن ابني من أهلي } ولكنّه إعلام بأنّ قرابة الدين بالنسبة لأهل الإيمان هي القرابة ، وهذا المعنى شائع في الاستعمال .قال النابغة يخاطب عيينة بن حصن :إذا حاولت في أسد فجوراً ... فإني لست منك ولست منّيوقال تعالى : { ويحلفون بالله إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قومٌ يفرقون } [ التوبة : 56 ].وتأكيد الخبر لتحقيقه لِغرابته .وجملة { إنّه عَمل غير صالح } تعليل لمضمون جملة { إنه ليس من أهلك } ف ( إنّ ) فيه لمجرد الاهتمام .و { عَمَلٌ } في قراءة الجمهور بفتح الميم وتنوين اللام مصدر أخبر به للمبالغة وبرفع { غيرُ } على أنه صفة ( عمل ). وقرأه الكسائي ، ويعقوب { عَمِلَ } بكسر الميم بصيغة الماضي وبنصب { غيرَ } على المفعولية لفعل ( عمل ). ومعنى العمل غير الصالح الكفر ، وأطلق على الكفر ( عمل ) لأنه عمل القلب ، ولأنّه يظهر أثره في عمل صاحبه كامتناع ابن نوح من الركوب الدال على تكذيبه بوعيد الطوفان .وتفرع على ذلك نهيه أن يَسأل ما ليس له به علم نهيَ عتاب ، لأنّه لما قيل له { إنّه ليس من أهلك } بسبب تعليله بأنه عمل غير صالح ، سقط ما مهد به لإجابة سؤاله ، فكان حقيقاً بأن لا يسأله وأن يتدبّر ما أرَاد أن يسأله من الله .وقرأه نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر «فلا تسألنّي» بتشديد النون وهي نون التوكيد الخفيفة ونون الوقاية أدغمتا . وأثبتَ ياء المتكلم من عدا ابنَ كثير من هؤلاء . أما ابن كثير فقرأ «فلا تسألنّ» بنون مشددة مفتوحة . وقرأه أبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، ويعقوب ، وخلف «فلا تسألْنِ» بسكون اللام وكسر النون مخففة على أنّه غير مؤكد بنون التوكيد ومعدى إلى ياء المتكلم .وأكثرهم حذف الياء في حالة الوصل ، وأثبتها في الوصل ورش عن نافع وأبو عمرو .ثم إن كان نوح عليه السّلام لم يسبق له وحي من الله بأن الله لا يغفر للمشركين في الآخرة كان نهيه عن أن يسأل ما ليس له به علم ، نهيَ تنزيه لأمثاله لأن درجة النبوءة تقتضي أن لا يقدم على سؤال ربه سؤْلاً لا يعلم إجابته . وهذا كقوله تعالى : { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } [ سبأ : 23 ] وقوله : { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً } [ النبإ : 38 ] ، وإن كان قد أوحي إليه بذلك من قبل ، كما دل عليه قوله : { وإنّ وعدكَ الحقُ } ، وكان سؤاله المغفرة لابنه طلباً تخصيصَه من العموم . وكان نهيه نهيَ لَوم وعتاب حيث لم يتبيّن من ربه جواز ذلك .وكان قوله : { ما ليس لك به علم } محتملاً لظاهره ، ومحتملاً لأن يكون كناية عن العلم بضده ، أي فلا تسألني ما علمت أنه لا يقع .ثم إن كان قول نوح عليه السّلام { إنّ ابني من أهلي } إلى آخره تعريضاً بالمسؤول كان النّهي في قوله : { فلا تسألنّي ما ليس لك به علم } نهياً عن الإلحاح أو العود إلى سؤاله؛ وإن كان قول نوح عليه السّلام مجرد تمهيد للسؤال لاختبار حال إقبال الله على سؤاله كان قوله تعالى : { فلا تسألنّي } نهياً عن الإفضاء بالسؤال الذي مَهّد له بكلامه . والمقصود من النهي تنزيهه عن تَعريض سؤاله للردّ .وعلى كل الوجوه فقوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } موعظة على ترك التثبّت قبل الإقدام .والجهل فيه ضد العلم ، وهو المناسب لمقابلته بقوله : { ما ليس لك به علم }.
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وقوله - سبحانه - ( قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ . . ) رد من الله - تعالى - على نوح فيما طلبه منه .أى : قال الله - تعالى - مجيبا لنوح - عليه السلام - فيما أسأله إياه : يا نوح إن ابنك هذا ( لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) لأن مدار الأهلية مبنى على القرابة الدينية ، وقد انقطعت بالكفر فلا علاقة بين مسلم وكافر .أو ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم ، بل هو ممن سبق عليه القول بسبب كفره .فالمراد نفى أن يكون من أهل دينه واعتقاده ، وليس المراد نفى أن يكون من صلبه ، لأن ظاهر الآية يدل على أنه ابنه من صلبه ، ومن قال بغير ذلك فقوله ساقط ولا يلتفت إليه ، لخلوه عن الدليل .قال ابن كثير : وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب فى تفسير هذا إلا أنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن زنية .وقال ابن عباس وغير واحد من السلف : ما زنت امرأة نبى قط ، ثم قال : وقوله ( لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) أى : الذين وعدتك بنجاتهم .وقول ابن عباس فى هذا هو الحق الذى لا محيد عنه؛ فإن الله - تعالى - أغير من أن يمكن امرأة نبى من الفاحشة .وجملة ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) تعليل لنفى الأهلية .وقد قرأ الجمهور ( عمل ) بفتح الميم وتنوين اللام - على أنه مصدر مبالغة فى ذمة حتى لكأنه هو نفس العمل غير الصالح وأصل الكلام إنه ذو عمل غير صالح ، فحذف المضاف للمبالغة بجعله عين عمله الفاسد لمداومته عليه .وقرأ الكسائي ويعقوب ( عمل ) بوزن فرح بصيغة الفعل الماضى - أى : إنه عمل غير صالح وهو الكفر والعصيان ، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه .قال صاحب الكشاف وقوله : ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) تعليل لانتفاء كونه من أهله وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة النسب ، وأن نسيبك فى دينك ومعتقدك من الأباعد فى المنصب وإن كان حبشيا وكنت قرشيا لصيفك وخصيصك ، ومن لم يكن على دينك وإن كان أمس أقاربك رحما فهو أبعد بعيد منك .وقال الفخر الرازى : هذه الآية يدل على أن العبرة بقرابة الدين لا بقرابة النسب ، فإن فى هذه الصورة كانت قرابة النسب حاصلة من أقوى الوجوه ، ولكن لما انتفت قرابة الدين ، لا جرم نفاه الله - تعالى - بأبلغ الألفاظ وهو : قوله : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) .والفاء فى قوله : ( فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ . . ) للتفريع .أى : ما دمت قد وقفت على حقيقة الحال ، فلا تلتمس منى ملتمسا لا تعلم على وجه اليقين ، أصواب هو أم غير صواب ، بل عليك أن تثبت من صحة ما تطلبه ، قبل أن تقدم على طلبه .وجملة ( إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين ) تأكيد لما قبلها ، ونهى له عن مثل هذا السؤال فى المستقبل ، بعد أن أعلمه بحقيقة حال ابنه .أى : إن أنهاك يا نوح عن أن تكون من القوم الجاهلين ، الذين يسألون عن أشياء لا يتحققون وجه الصواب فيها .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( قال ) الله عز وجل : ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) قرأ الكسائي ويعقوب : " عمل " بكسر الميم وفتح اللام " غير " بنصب الراء على الفعل ، أي : عمل الشرك والتكذيب . وقرأ الآخرون بفتح الميم ورفع اللام وتنوينه ، " غير " برفع الراء معناه : أن سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح ، ( فلا تسألن ) يا نوح ، ( ما ليس لك به علم ) .قرأ أهل الحجاز والشام " فلا تسألن " بفتح اللام وتشديد النون ، ويكسرون النون غير ابن كثير فإنه يفتحها ، وقرأ الآخرون بجزم اللام وكسر النون خفيفة ، ويثبت أبو جعفر وأبو عمرو وورش ويعقوب الياء في الوصل .( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) واختلفوا في هذا الابن ؛ قال مجاهد والحسن : كان ولد حنث من غير نوح ، ولم يعلم بذلك نوح ، ولذلك قال : ( ما ليس لك به علم ) وقرأ الحسن " فخانتاهما " ( التحريم - 10 ) .وقال أبو جعفر الباقر : كان ابن امرأته وكان يعلمه نوح ولذلك قال " من أهلي " ولم يقل مني .وقال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والأكثرون : إنه كان ابن نوح عليه السلام من صلبه . وقال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط . وقوله : ( إنه ليس من أهلك ) أي : من أهل الدين لأنه كان مخالفا له في الدين ، وقوله : " فخانتاهما " أي : في الدين والعمل الصالح لا في الفراش .وقوله : ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) يعني : أن تدعو بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر .