تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
تلك القصة التي قصصناها عليك -أيها الرسول- عن نوح وقومه هي من أخبار الغيب السالفة، نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك مِن قبل هذا البيان، فاصبر على تكذيب قومك وإيذائهم لك، كما صبر الأنبياء من قبل، إن العاقبة الطيبة في الدنيا والآخرة للمتقين الذين يخشون الله.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«تلك» أي هذه الآيات المتضمنة قصة نوح «من أنباء الغيب» أخبار ما غاب عنك «نوحيها إليك» يا محمد «ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا» القرآن «فاصبر» على التبليغ وأذى قومك كما صبر نوح «إن العاقبة» المحمودة «للمتقين».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقينقوله تعالى : تلك من أنباء الغيب أي تلك الأنباء ، وفي موضع آخر " ذلك " أي ذلك النبأ والقصص من أنباء ما غاب عنك .نوحيها إليك أي لتقف عليها .ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا أي كانوا غير عارفين بأمر الطوفان ، والمجوس الآن ينكرونه ." من قبل هذا " خبر أي مجهولة عندك وعند قومك . " فاصبر " على مشاق الرسالة وإذاية القوم كما صبر نوح . وقيل : أراد جهلهم بقصة ابن نوح وإن سمعوا أمر الطوفان فإنه على الجملة . " فاصبر " أي اصبر يا محمد على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته ، وما تلقى من أذى العرب الكفار ، كما صبر نوح على أذى قومه .إن العاقبة في الدنيا بالظفر ، وفي الآخرة بالفوز ." للمتقين " عن الشرك والمعاصي .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
استئناف أريد منه الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم والموعظة والتسلية .فالامتنان من قوله : { ما كنت تعلمها }.والموعظة من قوله : { فاصبر } إلخ .والتّسلية من قوله : { إن العاقبة للمتقين }.والإشارة ب { تلك } إلى ما تقدم من خبر نوح عليه السّلام ، وتأنيث اسم الإشارة بتأويل أن المشار إليه القصة .والأنباء : جمع نَبأ ، وهو الخبر . وأنباء الغيب الأخبار المغيبة عن الناس أو عن فريق منهم . فهذه الأنباء مغيبة بالنسبة إلى العرب كلهم لعدم علمهم بأكثر من مجملاتها ، وهي أنه قد كان في الزمن الغابر نبيء يقال له : نوح عليه السلام أصاب قومَه طوفان ، وما عدا ذلك فهو غيب كما أشار إليه قوله : { ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } ، فإنهم لم ينكروا ذلك ولم يدّعوا علمه . على أن فيها ما هو غيب بالنسبة إلى جميع الأمم مثل قصة ابن نوح الرابع وعصيانه أبَاه وإصابته بالغرق ، ومثل كلام الرّب مع نوح عليه السّلام عند هبوطه من السفينة ، ومثل سخرية قومه به وهو يصنع الفلك ، وما دار بين نوح عليه السّلام وقومه من المحاورة ، فإن ذلك كله مما لم يذكر في كتب أهل الكتاب .وجملة { من أنبَاء الغيب ونوحيها وما كنتَ تعلمها } أخبار عن اسم الإشارة ، أو بعضها خبر وبعضها حال . وضمير { أنت } تصريح بالضمير المستتر في قوله : { تَعلمها } لتصحيح العطف عليه .وعطف { ولا قومك } من الترقي ، لأن في قومه من خالط أهل الكتاب ومن كان يقرأ ويكتب ولا يعلم أحد منهم كثيراً مما أوحي إليه من هذه القصة .والإشارة بقوله : { مِن قبل هذا } إما إلى القرآن ، وإما إلى الوقت باعتبار ما في هذه القصة من الزيادة على ما ذكر في أمثالها مما تقدم نزوله عليها ، وإما إلى { تلك } بتأويل النبأ ، فيكون التذكير بعد التأنيث شبيهاً بالالتفات .ووجه تفريع أمر الرسول بالصبر على هذه القصة أن فيها قياس حاله مع قومه على حال نوح عليه السّلام مع قومه ، فكما صبر نوح عليه السّلام فكانت العاقبة له كذلك تكون العاقبة لك على قومك . وخبر نوح عليه السّلام مستفاد مما حكي من مقاومة قومه ومن ثباته على دعوتهم ، لأن ذلك الثبات مع تلك المقاومة من مسمى الصبر .وجملة { إن العاقبة للمتقين } علة للصبر المأمور به ، أي اصبر لأن داعي الصبر قائم وهو أن العاقبة الحسنة تكون للمتقين ، فستكون لك وللمؤمنين معك .والعاقبة : الحالة التي تَعقب حالةً أخرى . وقد شاعت عند الإطلاق في حالة الخير كقوله : { والعاقبة للتّقوى } [ طه : 132 ].والتعريف في { العاقبة } للجنس .واللام في { للمتقين } للاختصاص والملك ، فيقتضي ملك المتقين لجنس العاقبة الحسنة ، فهي ثابتة لهم لا تفوتهم وهي منتفية عن أضدادهم .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم اختتم الله - تعالى - قصة نوح - عليه السلام - مع قومه فى هذه السورة ، بقوله : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذا فاصبر إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ )واسم الإِشارة ( تلك ) يعود إلى ما قصه الله - تعالى - من قصة نوح مع قومه فى هذه السورة .والأنباء : جمع نبأ وهو الخبر الهام . والغيب : مصدر غاب ، وهو مالا تدركه الحواس ولا يعلم ببداهة العقل .أى : تلك القصة التى قصصناها عليك يا محمد بهذا الأسلوب الحكيم ، من أخبار الغيب الماضية ، التى لا يعلم دقائقها وتفاصيلها أحد سوانا .ونحن ( نُوحِيهَآ إِلَيْكَ ) ونعرفك بها عن طريق وحبنا الصادق الأمين .وهذه القصة وأمثالها ( مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ ) أنت يا محمد ، وما كان يعلمها ( قومك ) أيضا ، بهذه الصورة الصادقة الحكيمة ، الخالية من الأساطير والأكاذيب .( مِن قَبْلِ ) هذا الوقت الذى أوحيناها إليك فيه .وما دام الأمر كذلك ( فاصبر ) صبرا جميلا على تبليغ رسالتك ، وعلى أذى قومك كما صبر أخوك نوع من قبل .وجملة ( إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ ) تعليل للأمر بالصبر .والعاقبة : الحالة التي تعقب حالة قبلها ، وقد شاعت عند الإِطلاق فى حالة الخير كما فى قوله - تعالى - ( والعاقبة للتقوى ) وأل فيها للجنس ، واللام فى قوله ( لِلْمُتَّقِينَ ) للاختصاص .أى : أن العاقبة الحسنة الطيبة فى الدنيا والآخرة ، للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن كل مالا يرضى الله - تعالى - وليست لغيرهم ممن استحبوا العمى على الهدى .والآية الكريمة تعقيب حكيم على قصة نوح - عليه السلام - قصد به الامتنان على النبى - صلى الله عليه وسلم - والموعظة ، والتسلية .فالامتنان نراه فى قوله - تعالى - ( مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذا ) .والموعظة نراها فى قوله - سبحانه - ( فاصبر ) .والتسلية نراها فى قوله - عز وجل - ( إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ ) .وبعد ، فهذه قصة نوح - عليه السلام - كما وردت فى هذه السورة الكريمة ، ومن العبر والعظات والهدايات والحقائق التى نأخذها منها ما يأتى :1 - الدلالة على صدق النبى - عليه السلام - فيما يبلغه عن ربه ، وعلى أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - ، فقد أخبرنا عن قصة نوح - عليه السلام - مع قومه ، وعن غيرها من القصص ، التى هى من أنباء الغيب ، والتى لا يعلم حقيقتها وتفاصيلها أحد سوى الله - عز وجل - .2 - أن نوحا - عليه السلام - قد سلك فى دعوته إلى الله - تعالى - أحسن الأساليب وأحكمها ، فقد دعا قومه إلى عبادة الله - تعالى - وحده فى الليل وفى النهار ، وفى السر وفى العلانية ، وأقام لهم ألوانا من الأدلة على صدقه ، ورغبهم فى الإِيمان بشتى ألوان الترغيب ، وحذرهم من الكفر بشتى أنواع التحذي ، وصبر على آذاهم صبرا جميلا ، ورد على سفاهاتهم وأقوالهم بمنطق سليم ، أبطل بن حججهم . . مما جعلهم يكفون عن مناقشته ، ويلجأون إلى التحدى والتعنت .وما أحود الدعاة إلى الله - عز وجل - إلى التماس العبرة والعظة من قصة نوح مع قومه .3 - أن النسب مهما شرف وعظم لن ينفع صاحبه عند الله ، إلا إذا كان معه الإِيمان والعمل الصالح ، وأن الإِيمان والصلاح ليسا مرتبطين بالوراثة والأنساب لأنه لو كان الأمر كذلك لكانت ذرية نوح ومن معه من المؤمنين الذين نجوا معه فى السفينة . كلها من المؤمنين الصالحين ، مع أن المشاهد غير ذلك .ورحم الله الإِمام القرطبى فقد قال - ما ملخصه - عند تفسيره لقوله - تعالى - ( قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ . . ) " وفى هذه الآية تسلية للآباء فى فساد أبنائهم وإن كان الآباء الصالحين " فقد روى أن ابنا لمالك بن أنس ارتكب أمرا لا يليق بمسلم ، فعلم بذلك مالك فقال : " الأدب أدب الله ، لا أدب الأباء والأمهات ، والخير خير الله ، لا خير الآباء والأمهات . . "4 - أن سؤال نوح - عليه السلام - ما سأله لابنه لم يكن - كما قال صاحب المنار معصية لله - تعالى - خالف فيها أمره أو نهيه ، وإنما كان خطأ فى اجتهاده رأى بنية صالحة .وإنما عدها الله - تعالى - ذنبا له لأنها كانت دون مقام العلم الصحيح اللائق بمنزلته من ربه ، هبطت بضعفه البشرى ، وما غرس فى الفطرة من الرحمة والرأفة بالأولاد إلى اتباع الظن ، ومثل هذا الاجتهاد لم يعصم منه الأنبياء ، فيقعون فيه أحيانا ليشعروا بحاجتهم إلى تأديب ربهم وتكميله إياهم آنا بعد آن ، بما يصعدون به فى معارج العرفان .5 - إن القرآن فى إيراده للقصص والأخبار ، لا يهتم إلا بإبراز النافع المفيد منها ، أما ما عدا ذلك مما لا فائدة من ذكره ، فيهمل القرآن الحديث عنه .فمثلا فى قصة نوح - عليه السلام - هنا ، لم يتعرض القرآن لبيان المدة التى قضاها نوح فى صنع السفينة ، ولا لبيان طول السفينة وعرضها وارتفاعها ، ولا لتفاصيل الأنواع التى حملها معه فى السفينة ، ولا لبيان الفترة التى عاشها نوح ومن معه فيها .ولا لبيان المكان الذى هبط فيه نوح بعد أن استوت السفينة على الجودى .. ولا لبيان الزمان الذى استغرقه الطوفان فوق الأرض .وما ورد فى ذلك من أقوال وأخبار ، أكثرها من الإِسرائيليات التى لا يؤيدها دليل من الشرع أو العقل .ومن المسائل التى تكلم عنها كثير من العلماء ، وذهبوا بشأنها مذاهب شتى مسألة الطوفان .وقد أصدر الأستاذ الإِمام الشيخ محمد عبده - رحمه الله - فتوى فى هذا الشأن ، ملخصها كما يقول صاحب المنار : أن ظواهر القرآن الكريم والأحاديث أن الطوفان كن عاما شاملا لقوم نوح الذين لم يكن فى الأرض غيرهم فيجب اعتقاده ، ولكنه لا يقتضى أن يكون عاما للأرض ، إذ لا دليل على أنهم كانوا يملأون الأرض .وهذه المسائل التاريخية ليست من مقاصد القرآن ، ولذلك لم يبينها بنص قطعى ، فنحن نقول بما تقدم إنه ظاهرا النصوص ، ولا نتخذه عقيدة دينية قطعية ، فإن أثبت العلم خلافه لا يضرنا ، لأنه لا ينقض نصا قطعيا عندنا .6 - أن سنة الله - تعالى - فى خلقه لا تتخلف ولا تتبدل وهى أن العاقبة للمتقين ، مهما طال الصراع بين الحق والباطل ، وبين الأخيار والأشرار .فلقد لبث نوح - عليه السلام - فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وقد لقى خلال تلك المدة الطويلة ما لقى من الأذى . . . ولكن كانت النتيجة فى النهاية نجاته ومن معه من المؤمنين ، وإغراق أعدائه بالطوفان العظيم .ولقد أفاض صاحب الظلال - رحمه الله - وهو يتحدث عن هذا المعنى فقال ما ملخصه : " ثم نقف الوقفة الأخيرة مع قصة نوح ، لنرى قيمة الحفنة المسلمة فى ميزان الله - سبحانه - .إن حفنة من المسلمين من أتباع نوح - عليه السلام - تذكر بعض الروايات ، أنهم اثنا عشر ، هم كانوا حصيلة دعوة نوح فى ألف سنة إلا خمسين عاما .إن هذه الحفنة - وهى ثمرة ذلك العمر الطويل والجهد الطويل - ، قد استحقت أن يغير الله لها المألوف من ظواهر هذا الكون ، وأن يجرى لها ذلك الطوفان الذى يغمر كل شئ . . . وأن يجعل هذه الحفنة وحدها هى وارثة الأرض بعد ذلك ، وبذرة العمران فيها .وهذه هى عبرة الحادث الكونى العظيم .إنه لا ينبغى لأحد يواجه الجاهلية بالإِسلام ، أن يظن أن الله تاركه للجاهلية وهو يدعو إلى إفراد الله - سبحانه - بالربوبية . كما أنه لا ينبغى له أن يقبس قوته الذاتية إلى قوى الجاهلية فيظن أن الله تاركه لهذه القوى ، وهو عبده الذى يستنصر به حين يغلب فيدعوه : ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر ) إن القوى فى حقيقتها ليست متكافئة ولا متقاربة . . إن الجاهلية تملك قواها . . ولكن الداعى إلى اله يستند إلى قوة الله . والله يملك أن يسخر له بعض القوى الكونية - حينما يشاء وكيفما يشاء - وأيسر هذه القوى يدمر على الجاهلية من حيث لا تحتسب!! .والذين يسلكون السبيل إلى الله ليس عليهم أن يؤدوا واجبهم كاملا ، ثم يتركوا الأمور لله فى طمأنينة وثقة . وعندما يغلبون عليهم أن يلجأوا إلى الناصر المعين ، وأن يجأروا إليه وحده كما جأر عبده الصالح نوح : ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فانتصر ) ثم عليهم أن ينتظروا فرج الله القريب ، وانتظار الفرج من الله عبادة ، فهم على هذا الانتظار مأجورون . . والعاقبة للمتقين .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( تلك من أنباء الغيب ) أخبار الغيب ، ( نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ) من قبل نزول القرآن ، ( فاصبر ) على القيام بأمر الله وتبليغ الرسالة وما تلقى من أذى الكفار كما صبر نوح ، ( إن العاقبة ) آخر الأمر بالسعادة والنصرة ( للمتقين ) .