تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قال شعيب: يا قوم أرأيتم إن كنت على طريق واضح من ربي فيما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة له، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال، ورزقني منه رزقًا واسعًا حلالا طيبًا؟ وما أريد أن أخالفكم فأرتكب أمرًا نهيتكم عنه، وما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم قَدْر طاقتي واستطاعتي، وما توفيقي -في إصابة الحق ومحاولة إصلاحكم- إلا بالله، على الله وحده توكلت وإليه أرجع بالتوبة والإنابة.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا» حلالا أفأشوبه بالحرام من البخس والتطفيف «وما أريد أن أخالفكم» وأذهب «إلى ما أنهاكم عنه» فأرتكبه «إن» ما «أريد إلا الإصلاح» لكم بالعدل «ما استطعت وما توفيقي» قدرتي على ذلك وغيره من الطاعات «إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب» أرجع.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي تقدم . ورزقني منه رزقا أي واسعا حلالا ، وكان شعيب - عليه السلام - كثير المال ، قاله ابن عباس وغيره . وقيل : أراد به الهدى والتوفيق والعلم والمعرفة ، وفي الكلام حذف ، وهو ما ذكرناه ; أي أفلا أنهاكم عن الضلال ! وقيل : المعنى أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أتبع الضلال ؟ وقيل : المعنى أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أتأمرونني بالعصيان في البخس والتطفيف ، وقد أغناني الله عنه ." وما أريد أن أخالفكم " في موضع نصب ب " أريد " .إلى ما أنهاكم عنه أي ليس أنهاكم عن شيء وأرتكبه ، كما لا أترك ما أمرتكم به .إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت أي ما أريد إلا فعل الصلاح ; أي أن تصلحوا دنياكم بالعدل ، وآخرتكم بالعبادة ، وقال : " ما استطعت " لأن الاستطاعة من شروط الفعل دون الإرادة . وما مصدرية ; أي إن أريد إلا [ ص: 80 ] الإصلاح جهدي واستطاعتي ." وما توفيقي " أي رشدي ، والتوفيق الرشد ." إلا بالله عليه توكلت " أي اعتمدت ." وإليه أنيب " أي أرجع فيما ينزل بي من جميع النوائب . وقيل : إليه أرجع في الآخرة . وقيل : إن الإنابة الدعاء ، ومعناه وله أدعو .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
تقدّم نظير الآية في قصة نوح وقصة صالح عليهما السّلام .والمراد بالرزق الحسن هنا مثل المراد من الرحمة في كلام نوح وكلام صالح عليهما السلام وهو نعمة النبوءة ، وإنّما عبّر شعيب عليه السّلام عن النبوءة بالرزق على وجه التشبيه مشاكلة لقولهم : { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } [ هود : 87 ] لأنّ الأموال أرزاق . وجواب الشرط محذوف يدل عليه سياق الكلام ، أو يدل عليه { إن كنتُ على بينة من ربي }. والتقدير : مَاذا يسعكم في تكذيبي ، أو ماذا ينجيكم من عاقبة تكذيبي ، وهو تحذير لهم على فرض احتمال أن يكون صادقاً ، أي فالحزم أن تأخذوا بهذا الاحتمال ، أو فالحزم أن تنظروا في كنه ما نهيتكم عنه لتعلموا أنّه لصلاحكم .ومعنى { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } عند جميع المفسّرين من التّابعين فمَن بعدهم : ما أريد ممّا نهيتكم عنه أن أمنعكم أفعالاً وأنا أفعلها ، أي لم أكن لأنْهاكم عنْ شيء وأنا أفعله . وبيّن في «الكشاف» إفادة التركيب هذا المعنى بقوله «يقال : خالفني فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مُوَلّ عنه . . . ويلقاك الرجلُ صادراً عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول : خالفني إلى الماء ، يريد أنه قد ذهب إليه وارداً وأنا ذاهب عنه صادراً» اه .وبيانه أن المخالفة تدل على الاتصاف بضد حاله ، فإذا ذُكرت في غرض دلّت على الاتصاف بضده ، ثم يبيّن وجه المخالفة بذكر اسم الشيء الذي حصل به الخلاف مدخولاً لحرف { إلى } الدّال على الانتهاء إلى شيء كما في قولهم : خالفني إلى الماء لتضمين { أخالفكم } معنى السعي إلى شيء . ويتعلق { إلى ما أنهاكم } بفعل { أخالفكم } ، ويكون { أن أخالفكم } مفعول { أريد }.فقوله : { أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } أي أن أفعل خلاف الأفعال التي نهيتكم عنها بأن أصرفكم عنها وأنا أصير إليها . والمقصود : بيان أنه مأمور بذلك أمراً يعمّ الأمة وإياه وذلك شأن الشرائع ، كما قال علماؤنا : إنّ خطاب الأمة يشمل الرسول عليه الصلاة والسّلام ما لم يدل دليل على تخصيصه بخلاف ذلك ، ففي هذا إظهار أنّ ما نهاهم عنه ينهى أيضاً نفسه عنه . وفي هذا تنبيه لهم على مَا فِي النهي من المصلحة ، وعلى أن شأنه ليس شأن الجبابرة الذين ينهون عن أعمال وهم يأتونها ، لأن مثل ذلك يُنْبِىءُ بعدم النصح فيما يأمرون وينهون ، إذ لو كانوا يريدون النصح والخير في ذلك لاختاروه لأنفسهم وإلى هذا المعنى يرمي التوبيخ في قوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } [ البقرة : 44 ] أي وأنتم تتلون كتاب الشريعة العامة لكم أفلا تعقلون فتعلموا أنكم أولَى بجلب الخير لأنفسكم .والذي يظهر لي في معنى الآية أن المراد من المخالفة المعاكسة والمنازعة؛ إما لأنه عرف من ملامح تكذيبهم أنهم توهّموه ساعياً إلى التملك عليهم والتجبر ، وإما لأنّه أراد أن يقلع من نفوسهم خواطر الشر قبل أن تهجس فيها .وهذا المحمل في الآية يسمح به استعمال التركيب ومقاصد الرسل وهو أشمل للمعاني من تفسير المتقدّمين ، فلا ينبغي قصر تفسير الآية على ما قالوه لأنّه لا يقابل قول قومه { أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } [ هود : 87 ] ، فإنهم ظنوا به أنه مَا قَصَدَ إلاّ مخالفتهم وتخطئتهم ونفوا أن يكون له قصد صالح فيما دعاهم إليه ، فكان مقتضى إبطال ظِنّتِهم أن يَنفي أن يريد مجرد مخالفتهم ، بدليل قوله عقبه { إن أريد إلاّ الإصلاح مَا استطعت }.فمعنى قوله : { وما أريد أن أخالفكم } أنّه ما يريد مجرّد المخالفة كشأن المنتقدين المتقعرين ولكن يخالفهم لمقصد سام وهو إرادة إصلاحهم . ومن هذا الاستعمال ما ورد في الحديث لمّا جاء وفد فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر الصديق : «أمّرْ الأقرع بن حابس ، وقال عمر : أمّرْ فلاناً ، فقال أبو بكر لعُمر : ما أردتَ إلى خلافي ، فقال عمر : ما أردتُ إلى خلافك» . فهذا التفسير له وجه وجيه في هذه الآية . وفي هذا ما يدلّ على أن المنتقدين قسمان قسم ينتقد الشيء ويقف عند حد النقد دون ارتقاء إلى بيان ما يصلح المنقود . وقسم ينتقد ليبيّن وجه الخطأ ثم يعقبه ببيان ما يصلح خطأه . وعلى هذا الوجه يتعلّق { إلى ما أنهاكم } بفعل { أريد } وكذلك { أن أخالفكم } يتعلق ب { أريد } على حذف حرف لام الجر . والتقدير : ما أريد إلى النهي لأجل أن أخالفكم ، أي لمحبة خلافكم .وجملة { إن أريد إلاّ الإصلاح مَا استعطعت } بيان لجملة { ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } لأنّ انتفاء إرادة المخالفة إلى ما نهاهم عنه مجمل فيما يريد إثباته من أضداد المنفي فبيّنهُ بأنّ الضد المراد إثباته هو الإصلاح في جميع أوقات استطاعته بتحصيل الإصلاح ، فالقصر قصر قلب .وأفادت صيغة القصر تأكيد ذلك لأن القصر قد كان يحصل بمجرد الاقتصار على النفي والإثبات نحو أن يقول : ما أريد أن أخالفكم أريد الإصلاح ، كقول عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي أو السموءل: ... تسيل على حد الظبات نفوسناوليست على غير الظبات تسيل ... ولما بيّن لهم حقيقة عمله وكان في بيانه ما يجر الثناء على نفسه أعقبه بإرجاع الفضل في ذلك إلى الله فقال : { وما توفيقي إلاّ بالله } فسمّى إرادته الإصلاح توفيقاً وجعله من الله لا يحصل في وقت إلاّ بالله ، أي بإرادته وهديه ، فجملة { وما توفيقي إلاّ بالله } في موضع الحال من ضمير { أريد }.والتوفيق : جعل الشيء وفقاً لآخر ، أي طبقاً له ، ولذلك عرفوه بأنه خلقُ القدرة والدّاعية إلى الطاعة .وجملة { عليه توكّلت } في موضع الحال من اسم الجلالة ، أو من ياء المتكلم في قوله : { توفيقي } لأنّ المضاف هنا كالجزء من المضاف إليه فيسوغ مجيء الحال من المضاف إليه .والتوكّل مضى عند قوله تعالى : { فإذا عزمت فتوكّل على الله } في سورة [ آل عمران : 159 ].والإنابة تقدمت آنفاً في قوله : { إنّ إبراهيم لحليمٌ أوّاهٌ منيبٌ } [ هود : 75 ].
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ومع كل هذه السفاهة : ترى شعيبا - عليه السلام - وهو خطيب الأنبياء - يتغاضى عن سفاهاتهم ، لأنه يحس بقصورهم وجهلهم ، كما يحس بقوة الحق الذى أتاهم به من عند ربه ، فيرد عليهم بقوله : ( قَالَ ياقوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي . . ) والبينة : ما يتبين به الحق من الباطل ، ويتميز به الهدى من الضلال .أى : قال شعيب لقومه بأسلوب مهذب حكيم : يا قوم أخبرونى إن كنت على حجة واضحة ، وبصيرة مستنيرة منحنى إياها ربى ومالك أمرى .( وَرَزَقَنِي مِنْهُ ) - سبحانه - ، ( رِزْقاً حَسَناً ) يتمثل فى النبوة التى كرمنى بها ، وفى المال الحلال الذى بين يديى ، وفى الحياة الطيبة التى أحياها .وجواب الشرط محذوف والتقدير : أخبرونى إن كنت كذلك ، هل يليق بى بعد ذلك أن أخالف أمره مسايرة لأهوائكم؟ كلا إنه لا يليق بى ذلك ، وإنما اللائق بى أن أبلغ جميع ما أمرنى بتبليغه دون خوف أو تقصر .ثم يكشف لهم عن أخلاقه وسلوكه معهم فيقول : ( وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ . . . )أى : ما أريد بأمرى لكم بعبادة الله وحده ، وبنهيى إياكم عن التطفيف والبخس ، مجرد مخالفتكم ومنازعتكم ومعاكستكم ، أو أن آمركم بشئ ثم لا أفعله ، أو أنهاكم عنه ثم أفعله ، من أجل تحقيق منفعة دنيوية . .كلا ، كلا إنى لا أريد شيئا من ذلك وإنما أنا إنسان يطابق قولى فعلى ، وأختار لكم ما أختاره لنفسى .قال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله ( وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) يقال : خالفنى فلان إلى كذا : إذا ق صده وأنت مول عنه . وخالفنى عنه : إذا ولى عنه وأنت تقصده .ويلقاك الرجل صادرا عن المال فتسأله عن صاحبه فيقول : خالفنى إلى الماء ، يريد أنه ذهب إليه واردا ، وهو ذهب عنه صادراً ، ومنه قوله - سبحانه - ( وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) يعنى : ما أريد أن أسبقكم إلى شهواتكم التى نهيتكم عنها لأستبد بها دونكم .وقال الإِمام ابن كثير ، وعن مسروق أن امرأة جاءت إلى ابن مسعود - رضى الله عنه - فقالت له : أأنت الذى نتهى عن الواصلة - أى التى تصل شعرها بشعر آخر -؟ قال : نعم . فقالت : فلعله فى بعض نسائك ، فقال : ما حفظت إذاً وصية العبد الصالح ( وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) .ثم بين لهم أنه ما ريد لهم إلا الإِصلاح فيقول : ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإصلاح مَا استطعت . . . )أى : ما أريد بما أنصحكم به إلا إصلاحكم وسعادتكم ، وما دمت أستطيع ذلك ، وأقدر عليه ، فلن أقصر فى إسداء الهداية لكم .ثم يفوض الأمور إلى الله - تعالى - فيقول : ( وَمَا توفيقي إِلاَّ بالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .أى : وما توفيقى فيما أدعوكم إليه من خير أو أنهاكم عنه من شر إلا بتأييد الله وعونه ، فهو وحده الذى عليه أتوكل وأعتمد فى كل شئونى ، وهو وحده الذى إليه أرجع فى كل أمورى .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة ) بصيرة وبيان ، ( من ربي ورزقني منه رزقا حسنا ) حلالا . وقيل : كثيرا . وكان شعيب عليه السلام كثير المال . وقيل : الرزق الحسن العلم والمعرفة . ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) أي : ما أريد أن أنهاكم عن شيء ثم أرتكبه . ( إن أريد ) ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه ( إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ) والتوفيق تسهيل سبيل الخير والطاعة . ( عليه توكلت ) اعتمدت ، ( وإليه أنيب ) أرجع فيما ينزل بي من النوائب . وقيل : في المعاد .