تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
صفة أعمال الكفار في الدنيا كالبر وصلة الأرحام كصفة رماد اشتدت به الريح في يوم ذي ريح شديدة، فلم تترك له أثرًا، فكذلك أعمالهم لا يجدون منها ما ينفعهم عند الله، فقد أذهبها الكفر كما أذهبت الريح الرماد، ذلك السعي والعمل على غير أساس، هو الضلال البعيد عن الطريق المستقيم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«مثل» صفة «الذين كفروا بربهم» مبتدأ ويبدل منه «أعمالهم» الصالحة كصلة وصدقة في عدم الانتفاع بها «كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف» شديد هبوب الريح فجعلته هباءً منثورا لا يقدر عليه والمجرور خبر المبتدأ «لا يقدرون» أي الكفار «مما كسبوا» عملوا في الدنيا «على شيء» أي لا يجدون له ثوابا لعدم شرطه «ذلك هو الضلال» الهلاك «البعيد».
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيدقوله تعالى : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اختلف النحويون في رفع " مثل " فقال سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر مضمر ; التقدير : وفيما يتلى عليكم أو يقص مثل الذين كفروا بربهم ثم ابتدأ فقال : أعمالهم كرماد أي كمثل رماد اشتدت به الريح . وقال الزجاج : أي مثل الذين كفروا فيما يتلى عليكم أعمالهم كرماد ، وهو عند الفراء [ ص: 309 ] على إلغاء المثل ، التقدير : الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد . وعنه أيضا أنه على حذف مضاف ; التقدير : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ; وذكر الأول عنه المهدوي ، والثاني القشيري والثعلبي ويجوز أن يكون مبتدأ كما يقال : صفة فلان أسمر ; ف " مثل " بمعنى صفة . ويجوز في الكلام جر أعمالهم على بدل الاشتمال من " الذين " واتصل هذا بقوله : وخاب كل جبار عنيد والمعنى : أعمالهم محبطة غير مقبولة . والرماد ما بقي بعد احتراق الشيء ; فضرب الله هذه الآية مثلا لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف . والعصف شدة الريح ; وإنما كان ذلك لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى . وفي وصف اليوم بالعصوف ثلاثة أقاويل : أحدها : أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به ; لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، والبرد والحر فيهما . والثاني : أن يريد في يوم عاصف الريح ; لأنها ذكرت في أول الكلمة ، كما قال الشاعر :إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسفيريد كاسف الشمس فحذف ; لأنه قد مر ذكره ; ذكرهما الهروي . والثالث : أنه من نعت الريح ; غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل : جحر ضب خرب ; ذكره الثعلبي والماوردي . وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بكر في يوم عاصف .لا يقدرون يعني الكفار . مما كسبوا على شيء يريد في الآخرة ; أي من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا ، لإحباطه بالكفر .ذلك هو الضلال البعيد أي الخسران الكبير ; وإنما جعله كبيرا بعيدا لفوات استدراكه بالموت .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
تمثيل لحال ما عمله المشركون من الخيرات حيث لم ينتفعوا بها يوم القيامة . وقد أثار هذا التمثيل ما دلّ عليه الكلام السابق من شدة عذابهم ، فيخطر ببالهم أو ببال من يسمع من المسلمين أن يسأل نفسه أن لهم أعمالاً من الصلة والمعروف من إطعام الفقراء ، ومن عتق رقاب ، وقِرى ضيوف ، وحمالة ديات ، وفداء أسارى ، واعتمار ، ورفادة الحجيج ، فهل يجدون ثواب ذلك؟ وأن المسلمين لما علموا أن ذلك لا ينفع الكافرين تطلبت نفوسهم وجهَ الجمع بين وجود عمل صالح وبين عدم الانتفاع به عند الحاجة إليه ، فضُرب هذا المثل لبيان ما يكشف جميع حتمالات .والمثل : الحالة العجيبة ، أي حال الذين كفروا العجيبة أن أعمالهم كرماد الخ . فالمعنى : حال أعمالهم ، بقرينة الجملة المخبر عنها لأنه مهما أطلق مَثَل كذا إلا والمراد حال خاصة من أحواله يفسرها الكلام ، فهو من الإيجاز الملتزم في الكلام .فقوله : { أعمالهم } مبتدأ ثاننٍ ، و { كرماد } خبر عنه ، والجملة خبر عن المبتدإ الأول .ولما جعل الخبر عن { مثل الذين كفروا } ، { أعمالهم } آل الكلام إلى أن مَثَل أعمال الذين كفروا كرماد .شبهت أعمالهم المتجمعة العديدة برماد مكدّس فإذا اشتدت الرياح بالرماد انتثر وتفرق تفرقاً لا يُرجى معه اجتماعُه . ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من اضمحلال شيء كثير بعد تجمعه ، والهيئة المشبهة معقولة .ووصف اليوم بالعاطف مجاز عقلي ، أي عاصف ريحُه ، كما يقال : يوم ماطر ، أي سحابه .والرماد : ما يبقى من احتراق الحطب والفحم . والعاصف تقدم في قوله : { جاءتها ريح عاصف } في سورة يونس ( 22 ).ومن لطائف هذا التمثيل أن اختير له التشبيه بهيئة الرماد المتجمع ، لأن الرماد أثرٌ لأفضل أعمال الذين كفروا وأشيعِها بينهم وهو قِرى الضيف حتى صارت كثرة الرماد كناية في لسانهم عن الكرم .وقرأ نافع وأبو جعفر اشتدت به الرياح }. وقرأه البقية { اشتدت به الريح } بالإفراد ، وهما سواء لأن التعريف تعريف الجنس .وجملة { لا يقدرون مما كسبوا على شيء } بيان لجملة التشبيه ، أي ذهبت أعمالهم سدى فلا يقدرون أن ينتفعوا بشيء منها .وجملة { ذلك هو الضلال البعيد } تذييل جامع لخلاصة حالهم ، وهي أنها ضلال بعيد .والمراد بالبعيد البالغ نهاية ما تنتهي إليه ماهيتُه ، أي بعيد في مسافات الضلال ، فهو كقولك : أقصى الضلال أو جِدَّ ضَلال ، وقد تقدم في قوله تعالى : { ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً } في سورة النساء ( 116 ).
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم ضرب - سبحانه - مثلاً لأعمال الكافرين فى حبوطها وذهابها يوم القيامة ، وساق الأدلة الدالة على قدرته القاهرة ، وصور أحوال الكافرين يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وحكى ما يقوله الضعفاء للمستكبرين وما يقوله الشيطان لأتباعه فى هذا اليوم العصيب ، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين فى هذا اليوم فقال - تعالى - :( مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ . . . ) .قال الإِمام الرازى : " اعلم أنه - تعالى - لما ذكر أنواع عذابهم فى الآية المتقدمة ، بين فى هذه الآية وهى قوله - تعالى - ( مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ . . . ) أن أعمالهم بأسرها ضائعة باطلة ، لا ينتفعون بشئ منها . وعند هذا يظهر كمال خسرانهم ، لأنهم لا يجدون فى القيامة إلا العقاب الشديد وكل ما عملوه فى الدنيا وجدوه ضائعاً باطلاً " .والمثل : النظير والشبيه . ثم أطلق على القول السائر المعروف ، لمماثلة مضربه بمورده ، ولا يكون إلا فيما فيه غرابة ، ثم استعير للصفة ، أو الحال ، أو القصة إذا كان لها شأن عجيب ، وفيها غرابة .والمراد بأعمال الذين كفروا فى الآية الكريمة : ما كانوا يقومون به فى الدنيا من أعمال حسنة كإطعام الطعام ، ومساعدة المحتاجين ، وإكرام الضيف ، إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة .والرماد : ما يتبقى من الشئ بعد احتراق أصله ، كالمتبقى من الخشب أو الحطب بعد احتراقهما .والعاصف : من العصف وهو اشتداد الريح ، وقوة هبوبها .قال الجمل : " وقوله : ( مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ . . . ) فيه أوجه للإِعراب : أحدها وهو مذهب سيبويه : أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره : فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا ، وتكون الجملة من قوله ( أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ . . . ) مستأنفة جواب لسؤال مقدر ، كأنه قيل : كيف مثلهم . . ؟ فقيل : كيت وكيت .والثانى : أن يكون " مثل " مبتدأ و " أعمالهم " مبتدأ ثان ، و " كرماد " خبر المبتدأ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر المبتدأ الأول . . . "والمعنى : حال أعمال الذين كفروا فى حبوطها وذهابها وعدم انتفاعهم بشئ منها فى الآخرة ، كحال الرماد المكدس الذي أتت عليه الرياح العاصفة ، فمحقته وبددته ، ومزقته تمزيقاً لا يجرى معه اجتماع .فالآية الكريمة تشبيه بليغ لما يعمله الكافرون فى الدنيا من أعمال البر والخير .ووجه الشبه : الضياع والتفرق وعدم الانتفاع فى كل ، فكما أن الريح العاصف تجعل الرماد هباء منثورا ، فكذلك أعمال الكافرين فى الآخرة تصير هباء منثوراً ، لأنها أعمال بنيت على غير أساس من الإِيمان وإخلاص العبادة لله - تعالى - .ووصف - سبحانه - اليوم بأنه عاصف - مع أن العصف شدة الريح - للمبالغة فى وصف زمانها - وهو اليوم - بذلك : ما يقال : يوم حار ويوم بارد ، مع أن الحر والبرد فيهما وليس منهما .وقوله - سبحانه - ( لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ على شَيْءٍ ) بيان للمقصود من التشبيه ، وهو أن هؤلاء الكافرين ، لا يقدرون يوم القيامة ، على الانتفاع بشئ مما فعلوه فى الدنيا من أفعال البر والخير ، لأن كفرهم أحبطها فذهب سدى دون أن يستفيدوا منها ثواباً ، أو تخفف عنهم عذاباً .قال الآلوسى : " وفى الصحيح عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت :" يا رسول الله . إن ابن جدعان فى الجاهلية كان يصل الرحم ، ويطعم المسكين ، هل ذلك نافعة؟ قال : " لا ينفعه؛ لأنه لم يقل رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين " " .وقال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : " هذا مثل ضربة الله - تعالى - لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره ، وكذبوا رسله ، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح ، فانهارت وعدموها وهم أحوج ما كانوا إليها . . .كما قال - تعالى - ( وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ) وكما قال تعالى - ( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هذه الحياة الدنيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظلموا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ) واسم الإِشارة فى قوله ( ذلك هُوَ الضلال البعيد ) يعود إلى ما دل عليه التمثيل من بطلان أعمالهم ، وذهاب أثرها .أى : ذلك الحبوط لأعمالهم ، وعدم انتفاعهم بشئ منها ، هو الضلال البعيد .أى : البالغ أقصى نهايته ، والذى ينتهى بصاحبه إلى الهلاك والعذاب المهين .ووصف - سبحانه - الضلال بالبعد ، لأنه يؤدى إلى خسران لا يمكن تداركه ، ولا يرجى الخلاص منه .ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ، بعض مظاهر قدرته التى لا يعجزها شئ فقال - تعالى - : ( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هذه الحياة الدنيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظلموا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ) .واسم الإِشارة فى قوله ( ذلك هُوَ الضلال البعيد ) يعود إلى ما دل عليه التمثيل من بطلان أعمالهم ، وذهاب أثرها .أى : ذلك الحبوط لأعمالهم ، وعدم انتفاعهم بشئ منها ، هو الضلال البعيد .أى : البالغ أقصى نهايته ، والذى ينتهى بصاحبه إلى الهلاك والعذاب المهين .ووصف - سبحانه - الضلال البعيد ، لأنه يؤدى إلى خسران لا يمكن تداركه ، ولا يرجى الخلاص منه .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) يعني : أعمال الذين كفروا بربهم - كقوله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم ) ( الزمر - 60 ) - أي : ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة ( كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) وصف اليوم بالعصوف ، والعصوف من صفة الريح لأن الريح تكون فيها ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، لأن الحر والبرد فيه .وقيل : معناه : في يوم عاصف الريح ، فحذف الريح لأنها قد ذكرت من قبل . وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار ، يريد : أنهم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا لأنهم أشركوا فيها غير الله كالرماد الذي ذرته الريح لا ينتفع به ، فذلك قوله تعالى :( لا يقدرون ) يعني : الكفار ( مما كسبوا ) في الدنيا ( على شيء ) في الآخرة ( ذلك هو الضلال البعيد ) .