تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وإذا ركب المشركون السفن وعَلَتْهم الأمواج مِن حولهم كالسحب والجبال، أصابهم الخوف والذعر من الغرق ففزعوا إلى الله، وأخلصوا دعاءهم له، فلما نجاهم إلى البر فمنهم متوسط لم يقم بشكر الله على وجه الكمال، ومنهم كافر بنعمة الله جاحد لها، وما يكفر بآياتنا وحججنا الدالة على كمال قدرتنا ووحدانيتنا إلا كل غدَّار ناقض للعهد، جحود لنعم الله عليه.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وإذا غشيهم» أي علا الكفار «موجٌ كالظلل» كالجبال التي تُظل من تحتها «دعوا الله مخلصين له الدين» أي الدعاء بأن ينجيهم أي لا يدعون معه غيره «فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد» متوسط بين الكفر والإيمان، ومنهم باق على كفره «وما يجحد بآياتنا» ومنها الإنجاء من الموج «إلا كل ختارٍ» غدار «كفورٍ» لنعم الله تعالى.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور .قوله تعالى : وإذا غشيهم موج كالظلل قال مقاتل : كالجبال . وقال الكلبي : كالسحاب ; وقاله قتادة : جمع ظلة ; شبه الموج بها لكبرها وارتفاعها . قال النابغة في وصف بحر :يماشيهن أخضر ذو ظلال على حافاته فلق الدنانوإنما شبه الموج وهو واحد بالظل وهو جمع ; لأن الموج يأتي شيئا بعد شيء ويركب بعضه بعضا كالظلل . وقيل : هو بمعنى الجمع ، وإنما لم يجمع لأنه مصدر . وأصله من الحركة والازدحام ; ومنه : ماج البحر ، والناس يموجون . قال كعب :فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنعوقرأ محمد بن الحنفية : ( موج كالظلال ) جمع ظل . دعوا الله مخلصين له الدين [ ص: 75 ] موحدين له لا يدعون لخلاصهم سواه ; وقد تقدم . فلما نجاهم يعني من البحر . إلى البر فمنهم مقتصد قال ابن عباس : موف بما عاهد عليه الله في البحر . النقاش : يعني عدل في العهد ، وفى في البر بما عاهد عليه الله في البحر . وقال الحسن : مقتصد مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة . وقال مجاهد : مقتصد في القول مضمر للكفر . وقيل : في الكلام حذف ; والمعنى : فمنهم مقتصد ومنهم كافر . ودل على المحذوف قوله تعالى : وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور الختار : الغدار . والختر : أسوأ الغدر . قال عمرو بن معديكرب :فإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختروقال الأعشى :بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير ختارقال الجوهري : الختر الغدر ; يقال : ختره فهو ختار . الماوردي : وهو قول الجمهور . وقال عطية : إنه الجاحد . ويقال : ختر يختر ويختر ( بالضم والكسر ) خترا ; ذكره القشيري ، وجحد الآيات إنكار أعيانها . والجحد بالآيات إنكار دلائلها .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)قوله { وإذا غشيهم موج كالظُّلَل } الآية ، فعطف على آيات سير الفلك إشارة إلى أن الناس يذكرون الله عند تلك الآيات عند الاضطرار ، وغفلتهم عنها في حال السلامة ، وهو ما تقدم مثله في قوله في سورة العنكبوت ( 65 ) : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } وقوله في سورة يونس ( 22 ) : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرَيْنَ بهم بريح طيبة } الآيات .والغشيان : مستعار للمجيء المفاجىء لأنه يشبه التغطية ، وتقدم في قوله تعالى : { يُغشي الليل النهار } في سورة الأعراف ( 54 ) .والظُّلَل : بضم الظاء وفتح اللام : جمع ظُلّة بالضم وهي : ما أظلّ من سحاب .والفاء في قوله فمنهم مقتصد } تدلّ على مقدر كأنه قيل : فلما نجاهم انقسموا فمنهم مقتصد ومنهم غيره كما سيأتي . وجعل ابن مالك الفاء داخلة على جواب { لمّا } أي رابطة للجواب ومخالفوه يمنعون اقتران جواب { لما بالفاء كما في مغني اللبيب } .والمقتصد : الفاعل للقصد وهو التوسط بين طرفين ، والمقام دليل على أن المراد الاقتصاد في الكفر لوقوع تذييله بقوله { وما يجحد بآياتنا إلاّ كل خَتّار كفور } ولقوله في نظيره في سورة العنكبوت ( 65 ) { فلما نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون } وقد يطلق المقتصد على الذي يتوسط حالُه بين الصلاح وضده .كما قال تعالى : { منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون } [ المائدة : 66 ] والجاحد الكفور : هو المُفرط في الكفر والجَحد . والجُحود : الإنكار والنفي . وتقدم عند قوله تعالى : { ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } في سورة الأنعام ( 33 ) . وعلم أن هنالك قسماً ثالثاً وهو الموقن بالآيات الشاكر للنعمة وأولئك هم المؤمنون . قال في سورة فاطر ( 32 ) { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } وهذا الاقتصار كقول جرير :كانت حنيفة أثلاثاً فثلثهم ... من العبيد وثلث من مواليهاأي : والثلث الآخر من أنفسهم .والخَتَّار : الشديد الختر ، والختر : أشدّ الغدر .وجملة وما يجحد } إلى آخرها تذييل لأنها تعم كل جاحد سواء من جحد آية سير الفلك وهول البحر ويجحد نعمة الله عليه بالنجاة ومن يجحد غير ذلك من آيات الله ونعمه . والمعنى : ومنهم جاحد بآياتنا . وفي الانتقال من الغيبة إلى التكلم في قوله { بآياتنا } التفات .والباء في { بآياتنا } لتأكيد تعدية الفعل إلى المفعول مثل قوله { وامسحوا برؤوسكم } [ المائدة : 6 ] ، وقول النابغة :لك الخير إن وارت بك الأرض واحداً ... وقوله تعالى : { وما نرسل بالآيات إلاَّ تخويفاً } [ الإسراء : 59 ] .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أحوال الناس عندما تحيط بهم المصائب وهم فى وسط البحر فقال : ( وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ) .وقوله ( غَشِيَهُمْ ) من الغشاء بمعنى : الغطاء . فيقال : غشى الظلام المكان ، إذا حل به واصل " الموج " الحركة والازدحام . ومنه قولهم : ماج البحر إذا اضطرب ارتفع ماؤه . والظلل : جمع ظلة - كغرفة وغرف - وهى ما أظل غيره من سحاب أو جبل أو غيرهما .أى : وإذا ما ركب الناس فى السفن ، وأحاطت بهم الأمواج من كل جانب ، وأورشكت أن تعلوهم وتغطيهم . . فى تلك الحالة لجأوا إلى الله - تعالى - وحده ، يدعونه بإخلاص وطاعة وتضرع ، أن ينجيهم مما هم فيه من بلاء . . .( فَلَمَّا نَجَّاهُمْ ) - سبحانه - بفضله وإحسانه ، وأوصلهم ( إِلَى البر ) انقسموا إلى قسمين ، أما القسم الأول ، فقد عبر عنه - سبحانه - بقوله : ( فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ) أى : فمنهم من هو مقتصد ، أى : متوسط فى عبادته وطاعته ، يعيش حياته بين الخوف والرجاء .قال ابن كثير : قال ابن زيد : هو المتوسط فى العمل ، ثم قال ابن كثير : وهذا الذى قاله ابن زيد هو المراد فى قوله - تعالى - : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات ) فالمقتصد ها هنا هو المتوسط فى العمل . ويحتمل أن يكون مرادا هنا - أيضا - ويكون من باب الإِنكار على من شاهد تلك الأهوال ، والأمور العظام ، والآيات الباهرات فى البحر ، ثم بعد ما أنعم الله عليه من الخلاص ، كان ينبغى أن يقابل ذلك بالعمل التام ، والمبادرة إلى الخيرات ، فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصرا ، والحالة هذه .وأما القسم الثانى فقد عبر عنه - سبحانه - بقوله : ( وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ) .والختار : من الختر . وهو أبشع وأقبح الغدر والخديعة . يقال فلانخاتر وختار وختير ، إذا كان شديد الغدر والنقض لعهوده ، ومنه قول الشاعر :وإنك لو رأيت أبا عمير ... ملأت يديك من غدر وختروالكفور : هو الشديد الكفران والجحود لنعم الله - تعالى - .أى : وما يجحد بآياتنا الدالة على قدرتنا ورحمتنا ، إلا من كان كثير النقض لعهودنا ، شديد النكران لنعمنا .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( وإذا غشيهم موج كالظلل ) قال مقاتل : كالجبال . وقال الكلبي : كالسحاب . والظلل جمع الظلة شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها ، وجعل الموج ، وهو واحد ، كالظلل وهي جمع ، لأن الموج يأتي منه شيء بعد شيء ( دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ) أي : عدل موف في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له ، يعني : ثبت على إيمانه .نزلت في عكرمة بن أبي جهل هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف ، فقال عكرمة : لئن أنجاني الله من هذا لأرجعن إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ولأضعن يدي في يده ، فسكنت الريح ، فرجع عكرمة إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه وقال مجاهد : فمنهم مقتصد في القول مضمر للكفر . وقال الكلبي : مقتصد في القول ، أي : من الكفار ، لأن بعضهم كان أشد قولا وأغلى في الافتراء من بعض ( وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور ) والختر أسوأ الغدر .