تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
قل -أيها الرسول- للمشركين: مَن يرزقكم من السماوات بالمطر، ومن الأرض بالنبات والمعادن وغير ذلك؟ فإنهم لا بدَّ أن يُقِرُّوا بأنه الله، وإن لم يُقِرُّوا بذلك فقل لهم: الله هو الرزاق، وإنَّ أحد الفريقين منا ومنكم لعلى هدى متمكن منه، أو في ضلال بيِّن منغمس فيه.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«قل من يرزقكم من السماوات» المطر «والأرض» النبات «قل الله» إن لم يقولوه، لا جواب غيره «وإنا أو إياكم» أي أحد الفريقين «لعلى هدى أو في ضلال مبين» بين، في الإبهام إذا وفقوا له.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .قوله تعالى : قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله لما ذكر أن آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة مما يقدر عليه الرب قرر ذلك فقال : قل يا محمد للمشركين من يرزقكم من السماوات والأرض أي من يخلق لكم هذه الأرزاق الكائنة من السماوات ; أي عن المطر والشمس والقمر والنجوم وما فيها من المنافع . ( والأرض ) أي الخارجة من الأرض عن الماء والنبات أي لا يمكنهم أن يقولوا هذا فعل آلهتنا - فيقولون لا ندري ، فقل إن الله يفعل ذلك الذي يعلم ما في نفوسكم وإن قالوا : إن الله يرزقنا فقد تقررت الحجة بأنه الذي ينبغي أن يعبد . وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين هذا على وجه الإنصاف في الحجة ; كما يقول القائل : أحدنا كاذب ، وهو يعلم أنه صادق وأن صاحبه كاذب . والمعنى : ما نحن وأنتم على أمر واحد ، بل على أمرين متضادين ، وأحد الفريقين مهتد وهو نحن والآخر ضال وهو أنتم ; فكذبهم بأحسن من تصريح التكذيب ، والمعنى : أنتم الضالون حين أشركتم بالذي يرزقكم من السماوات والأرض . ( أو إياكم ) معطوف على اسم ( إن ) ولو عطف على الموضع لكان ( أو أنتم ) ويكون لعلى هدى للأول لا غير وإذا قلت : ( أو إياكم ) كان للثاني أولى ، وحذفت من الأول ، ويجوز أن يكون للأول ، وهو اختيار المبرد ، قال : ومعناه معنى قول المستبصر لصاحبه على صحة الوعيد والاستظهار بالحجة الواضحة : أحدنا كاذب ، قد عرف المعنى ، كما تقول : أنا أفعل كذا وتفعل أنت كذا وأحدنا مخطئ ، وقد عرف أنه هو [ ص: 269 ] المخطئ ، فهكذا وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين . و ( أو ) عند البصريين على بابها وليست للشك ، ولكنها على ما تستعمل العرب في مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى . وقال أبو عبيدة والفراء : هي بمعنى الواو ، وتقديره : وإنا على هدى وإياكم لفي ضلال مبين . وقال جرير :أثعلبة الفوارس أو رياحا عدلت بهم طهية والربابايعني أثعلبة ورياحا . وقال آخر :فلما اشتد أمر الحرب فينا وتأملنا رياحا أو رزاما
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)انتقال من دَمْغ المشركين بضعف آلهتهم وانتفاء جدواها عليهم في الدنيا والآخرة إلى إلزامهم بطلان عبادتها بأنها لا تستحق العبادة لأن مستحق العبادة هو الذي يرزق عباده فإن العبادة شكر ولا يستحق الشكر إلا المنعم ، وهذا احتجاج بالدليل النظري لأن الاعتراف بأن الله هو الرزاق يستلزم انفراده بإلهيته إذ لا يجوز أن ينفرد ببعض صفات الإلهية ويشارك في بعض آخر فإن الإِلهية حقيقة لا تقبل التجزئة والتبعيض .وأعيد الأمر بالقول لزيادة الاهتمام بالمقول فإن أصل الأمر بالقول في مقام التصدّي للتبليغ دال على الاهتمام ، وإعادة ذلك الأمر زيادة في الاهتمام .و { مَن } استفهام للتنبيه على الخطأ ولذلك أعقب بالجواب من طرف السائل بقوله : { قل الله } لتحقق أنهم لا ينكرون ذلك الجواب كما في قوله تعالى : { قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار } إلى قوله : { فسيقولون اللَّه } في سورة يونس ( 31 ) . وتقدم نظير صدر هذه الآية في سورة الرعد .وعطف على الاستفهام إبراز المقصد بطريقة خفية تُوقع الخصم في شرك المغلوبية وذلك بترديد حالتي الفريقين بين حالة هدى وحالة ضلال لأن حالة كل فريق لما كانت على الضد من حال الفريق الآخر بَيْن موافقة الحق وعدمها ، تعين أن أمر الضلال والهدى دائر بين الحالتين لا يعدوانهما . ولذلك جيء بحرف أو } المفيد للترديد المنتزع من الشك .وهذا اللون من الكلام يسمى الكلام المنصِف وهو أن لا يترك المُجادل لخصمه موجب تغيظ واحتداد في الجدال ، ويسمى في علم المناظرة إرخاءَ العنان للمناظِر ، ومع ذلك فقرينة إلزامهم الحجة قرينة واضحة .ومن لطائفه هنا أن اشتمل على إيماء إلى ترجيح أحد الجانبين في أحد الاحتمالين بطريق مقابلة الجانبين في ترتيب الحالتين باللف والنشر المرتّب وهو أصل اللفّ . فإنه ذكر ضمير جانب المتكلم وجماعته وجانب المخاطبين ، ثم ذكر حال الهدى وحال الضلال على ترتيب ذكر الجانبين ، فأومأ إلى أن الأولِين موجَّهون إلى الهدى والآخِرين موجهُون إلى الضلال المبين ، لا سيما بعد قرينة الاستفهام ، وهذا أيضاً من التعريض وهو أوقع من التصريح لا سيما في استنزال طائر الخصم .وفيه أيضاً تجاهل العارف فقد التأمَ في هذه الجملة ثلاثة محسنات من البديع ونكتة من البيان فاشتملت على أربع خصوصيات .وجيء في جانب أصحاب الهدى بحرف الاستعلاء المستعار للتمكن تمثيلاً لحال المهتدي بحال متصرّف في فرسه يركضه حيث شاء فهو متمكّن من شيء يبلغ به مقصده . وهي حالة مُماثلة لحال المهتدي على بصيرة فهو يسترجع مناهج الحق في كل صوب ، متَسعَ النظر ، منشرحَ الصدر : ففيه تمثيلية مكنية وتبعية .وجيء في جانب الضالّين بحرف الظرفية المستعار لشدة التلبس بالوصف تمثيلاً لحالهم في إحاطة الضلال بهم بحال الشيء في ظرف محيط به لا يتركه يُفارقه ولا يتطلع منه على خلاف ما هو فيه من ضيق يلازمه .وفيه أيضاً تمثيلية تبعية ، وهذا ينظر إلى قوله تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً } [ الأنعام : 125 ] .فحصل في الآية أربع استعارات وثلاثة محسنات من البديع وأسلوب بياني ، وحجة قائمة ، وهذا إعجاز بديع .ووُصف الضلال بالمبين دون وصف الهدى بالمبين لأن حقيقة الهدى مقول عليها بالتواطؤ وهو معنى قول أصحابنا الأشاعرة : الإِيمان لا يزيد ولا ينقص في ذاته وإنما زيادته بكثرة الطاعات ، وأما الكفر فيكون بإنكار بعض المعتقدات وبإنكار جميعها وكل ذلك يصدق عليه الكفر . ولذلك قيل كفرٌ دون كفر ، فوصف كفرهم بأنه أشدّ الكفر ، فإن المبين هو الواضح في جنسه البالغ غاية حده .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسألهم للمرة الثانية على سبيل التنبيه والتوبيخ ، من الذى يملك أن يرزقهم ، فقال - سبحانه - : ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السماوات والأرض . . ) .أى : قبل أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين من الذى يرزقكم من السماء بالمطر وغيره ، ويرزقكم من الأرض بالنباتات والمعادن وغير لك من المنافع .وقوله - تعالى - : ( قُلِ الله ) جواب على هذا السؤال ، وهو جواب لا يملكون إلا الاعتراف به .أى : قل لهم منبها ولافتا أنظارهم إلى ما هم فيه من جهل : الله ومحده هو الذى يرزقكم بما لا يحصى من الأرزاق التى بعضها من السماوات ، وبعضها من الأرض .وقوله - سبحانه - : ( وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) داخل فى حيز الأمر السابق ، ولكن بأسلوب فيه ما فيه من الحكمة والتلطف ، ومن حمل المخاطب على التفكر والتدبر حتى يعود إلى الرشد والصواب .أى : وقل لهم - أيضا - أيها الرسول الكريم - لقد علمتم - يا معشر المشركين أن المستحق للعبادة هو الله - تعالى - وحده ، لأنه هو الذى خلقكم ورزقكم من السماوات والأرض . .وإن أحدنا لا بد أن يكن على الهدى والآخر على الضلال . وسنترك تحديد من المهتدى ومن هو الضال لعقولكم وضمائركم .وستعلمون - علم اليقين - بعد التفكر والتدبر أننا نحن المسلمين على الحق ، وأنتم يا معشر المشركين على الباطل . .فالجملة لون من ألوان الدعوة إلى الله - تعالى - بأسلوب مهذب حكيم ، من شأنه أن يحمل القلوب النافرة عن الحق ، إلى الاستسلام له ، والدخول فيه . .قال القرطبى : وقوله : ( وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) هذا على وجه الإِنصاف فى الحجة ، كما يقول القائل لغيره : أحدنا كاذب ، وهو يعلم أنه صادق ، وأن صاحبه كاذب ، والمعنى : ما نحن وأنتم على أمر وامحد ، بل على أمرين متضادين ، وأحد الفريقين مهتد وهو نحن ، والآخر ضال وهو أنتم ، فكذبهم بأحسن من تصريح التكذيب .والمعنى : أنتم الضالون حين أشركتم بالله الذى يرزقكم من السماوات والأرض . .وقوله : ( أَوْ إِيَّاكُمْ ) معطوف على اسم إن ، وخبرها وهو المذكور . وحذف خبر الثانى للدلالة عليه .أى : وإنا لعلى هدى أو فى ضلال مبين ، وإنكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماوات والأرض ) فالرزق من السماوات : المطر ، ومن الأرض : النبات ) ( قل الله ) أي : إن لم يقولوا رازقنا الله فقل أنت إن رازقكم هو الله ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) ليس هذا على طريق الشك ولكن على جهة الإنصاف في الحجاج ، كما يقول القائل للآخر : أحدنا كاذب ، وهو يعلم أنه صادق وصاحبه كاذب .والمعنى : ما نحن وأنتم على أمر واحد بل أحد الفريقين مهتد والآخر ضال ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن اتبعه على الهدى ، ومن خالفه في ضلال ، فكذبهم من غير أن يصرح بالتكذيب .وقال بعضهم : " أو " بمعنى الواو ، والألف فيه صلة ، كأنه قال : وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ، يعني : نحن على الهدى وأنتم في الضلال .