تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
إن الساعة التي يُبعث فيها الناس آتية لا بد من وقوعها، أكاد أخفيها من نفسي، فكيف يعلمها أحد من المخلوقين؛ لكي تُجزى كل نفس بما عملت في الدنيا من خير أو شر.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«إن الساعة آتية أكاد أخفيها» عن الناس ويظهر لهم قربها بعلاماتها «لتجزى» فيها «كل نفس بما تسعى» به من خير أو شر.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى آية مشكلة ؛ روي عن سعيد بن جبير أنه قرأ ( أكاد أخفيها ) بفتح الهمزة ؛ قال : أظهرها . لتجزى أي الإظهار للجزاء ؛ رواه أبو عبيد عن الكسائي عن محمد بن سهل عن وقاء بن إياس عن سعيد بن جبير وقال النحاس : وليس لهذه الرواية طريق غير هذا .قلت : وكذا رواه أبو بكر الأنباري في كتاب الرد ؛ حدثني أبي حدثنا محمد بن الجهم حدثنا الفراء حدثنا الكسائي ؛ ح - وحدثنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا يوسف حدثنا يحيى الحماني حدثنا محمد بن سهل . قال النحاس ؛ وأجود من هذا الإسناد ما رواه يحيى القطان عن الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير : أنه قرأ أكاد أخفيها بضم الهمزة .قلت : وأما قراءة ابن جبير أخفيها بفتح الهمزة بالإسناد المذكور فقال أبو بكر [ ص: 103 ] الأنباري قال الفراء : معناه أظهرها من خفيت الشيء أخفيه إذا أظهرته . وأنشد الفراء لامرئ القيس :فإن تدفنوا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعدأراد لا نظهره ؛ وقد قال بعض اللغويين : يجوز أن يكون أخفيها بضم الهمزة معناه أظهرها لأنه يقال : خفيت الشيء وأخفيته إذا أظهرته ؛ فأخفيته من حروف الأضداد يقع على الستر والإظهار . وقال أبو عبيدة : خفيت وأخفيت بمعنى واحد النحاس : وهذا حسن ؛ وقد حكاه عن أبي الخطاب وهو رئيس من رؤساء اللغة لا يشك في صدقه ؛ وقد روى عنه سيبويه وأنشد :وإن تكتموا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعدكذا رواه أبو عبيدة عن أبي الخطاب بضم النون . وقال امرؤ القيس أيضا :خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشي مجلبأي أظهرهن . وروى : ( من سحاب مركب ) بدل ( من عشي مجلب ) . وقال أبو بكر الأنباري وتفسير للآية آخر : إن الساعة آتية أكاد انقطع الكلام على أكاد وبعده مضمر أكاد آتي بها ، والابتداء أخفيها لتجزى كل نفس قال ضابئ البرجمي :هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي حلائلهأراد وكدت أفعل ، فأضمر مع كدت فعلا كالفعل المضمر معه في القرآن . قلت : هذا الذي اختاره النحاس ؛ وزيف القول الذي قبله فقال يقال : خفى الشيء يخفيه إذا أظهره ، وقد حكي أنه يقال : أخفاه أيضا إذا أظهره ، وليس بالمعروف ؛ قال : وقد رأيت علي بن سليمان لما أشكل عليه معنى أخفيها عدل إلى هذا القول ، وقال معناه كمعنى ( أخفيها ) . قال النحاس : ليس المعنى على أظهرها ولا سيما و ( أخفيها ) قراءة شاذة ، فكيف ترد القراءة الصحيحة الشائعة إلى الشاذة ، والمضمر أولى ؛ ويكون التقدير : إن الساعة آتية أكاد آتي بها ؛ ودل آتية على آتي بها ؛ ثم قال : أخفيها على الابتداء . وهذا معنى صحيح ؛ لأن الله - عز وجل - قد أخفى الساعة التي هي القيامة ، والساعة التي يموت فيها الإنسان ليكون الإنسان يعمل ، والأمر عنده مبهم فلا يؤخر التوبة .[ ص: 104 ] قلت : وعلى هذا القول تكون اللام في ( لتجزى ) متعلقة ب ( أخفيها ) . وقال أبو علي هذا من باب السلب وليس من باب الأضداد ، ومعنى أخفيها أزيل عنها خفاءها ، وهو سترها كخفاء الأخفية والواحد خفاء بكسر الخاء القربة ، وإذا زال عنها سترها ظهرت . ومن هذا قولهم : أشكيته ، أي أزلت شكواه ، وأعديته أي قبلت استعداءه ولم أحوجه إلى إعادته . وحكى أبو حاتم عن الأخفش : أن ( كاد ) زائدة مؤكدة . قال : ومثله إذا أخرج يده لم يكد يراها لأن الظلمات التي ذكرها الله تعالى بعضها يحول بين الناظر والمنظور إليه . وروي معناه عن ابن جبير ، والتقدير : إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى . وقال الشاعر :سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه فما إن يكاد قرنه يتنفسأراد فما يتنفس . وقال آخر :وألا ألوم النفس فيما أصابني وألا أكاد بالذي نلت أنجحمعناه : وألا أنجح بالذي نلت ؛ فأكاد توكيد للكلام . وقيل : المعنى أكاد أخفيها أي أقارب ذلك ؛ لأنك إذا قلت كاد زيد يقوم ، جاز أن يكون قام ، وأن يكون لم يقم . ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب . قال اللغويون : كدت أفعل معناه عند العرب : قاربت الفعل ولم أفعل ، وما كدت أفعل معناه : فعلت بعد إبطاء . وشاهده قول الله عزت عظمته فذبحوها وما كادوا يفعلون معناه : وفعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم . وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بأكاد . وقيل معنى أكاد أخفيها أريد أخفيها . قال الأنباري : وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر :كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من لهو الصبابة ما مضىمعناه : أرادت وأردت . وقال ابن عباس وأكثر المفسرين فيما ذكر الثعلبي أن المعنى أكاد أخفيها من نفسي ؛ وكذلك هو في مصحف أبي . وفي مصحف ابن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق . وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وهو [ ص: 105 ] محمول على أنه جاء على ما جرت به عادة العرب في كلامها ، من أن أحدهم إذا بالغ في كتمان الشيء قال : كدت أخفيه من نفسي . والله تعالى لا يخفى عليه شيء ؛ قال معناه قطرب وغيره . وقال الشاعر :أيام تصحبني هند وأخبرها ما أكتم النفس من حاجي وأسراريفكيف يخبرها بما تكتم نفسه . ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه الزمخشري وقيل معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، ولا دليل في الكلام على هذا المحذوف ؛ ومحذوف لا دليل عليه مطرح ، والذي غرهم منه أن في مصحف أبي : أكاد أخفيها من نفسي ؛ وفي بعض المصاحف أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها .قلت : وقيل إن معنى قول من قال أكاد أخفيها من نفسي ؛ أي إن إخفاءها كان من قبلي ومن عندي لا من قبل غيري . وروي عن ابن عباس أيضا : أكاد أخفيها من نفسي ؛ ورواه طلحة بن عمر وعن عطاء . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : لا أظهر عليها أحدا . وروي عن سعيد بن جبير قال : قد أخفاها . وهذا على أن كاد زائدة . أي إن الساعة آتية أخفيها ، والفائدة في إخفائها التخويف والتهويل . وقيل : تعلق لتجزى بقوله تعالى : وأقم الصلاة فيكون في الكلام تقديم وتأخير ؛ أي أقم الصلاة لتذكرني لتجزى كل نفس بما تسعى أي بسعيها إن الساعة آتية أكاد أخفيها . والله أعلم . وقيل : هي متعلقة بقوله : آتية أي إن الساعة آتية لتجزى
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) وجملة { إنَّ السَّاعة ءَاتِيَة } مستأنفة لابتداء إعلام بأصل ثان من أصول الدّين بعد أصل التوحيد ، وهو إثبات الجزاء .والساعة : علَم بالغلبة على ساعة القيامة أو ساعة الحساب .وجملة { أكَادُ أُخْفِيهَا } في موضع الحال من الساعَةَ ، أو معترضة بين جملة وعلّتها .والإخفاء : الستر وعدم الإظهار ، وأريد به هنا المجاز عن عدم الإعلام .والمشهورُ في الاستعمال أن «كاد» تدلّ على مقاربة وقوع الفعل المخبر به عنها ، فالفعل بعدها في حيّز الانتفاء ، فقوله تعالى : { كادُوا يكونون عليه لِبداً } [ الجنّ : 19 ] يدلّ على أن كونهم لِبَداً غير واقع ولكنه اقترب من الوقوع .ولما كانت الساعة مخفية الوقوع ، أي مخفية الوقت ، كان قوله { أكاد أُخفيها } غير واضح المقصود ، فاختلفوا في تفسيره على وجوه كثيرة أمثلها ثلاثة .فقيل : المراد إخفاء الحديث عنها ، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها ، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها .وقيل : وقعت { أكَادُ } زائدة هنا بمنزلة زيادة كان في بعض المواضع تأكيداً للإخفاء . والمقصود : أنا أخفيها فلا تأتي إلاّ بغتة .وتأوّل أبو عليّ الفارسي معنى { أُخْفِيها } بمعنى أظهرها ، وقال : همزة { أخفيها للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ ، وأشكى زيداً ، أي أزيل خفاءَها . والخفاء : ثوب تلفّ فيه القِربة مستعار للستر .فالمعنى : أكاد أظهرها ، أي أظهر وقوعها ، أي وقوعها قريب . وهذه الآية من غرائب استعمال ( كاد ) فيضم إلى استعمال نفيها في قوله : { وما كادوا يفعلون } في سورة البقرة ( 71 ).وقوله لتجزى } يتعلّق بآتِيَةٌ وما بينهما اعتراض . وهذا تعليم بحكمة جعل يوم للجزاء .واللام في { لِتُجْزى كلُّ نَفْسٍ } متعلّق بآتِيَةٌ .ومعنى { بِمَا تسعى } بما تعمل ، فإطلاق السعي على العمل مجاز مرسل ، كما تقدم في قوله : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } في سورة الإسراء ( 19 ).
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - أن الساعة آتية لا ريب فيها فقال : ( إِنَّ الساعة آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا واتبع هَوَاهُ فتردى ) .أى : إن الساعة التى هى وقت البعث والحساب والثواب والعقاب ، آتية أى : كائنة وحاصلة لا شك فيها .وقوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أى : أقرب أن أخفى وقتها ولا أظهره لا إجمالا ولا تفصيلا ، ولولا أن فى إطلاع أصفيائى على بعض علاماتها فائدة ، لما تحدثت عنها .قالوا : " والحكمة فى إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت ، أن الله - تعالى - وعد بعدم قبول التوبة عند قربهما ، فلو عرف وقت الموت لاشتغل بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت ثم يتوب ، فيتخلص من عقاب المعصية فتعريف الموت كالإغراء بفعل المعصية ، وهو لا يجوز .قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله : ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) أقرب أن أخفى الساعة ولا أظهرها ، بأن أقول إنها آتية . . . أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره . . . فكاد بمعنى أراد ، وإلى هذا ذهب الأخفش وغيره . . . وروى عن ابن عباس أن المعنى : أكاد أخفيها من نفسى ، فكيف أظهركم عليها . . وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة فى كتمان الشىء قال : كدت أخفيه عن نفسى .وقال أبو على : المعنى أكاد أظهرها بأن أوقعها ، وهذا بناء على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها . . .ويبدو لنا أن الإخفاء هنا على حقيقته ، وأن المقصود من الآية الكريمة إخفاء وقت مجىء الساعة من الناس ، حتى يكونوا على استعداد لمجيئها عن طريق العمل الصالح الذى ينفعهم يوم القيامة .فحكمة الله - تعالى - اقتضت إخفاء وقت الساعة ، وعدم إطلاع أحد عليها إلا بالمقدار الذى يأذن الله - تعالى - به لرسله .قال الإمام ابن جرير ما ملخصه : " والذى هو أولى بتأويل الآية من القول : قول من قال معناه : أكاد أخفيها من نفسى . . . لأن المعروف من معنى الإخفاء فى كلام العرب : التسر . يقال : قد أخفيت الشىء إذا سترته . . . وإنما اخترنا هذا القول على غيره لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين .وقوله : ( لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى ) متعلق بآتية ، وجملة ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) معترضة بينهما .أى : إن الساعة آتية لا ريب فيها ، لكى تجزى كل نفس على حسب سعيها وعملها فى الدنيا .قال - تعالى - : ( وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ) وقال - سبحانه - : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قيل معناه إن الساعة آتية أخفيها . و " أكاد " : صلة . وأكثر المفسرين قالوا : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، وكذلك في مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق .وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وذكر ذلك على عادة العرب إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون : كتمت سرك من نفسي ، أي : أخفيته غاية الإخفاء ، والله عز اسمه لا يخفى عليه شيء .وقال الأخفش : أكاد : أي : أريد ، ومعنى الآية : أن الساعة آتية أريد أخفيها .والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف ، لأنهم إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت .وقرأ الحسن بفتح الألف ، أي : أظهرها . يقال : خفيت الشيء : إذا أظهرته ، وأخفيته : إذا سترته .قوله تعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : بما تعمل من خير وشر .