تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
ويعبد هؤلاء المشركون من دون الله ما لا يضرهم شيئًا، ولا ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويقولون: إنما نعبدهم ليشفعوا لنا عند الله، قل لهم -أيها الرسول-: أتخبرون الله تعالى بشيء لا يعلمه مِن أمر هؤلاء الشفعاء في السموات أو في الأرض؟ فإنه لو كان فيهما شفعاء يشفعون لكم عنده لكان أعلم بهم منكم، فالله تعالى منزَّه عما يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادته ما لا يضر ولا ينفع.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«ويعبدون من دون الله» أي غيره «ما لا يضرهم» إن لم يعبدوه «ولا ينفعهم» إن عبدوه وهو الأصنام «ويقولون» عنها «هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل» لهم «أتنبئون الله» جبروته «بما لا يعلم في السموات والأرض» استفهام إنكار إذ لو كان له شريك لعلمه، إذا لا يخفى عليه شيء «سبحانه» تنزيها له «وتعالى عما يشركونـ» به معه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركونقوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم يريد الأصنام .ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهذه غاية الجهالة منهم ; حيث ينتظرون الشفاعة في المآل ممن لا يوجد منه نفع ولا ضر في الحال . وقيل : شفعاؤنا أي تشفع لنا عند الله في إصلاح معائشنا في الدنيا .قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض قراءة العامة " تنبئون " بالتشديد . وقرأ أبو السمال العدوي " أتنبئون الله " مخففا ، من أنبأ ينبئ . وقراءة العامة من نبأ ينبئ تنبئة ; وهما بمعنى واحد ، جمعهما قوله تعالى : من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير أي أتخبرون الله أن له شريكا في ملكه أو شفيعا بغير إذنه ، والله لا [ ص: 236 ] يعلم لنفسه شريكا في السماوات ولا في الأرض ; لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه . نظيره قوله : أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرضثم نزه نفسه وقدسها عن الشرك فقال : سبحانه وتعالى عما يشركون أي هو أعظم من أن يكون له شريك وقيل : المعنى أي يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يميز ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فيكذبون ; وهل يتهيأ لكم أن تنبئوه بما لا يعلم ، سبحانه وتعالى عما يشركون! . وقرأ حمزة والكسائي تشركون بالتاء ، وهو اختيار أبي عبيد . الباقون بالياء .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
على جملة : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } [ يونس : 15 ] عطفَ القصة على القصة . فهذه قصة أخرى من قصص أحوال كفرهم أن قالوا : { ائت بقرآن غير هذا } [ يونس : 15 ] حين تتلى عليهم آيات القرآن ، ومن كفرهم أنهم يعبدون الأصنام ويقولون : { هم شفعاؤنا عند الله }.والمناسبة بين القصتين أن في كلتيهما كفراً أظهروه في صورة السخرية والاستهزاء وإيهام أن العذر لهم في الاسترسال على الكفر ، فلعلهم ( كما أوهموا أنه إنْ أتاهم قرآن غيرُ المتلو عليهم أو بُدل ما يرومون تبديلَه آمنوا ) كانوا إذا أنذرهم النبي صلى الله عليه وسلم بعذاب الله قالوا : تشفع لنا آلهتنا عند الله . وقد روى أنه قاله النضر بن الحارث ( على معنى فرض ما لا يقع واقعاً ) «إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعُزّى» . وهذا كقول العاص بن وائل ، وكان مشركاً ، لخبّاب بن الأرت ، وهو مسلم ، وقد تقاضاه أجراً له على سيف صنعه «إذا كان يوم القيامة الذي يُخبر به صاحبك ( يعني النبي صلى الله عليه وسلم فسيكون لي مال فأقضيك منه» .( وفيه نزل قوله تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوُتَيَنَّ مالاً وولداً } [ مريم : 77 ] الآية .ويجوز أن تكون جملة : { ويعبدون } الخ عطفاً على جملة : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } [ يونس : 17 ] فإن عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الافتراء .وإيثار اسم الموصول في قوله : { ما لا يضرهم ولا ينفعهم } لما تؤذن به صلة الموصول من التنبيه على أنهم مُخطئون في عبادة ما لا يضر ولا ينفع ، وفيه تمهيد لعطف { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } لتحقير رأيهم من رجاء الشفاعة من تلك الأصنام ، فإنها لا تقدر على ضر ولا نفع في الدنيا فهي أضعف مقدرة في الآخرة .واختيار صيغة المضارع في { يعبدون } و { يقولون } لاستحضار الحالة العجيبة من استمرارهم على عبادتها ، أي عبدوا الأصنام ويعبدونها تعجيباً من تصميمهم على ضلالهم ومن قولهم : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } فاعترفوا بأن المتصرف هو الله .وقُدم ذكر نفي الضر على نفي النفع لأن المطلوب من المشركين الإقلاع عن عبادة الأصنام وقد كان سدنتها يخوفون عبدَتها بأنها تُلحق بهم وبصبيانهم الضر ، كما قالت امرأة طفيل بن عمرو الدوسي حين أخبرها أنه أسلم ودعاها إلى أن تُسلم فقالت : «أما تخشى على الصبية من ذي الشَّرى» . فأريد الابتداء بنفي الضر لإزالة أوهام المشركين في ذلك الصَّادَّة لكثير منهم عن نبذ عبادة الأصنام .وقد أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يرد عليهم بتهكم بهم بأنهم قد أخبروا الله بأن لَهم شفعاء لهم عنده . ومعنى ذلك أن هذا لما كان شيئاً اخترعوه وهو غير واقع جعل اختراعه بمنزلة أنهم أعلموا الله به وكان لا يعلمه فصار ذلك كناية عن بطلانه لأن ما لم يعلم الله وقوعه فهو منتف .ومن هذا قول من يريد نفي شيء عن نفسه : ما علم الله هذا مني . وفي ضده قولهم في تأكيد وقوع الشيء : يعلم الله كذا ، حتى صار عند العرب من صيغ اليمين .و { في السماوات ولا في الأرض } حال من الضمير المحذوف بعد { يعلم } العائد على ( ما ) ، إذْ التقدير : بما لا يعلمه ، أي كائناً في السماوات ولا في الأرض . والمقصود من ذكرهما تعميم الأمكنة ، كما هو استعمال الجمع بين المتقابلات مثل المشرق والمغرب . وأعيد حرف النفي بعد العاطف لزيادة التنصيص على النفي .والاستفهامُ في { أتنبئون } للإنكار والتوبيخ . والإنباء : الإعلام .وجملة : { سبحانه وتعالى } إنشاء تنزيه ، فهي منقطعة عن التي قبلها فلذلك فصلت . وتقدم الكلام على نظيره عند قوله : { وخرّقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون } في سورة [ الأنعام : 100 ].( و ( ما ) في قوله : عما يشركون } مصدرية ، أي عن إشراكهم ، أي تعالى عن أن يكون ذلك ثابتاً له .وقرأ حمزة والكسائي وخلف { تشركون } بالمثناة الفوقية على أنه من جملة المقول . وقرأه الباقون بالتحتية على أنها تعقيب للخطاب بجملة { قُل }. وعلى الوجهين فهي مستحقة للفصل لكمال الانقطاع .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم حكى - سبحانه - أقبح رذائلهم ، وهى عبادتهم لغير الله ، ودعواهم أن أصنامهم ستشفع لهم فقال - تعالى - :( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ . . . )هذه الآية الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك ( وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا . . . ) عطف القصة على القصة .والعبادة : الطاعة البالغة حد النهاية فى الخضوع والتعظيم .أي : وهؤلاء الذين لا يرجون لقاؤنا ، ويطلبون قرآنا غير هذا القرآن أو تبديله ، بلغ من جهلهم وسفههم أنهم يعبدون من دون الله أصناما لا تضرهم ولا تنفعهم ، لأنها جمادات لا قدرة لها على ذلك .والمقصود بوصفها بأنها لا تضر ولا تنفع : بطلان عبادتها ، لأن من شأن المعبود أن يملك الضر والنفع ، وأن يكون مثيبا على الطاعة ومعاقبا على المعصية .وقوله : ( مِن دُونِ الله ) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل ( يعبدون ) أي : يعبدونها متجاوزين الله وتاركين طاعته .و ( ما ) موصولة أو نكرة موصوفة . والمراد بها الأصنام التى عبدوها من دون الله؟قال الجمل : " ونفي الضر والنفع هنا عن الأصنام باعتبار الذات ، وإثباتها لها فى سورة الحج فى قوله ( يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ) باعتبار السبب ، فلا يرد كيف نفي عن الأصنام الضر والنفع ، وأثبتهما لهما فى سورة الحج " .وقوله : ( وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله ) حكاية لأقوالهم السخيفة عندما يُدعَوْن إلى عبادة الله وحده .والشفعاء : جمع شفيع ، وهو من يشفع لغيره فى دفع ضر أو جلب نفع .أي : أنهم يدينون بالعبادة لأصنام لا تضرهم إن تركوا عبادتها ، ولا تنفعهم إن عبدوها ، فإذا ما طلب منهم أن يجعلوا عبادتهم لله وحده وقالوا : إننا نعبد هذه الأصنام لتكون شفيعة لنا عند الله فى دنيانا ، بأن نتوسل إليه بها فى إصلاح معاشنا ، وفى آخرتنا إن كان هناك ثواب وعقاب يوم القيامة .وهنا يأمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فى قول : ( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فى السماوات وَلاَ فى الأرض ) .أي : قل يا محمد لهؤلاء الجاهلين : إن الله - تعالى - لا يخفى عليه شيء فى هذا الكون ولا يعلم أن هناك من يشفع عنده مما تزعمون شفاعته . فهل تعملون أنتم ما لا يعلمه . وهل تخبرونه بما لا يعلم له وجوداً فى السموات ولا فى الأرض؟!!فالمقصود بهذه الجملة الكريمة التهكم بهم ، والسخرية بعقولهم وأفكارهم ، ونفي أن تكون الأوثان شفعاء عند الله بأبلغ وجه .والعائد فى قوله ( بِمَا لاَ يَعْلَمُ ) محذوف . والتقدير بما لا يعلمه .وقوله ( فِي السماوات وَلاَ فى الأرض ) حال من العائد المحذوف ، وهو مؤكد للنفي ، لأن ما لا يوجد فى ها فهو منتف عادة .قال صاحب الكشاف : " فإن قلت كيف : أنبأوا الله بذلك؟ قلت : هو تهكم بهم ، وبما ادعوه من المحال الذى هو شفاعة الأصنام ، وإعلام بأن الذى أنبأوا به باطل .فكأنهم يخبرونه بشيء لا يتعلق علمه به ، كما يخبر الرجل بما لا يعلمه .وقوله ( فِي السماوات وَلاَ فى الأرض ) تأكيد لتنفيه ، لأن ما لم يوجد فى هما فهو منتف معدوم .وقوله : ( سُبْحَانَهُ وتعالى ) عن كل شريك ، وعما قاله هؤلاء الجاهلون من أن الأصنام شفعاء عنده .وبذلك تكون الآية الكريمة قد وبخت المشركين على عبادتهم لغير الله وعلى جهالاتهم وتقولهم على الله بغير علم .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ) إن عصوه وتركوا عبادته ، ( ولا ينفعهم ) إن عبدوه ، يعني : الأصنام ، ( ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله ) أتخبرون الله ، ( بما لا يعلم ) الله صحته . ومعنى الآية : أتخبرون الله أن له شريكا ، أو عنده شفيعا بغير إذنه ، ولا يعلم الله لنفسه شريكا؟! ( في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ) قرأ حمزة والكسائي " تشركون " بالتاء ، هاهنا وفي سورة النحل موضعين ، وفي سورة الروم ، وقرأ الآخرون كلها بالياء .