تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
فإن كنت -أيها الرسول- في ريب من حقيقة ما أخبرناك به فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل، فإن ذلك ثابت في كتبهم، لقد جاءك الحق اليقين من ربك بأنك رسول الله، وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحة ذلك، ويجدون صفتك في كتبهم، ولكنهم ينكرون ذلك مع علمهم به، فلا تكوننَّ من الشاكِّين في صحة ذلك وحقيقته.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
(فإن كنت) يا محمد (في شك مما أنزلنا إليك) من القصص فرضاً (فاسأل الذين يقرءون الكتاب) التوراة (من قبلك) فإنه ثابت عندهم يخبروك بصدقه قال صلى الله عليه وسلم: "" لا أشك ولا أسأل "" (لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) الشاكين فيه.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرينقوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره ، أي لست في شك ولكن غيرك شك . قال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد : سمعت الإمامين ثعلبا والمبرد يقولان : معنى فإن كنت في شك أي قل يا محمد للكافر فإن كنت في شك مما أنزلنا إليكفاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك أي يا عابد الوثن إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود ، يعني عبد الله بن سلام وأمثاله ; لأن عبدة الأوثان كانوا يقرون لليهود أنهم أعلم منهم من أجل أنهم أصحاب كتاب ; فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يسألوا من يقرون بأنهم أعلم منهم ، هل يبعث الله برسول من بعد موسى . وقال القتبي : هذا خطاب لمن كان لا يقطع بتكذيب محمد ولا بتصديقه صلى الله عليه وسلم ، بل كان في شك . وقيل : المراد بالخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره ، والمعنى : لو كنت يلحقك الشك فيه فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك . وقيل : الشك ضيق الصدر ; أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر ، واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صبر الأنبياء من قبلك على أذى قومهم وكيف عاقبة أمرهم . والشك في اللغة أصله الضيق ; يقال : شك الثوب أي ضمه بخلال حتى يصير كالوعاء . وكذلك السفرة تمد علائقها حتى تنقبض ; فالشك يقبض الصدر ويضمه حتى يضيق . وقال الحسين بن الفضل : الفاء مع حروف الشرط لا توجب الفعل ولا تثبته ، والدليل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما نزلت هذه الآية : والله لا أشكثم استأنف الكلام فقال لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي الشاكين المرتابين .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
تفريع على سياق القصص التي جعلها الله مثلاً لأهل مكة وعظة بما حل بأمثالهم . انتقل بهذا التفريع من أسلوب إلى أسلوب كلاهما تعريض بالمكذبين ، فالأسلوب السابق تعريض بالتحذير من أن يحل ما حل بالأمم المماثلة لهم ، وهذا الأسلوب الموالي تعريض لهم بشهادة أهل الكتاب على تلك الحوادث ، وما في الكتب السابقة من الأنباء برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فالمراد من { ما أنزلنا إليك } هو المنزل الذي تفرع عليه هذا الكلام وهو ما أنزل في هذه السورة من القصص .ثم أن الآية تحتمل معنيين لا يستقيم ما سواهما؛ أولهما : أن تبقى الظرفية التي دلت عليها ( في ) على حقيقتها ، ويكون الشك قد أطلق وأريد به أصحابه ، أي فإن كنت في قوم أهل شك مما أنزلنا إليك ، أي يشكون في وقوع هذه القصص ، كما يقال : دخل في الفتنة ، أي في أهلها . ويكون معنى { فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } فاسأل أهل الكتاب سؤال تقرير وإشهاد عن صفة تلك الأخبار يخبروا بمثل ما أخبرتهم به ، فيزول الشك من نفوس أهل الشك إذ لا يحتمل تواطؤك مع أهل الكتاب على صفة واحدة لتلك الأخبار . فالمقصود من الآية إقامة الحجة على المشركين بشهادة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قطعاً لمعذرتهم .وثانيهما : أن تكون ( في ) للظرفية المجازية كالتي في قوله تعالى : { فلا تكُ في مرية مما يعبد هؤلاء } [ هود : 109 ] ويكون سوق هذه المحاورة إلى النبي صلى الله عليه وسلم على طريقة التعريض لقصد أن يسمع ذلك المشركون فيكون استقرار حاصل المحاورة في نفوسهم أمكن مما لو ألقي إليهم مواجهة . وهذه طريقة في الإلقاء التعريضي يسلكها الحكماء وأصحاب الأخلاق متى كان توجيه الكلام إلى الذي يقصد به مظنة نفور كما في قوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكُونَنّ من الخاسرين } [ الزمر : 65 ] أو كان في ذلك الإلقاء رفق بالذي يقصد سوق الكلام إليه كما في قصة الخصم من اللذين اختصما إلى داود المذكورة في سورة ص .وكلا الاحتمالين يلاقي قوله : { فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } فإنه يقتضي أن المسؤول عنه مما لا يكتمه أهل الكتاب ، وأنهم يشهدون به ، وإنما يستقيم ذلك في القصص الموافقة لما في كتبهم فإنهم لا يتحرجون من إعلانها والشهادة بها . وغير هذين الاحتمالين يعكر عليه بعض ما في الآية ، ويقتضي أن المخاطب النبي صلى الله عليه وسلم لمكان قوله : { من قبلك }.وليس المراد بضمائر الخطاب كل من يصح أن يخاطب ، لأن قوله : { مما أنزلنا إليك } يناكد ذلك إلا بتعسف .وإنما تكون جملة : { فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } جواباً للشرط باعتبار ما تفيده مادة السؤال من كونهم يجيبون بما يزيل الشك ، فبذلك يلتئم التلازم بين الشرط والجواب ، كما دلت عليه جملة : { لقد جاءك الحق من ربك }.وقرأ الجمهور { فاسأل } بهمزة وصل وسكون السين وهمزة بعد السين . وقرأه ابن كثير والكسائي { فسَل } بفتح السين دون همزة الوصل وبحذف الهمزة التي بعد السين مخفف سَأل .فجملة : { لقد جاءك الحق من ربك } مستأنفة استئنافاً بيانياً لجواب سؤال ناشىء عن الشرط وجوابه ، كأنّ السامع يقول : فإذا سألتهم ماذا يكون ، فقيل : لقد جاءك الحق من ربك .ولما كان المقصود من ذلك علم السامعين بطريق التعريض لا علم الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه ليس بمحل الحاجة لإعلامه بأنه على الحق قرنت الجملة بحرفي التأكيد ، وهما : لام القسم وقد ، لدفع إنكار المعرّض بهم .وبذلك كان تفريع { فلا تكونن من الممترين } تعريضاً أيضاً بالمشركين بأنهم بحيث يُحذر الكون منهم .والامتراء : الشك فيما لا شبهة للشك فيه . فهو أخص من الشك .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
وبعد هذا الحديث المتنوع عن قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون وملئه ، ومع قومه بنى إسرائيل ، وجه القرآن خطابا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - تثبيتا لقلبه ، وتسلية له عما أصابه من أذى ، فقال - تعالى - :( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذين . . . )المراد ( مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ) هنا : ما أوحاه الله - تعالى - إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - من قصص حكم يتعلق بأنبياء الله - تعالى - ورسله .قال الآلوسى : " وحضت القصص بالذكر ، لأن الأحكام المنزلة عليه - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لأحكامهم ، ومخالفة لها فلا يتصور سؤالهم عنها " .والمراد بالكتاب : جنسه فيشمل التوراة والإِنجيل .والمعنى : فإن كنت أيها الرسول الكريم - على سبيل الفرض والتقدير - فى شك مما أنزلنا إليك من قصص حكيم كقصة موسى ونوح وغيرهما ( فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ ) وهم علماء أهل الكتاب ، فإن ما قصصناه عليك ثابت فى كتبهم .فليس المراد من هذه الآية ثبوت الشك للرسول - صلى الله عليه وسلم - وإنما المراد على سبيل الفرض والتقدير ، لا على سبيل الثبوت .قال ابن كثير : " قال قتادة بن دعامة : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا أشك ولا أسأل " .وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن البصري ، وهذا فيه تثبيت للأمة ، وإعلام لهم بأن صفة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - موجودة فى الكتب المتقدمة التى بأيدى أهل الكتاب ، كما قال - تعالى - ( الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي الذي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التوراة والإنجيل . . . ) وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى شأن عيسى - عليه السلام - : ( أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ . . . ) فعيسى - عليه السلام - يعلم علم اليقين أنه لم يقل ذلك ، وإنما يفرض قوله فرضا . ليستدل عليه بأنه لو قاله لعلمه الله - تعالى - منه .أى : إن كنت قلته - على سبيل الفرض والتقدير - فقولى هذا لا يخفى عليك .قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : كيف قال الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ . . . ) ؟قلت : هو على سبيل الفرض والتمثيل . كأنه قيل : فإن وقع لك شك - مثلا - وخيل لك الشيطان خيالا منه تقديرا ( فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب ) .والمعنى : أن الله - عز وجل - قدم ذكر بنى إسرائيل ، وهم قراءة الكتاب ووصفهم بأن العلم قد جاءهم ، لأن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكتوب عندهم فى التوراة والإِنجيل ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فأراد أن يؤكد علمهم بصحة القرآن ، وصحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويبالغ في ذلك فقال : فإن قوع لك شك فرضا وتقديرا .فسل علماء أهل الكتاب يعنى أنهم من الإِحاطة بصحة ما أنزل إليك ، بحيث يصلحون لمراجعة مثلك ، فضلا عن غيرك .فالغرض وصف الأحبار بالرسوخ فى العلم بصحة ما أنزل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا صوفه بالشك فيه .ويجوز أن يكون على طريق التهييج والإِلهاب كقوله ( فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين ) كلام مستأنف مؤكد لاجتثاث إرادة الشك .والتقدير : أقسم لقد جاءك الحق الذى لا لبس فيه من ربك لا من غيره ، فلا تكونن من الشاكين المترددين فى صحة ذلك .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ) يعني : القرآن ( فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك ) فيخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة .قيل : هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره على عادة العرب ، فإنهم يخاطبون الرجل ويريدون به غيره ، كقوله تعالى : " يا أيها النبي اتق الله " ( الأحزاب - 1 ) ، خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به المؤمنون ، بدليل أنه قال : " إن الله كان بما تعملون خبيرا " ولم يقل : " بما تعمل " وقال : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " ( الطلاق - 1 ) .وقيل : كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب وشاك ، فهذا الخطاب مع أهل الشك ، معناه : إن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان رسولنا محمد ، فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك .قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : يعني من آمن من أهل الكتاب ؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه ، فيشهدون على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ويخبرونك بنبوته .قال الفراء : علم الله سبحانه وتعالى أن رسوله غير شاك ، لكنه ذكره على عادة العرب ، يقول الواحد منهم لعبده : إن كنت عبدي فأطعني ، ويقول لولده : افعل كذا وكذا إن كنت ابني ، ولا يكون بذلك على وجه الشك .( لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) من الشاكين .