تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وقال الملك: إني رأيت في منامي سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الهُزال، ورأيت سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات، يا أيها السادة والكبراء أخبروني عن هذه الرؤيا، إن كنتم للرؤيا تُفَسِّرون.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وقال الملك» ملك مصر الريان بن الوليد «إني أرى» أي رأيت «سبع بقرات سمان يأكلهن» يبتلعهن «سبع» من البقر «عجاف» جمع عجفاء «وسبع سنبلات خضر وأخر» أي سبع سنبلات «يابسات» قد التوت على الخضر وعلت عليها «يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي» بينوا لي تعبيرها «إن كنتم للرؤيا تعبرون» فاعبروها.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرونقوله تعالى : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان لما دنا فرج يوسف - عليه السلام - رأى الملك رؤياه ، فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج وقال : إن الله مخرجك من سجنك ، وممكن لك في الأرض ، يذل لك ملوكها ، ويطيعك جبابرتها ، ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك ، وذلك بسبب رؤيا رآها الملك ، وهي كيت وكيت ، وتأويلها كذا وكذا ، فما لبث في السجن أكثر مما رأى الملك الرؤيا حتى خرج ، فجعل الله الرؤيا أولا ليوسف بلاء وشدة ، وجعلها آخرا بشرى ورحمة ; وذلك أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنما خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان ، في أثرهن سبع عجاف - أي مهازيل - وقد أقبلت العجاف على السمان فأخذن بآذانهن فأكلنهن ، إلا القرنين ، ورأى سبع سنبلات خضر قد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلنهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات ، وكذلك البقر كن عجافا فلم يزد فيهن شيء من أكلهن السمان ، فهالته الرؤيا ، فأرسل إلى الناس وأهل العلم [ ص: 174 ] منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر ، وأشراف قومه ، فقال : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي فقص عليهم ، فقال القوم : أضغاث أحلام قال ابن جريج قال لي عطاء : إن أضغاث الأحلام الكاذبة المخطئة من الرؤيا . وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن الرؤيا منها حق ، ومنها أضغاث أحلام ، يعني بها الكاذبة . وقال الهروي : قوله تعالى : أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام . والضغث في اللغة الحزمة من الشيء كالبقل والكلأ وما أشبههما ، أي قالوا : ليست رؤياك ببينة ، والأحلام الرؤيا المختلطة . وقال مجاهد : أضغاث الرؤيا أهاويلها . وقال أبو عبيدة : الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا .قوله تعالى : سبع بقرات سمان حذفت الهاء من " سبع " فرقا بين المذكر والمؤنث " سمان " من نعت البقرات ، ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانا ، نعت للسبع ، وكذا خضرا ، قال الفراء : ومثله . سبع سماوات طباقا . وقد مضى في سورة " البقرة " اشتقاقها ومعناها . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : المعز والبقر إذا دخلت المدينة فإن كانت سمانا فهي سني رخاء ، وإن كانت عجافا كانت شدادا ، وإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها ، وإلا كانت فتنا مترادفة ، كأنها وجوه البقر ، كما في الخبر يشبه بعضها بعضا . وفي خبر آخر في الفتن كأنها صياصي البقر يريد لتشابهها ، إلا أن تكون صفرا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس ، وإن كانت مختلفة الألوان ، شنيعة القرون وكان الناس ينفرون منها ، أو كأن النار والدخان يخرج من أفواهها فإنه عسكر أو غارة ، أو عدو يضرب عليهم ، وينزل بساحتهم . وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والغلة والسنة ; لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات .يأكلهن سبع عجاف من عجف يعجف ، على وزن عظم يعظم ، وروي عجف يعجف على وزن حمد يحمد .قوله تعالى : يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي جمع الرؤيا رؤى : أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا .إن كنتم للرؤيا تعبرون العبارة مشتقة من عبور النهر ، فمعنى عبرت النهر [ ص: 175 ] بلغت شاطئه ، فعابر الرؤيا يعبر بما يئول إليه أمرها . واللام في للرؤيا للتبيين ، أي إن كنتم تعبرون ، ثم بين فقال : للرؤيا قاله الزجاج .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
هذا عطف جزء من قصة على جزء منها تكملة لوصف خلاص يوسف عليه السّلام من السجن .والتعريف في { الملك } للعهد ، أي ملك مصر . وسماه القرآن هنا ملكاً ولم يسمه فرعونَ لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر القبط ، وإنما كان ملكاً لمصر أيامَ حَكَمَها ( الهِكسوس ) ، وهم العمالقة ، وهم من الكنعانيين ، أو من العرب ، ويعبر عنهم مؤرخو الإغريق بملوك الرعاة ، أي البَدو . وقد ملكوا بمصر من عام 1900 إلى عام 1525 قبل ميلاد المسيح عليه السّلام . وكان عصرهم فيما بين مدة العائلة الثالثة عشرة والعائلة الثامنة عشرة من ملوك القبط ، إذ كانت عائلات ملوك القبط قد بقي لها حكم في مصر العليا في مدينة ( طِيبة ) كما تقدم عند قوله تعالى : { وقال الذي اشتراه } [ سورة يوسف : 21 ]. وكان ملكهم في تلك المدة ضعيفاً لأن السيادة كانت لملوك مصر السفلى . ويقدّر المؤرخون أن ملك مصر السفلى في زمن يوسف عليه السّلام كان في مدة العائلة السابعة عشرة .فالتعبير عنه بالملك في القرآن دون التعبير بفرعون مع أنه عبّر عن ملك مصر في زمن موسى عليه السّلام بلقب فرعون هو من دقائق إعجاز القرآن العلمي . وقد وقع في التوراة إذ عبر فيها عن ملك مصر في زمن يوسف عليه السّلام فرعون وما هو بفرعون لأن أمته ما كانت تتكلم بالقبطية وإنما كانت لغتهم كنعانية قريبَة من الآرامية والعربية ، فيكون زمن يوسف عليه السّلام في آخر أزمان حكم ملوك الرعاة على اختلاف شديد في ذلك .وقوله : { سِمانٍ } جمع سمينة وسَمين ، مثل كرام ، وهو وصف ل { بقرات }.و { عجاف } جمع عجفاء . والقياس في جمع عجفاء عُجف لكنه صيغ هنا بوزن فِعال لأجل المزاوجة لمقارنه وهو { سمان }. كما قال الشاعرهتّاك أخبية ولاّج أبوية: ...والقياس أبواب لكنه حمله على أخبية .والعجفاء : ذات العَجَف بفتحتين وهو الهزال الشديد .و { وسبع سنبلات } معطوف على { سبع بقرات }. والسنبلة تقدمت في قوله تعالى : { كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل } في سورة البقرة ( 261 ).والملأ : أعيان الناس . وتقدم عند قوله تعالى : { قال الملأ من قومه } في سورة الأعراف ( 60 ).والإفتاء : الإخبار بالفتوى . وتقدمت آنفاً عند قوله : { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } [ سورة يوسف : 41 ].و { في } للظرفية المجازية التي هي بمعنى الملابسة ، أي أفتوني إفتاء ملابساً لرؤياي ملابسة البيان للمجمل .وتقديم { للرؤيا } على عامله وهو { تعبرون } للرعاية على الفاصلة مع الاهتمام بالرؤيا في التعبير . والتعريف في { للرؤيا } تعريف الجنس .واللام في { للرؤيا } لام التقوية لضعف العامل عن العمل بالتأخير عن معموله . يقال : عَبَر الرؤيا من باب نَصر . قال في «الكشاف» : وعبَرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات . ورأيتهم ينكرون عبّرت بالتشديد والتعبير ، وقد عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب «الكامل» لبعض الأعراب:رأيت رؤْيَاي ثم عبّرتُها...وكنتُ للأحلام عَبّارا ...والمعنى : فسر ما تدل عليه وأوّل إشاراتها ورموزها .وكان تعبير الرؤيا مما يشتغلون به . وكان الكهنة منهم يعدونه من علومهم ولهم قواعد في حل رموز ما يراه النائم . وقد وجدت في آثار القبط أوراق من البردي فيها ضوابط وقواعد لتعبير الرُّؤى ، فإن استفتاء صاحبي السجن يوسف عليه السّلام في رؤييهما ينبىء بأن ذلك شائع فيهم ، وسؤال المَلك أهل ملأه تعبير رؤياه ينبىء عن احتواء ذلك الملأ على من يُظنّ بهم علم تعبير الرؤيا ، ولا يخلو ملأ الملك من حضور كهان من شأنهم تعبير الرؤيا .وفي التوراة «فأرسل ودعا جميع سَحرة مصر وجميع حكمائها وقص عليهم حلمه فلم يكن من يعبره له» . وإنما كان مما يقصد فيه إلى الكهنة لأنه من المغيبات . وقد ورد في أخبار السيرة النبوية أن كسرى أرسل إلى سطيح الكاهن ليعبر له رؤيا أيام ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وهي معدودة من الإرهاصات النبوية . وحصل لكسرى فزع فأوفد إليه عبد المسيح .فالتعريف في قوله { للرؤيا } تعريف العهد ، والمعهود الرؤيا التي كان يقصها عليهم على طريقة إعادة النكرة معرفة باللام أن تكون الثانية عين الأولى . والمعنى : إن كنتم تعبرون هذه الرؤيا .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
لقد كان بعد ذلك أن أراد الله - تعالى - فتح باب الفرج ليوسف - عليه السلام - ، وكان من أسباب ذلك أن رأى الملك فى منامه رؤيا أفزعته ، ولم يستطع أحد تأويلها تأويلا صحيحا سوى يوسف - عليه السلام - استمع إلى القرآن وهو يقص ذلك فيقول :( وَقَالَ الملك إني أرى سَبْعَ . . . ) .قوله - سبحانه - : ( وَقَالَ الملك إني أرى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ) شروع فى حكاية الرؤيا التى رآها ملك مصر فى ذلك الوقت . .قال ابن كثير : " هذه الرؤيا من ملك مصر ، مما قدر الله - تعالى - أنها كانت سببا لخروج يوسف - عليه السلام - من السجن معززا مكرما ، وذلك أن الملك رأى هذه الرؤيا ، فهالته وتعجب من أمرها ، وما يكون تفسيرها فجمع الكهنة وكبراء دولته وأمراءها ، وقص عليهم ما رأى ، وسألهم عن تأويلها ، فلم يعرفوا ذلك . .وقوله " عجاف " جمع عجفاء والعجف - بفتح العين والجيم - ذهاب السمن ، يقال : هذا رجل أعجف وامرأة عجفاء ، إذا ظهر ضعفهما وهزالهما . .أى : وقال ملك مصر فى ذلك الوقت لكبار رجال ممكلته : إنى رأيت فيما برى النائم " سبع بقرات " قد امتلأن شحما وحلما ( يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ) أى : يأكل هذه البقرات السبع السمان ، سبع بقرات أخرى عجاف أى : مهازيل ضعاف .ورأيت - أيضا - فيما يرى النائم ( وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْر ) قد امتلأت حبا ، ورأيت إلى جانبها سبع سنبلات ( وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) قد ذهبت نضارتها وخضرتها ، ومع هذا فقد التوت اليابسات على الخضر على غلبتها .( ياأيها الملأ ) أى : الأشراف والعلماء من قومى ( أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ ) أى : فسروا لى رؤياى هذه وبينوا لى ما تدل عليه .( إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) أى : إن كنتم تعرفون تفسيرها وتأويلها معرفة سليمة ، وتعلمون تعبيرها علما مستمرا .و " تعبرون " من العبر ، وهو اجتياز الطريق أو النهر من جهة إلى أخرى وسمى المفسر للرؤيا عابرا ، لأنه يتأمل فيها وينتقل من كل طرف فيها إلى الطرف الآخر ، كما ينتقل عابر النهر أو الطريق من جهة إلى أخرى .قال بعض العلماء : والتعريف فى " الملك " للعهد ، أى ملك مصر ، وسماه القرآن هنا ملكا ولم يسمه فرعون ، لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر القبط ، وإنما كان ملكا لمصر أيام أن حكمها " الهكسوس " وهم العمالقة الذين ملكوا مصر من 1900 قبل الميلاد إلى سنة 1525 ق . م .فالتعبير عنه بالملك هنا ، دون التعبير عنه بفرعون مع أنه عبر عن مالك مصر فى زمن موسى بفرعون ، يعتبر من دقائق إعجاز القرآن العلمى .وقال " إنى أرى " بصيغة المضارع مع أنه قد رأى بالفعل ، استحضارا لصورة الرؤيا حتى لكأنها ماثلة أمامه .وقال ( وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) بدون إعادة لفظ سبع كما فى البقرات ، للاكتفاء بدلالة المقابل فى البقرات عليه .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هل فى الآية دليل على أن السنبلات اليابسة كانت سبعا كالخضر؟قلت : الكلام مبنى على انصبابه إلى هذا العدد فى البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر ، فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع ، ويكون قوله ( وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) بمعنى : وسبعا أخر يابسات .وفى نداء الملك لقومه قوله ( ياأيها الملأ أَفْتُونِي . . . ) تشريف لهم ، وحض على استعمال عقولهم وعلومهم فى تفسير هذه الرؤيا التى أزعجته .واللام فى قوله " للرؤيا " لتقوية الفعل " تعبرون " حيث تأخر عن معموله .ويدبو أن القوم فى ذلك الزمان ، كان بعضهم يشتغل بتفسر الرؤى ، وكان لهذا التفسير مكانته الهامة فيهم . . .فقد مرت بنا رؤيا يوسف ، ورؤيا رفيقيه فى السجن ، ثم جاءت رؤيا الملك هنا ، وهذا يشعر بأن انفراد يوسف - عليه السلام - بتأويل رؤيا الملك ، فى زمن كثر فيه البارعون فى تأويل الرؤى ، كان بمثابة معجزة أو ما يشبه المعجزة من الله - تعالى - ليوسف - عليه السلام - حتى تزداد مكانته عند الملك وحاشيته .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
فلما انقضت سبع سنين - قال الكلبي : وهذا السبع سوى الخمسة التي كانت قبل ذلك - ودنا فرج يوسف رأى ملك مصر الأكبر رؤيا عجيبة هالته ، وذلك أنه رأى سبع بقرات سمان ، خرجت من البحر ، ثم خرج عقبهن سبع بقرات عجاف في غاية الهزال ، فابتلعت العجاف السمان فدخلن في بطونهن ، ولم ير منهن شيء ولم يتبين على العجاف منها شيء ، ثم رأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها ، [ وسبعا أخرى ] يابسات قد استحصدت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ، ولم يبق من خضرتها شيء ، فجمع السحرة ، والكهنة ، والحازة ، والمعبرين ، وقص عليهم رؤياه ، فذلك قوله تعالى :( وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ) فقال لهم ( يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ) .