تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
وقال الملك لأعوانه: أخرجوا الرجل المعبِّر للرؤيا من السجن وأحضروه لي، فلما جاءه رسول الملك يدعوه قال يوسف للرسول: ارجع إلى سيدك الملك، واطلب منه أن يسأل النسوة اللاتي جرحن أيديهن عن حقيقة أمرهن وشأنهن معي؛ لتظهر الحقيقة للجميع، وتتضح براءتي، إن ربي عليم بصنيعهن وأفعالهن لا يخفى عليه شيء من ذلك.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«وقال الملك» لما جاءه الرسول وأخبره بتأويلها «ائتوني به» أي بالذي عبرها «فلما جاءه» أي يوسف «الرسول» وطلبه للخروج «قال» قاصدا إظهار براءته «ارجع إلى ربك فاسأله» أن يسأل «ما بال» حال «النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي» سيدي «بكيدهن عليم» فرجع فأخبر الملك فجمعهن.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم[ ص: 180 ] قوله تعالى : وقال الملك ائتوني به أي فذهب الرسول فأخبر الملك ، فقال : ائتوني به .فلما جاءه الرسول أي يأمره بالخروجقال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة أي حال النسوة .اللاتي قطعن أيديهن فأبى أن يخرج إلا أن تصح براءته عند الملك مما قذف به ، وأنه حبس بلا جرم . وروى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - قال - ولو لبثت في السجن ما لبث ثم جاءني الرسول أجبت - ثم قرأ - فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن - قال - ورحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد إذ قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فما بعث الله من بعده نبيا إلا في ذروة من قومه . وروى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ونحن أحق من إبراهيم إذ قال له أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يرحم الله أخي يوسف لقد كان صابرا حليما ولو لبثت في السجن ما لبثه أجبت الداعي ولم ألتمس العذر . وروي نحو هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك ، في كتاب التفسير من صحيح البخاري ، وليس لابن القاسم في الديوان [ ص: 181 ] غيره . وفي رواية الطبري يرحم الله يوسف لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا إن كان لحليما ذا أناة وقال - صلى الله عليه وسلم - : لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات لو كنت مكانه لما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب . قال ابن عطية : كان هذا الفعل من يوسف - عليه السلام - أناة وصبرا ، وطلبا لبراءة الساحة ; وذلك أنه - فيما روي - خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا فيراه الناس بتلك العين أبدا ويقولون : هذا الذي راود امرأة مولاه ; فأراد يوسف - عليه السلام - أن يبين براءته ، ويحقق منزلته من العفة والخير ; وحينئذ يخرج للإحظاء والمنزلة ; فلهذا قال للرسول : ارجع إلى ربك وقل له ما بال النسوة ، ومقصد يوسف - عليه السلام - إنما كان : وقل له يستقصي عن ذنبي ، وينظر في أمري هل سجنت بحق أو بظلم ; ونكب عن امرأة العزيز حسن عشرة ، ورعاية لذمام الملك العزيز له . فإن قيل : كيف مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوسف بالصبر والأناة وترك المبادرة إلى الخروج ، ثم هو يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره ؟ فالوجه في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخذ لنفسه وجها آخر من الرأي ، له جهة أيضا من الجودة ; يقول : لو كنت أنا لبادرت بالخروج ، ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك ، وذلك أن هذه القصص والنوازل هي معرضة لأن يقتدي الناس بها إلى يوم القيامة ; فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمل الناس على الأحزم من الأمور ; وذلك أن تارك الحزم في مثل هذه النازلة ، التارك فرصة الخروج من مثل ذلك السجن ، ربما نتج له البقاء في سجنه ، وانصرفت نفس مخرجه عنه ، وإن كان يوسف ، - عليه السلام - أمن من ذلك بعلمه من الله ، فغيره من الناس لا يأمن ذلك ; فالحالة التي ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه إليها حالة حزم ، وما فعله يوسف - عليه السلام - صبر عظيم وجلد . قوله تعالى : ( فاسأله ما بال النسوة ) ذكر النساء جملة ليدخل فيهن امرأة العزيز مدخل العموم بالتلويح حتى لا يقع عليها تصريح ، وذلك حسن عشرة وأدب ، وفي الكلام محذوف ، أي فاسأله أن يتعرف ما بال النسوة .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
قال الملك : ائتوني به لما أبلغه الساقي صورة التعبير . والخطاب للملأ ليرسلوا مَن يعينونه لجلبه . ولذلك فرع عليه { فلما جاءه الرسول }. فالتقدير : فأرسلوا رسولاً منهم . وضميرا الغائب في قوله : { به } وقوله : { جاءه } عائدان إلى يوسف عليه السّلام . وضمير { قال } المستتر كذلك .وقد أبى يوسف عليه السّلام الخروج من السجن قبل أن تثبت براءته مما رمي به في بيت العزيز ، لأن ذلك قد بلغ الملك لا محالة لئلا يكون تبريزه في التعبير الموجب لإطلاقه من السجن كالشفيع فيه فيبقى حديث قرفه بما قرف به فاشياً في الناس فيتسلق به الحاسدون إلى انتقاص شأنه عند الملك يوماً ما ، فإن تبرئة العرض من التهم الباطلة مقصد شرعي ، وليكون حضوره لدى الملك مرموقاً بعين لا تنظر إليه بشائبة نقص .وجعل طريق تقرير براءته مفتتحةً بالسؤال عن الخبر لإعادة ذكره من أوله ، فمعنى { فاسألْه } بلَغ إليه سؤالاً من قِبلي . وهذه حكمة عظيمة تحق بأن يؤتسى بها . وهي تطلب المسجون باطلاً أن يَبقى في السجن حتى تتبين براءته من السبب الذي سجن لأجله ، وهي راجعة إلى التحلي بالصبر حتى يظهر النصر .وقال النبي صلى الله عليه وسلم « لو لبثت ما لبث يوسف في السجن لأجبت الداعي » أي داعيَ الملك وهو الرسول الذي في قوله تعالى : { فلما جاءه الرسول } ، أي لما راجعت الملك . فهذه إحدى الآيات والعبر التي أشار إليها قوله تعالى : { لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين } [ سورة يوسف : 7 ].والسؤال : مستعمل في التنبيه دون طلب الفهم ، لأن السائل عالم بالأمر المسؤول عنه وإنما يريد السائل حث المسؤول عن علم الخبر . وقريب منه قوله تعالى : { عم يتساءلون } [ سورة النبإ : 1 ].وجعل السؤال عن النسوة اللاتي قطعن أيديهن دون امرأة العزيز تسهيلاً للكشف عن أمرها ، لأن ذكرها مع مكانة زوجها من الملك ربما يصرف الملك عن الكشف رعياً للعزيز ، ولأن حديث المُتّكأ شاع بين الناس ، وأصبحت قضية يوسف عليه السّلام مشهورة بذلك اليوم ، كما تقدم عند قوله تعالى : { ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه } [ سورة يوسف : 35 ] ، ولأن النسوة كن شواهد على إقرار امرأة العزيم بأنها راودت يوسف عليه السّلام عن نفسه . فلا جرم كان طلب الكشف عن أولئك النسوة منتهى الحكمة في البحث وغاية الإيجاز في الخطاب .وجملة إن ربي بكيدهن عليم } من كلام يوسف عليه السّلام . وهي تذييل وتعريض بأن الكشف المطلوب سينجلي عن براءته وظهور كيد الكائدات له ثقة بالله ربه أنه ناصره .وإضافة كيد إلى ضمير النسوة لأدنى ملابسة لأن الكيد واقع من بعضهن ، وهي امرأة العزيز في غرضها من جمع النسوة فأضيف إلى ضمير جماعتهن قصداً للإبهام المعين على التبيان .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
لقد قص علينا القرآن الكريم ما طلبه الملك من حاشيته وما رد به يوسف - عليه السلام - على رسول الملك ، وما قالته النسوة وامرأة العزيز فى شأن يوسف وما طلبه - عليه السلام - من الملك ، استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بأسلوبه الخاص فيقول :( وَقَالَ الملك ائتوني بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ الرسول . . . ) .قوله - سبحانه - ( وَقَالَ الملك ائتوني بِهِ . . . ) حكاية لما طلبه الملك فى ذلك الوقت من معاونيه فى شأن يوسف - عليه السلام - ، وفى الكلام حذف يفهم من المقام ، والتقدير :وقال الملك بعد أن سمع من ساقيه ما قاله يوسف فى تفسير الرؤيا أحضروا إلى يوسف هذا لأراه وأسمع منه ، وأستفيد من علمه .وهذا يدل - كما يقول الإِمام الرازى - على فضيلة العلم ، فإنه - سبحانه - جعل ما علمه ليوسف سببا لخلاصه من المحنة الدنيوية ، فكيف لا يكون العلم سببا للخلاص من المحن الأخروية .وقوله - سبحانه - ( فَلَمَّا جَآءَهُ الرسول قَالَ ارجع إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) بيان لما قاله يوسف - عليه السلام - لرسول الملك . . .أى : فلما جاء رسول الملك إلى يوسف بأناة وإباء : اجرع إلى ربك ، أى إلى سيدك الملك " فاسأله " قبل خروجى من السجن وذهابى إليه ( مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ) أى : ما حالهن ، وما حقيقة أمرهن معى ، لأن الجميع أننى برئ ، وأننى نقى العرض طاهر الذيل .والمراد بالسؤال فى قوله ( ارجع إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ ) الحث والتحريض على معرفة حقيقة أمر النسوة اللائى قطعن أيديهن . . .ولم يكشف له يوسف عن حقيقة أمرهن معه لزيادة تهييجه على البحث والتقصى إذ من شأن الإِنسان - خصوصا إذا كان - حاكما - أن يأنف من أن يسأل عن شئ مهم ، ثم لا يهتم بالإِجابة عنه .وقد آثر يوسف - عليه السلام - أن يكون هذا السؤال وهو فى السجن لتظهر الحقيقة خالصة ناصعة ، دون تدخل منه فى شأنها .وجعل السؤال عن النسوة اللائى قطعن أيديهن دون امرأة العزيز ، وفاء لحق زوجها ، واحترازا من مكرها ، ولأنهن كن شواهد على إقرارها بأنها قد راودته عن نفسه ، فقد قالت أمامهن بكل تبجح وتكشف ( فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين ) واكتفى بالسؤال عن تقطيع أيديهن ، دون التعرض لكيدهن له ، سترا لهن ، وتنزها منه - عليه السلام - عن ذكرهن بما يسؤوهن .ولذا فقد اكتفى بالإِشارة الإِجمالية إلى كيدهن ، وفوض أمرهن إلى الله - تعالى - فقال : ( إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) .أى إن ربى وحده هو العليم بمكرهن بى ، وكيدهن لى ، وهو - سبحانه - هو الذى يتولى حسابهن على ذلك .ولا شك فى امتناع يوسف - عليه السلام - عن الذهاب إلى الملك إلا بعد التحقيق فى قضيته ، يدل دلالة واضحة على صبره ، وسمو نفسه ، وعلو همته . . .ولقد أجاد صاحب الكشاف فى تعليله لامتناع يوسف عن الخروج من السجن للقاء الملك إلا بعد أن تثبت براءته فقال :" إنما تأنى وتثبت يوسف فى إجابة الملك ، وقدم سؤال النسوة ، ليظهر براءة ساحته عما قذف به وسجن فيه ، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ، ويجعلوه سلما إلى حط منزلته لديه ، ولئلا يقولوا : ما خلد فى السجن إلا لأمر عظيم ، وجرم كبير ، حق به أن يسجن ويعذب ، ويستكف شره .وفيه دليل على أن الاجتهاد فى نفى التهم ، واجب وجوب اتقاء الوقوف فى مواقفها "وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث فى فضل يوسف - عليه السلام - فقال ما ملخصه :وقد وردت السنة بمدحه على ذلك - أى على امتناعه من الخروج من السجن حتى يتحقق الملك ورعيته من براءة ساحته ونزاهة عرضه - ففى الصحيحين عن أبى هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن أحق بالشك من إبراهيم ، إذ قال : رب أرنى كيف تحيى الموتى؟ قال : أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبى ، ويرحم الله لوطا ، لقد كان يأوى إلى ركن شديد ، ولو لبثت فى السجن ما لبثت يوسف لأجبت الداعى " .وروى الإِمام أحمد عن أبى هريرة فى قوله - تعالى - ( فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ . . . ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : " لو كنت أنا لأسرعت الإِجابة ، وما ابتغيت العذر " .وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه؛ والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى اشترط أن يخرجونى .ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له ، حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم إلى الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر " .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
( وقال الملك ائتوني به ) وذلك أن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بما أفتاه يوسف من تأويل رؤياه ، وعرف الملك أن الذي قاله كائن ، قال : ائتوني به .( فلما جاءه الرسول ) وقال له : أجب الملك ، أبى أن يخرج مع الرسول حتى تظهر براءته ثم ( قال ) للرسول : ( ارجع إلى ربك ) يعني : سيدك الملك ( فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أدبا واحتراما .قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي " .( إن ربي بكيدهن عليم ) أي : إن الله بصنيعهن عالم ، وإنما أراد يوسف بذكرهن بعد طول المدة حتى لا ينظر إليه الملك بعين التهمة ، ويصير إليه بعد زوال الشك عن أمره ، فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة وامرأة العزيز .