تَفْسِيرُ ٱلْمُيَسَّر
Tafsir Al-Muyassar —
کنگ فہد قرآن کمپلیکس
والعجائز من النساء اللاتي قعدن عن الاستمتاع والشهوة لكبرهن، فلا يطمعن في الرجال للزواج، ولا يطمع فيهن الرجال كذلك، فهؤلاء لا حرج عليهن أن يضعن بعض ثيابهن كالرداء الذي يكون فوق الثياب غير مظهرات ولا متعرضات للزينة، ولُبْسهن هذه الثياب - سترًا وتعففًا- أحسن لهن. والله سميع لأقوالكم، عليم بنياتكم وأعمالكم.
تَفْسِيرُ ٱلْجَلَالَيْنِ
Tafsir al-Jalalayn —
جلال الدین محلی اور جلال الدین سیوطی
«والقواعد من النساء» قعدن عن الحيض والولد لكبرهن «اللاتي لا يرجون نكاحا» لذلك «فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن» من الجلباب والرداء والقناع فوق الخمار «غير متبرجات» مظهرات «بزينة» خفيفة كقلادة وسوار وخلخال «وأن يستعففن» بأن لا يضعنها «خير لهن والله سميع» لقولكم «عليم» بما في قلوبكم.
تَفْسِيرُ ٱلْقُرْطُبِيِّ
Tafsir al-Qurtubi —
علامہ قرطبی
قوله تعالى : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليمفيه خمس مسائل :الأولى : قوله تعالى : والقواعد من النساء القواعد واحدتها قاعد ، بلا هاء ؛ ليدل حذفها على أنه قعود الكبر ، كما قالوا : امرأة حامل ؛ ليدل بحذف الهاء أنه حمل حبل . قال الشاعر :فلو أن ما في بطنه بين نسوة حبلن وإن كن القواعد عقراوقالوا في غير ذلك : قاعدة في بيتها ، وحاملة على ظهرها ، بالهاء . والقواعد أيضا : أساس البيت واحده قاعدة ، بالهاء .الثانية : القواعد : العجز اللواتي قعدن عن التصرف من السن ، وقعدن عن الولد والمحيض ؛ هذا قول أكثر العلماء . قال ربيعة : هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كبرها . وقال أبو عبيدة : اللاتي قعدن عن الولد ؛ وليس ذلك بمستقيم ، لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتع ، قاله المهدوي .الثالثة : قوله تعالى : فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة إنما [ ص: 287 ] خص القواعد بذلك لانصراف الأنفس عنهن ؛ إذ لا مذهب للرجال فيهن ، فأبيح لهن ما لم يبح لغيرهن ، وأزيل عنهم كلفة التحفظ المتعب لهن .الرابعة : قرأ ابن مسعود ، وأبي ، وابن عباس ( أن يضعن من ثيابهن ) بزيادة ( من ) قال ابن عباس : وهو الجلباب . وروي عن ابن مسعود أيضا ( من جلابيبهن ) والعرب تقول : امرأة واضع ، للتي كبرت فوضعت خمارها . وقال قوم : الكبيرة التي أيست من النكاح ، لو بدا شعرها فلا بأس ؛ فعلى هذا يجوز لها وضع الخمار . والصحيح أنها كالشابة في التستر ؛ إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق الدرع والخمار ، قاله ابن مسعود ، وابن جبير ، وغيرهما .الخامسة : قوله تعالى : غير متبرجات بزينة أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة لينظر إليهن ؛ فإن ذلك من أقبح الأشياء وأبعده عن الحق . والتبرج : التكشف والظهور للعيون ؛ ومنه : بروج مشيدة . وبروج السماء والأسوار ؛ أي لا حائل دونها يسترها . وقيل لعائشة - رضي الله عنها - : يا أم المؤمنين ، ما تقولين في الخضاب ، والصباغ ، والتمائم ، والقرطين ، والخلخال ، وخاتم الذهب ، ورقاق الثياب ؟ فقالت : يا معشر النساء ، قصتكن قصة امرأة واحدة ، أحل الله لكن الزينة غير متبرجات لمن لا يحل لكن أن يروا منكن محرما . وقال عطاء : هذا في بيوتهن ، فإذا خرجت فلا يحل لها وضع الجلباب . وعلى هذا غير متبرجات غير خارجات من بيوتهن . وعلى هذا يلزم أن يقال : إذا كانت في بيتها فلا بد لها من جلباب فوق الدرع ، وهذا بعيد ، إلا إذا دخل عليها أجنبي . ثم ذكر تعالى أن تحفظ الجميع منهن ، واستعفافهن عن وضع الثياب ، والتزامهن ما يلزم الشباب أفضل لهن وخير . وقرأ ابن مسعود ( وأن يتعففن ) بغير سين . ثم قيل : من التبرج أن تلبس المرأة ثوبين رقيقين يصفانها . روى الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا . قال ابن العربي : وإنما [ ص: 288 ] جعلهن كاسيات لأن الثياب عليهن ، وإنما وصفهن بأنهن عاريات لأن الثوب إذا رق يصفهن ، ويبدي محاسنهن ؛ وذلك حرام .قلت : هذا أحد التأويلين للعلماء في هذا المعنى . والثاني : أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى الذي قال الله تعالى فيه : ولباس التقوى ذلك خير . وأنشدوا :إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى تقلب عريانا وإن كان كاسياوخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصياوفي صحيح مسلم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي ، وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما دون ذلك ، ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا : ماذا أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : الدين . فتأويله - صلى الله عليه وسلم - القميص بالدين مأخوذ من قوله تعالى : ولباس التقوى ذلك خير . والعرب تكني عن الفضل والعفاف بالثياب ؛ كما قال شاعرهم [ هو امرؤ القيس ] :ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم عند المشاهد غرانوقد قال صلى الله عليه وسلم - لعثمان : إن الله سيلبسك قميصا فإن أرادوك أن تخلعه فلا تخلعه . فعبر عن الخلافة بالقميص ، وهي استعارة حسنة معروفة .قلت : هذا التأويل أصح التأويلين ، وهو اللائق بهن في هذه الأزمان ، وخاصة الشباب ، فإنهن يتزين ويخرجن متبرجات ؛ فهن كاسيات بالثياب عاريات من التقوى حقيقة ، ظاهرا وباطنا ، حيث تبدي زينتها ، ولا تبالي بمن ينظر إليها ، بل ذلك مقصودهن ، وذلك مشاهد في الوجود منهن ، فلو كان عندهن شيء من التقوى لما فعلن ذلك ، ولم يعلم أحد ما هنالك . ومما يقوي هذا التأويل ما ذكر من وصفهن في بقية الحديث في قوله : رؤسهن كأسنمة البخت . والبخت ضرب من الإبل عظام الأجسام ، عظام الأسنمة ؛ شبه رءوسهن بها لما رفعن [ ص: 289 ] من ضفائر شعورهن على أوساط رءوسهن . وهذا مشاهد معلوم ، والناظر إليهن ملوم . قال صلى الله عليه وسلم - : ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء . خرجه البخاري .
تَنْوِيرُ ٱلْمِقْبَاسِ مِن تَفْسِيرِ ٱبْنِ عَبَّاس
Tafsir Tanwir al-Miqbas —
حضرت ابن عباسؓ
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)هذه الآية مخصّصة لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } إلى قوله : { على عورات النساء } [ النور : 31 ] .ومناسبة هذا التخصيص هنا أنه وقع بعد فرض الاستيذان في الأوقات التي يضع الرجال والنساء فيها ثيابهم عن أجسادهم ، فعطف الكلام إلى نوع من وضع الثياب عن لابسها وهو وضع النساء القواعد بعض ثيابهن عنهن فاستثني من عموم النساء النساءُ المتقدمات في السن بحيث بلغن إبان الإياس من المحيض فرخص لهن أن لا يضربن بخمرهن على جيوبهن ، وأن لا يدنين عليهن من جلابيبهن . فعن ابن مسعود وابن عباس : الثياب الجلباب ، أي الرداء والمقنعة التي فوق الخمار . وقال السدي : يجوز لهن وضع الخمار أيضاً .والقواعد : جمع قاعد بدون هاء تأنيث مثل : حامل وحائض لأنه وصف نُقل لمعنى خاص بالنساء وهو القعود عن الولادة وعن المحيض . استعير القعود لعدم القدرة لأن القعود يمنع الوصول إلى المرغوب وإنما رغبة المرأة في الولد والحيضُ من سبب الولادة فلما استعير لذلك وغلب في الاستعمال صار وصف قاعد بهذا المعنى خاصّاً بالمؤنث فلم تلحقه هاء التأنيث لانتفاء الداعي إلى الهاء من التفرقة بين المذكر والمؤنث وقد بينه قوله : { اللاتي لا يرجون نكاحاً } ، وذلك من الكبر .وقوله : { اللاتي لا يرجون نكاحاً } وصف كاشف ل { القواعد } وليس قيداً .واقترن الخبر بالفاء في قوله { فليس عليهن جناح } لأن الكلام بمعنى التسبب والشرطية ، لأن هذا المبتدأ يشعر بترقب ما يرد بعده فشابه الشرط كما تقدم في قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } [ المائدة : 38 ] . ولا حاجة إلى ادعاء أن ( ال) فيه موصولة إذ لا يظهر معنى الموصول لحرف التعريف وإن كثر ذلك في كلام النحويين . و { أن يضعن } متعلق ب { جناح } بتقدير ( في) .والمراد بالثياب بعضها وهو المأمور بإدنائه على المرأة بقرينة مقام التخصيص .والوضع : إناطة شيء على شيء ، وأصله أن يعدى بحرف ( على) وقد يعدى بحرف ( عن) إذا أريد أنه أزيل عن مكان ووضع على غيره وهو المراد هنا كفعل ( ترغبون) في قوله تعالى : { وترغبون أن تنكحوهن } في سورة النساء ( 127) ، أي أن يزلن عنهن ثيابهن فيضعنها على الأرض أو على المشجب . وعلة هذه الرخصة هي أن الغالب أن تنتفي أو تقل رغبة الرجال في أمثال هذه القواعد لكبر السن . فلما كان في الأمر بضرب الخُمُر على الجيوب أو إدناء الجلابيب كلفة على النساء المأمورات اقتضاها سد الذريعة ، فلما انتفت الذريعة رفع ذلك الحكم رحمة من الله ، فإن الشريعة ما جعلت في حكم مشقة لضرورة إلا رفعت تلك المشقة بزوال الضرورة وهذا معنى الرخصة .ولذلك عقب هذا الترخيص بقوله : { وأن يستعففن خير لهن } .والاستعفاف : التعفف ، فالسين والتاء فيه للمبالغة مثل استجاب ، أي تعففهن عن وضع الثياب عنهن أفضل لهن ولذلك قيد هذا الإذن بالحال وهو { غير متبرجات بزينة } أي وضعاً لا يقارنه تبرج بزينة .والتبرج : التكشف . والباء في { بزينة } للملابسة فيؤول إلى أن لا يكون وضع الثياب إظهاراً لزينة كانت مستورة . والمراد : إظهار ما عادة المؤمنات ستره . قال تعالى : { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } [ الأحزاب : 33 ] ، فإن المرأة إذا تجلت بزينة من شأنها إخفاؤها إلا عن الزوج فكأنها تعرض باستجلاب استحسان الرجال إياها وإثارة رغبتهم فيها ، وهي وإن كانت من القواعد فإن تعريضها بذلك يخالف الآداب ويزيل وقار سنها ، وقد يرغب فيها بعض أهل الشهوات لما في التبرج بالزينة من الستر على عيوبها أو الإشغال عن عيوبها بالنظر في محاسن زينتها .فالتبرج بالزينة : التحلي بما ليس من العادة التحلي به في الظاهر من تحمير وتبييض وكذلك الألوان النادرة ، قال بشار: ... وإذا خرجتتِ تقنَّعيبالحُمْر إن الحسن أحمر ... وسألت عائشة أم المؤمنين عن الخضاب والصباغ والتمايم ( أي حقاق من فضة توضع فيها تمايم ومعاذات تعلقها المرأة) والقرطين والخَلخَال وخاتم الذهب ورقاق الثياب فقالت : «أحل الله لكن الزينة غير متبرجات لمن لا يحل لكن أن يروا منكن محرَّماً» . فأحالت الأمر على المعتاد والمعروف ، فيكون التبرج بظهور ما كان يحجبه الثوب المطروح عنها كالوشام في اليد أو الصدر والنقش بالسواد في الجيد أو الصدر المسمى في تونس بالحرقوص ( غير عربية) . وفي «الموطإ» : «دخلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة أم المؤمنين وعلى حفصة خمار رقيق فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً» أي شقته لئلا تختمر به فيما بعد .وقيل : إن المعنيَّ بقوله : { غير متبرجات بزينة } غير منكشفات من منازلهن بالخروج في الطريق ، أي أن يضعن ثيابهن في بيوتهن ، أي فإذا خرجت فلا يحل لها ترك جلبابها ، فيؤول المعنى ، إلى أن يضعن ثيابهن في بيوتهن ، ويكون تأكيداً لما تقدم في قوله تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } [ النور : 31 ] أي كونهن من القواعد لا يقتضي الترخيص لهن إلا في وضع ثيابهن وضعاً مجرداً عن قصد ترغيب فيهن .وجملة : { والله سميع عليم } مسوقة مساق التذييل للتحذير من التوسع في الرخصة أو جعلها ذريعة لما لا يحمد شرعاً ، فوصف «السميع» تذكير بأنه يسمع ما تحدثهن به أنفسهن من المقاصد ، ووصف «العليم» تذكير بأنه يعلم أحوال وضعهن الثياب وتبرجهن ونحوها .
ٱلتَّفْسِيرُ ٱلْوَسِيط
Tafsir Al-Waseet —
علمائے جامعہ ازہر
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك بعض الأحكام التى تتعلق بالنساء اللاتى بلغن سن اليأس ، فقال : ( والقواعد مِنَ النسآء اللاتي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ . . . ) .والقواعد : جمع قاعدة - بغير تاء - لاختصاص هذه الكلمة بالنساء كحائض وطامث .وقالوا : سميت المرأة العجوز بذلك ، لأنها تكثر القعود لكبر سنها .أى : والنساء العجائز اللاتى قعدن عن الولد أو عن الحيض ، ولا يطمعن فى الزواج لكبرهن ، فليس على هؤلاء النساء حرج أن ينزعن عنهن ثيابهن الظاهرة ، والتى لا يفضى نزعها إلى كشف عورة ، أو إظهار زينة أمر الله - تعالى - بسترها .فقوله - سبحانه - : ( فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ) بيان لمظهر من مظاهر التيسير فى شريعة الإسلام ، لأن المرأة العجوز إذا تخففت من بعض ثيابها التى لا يفضى التخفف منها إلى فتنة أو إلى كشف عورة . . . فلا بأس بذلك ، لأنها - فى العادة - لا تتطلع النفوس إليها ، وذلك بأن تخلع القناع الذى يكون فوق الخمار ، والرداء الذى يكون فوق الثياب .وقوله - تعالى - ( غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ ) حال . وأصل التبرج : التكلف والتصنع فى إظهار ما يخفى ، من قولهم سفينة بارجة أى : لا غطاء عليها .والمراد به هنا : إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الذين لا يصح لهم الاطلاع عليها .أى : لا حرج على النساء القواعد من خلع ثيابهن الظاهرة ، حال كونهن غير مظهرات للزينة التى أمرهن الله - تعالى - بإخفائها ، وغير قاصدات بهذا الخلع لثيابهن الظاهرة التبرج وكشف ما أمر الله - تعالى - بستره .وقوله - سبحانه - : ( وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ) أى : وأن يبقين ثيابهن الظاهرة عليهن بدون خلع ، خير لهن ، وأطهر لقلوبهن ، وأبعد عن التهمة ، وأنفى لسوء الظن بهن .وسمى الله - تعالى - إبقاء ثيابهن عليهن استعفافا . أى : طلبا للعفة ، للإشعار بأن الاحتشام والتستر . . . خير للمرأة حتى ولو كانت من القواعد .وقوله - تعالى - ( والله سَمِيعٌ عِلِيمٌ ) أى : سميع لكل ما من شأنه أن يُسمع ، عليم بأحوال النفوس وحركاتها وسكناتها .وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة ، قد بينت للناس أقوم المناهج ، وأسمى الآداب ، وأفضل الأحكام التى باتباعها يسعد الأفراد والجماعات .
تَفْسِيرُ ٱلْبَغَوِيِّ
Tafsir al-Baghawi —
علامہ بغوی
قوله تعالى : ( والقواعد من النساء ) يعني اللاتي قعدن عن الولد والحيض من الكبر ، لا يلدن ولا يحضن ، واحدتها " قاعد " بلا هاء . وقيل : قعدن عن الأزواج ، وهذا معنى قوله : ( اللاتي لا يرجون نكاحا ) أي : لا يردن الرجال لكبرهن ، قال ابن قتيبة : سميت المرأة قاعدا إذا كبرت ، لأنها تكثر القعود . وقال ربيعة الرأي : هن العجز ، اللائي إذا رآهن الرجال استقذروهن ، فأما من كانت فيها بقية من جمال ، وهي محل الشهوة ، فلا تدخل في هذه الآية ، ( فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ) عند الرجال ، يعني : يضعن بعض ثيابهن ، وهي الجلباب والرداء الذي فوق الثياب ، والقناع الذي فوق الخمار ، فأما الخمار فلا يجوز وضعه ، وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وأبي بن كعب : " أن يضعن من ثيابهن " ، ( غير متبرجات بزينة ) أي : من غير أن يردن بوضع الجلباب ، والرداء إظهار زينتهن ، والتبرج هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تتنزه عنه . ) ( وأن يستعففن ) فلا يلقين الجلباب والرداء ، ( خير لهن والله سميع عليم )