سُنَنُ أَبِي دَاوُودَ هُوَ أَحَدُ الكُتُبِ السِّتَّةِ الرَّئِيسِيَّةِ فِي الحَدِيثِ عِندَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَيُعْرَفُ مُجْتَمِعًا بِاسْمِ 'كُتُبِ السِّتَّةِ'. جَمَعَهُ الإِمَامُ أَبُو دَاوُودَ سُليمانُ بْنُ الأَشْعَثِ السَّجِسْتَانِيُّ، وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ البَارِزِينَ فِي القَرْنِ التَّاسِعِ. يَحْظَى هَذَا الكِتَابُ بِمَكَانَةٍ بَارِزَةٍ فِي العِلْمِ الإِسْلَامِيِّ، خُصُوصًا فِي مَجَالِ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ، نَظَرًا لِتَرْكِيزِهِ عَلَى الأَحَادِيثِ الفِقْهِيَّةِ. الكِتَابُ مُخَصَّصٌ بِشَكْلٍ رَئِيسِيٍّ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي تَتَعَامَلُ مَعَ الجَوَانِبِ العَمَلِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَحَيَاةِ المُسْلِمِ اليَوْمِيَّةِ، مِثْلَ العِبَادَاتِ، وَالمُعَامَلَاتِ، وَالعُقُوبَاتِ، وَالسُّلوكِ الشَّخْصِيِّ، وَالمَسَائِلِ الاجْتِمَاعِيَّةِ. اخْتَارَ الإِمَامُ أَبُو دَاوُودَ بِعِنَايَةٍ الرِّوَايَاتِ المُتَعَلِّقَةِ بِالأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ وَالنِّقَاشَاتِ الاجْتِهَادِيَّةِ، مِمَّا جَعَلَ هَذَا الكِتَابَ مَصْدَرًا أَسَاسِيًّا لِلْمُجْتَهِدِينَ فِي اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ الشَّرِيعِيَّةِ. سُنَنُ أَبِي دَاوُودَ يَتَضَمَّنُ رِوَايَاتٍ صَحِيحَةً (صَحِيح) وَضَعِيفَةً (ضَعِيف)، وَغَالِبًا مَا يُشِيرُ المُؤَلِّفُ إِلَى مَصْدَاقِيَّةِ الحَدِيثِ وَسِلْسِلَةِ نَقْلِهِ. فِي عِدَّةِ حَالاتٍ، سَلَطَ الضُّوءَ أَيْضًا عَلَى آراءِ العُلَمَاءِ حَوْلَ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الخَاصَّةِ، مِمَّا يُسَاهِمُ فِي فَهْمِ إِجْمَاعِ العُلَمَاءِ أَوْ اخْتِلَافِهِمْ. هَيْكَلُ الكِتَابِ مُنَظَّمٌ حَسَبَ المَوَاضِيعِ، وَيَتِمُّ تَقْسِيمُهُ إِلَى كُتُبٍ وَأَبْوَابٍ لِتَسْهِيلِ الرُّجُوعِ إِلَيْهَا. كَانَ الإِمَامُ أَبُو دَاوُودَ مَعْرُوفًا بِمَنْهَجِهِ النَّقْدِيِّ فِي اخْتِيَارِ الأَحَادِيثِ وَالتَّحَقُّقِ مِنْهَا، وَقَدْ تَعَكِسُ مَجْمُوعَتُهُ تَوَازُنًا بَيْنَ الشُّمُولِيَّةِ وَالدِّقَّةِ العِلْمِيَّةِ. مَا زَالَ هَذَا الكِتَابُ يُدَرَّسُ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ فِي المَعَاهِدِ الإِسْلَامِيَّةِ وَيُعْتَبَرُ أَسَاسِيًّا لِفَهْمِ تَطَوُّرِ النَّظَرِيَّةِ وَالمُمَارَسَةِ الفِقْهِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ. إِنَّ مُسَاهَمَتَهُ فِي الحِفَاظِ عَلَى السُّنَّةِ وَتَطْبِيقِهَا لَهَا أَهَمِّيَّةٌ دَائِمَةٌ فِي التَّقْلِيدِ الإِسْلَامِيِّ.